حكم عدول النائب عن الحج المستأجر عليه إلى نوع آخر 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3986


ــ[36]ــ

يعين له طريقاً خاصّاً فإن الاُجرة تختلف حسب اختلاف كيفية السفر وأنواعه من الجو والبحر والبر ، ففي جميع الفروض تصح الاجارة من دون تعيين نوع خاص وكيفية مخصوصة وليس فيها أي غرر بعد فرض كون الأجير مختاراً في إتيان أي فرد شاء ، ولم يكن للمستأجر إلزام الأجير باختيار فرد خاص . نعم ، لو تعلق عقد الاجارة بالمبهم المردّد بين فردين بحيث لم يعلم أن مورد الاجارة هل هو هذا الفرد أو الفرد الآخر فقد يكون الأجير يختار فرداً خاصّاً والمستأجر يختار فرداً آخر ، تبطل الاجارة حينئذ للغرر .

   ثمّ إنه قد صرّح جماعة ومنهم المصنف (رحمه الله) أنه لو استأجره لما عيّن له كالقران فليس للأجير العدول عما عيّن له ولو إلى الأفضل ، خلافاً للشيخ حيث صرّح بأنه لو استأجره للتمتع لم يجزئ غيره وأمّا لو استأجره للإفراد أو للقران أجزأه التمتع (1) ، فيقع الكلام في مقامين :

   أحدهما : فيما تقتضيه القاعدة .

   ثانيهما : فيما يقتضيه النص .

   أمّا الأوّل : فمقتضى القاعدة عدم جواز العدول مطلقاً ، لأنّ العمل المستأجر عليه مملوك للمستأجر وعلى الأجير تسليم العمل المعيّن إلى المستأجر ، وليس للأجير تبديله إلى عمل آخر لم يقع عليه عقد الاجـارة وإن كان أفضل . وبعبارة اُخرى : الاجارة إنما تعلقت بذلك العمل المعيّن ، فلا يكون الآتي بغيره آتياً بما استؤجر عليه سواء كان أفضل ممّا استؤجر عليه أم لا ، كما لو استأجره لزيارة مسلم بن عقيل (عليه السلام) فزار الحسين (عليه السلام) بدلاً عن زيارة مسلم (عليه السلام) ، فإنه لم يأت حينئذ بمتعلق الاجارة وبقيت ذمّته مشغولة به .

   نعم ، إذا استأجره على الحج المندوب أو المنذور المطلق أو كان المستأجر ذا منزلين متساويين في مكّة وخارجها بحيث كان مخيراً بين التمتّع والإفراد ، فللأجير في هذه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المبسوط 1 : 324 .

ــ[37]ــ

الصورة التبديل إذا رضي المستأجر بذلك ، فالتبديل إنما لا يجوز له إذا كان نوع خاص من أقسام الحج متعيّناً على المستأجر كما إذا نذر حجاً خاصّاً أو كان ممن يتعين عليه حج التمتّع مثلا .

   بل ذكر المصنف أنه ليس له التبديل والعدول ولو مع رضا المستأجر ، فلا ينفع رضاه بالعدول إلى غيره . ولا يخفى أن مراده من عدم جواز العدول حتى مع رضا المستأجر إنما هو بالنسبة إلى براءة ذمّة المستأجر وتفريغ ذمّته ، يعني إذا كان المتعيّن عليه حجاً خاصّاً فلا ينفع رضاه بالعدول إلى غيره في براءة ذمّته ، لأنّ تفريغ ذمّته لا يمكن إلاّ بإتيان ما تعين عليه .

   وأمّا بالنسبة إلى استحقاق الأجير الاُجرة لما أتى به فلا مانع منه إذا رضي المستأجر بالعدول ، فإن التبديل والعدول إذا كان عن رضا المستأجر فهو كالابراء والمستأجر يجوز له أن يبرأ الأجير ويستأجر شخصاً آخر لما تعين عليه ، كما أن له أن يرضى بالعدول إلى نوع آخر الذي هو مستحب نفسي ويستأجر شخصاً لما وجب عليه بعينه .

   فما ذكره المصنف من عدم جواز العدول حتى مع رضا المستأجر إنما يتم بالنسبة إلى أداء التكليف وتفريغ الذمّة لا أنه لا يجوز له العدول حتى مع رضاه بحيث لا يستحق الأجير الاُجرة .

   ثمّ ذكر السيّد المصنف (رحمه الله) أنه في صورة جواز التبديل وجواز الرضا به يستحق الأجير الاُجرة المسماة من دون فرق بين كون التعيين على الأجير بعنوان الشرطية ويكون رضاه بالتبديل من باب إسقاط حق الشرط ، وبين كون التعيين بعنوان القيدية وكان الرضا بالعدول من باب الرضا بالوفاء بغير الجنس .

   وما ذكره واضح بناء على الشرطية ، لأنّ الأجير قد أتى بنفس العمل المستأجر عليه ، والمفروض أن المستأجر قد رفع اليد عن الشرط ، وأمّا على القيدية فإنه وإن لم يأت بالعمل المستأجر عليه ولكن قد أتى بالبدل بأمر المستأجر ، فعلى كلا التقديرين يستحق الاُجرة المسماة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net