لو علم أنّ مورثه لم يؤدّ خمس ما تركه - عدم وجوب الخمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة أو الصدقة المندوبة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4156


ــ[223]ــ

   [ 2926 ] مسألة 50 : إذا علم أنّ مورثه لم يؤدّ خمس ما تركه وجب إخراجه ((1)) (1) ، سواء كانت العين التي تعلّق بها الخمس موجودة فيها أم كان الموجود عوضها ، بل لو علم ((2)) باشتغال ذمّته بالخمس وجب إخراجه من تركته مثل سائر الديون .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فلو فرضنا أنّ الدار تسوى ألف دينار ، وقد آجرها عشر سنين بأربعمائة دينار ، وتسلّم الاُجرة بتمامها ، وصرف منها في مؤونته مائة دينار ، فكان الباقي له عند انتهاء السنة ثلاثمائة دينار ، لم يجب الخمس في تمامه ، بل ينبغي تخريج مقدار يجير به النقص الوارد على الدار الناشئ من كونها مسلوبة المنفعة تسع سنين . فلو فرضنا أنّ قيمتها في هذه الحالة ثمانمائة دينار فنقصت عن قيمتها السابقة مائتان ، يستثني ذلك عن الثلاثمائة ، ولم يجب الخمس إلاّ في مائة دينار فقط ، إذ لم يستفد أكثر من ذلك ، ولا خمس إلاّ في الغنيمة والفائدة دون غيرها .

   (1) قد يكون الخمس ديناً في ذمّة الميّت ، واُخرى عيناً في تركته إمّا مع بقائها أو مع تبدّلها بعين اُخرى كما هو المتعارف خارجاً ، حيث يربح أوّل السنة مقداراً ثمّ يشتري به شيئاً آخر ثمّ يبيعه ويشتري به آخر وهكذا ، فيكون الثاني بدلاً عمّا تعلّق به الخمس أوّلاً .

   أمّا في الدين : فلا ينبغي الشكّ في وجوب الإخراج من التركة ، إذ لا إرث إلاّ بعد الدين ، بمقتضى قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّة يُوصِي بِهَا أَو دَيْن)(3) .

   وأمّا في العين : فإن كان الميّت ملتزماً بالخمس ولكن لم يحن أوانه فمات

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) وجوب الإخراج فيه أظهر من سابقه .

(3) النساء 4 : 11 .

ــ[224]ــ

   [ 2927 ] مسألة 51 : لا خمس فيما ملك ((1)) بالخمس أو الزكاة أو الصدقة المندوبة (1) وإن زاد عن مؤونة السنة . نعم ، لو نمت في ملكه ففي نمائها يجب كسائر النماءات .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أثناء السنة أو أ نّه تساهل وتسامح قليلاً في أدائه فصادف حتفه ، فلا ينبغي الإشكال أيضاً في وجوب الإخراج ، إذ لم يدلّ دليل على السقوط بالموت ، فإنّ المال كان مشتركاً بين المالك وأرباب الخمس ، ولا دليل على رفع الاشتراك وانقلابه إلى الاختصاص بالورثة .

   وأمّا إذا لم يكن ملتزماً بالخمس ، أو لم يكن معتقداً ، فهل تشمل أدلّة التحليل مثل ذلك ، أو لا ؟

   فيه كلام سيأتي البحث حوله إن شاء الله تعالى في المسألة الأخيرة من كتاب الخمس (2) عند تعرّض الماتن لما إذا انتقل المال ممّن لا يعتقد بالخمس ، ونتكلّم في نصوص التحليل من جهة الشمول للإرث وعدمه .

   (1) كما عن جماعة من الأصحاب ، وعلّله بعضهم بأنّ المستحقّ من السادة أو الفقراء يدفع إليه ما هو ملك له ويطلبه ، ومعه يشكل صدق الفائدة ، لانصرافها عنه .

   ولكن هذا الوجه لعلّه واضح الاندفاع :

   إذ فيه أوّلاً : أ نّه لا يجري في الصدقة المندوبة .

   وثانياً : أ نّه لا يجري في الزكاة ، بناءً على ما مرّ من أنّ الفقير مصرف للزكاة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، والتخميس أحوط إن لم يكن أقوى .

(2) في ص 354 .

ــ[225]ــ

لا أ نّه مالك لها . وعلى تقدير التسليم فالمالك هو طبيعي الفقير ، وأمّا الشخص فإنّما يملكه بالقبض ، فيحصل على ملك وفائدة بعد أن كان بشخصه فاقداً لها ، كما هو الحال في الخمس ، حيث إنّه ملك لكلّي السادة .

   وثالثاً : منع الكبرى ، إذ لا منافاة بين مطالبة الملك وبين صدق الفائدة ، فإنّ الأجير أيضاً يطلب ملكه وهو الاُجرة ، كما أنّ من باع بأكثر من الثمن يطلب ما يملكه مع صدق الفائدة فيهما بالضرورة .

   نعم ، لو كان موضوع الخمس عنوان التكسّب لم يجب في المقام ، لانتفاء الموضوع . أمّا إذا كان الموضوع مطلق الفائدة كما مرّ غير مرّة فهي صادقة على الكلّ ، والملكيّة لو لم تكن معاضدة لم تكن معاندة . فالأظهر وجوب الخمس حتى في الخمس والزكاة فضلاً عن الصدقة المندوبة .

   نعم ، إنّ هاهنا إشكالاً معروفاً تعرّضوا له في بحث حجّيّة الخبر الواحد ، وهو أنّ دليل الحجّيّة لا يشمل الأخبار مع الواسطة ، نظراً إلى لزوم تحقّق الخبر وفرض وجوده قبل تعلّق الحكم عليه بالحجّيّة ، ضرورة سبق الموضوع على الحكم ، مع أنّ خبر الواسطة ـ كالمفيد ـ إنّما يتحقّق لدينا بعد الحكم بحجّيّة خبر العادل لكي نتعبّد بصدق من يخبرنا عنه بلا واسطة كالشيخ ، فخبر المفيد يتوقّف ثبوته على حجّيّة الخبر ، مع أنّ الحجّيّة متوقّفة على فرض وجوده كما عرفت .

   فعلى ضوء هذا الإشكال يستشكل في المقام أيضاً بأنّ ملكيّة السادة للخمس إنّما كانت بأدلّة الخمس ، فهذه الفائدة مترتّبة على تشريع الخمس فلا تكون موضوعاً للخمس .

   والجواب عنه في الموردين بكلمة واحدة ، وهي أنّ القضيّة انحلاليّة ، وكلّ فرد من الحكم يولّد موضوعاً يتعلّق به حكم آخر ، نظير قيام البيّنة على قيام البيّنة ، حيث تثبت بالبيّنة الاُولى بيّنة اُخرى تثبت لها الحجّيّة ، فالحكم الثابت

ــ[226]ــ

للفرد الأوّل يشكّل الحكم الثابت للفرد الآخر وإن اُنشئ الكلّ بانشاء واحد وعلى سبيل القضيّة الحقيقيّة . فلا مانع إذن من تعلّق الخمس بكلّ ما هو مصداق للفائدة وإن كان تكوّنها معلولاً لتشريع الخمس وإيجابه بعد أن كان الوجوب انحلاليّاً لا حكماً وحدانيّاً . وهكذا الحال في الزكاة .

   وأمّا الصدقة فالأمر فيها أوضح ، إذ هي عين الهبة ، ولا فرق إلاّ من ناحية اعتبار قصد القربة غير المؤثّر في صدق ما هو موضوع الخمس ، أعني : الفائدة بالضرورة .

   نعم ، هناك رواية وردت في خصوص الخمس استدلّ بها صاحب الوسائل على عدم وجوبه فيما يصل من صاحب الخمس ، وهي رواية ابن عبد ربّه ، قال : سرّح الرضا (عليه السلام) بصلة إلى أبي ، فكتب إليه أبي : هل عليّ فيما سرّحت إليّ خمس ؟ فكتب إليه : «لا خمس عليك فيما سرّح به صاحب الخمس»(1) .

   فربّما يتوهّم دلالتها على أنّ ما اُخذ خمساً فلا خمس فيه .

   ولكنّه كما ترى ، فإنّ الرواية ـ لو تمّت ـ خاصّة بموردها أعني : ما إذا كان المعطي هو الإمام (عليه السلام) الذي هو صاحب الخمس دون غيره ، إذ الصاحب هو من له الولاية على الخمس ، وهو خصوص الإمام كما يفصح عنه (عليه السلام) : «والله ما له صاحب غيري» ، فغايته أنّ هديّة الإمام المسرّح بها منه أو من قبل نائبه على القول بملكيّة سهم الإمام (عليه السلام) لا خمس فيها ولا ربط لها بما نحن فيه من عدم الخمس فيما ملك بالخمس .

   وإن شئت قلت : إنّ الرواية تنفي الخمس عن المال المملوك هديّةً لا المملوك خمساً الذي هو محلّ الكلام ، فلا تدلّ بوجه على أنّ السيِّد إذا أخذ المال ممّن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 508 /  أبواب ما يجب فيه الخمس ب 11 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net