لو تبيّن المالك بعد إخراج الخمس - لو علم بعد إخراج الخمس أنّ الحرام أزيد من الخمس أو أقل 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4163


ــ[160]ــ

   [ 2909 ] مسألة 33 : لو تبيّن المالك بعد إخراج الخمس فالأقوى ضمانه ((1)) (1) ، كما هو كذلك في التصدّق عن المالك في مجهول المالك ، فعليه غرامته له حتى في النصف الذي دفعه إلى الحاكم بعنوان أ نّه للإمام (عليه السلام) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتعلّقه في سائر الأقسام، وعليه، فلا يحتاج الإخراج إلى إذن الحاكم، لعين الدليل الذي سيأتي إن شاء الله تعالى .

   كما أ نّه يجوز له الأداء من مال آخر كما هو الحال في سائر موارد الخمس .

   وسيتعرّض الماتن لهذه المسألة في المسألة الخامسة والسبعين من هذا الفصل، وستعرف إن شاء الله تعالى أنّ عين ذاك الدليل يجري في المقام أيضاً بمناط واحد، فإنّ ظاهر قوله تعالى : (فَأَنَّ للهِِ خُمُسَهُ) وإن كان تعلّق الخمس بنفس العين إلاّ أ نّه يجوز الدفع من الخارج بدليل خارجي. وسيتّضح لك الحال إن شاء الله تعالى.

   (1) لقاعدة الإتلاف المتحقّق بالإخراج هنا وبالتصدّق في مجهول المالك، فإنّها تقتضي الضمان ، ومجرّد إذن الشارع بهما لا يستوجب السقوط ، غايته أنّ الإذن مقدّمةٌ للحكم التكليفي ، وأنّ جواز التصرّف موقوفٌ على أداء الخمس ، وأمّا أ نّه لا يضمن فلا يستفاد من شيء من الروايات، فيبقى الضمان على طبق القاعدة كما عرفت .

   ولكنّه ـ كما ترى ـ لا يمكن الالتزام به لا في المقام ـ أعني : الخمس ـ ولا في باب الصدقة .

   أمّا الخمس : فلظهور الأدلّة في عدم الضمان بعد الأداء ، للتصريح في رواية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) والأظهر عدمه فيه وفي التصدّق بمجهول المالك .

 
 

ــ[161]ــ

السكوني (1) وغيرها بحلّيّة بقيّة المال بعد التخميس وأنّ الباقي له ، وقد عرفت ظهور الدليل في اتّحاد كيفيّة التعلّق وأنّ سنخ الخمس في الجميع بنسق واحد ، فقد حكم الشارع بمقتضى ولايته بدفع خمس المال للسادة وأنّ الأربعة أخماس الباقية ملكٌ للمالك ، فقد حصل إتلاف هذا المقدار بهذا النحو بأمر من الولي ، وإلاّ فمن المعلوم أ نّه لم يصل إلى مالكه الواقعي فإنّه مجهول على الفرض ، وبعد حصول الإتلاف بإذن الولي وأمره وحكمه بحلّيّة الباقي فأيّ ضمان بعد ذلك ؟!

   نعم ، كان مال الغير موجوداً ومخلوطاً في هذا المال سابقاً ، أمّا فعلاً وبعد أن حكم الشارع بأنّ الخمس للإمام وللسادة والباقي له فلا موجب لأيّ ضمان أبداً.

   وأمّا التصدّق بمجهول المالك فكذلك ، إذ لم يرد في شيء من روايات الصدقة الحكم بالضمان ولا موجب له ، فإنّها وإن كانت إتلافاً إلاّ أنّ هذا الإتلاف لا يستوجب الضمان بعد أن استند إلى إذن الولي الشرعي بالتصدّق من قبل مالكه.

   وبالجملة : لا نرى أيّ موجب للضمان بعد أن أمر الله تعالى بالإتلاف .

   نعم ، في باب اللقطة ورد الأمر بالضمان وأ نّه لو تصدّق بها بعد الفحص ثمّ ظهر المالك فإن رضي بالصدقة فهو ، وإن طالبه ضمن ، إلاّ أنّ هذا الضمان ليس من الضمان المتعارف المتحقّق بملاك الإتلاف الحاصل حين التصدّق ، كيف ؟! وإلاّ لكان ضامناً حتى قبل أن يوجد صاحبه ، كما هو الحال في سائر موارد الإتلافات لمجهول المالك الموجبة للضمان قبل معرفة المالك وبعده ، ولكان اللاّزم الإخراج من التركة ريثما يوجد صاحبه ، فلا بدّ من الإيصاء بذلك . وهو كما ترى .

   بل أنّ هذا الضمان إنّما يتحقّق بمجرّد مطالبة المالك بتعبّد من الشارع ، فلا ضمان قبل المطالبة ولا أثر للإتلاف الحاصل بالتصدّق بعد أن كان مستنداً إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتقدمة في ص 127 .

ــ[162]ــ

إذن الولي كما عرفت ، وإنّما هناك ضمان معلّق على طلبه غير مرتبط بالإتلاف السابق وأ نّه لو ظهر ورضي بالصدقة فهو ، وإن طالب فيضمن المتصدّق بنفس المطالبة .

   وبالجملة : فالضمان الثابت في اللقطة ضمانٌ باختيار المالك وطلبه ، ويجب الخروج عن العهدة بعد المطالبة لا قبلها ، وقد ثبت ذلك بدليل خاصّ في مورد مخصوص ، وليس ذلك من الضمان بالإتلاف بوجه .

   فتحصّل : أنّ الأظهر أ نّه ليس هنا ضمان حتى لو وجد المالك وطالب بعد أن كان إخراج الخمس بإذن الولي الشرعي حسبما عرفت .

   ثمّ إنّ سيّدنا الاُستاذ (دام ظلّه) أعاد البحث حول عدم الضمان في الخمس بنطاق أوسع ، فقال (دام بقاه) : إنّه قد يفرض تبيّن المالك قبل أداء الخمس وإخراجه ، واُخرى بعده .

   أمّا في الفرض الأوّل : فلا ينبغي الإشكال في الضمان وانقلاب الوظيفة عن إخراج الخمس إلى الخروج عن عهدة الضمان ، فإنّ الخمس وإن ثبت بمجرّد الاختلاط على حدّ ثبوته في سائر الأقسام كما عرفت من أنّ الوجوب في الجميع من سنخ واحد ، إلاّ أنّ التشريع لمّا كان بمناط التطهير فينصرف الدليل عن صورة ظهور المالك وتبيّنه .

   وبعبارة اُخرى : ظاهر الروايات أن يكون الوصف العنواني ـ أعني : عدم معرفة الحلال عن الحرام مع الجهل بمالكه ـ باقياً إلى أوان الإخراج ، فلو ظهر المالك واتّضح الضمان قبل التصدِّي لذلك فالنصّ منصرف عن مثله .

   وبعبارة ثالثة : المفروض في رواية السكوني أنّ السائل في مقام التوبة ويريد معالجة المشكلة الناشئة من خلط الحلال بالحرام وعدم معرفة المالك ، فالحكم بالتخميس علاجٌ لهذه المشكلة ، فإذا فرض رفع الإشكال وتبيّن الحال بظهور

ــ[163]ــ

المالك فلا موضوع بعدئذ لهذا العلاج بعد وضوح لزوم الخروج عن عهدة ضمان المالك . وعليه ، فوجوب التخميس الثابت من لدن تحقّق الخلط مراعى بعدم ظهور المالك ، وإلاّ فينكشف عدم الوجوب من الأوّل ولزوم الخروج عن عهدة الضمان الواقعي قلّ أم كثر حسبما عرفت .

   وأمّا في الفرض الثاني : فالظاهر عدم الضمان ، لأنّ الموجب له إمّا اليد ، أو الإتلاف المتحقّق بالاخراج وأداء الخمس ، وشيء منهما لا يتمّ .

   أمّا اليد : فلأ نّها لو أوجبت الضمان المطلق حتى بعد الأداء لم يفرق في ذلك بين صورتي تبيّن المالك وعدمه ، لوحدة المناط الموجب للضمان وهو اليد ، وعدم تأثير للتبيّن في ذلك بوجه ، فيلزم الإيصاء به والإخراج عن التركة ، لكونه ديناً ثابتاً في الذمّة ، فلا يظنّ الالتزام به من فقيه ، كيف ؟! وهو خلاف ظاهر رواية عمّار (1) وصريح رواية السكوني (2) الناطقة بحلّيّة بقية المال بعد التخميس ، فإنّ الحكم بالحلّيّة في تمام الباقي لا يجتمع مع الضمان أبداً .

   ولو اُريد به الضمان المعلّق على المطالبة لا الضمان المطلق فهو وإن كان منوطاً بالتبيّن ، إلاّ أنّ الضمان بهذا المعنى يحتاج إلى الدليل ، ولا دليل عليه في المقام بوجه ، وإنّما ثبت ذلك في خصوص اللقطة بالدليل الخاصّ حسبما عرفت ، ولا مقتضي للتعدِّي عن مورده .

   فالصحيح أنّ اليد وإن كانت موجبة للضمان إلاّ أ نّه ارتفع بحكم الشارع بالتخميس والتصدِّي له خارجاً بأمر من ولي الأمر ، الثابتة له الولاية التشريعيّة والتكوينيّة ، فلا أثر بعد ذلك لصورتي تبيّن المالك وعدمه كما بيّناه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 506 /  أبواب ما يجب فيه الخمس ب 10 ح 2 .

(2) الوسائل 9 : 506 /  أبواب ما يجب فيه الخمس ب 10 ح 4 .

ــ[164]ــ

   [ 2910 ] مسألة 34 : لو علم بعد إخراج الخمس أنّ الحرام أزيد من الخمس أو أقلّ لا يستردّ الزائد على مقدار الحرام في الصورة الثانية (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وأمّا الضمان بقاعدة الإتلاف ففيه أوّلاً : منع الصغرى ، لجواز كون المدفوع خمساً من قسم المال الحلال ، فلم يحرز إتلاف مال الغير بالإخراج .

   وثانياً : لو سلّم العلم بكونه من الحرام أو من المخلوط فيجري فيه ما ذكرناه في ضمان اليد بعينه ، فلاحظ .

   ومن جيمع ما ذكرناه يظهر الحال في مجهول المالك وأ نّه لا ضمان في التصدّق به وإن ظهر المالك بعد ذلك ، لا بقاعدة اليد ، ولا بقاعدة الإتلاف ، بعد أن كان التصدّق المزبور الذي هو مصداق للإتلاف بإذن من الوليّ الحقـيقي والحاكم الشرعي الذي له الولاية المطلقة بمقتضى قوله  (عليه السلام): «والله ما له صاحب غيري» (1) .

   نعم، في خصوص اللقطة قد ثبت الضمان على تقدير المطالبة بالدليل الخاصّ ، لا بقاعدة الإتلاف حسبما عرفت .

   وقد تحصّل من جميع ما مرّ : أنّ ما ذكره في المتن من الحكم بالضمان بعد تبيّن المالك غريب ، وأغرب منه تخصيصه الضمان بالخمس، فإنّه لا وجه له أبداً ، إذ على تقدير القول بالمضان فإنّما يضمن ما كانت ذمّته مشغولة للمالك ، الذي قد ينطبق على ما دفعه خمساً كلاًّ أو بعضاً ، وقد لا ينطبق ، وأمّا ضمانه لنفس الخمس الذي أخرجه فلم يعرف له وجه بتاتاً .

   (1) لإطلاقات الأدلّة الشاملة لصورة انكشاف الزيادة بعد وضوح عدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 25 : 450 / كتاب اللقطة ب 7 ح 1 .

ــ[165]ــ

وهل يجب عليه التصدّق بما زاد على الخمس في الصورة الاُولى ، أو لا ؟ وجهان (1) ، أحوطهما الأوّل ((1)) ، وأقواهما الثاني .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوع هذا الزائد عبثاً ، بل بإزاء جواز التصرّف في الباقي ، حيث إنّ مقتضى العلم الإجمالي بوجود الحرام الاجتناب عن الكلّ حذراً من الوقوع في الحرام الواقعي ، وبعد دفع الخمس المشتمل على تلك الزيادة يترتّب عليه جواز الاقتحام في سائر المال بعد أن كان ممنوعاً منه ، فلم تذهب تلك الزيادة مجّاناً وبلا عوض ، على أ نّها قد دفعت بأمر من الشارع الحاكم بوجوب تخميس المخلوط، فقد وقع الخمس المدفوع في ظرفه في محلّه ، وبما أ نّه عبادة فلا جرم قصد به التقرّب ، ومثله لايردّ ولا يسترجع ، لما ثبت من قولهم (عليهم السلام) : «إنّ ما كان لله لا يرجع» (2) .

   نعم ، مَن دفع خمساً بتخيّل وجوبه يسترجعه مع بقاء العين لدى انكشاف الخلاف ، وأمّا في المقام فالوجوب ثابت بأمر واقعي لا خيالي ، فلا يقاس أحدهما بالآخر كما هو ظاهر .

   (1) بل في المسألة وجوه :

   أحدها : وجوب التصدّق في الجميع ، فيسترجع الخمس ثمّ يتصدّق بتمام الحرام لأهل الصدقة .

   ولكنّه ـ كما ترى ـ مخالف لظاهر الدليل القاضي بوجوب التخميس ، فكان المدفوع خمساً لا صدقة لترجع .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الأظهر ذلك ، هذا فيما إذا كان معلوم المقدار من حيث الزيادة ، وإلاّ وجب تخميس الباقي ثانياً .

(2) لاحظ المستدرك 1 : 113 /  أبواب مقدّمات العبادات ب 12 ح 14 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net