صور استحقاق الأجير الاُجرة وعدمه عند مخالفة طريق الحج 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4107


   إنما الكلام في استحقاقه الاُجرة على تقدير العدول والمخالفة وعدمه وقد ذكر في المتن صوراً لذلك .

   الاُولى : ما إذا كان الطريق معتبراً في الاجارة على وجه الجزئية .

   الثانية : ما إذا اُخذ الطريق على وجه القيدية .

   الثالثة : ما إذا كان الطريق مأخوذاً على نحو الشرطية .

   أمّا إذا كان مأخوذاً على نحو الشرطية فحاله حال سائر الشروط ، بحيث يكون للمستأجر غرضان غرض تعلق بنفس العمل وغرض آخر تعلق بالشرط المنضم إلى العمل ، فإذا خالف وأتى بأصل العمل من دون الشرط يستحق تمام الاُجرة لاتيانه بمتعلق الاجارة ، وتخلف الشرط لا يضرّ باتيان العمل المستأجر عليه ، نظير تخلف الخياطة المشترطة في البيع أو في إيجار عمل من الأعمال ، غاية الأمر يثبت الخيار للمستأجر عند التخلف ، فإذا فسخ يسترجع الاُجرة ويثبت للأجير اُجرة المثل ، لأنّ العمل الصادر منه صدر بأمر المستأجر .

   وأمّا إذا كان مأخوذاً على نحو القيدية كالحج البلدي المأخوذ فيه الشروع من بلد خاص ، أو نذر الحج من البلد الخاص ، أو المريض الذي وجب عليه الاحجاج

ــ[48]ــ

على صحّة الحج من حيث هو لا من حيث كونه عملاً مسـتأجراً عليه كما هو المدعى ، وربّما تحمل على محامل اُخر .

   وكيف كان ، لا إشكال في صحّة حجّه وبراءة ذمّة المنوب عنه إذا لم يكن ما عليه مقيّداً بخصوصية الطريق المعيّن ، إنما الكلام في استحقاقه الاُجرة المسماة على تقدير العـدول وعدمه ، والأقوى أ نّه يستحق من المسمّى بالنسبة ويسقط منه

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والتجهيز من بلده كما احتمله بعضهم ـ وإن اخترنا كفاية الميقاتية فيه ـ فلا يستحق شيئاً من الاُجرة ، لعدم إتيانه بالعمل المستأجر عليه وإن برئت ذمّة المنوب عنه بما أتى به ، لأ نّه حينئذ يكون متبرعاً بعمله فلا يستحق شيئاً .

   وبعبارة اُخرى : العمل المسـتأجر عليه يباين الموجود الخارجي والمأتي به ، إذ المفروض أنّ الايجـار وقع على حصّة خاصّة المعبر عنها بشرط شيء ، وما أتى به حصّة اُخرى المعبر عنها بالطبيعي بشرط لا ، وهما متباينان ويجمعهما الطبيعي اللاّبشرط المقسمي ، فيكون حال المقام كما إذا استأجره للصلاة فخالف وصام أو اسـتأجره لزيارة الحسين (عليه السلام) فزار مسلم بن عقيـل (عليه السلام) أو استأجره لقراءة القرآن فقرأ دعاء كميل وهكذا فإنه لا يستحق شيئاً من الاُجرة في جميع ذلك ، بل يكون متبرعاً بعمله ومعه لم يستحق شيئاً .

   وذهب الشيخ صاحب الجواهر إلى أنه يستحق الاُجرة بالنسبة ، لأنّ العمل المستأجر عليه عمل مركب ذو أجزاء عرفاً ، فإذا خالف ولم يأت بالقيد يصدق كونه بعض العمل المستأجر عليه ، وليس ما أتى به صنفاً ونوعاً آخر يباين العمل المستأجر عليه بل هو جزء منه (1) .

   ويرد عليه : أنه لو فرض أخذ الطريق على نحو التقييد فالعمل المستأجر عليه هو العمل المقيّد لا العمل المركب من شيئين ، فإذا خالف ولم يأت بالقيد فلم يأت بالعمل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 17 : 376 .

ــ[49]ــ

بمقدار المخالفة إذا كان الطريق معتبراً في الإجارة على وجه الجزئية ، ولا يستحق شيئاً على تقدير اعتبـاره على وجه القيـديّة ، لعدم إتيانه بالعمل المستأجر عليه حينئذ وإن برئت ذمّة المنوب عنه بما أتى به لأنه حينئذ متبرع بعمله .

   ودعوى أنه يعد في العرف أنه أتى ببعض ما استؤجر عليه فيستحق بالنسبة وقصد التقييد بالخصوصية لا يخرجه عرفاً عن العمل ذي الأجزاء ـ كما ذهب إليه في الجواهر ـ لا وجه لها ، ويستحق تمام الاُجرة إن كان اعتباره على وجه الشرطية الفقهية بمعنى الالتزام في الالتزام ، نعم للمستأجر خيار الفسخ لتخلف الشرط فيرجع إلى اُجرة المثل .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المستأجر عليه ، لا أنه أتى بجزء ولم يأت بالجزء الآخر ، فإن الطبيعي الموجود في ضمن مورد الاجارة غير الطبيعي الموجود في ضمن بشرط لا ، نظير ما لو استأجره لزيارة الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة فزار يوم عاشوراء فإن الزيارة وإن كانت صادقة في الموردين ، ولكن الزيارة التي وقع عليها عقد الاجارة زيارة خاصّة تنافي زيارة اُخرى وتباينها .

   وأمّا المأخوذ على نحو الجزئية فتارة تكون الجزئيـة في مقام الاثبات والدلالة بمعنى أن متعلق الاجارة في الحقيقة أمران وفي البين إجارتان ، إجارة مستقلة تعلقت بهذا الجزء كالطريق الخاص ، وإجارة مستقلّة اُخرى تعلقت بأعمال الحج ولكنه أنشأهما بإنشاء واحد وجمعهما بعبارة واحدة ، فحينئذ لو خالف وأتى بالحج من غير الطريق المتعين عليه فللمستأجر مطالبة الأجير بقيمة العمل الذي لم يأت به ، حيث إن الأجير لم يسلّم العمل الذي صار ملكاً للمستأجر فيثبت له الخيار ، وقد لا يفسخ وقد يفسخ .

   فإن لم يفسخ فله مطالبة الأجير بقيمة العمل الذي تركه ، لأنّ المفروض أن العمل ملك للمستأجر وقد فوّت عليه الأجير ولا ينفسخ عقد الاجارة بالنسبة إلى العمل الذي لم يسلّمه ، لأنّ عدم التسليم في الخارج لا يوجب الانفساخ ، وأمّا الأجير

ــ[50]ــ

فيستحق على المستأجر اُجرة العمل الذي ملّكه للمستأجر ، فالمستأجر يستحق قيمة العمل على الأجير والأجير يستحق اُجرة العمل على المستأجر ، والقيمة قد تكون أزيد من الاُجرة وقد تكون أقل .

   وأمّا إذا فسخ المستأجر فله أخذ الاُجرة المسماة واستردادها من الأجير ، وحيث لم يكن اتخاذ الطريق الآخر بأمر من المستأجر فلا يستحق الأجير عليه شيئاً .

   واُخرى : يكون المركب مورداً للاجارة نظير بيع شيئين منضمين بصفقة واحدة أحدهما مشروط بالآخر ، فيقسّط الثمن أو الاُجرة بالنسـبة إلى ما سلّمه وإلى ما لم يسلّمه ، وللمستأجر الخيار عند التخلّف والتبعيض في التسليم ، فإذا فسخ ـ حتى بالنسبة إلى المقدار المسلّم فإنّ تبعض الصفقة يثبت له الخيار مطلقاً بالنسبة إلى المقدار المسلّم وغيره ـ فالأجير لا يستحق شيئاً من الاُجرة المسماة لأنّ متعلق العقد لم يتحقّق ، وإنّما له اُجرة المثل لأ نّه أتى بالعمل بأمره .

   وإن لم يفسخ فللمستأجر مطالبة الأجير بقيمة العمل الذي فوّته على المستأجر فلو فرضنا أنه استأجره للحج من طريق خاص بمائتي دينار ، مائة لأعمال الحج ومائة اُخرى للطريق الخاص ، وخالف الأجير وحج من طريق آخر فللمستأجر الخيار ، فإن لم يفسخ فالمقدار الذي صدر من الأجير يستحق اُجرته ، وأمّا الآخر الذي لم يصدر منه فليس للمستأجر مطالبة اُجرته واسترجاعها من الأجير ، لأنّ المفروض أن الاجارة صحيحة وغير منفسخة ولا موجب لاسترداد الاُجرة ، بل له مطالبة الأجير بقيمة العمل الذي فوّت الأجير عليه ولم يسلّمه إليه .

   وبالجملة : ما ذكر من الانفساخ بالنسبة إلى غير المسلّم لا وجه له ، فإن الجزئية في المقام كتبعّض الصفقة بالنسبة إلى تقسيط الاُجرة واشتراط كل واحد منهما بالآخر نظير ما لو استأجره لخياطة الثوب فمات الأجير أثناء الخياطة ، فإن إجارة خياطة الثوب مشروطة بخياطة تمام الثوب ، فإن لم يتحقق الشرط يثبت الخيار للمستأجر فإنّ فسخ فالأجير له اُجرة المثل وإن لم يفسخ فالمستأجر له مطالبة قيمة العمل الذي




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net