إذا مات الوصي وشككنا في تنفيذه الوصيه - حكم تلف اُجرة الحج في يد الوصي من دون تقصير 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4355


   [ 3181 ] مسألة 13: لو مات الوصي بعد ما قبض من التركة اُجرة الاستئجار وشكّ في أ نّه استأجر للحج قبل موته أو لا، فإن مضت مدّة يمكن الاستئجار فيها فالظاهر حمل أمره على الصحّة((2)) مع كون الوجوب فورياً منه، ومع كونه موسعاً إشكال ، وإن لم تمض مدّة يمكن الاستئجار فيها وجب الاستئجار من بقيّة التركة إذا كان الحج واجباً ومن بقيّة الثّلث إذا كان مندوباً ، وفي ضمانه لما قبض وعدمه لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان وجهان ((3)) ، نعم لو كان المال المقبوض موجوداً اُخذ

 
ــــــــــــ
(2) فيه إشكال ، بل منع .

(3) أوجههما العدم .

ــ[114]ــ

حتى في الصورة الاُولى وإن احتمل أن يكون استأجر من مال نفسه إذا كان مما يحتاج إلى بيعه وصرفه في الاُجرة وتملك ذلك المال بدلاً عما جعله اُجرة لأصالة بقاء ذلك المال على ملك الميت(1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   هذا كلّه إذا كان الحج المقر به واجباً مالياً كالحج الاستئجاري ، وأمّا إذا كان واجباً نذرياً فخروجه من الأصل أو الثّلث يبتني على الخلاف بيننا وبين المصنف .

   (1) لو قبض الوصي اُجرة الاستئجار ثمّ مات وشكّ في أنه استأجر الحج قبل موته أو لا ، ذكر في المتن لذلك صورتين :

   الاُولى : مضي زمان لا يمكن فيه عادةً الاستئجار ، فلا ريب في أنه يجب الاستئجار فيها من الأصل إذا كان الحج واجباً ومن الثّلث إذا كان مندوباً ، ويسترجع مال الاجارة من ورثة الوصي إذا كان المال موجوداً وإلاّ فلا ضمان على الوصي إذا لم يكن مفرطاً ، لأنّ المال أمانة عنده ولا ضمان على الأمين .

   الثانية : ما إذا مضت مدّة يمكن فيها الاستئجار وهي على قسمين :

   أحدهما : ما إذا كان الوجوب فورياً وشك في أن الوصي هل عمل بوظيفته أم لا ، وهل استأجر في هذه السنة أم لا ، حمل في المتن أمره على الصحّة فتفرغ ذمّة الميت .

   ثانيهما : ما إذا كان الوجوب موسعاً غير مقيّد بسنة خاصّة ، استشكل الماتن فيه في حمل أمره وفعله على الصحّة .

   وقد يقال بأن جريان أصالة الصحّة في المقام عند المصنف من جهة أن الموصي إذا كان مؤمناً خصوصاً إذا كان متورعاً لا يترك ما وجب عليه ، والمفروض أن الواجب فوري لا يجوز تأخيره ، وأصالة الصحّة تقتضي صدور الاستئجار منه والمبادرة من الوصي إليه ، ولذا استشكل في جريان أصالة الصحّة في الواجب الموسع لأنّ ترك الاستئجار فيه وعدم المبادرة لا ينافيان التورع .

   ولكن الظاهر عدم إرادة المصنف هذا المعنى من أصالة الصحّة ، لأنّ غاية ما تقتضيه أصالة الصحّة ـ على هذا المعنى ـ عدم ارتكاب المؤمن المعصية ، وأمّا وقوع

ــ[115]ــ

عقد الايجار منه فلا يثبت بأصالة الصحّة ، نظير ما إذا كان المؤمن مديناً ومطالباً فإنه لا يمكن الحكم بالأداء بحمل فعله على الصحّة . ويؤيد عدم إرادة هذا المعنى إشكاله وتردّده في الواجب الموسع ، إذ لو كان مراده من أصالة الصحّة عدم ارتكاب المؤمن الحرام لا وجه للتوقف والتردد في جريان أصالة الصحّة في الواجب الموسع ، لعدم الحرمة في التأخير وعدم وجوب المبادرة إليه قطعاً ، إذ لا نحتمل ارتكابه للمحرم ليحمل فعله على الصحّة .

   والظاهر أن كلامه (قدس سره) ناظر إلى صورة صرف المال وعدم وجدانه عند الوصي ، للتصريح في آخر كلامه بقوله : «نعم لو كان المال المقبوض موجوداً اُخذ» فيعلم أن مورد كلامه قبل ذلك عدم وجود المـال عند الوصي ، وكذا استشكاله في إجراء أصالة الصحّة في الواجب الموسع قرينة اُخرى على أن كلامه ناظر إلى عدم وجود المال .

   وبالجملة : مورد كلامه هو ما إذا تصرف الوصي في المال ولم يكن المال موجوداً عنده وشكّ في أنه هل صرفه في استئجار الحج أم لا ، فإن كان الواجب فورياً حمل فعله على الصحّة ونحكم بصحّة تصرفه وأنه صرف المال في استئجار الحج ، وإن كان الواجب موسعاً يجوز له صرفه في الاستئجار للحج كما يجوز له صرفه في غيره مما يرى فيه المصلحة ففي جريان أصالة الصحّة إشكال . هذا إذا كان المال غير موجود .

   وأمّا إذا كان المال المقبوض موجوداً فيحتمل أن بقاء المال عنده كان على وجه مشروع كما لو أعطى الاُجرة من مال آخر ، كما يحتمل أن بقاءه عنده كان غير مشروع ، لأنّ المفروض أن الواجب فوري فيكون عدم صرف المال في الاستئجار أمراً غير مشروع . وبعبارة اُخرى : نشك في أن استيلاءه على المال كان مشروعاً أو لا ، وأصالة الصحّة بالنسبة إلى بقاء المال عنده واستيلائه عليه لا تثبت لازمه وهو صرف بدله في الاستئجار للحج .

   وملخص كلامه : أن أصالة الصحّة والحكم بتحقق الاستئجار إنما تجري فيما لم تكن عين مال الاجارة موجودة ، وأمّا إذا كانت موجودة فلا تجري بل يحكم ببقاء العين

ــ[116]ــ

   [ 3182 ] مسألة 14 : إذا قبض الوصي الاُجرة وتلف في يده بلا تقصير لم يكن ضامناً ، ووجب الاستئجار من بقيّة التركة أو بقيّة الثّلث ، وإن اقتسمت على الورثة استرجع منهم ، وإن شكّ في كون التلف عن تقصير أو لا فالظاهر عدم الضمان أيضاً ، وكذا الحال إن استأجر ومات الأجير ولم يكن له تركة أو لم يمكن الأخذ من ورثته (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على ملك مالكها وهو الميت الموصي ، هذا .

   ولكن الصحيح عدم جريان أصالة الصحّة أصلاً حتى فيما إذا كان المال غير موجود ، لأنّ أصالة الصحّة الثابتة بالسيرة الشرعيّة إنما تجري في كل فعل صادر من الفاعل شكّ في صحّته وفساده من جهة الشك في وجدانه للأجزاء والشرائط ، سواء كان من المعاملات كالعقود والايقاعات أو العبادات كالصلاة ونحوها ، وأمّا لو لم يحرز صدور الفعل منه فأصالة الصحّة لا تتكّفل بوقوع الفعل منه خارجاً وصدوره منه فصرف المال في المقام وإن كان محرزاً خارجاً لكن وقوع الايجار منه مشكوك فيه ولا يثبت بأصالة الصحّة ، نظير ما إذا أعطى المدين المال إلى الوكيل ليعطيه للدائن وصرف الوكيل المال ، فإنّه لا يمكن إثبات براءة المدين بحمل فعل الوكيل على الصحّة .

   والحاصل : مدرك أصالة الصحّة هو السيرة المتشرعيّة والقدر المتيقن منها جريان أصالة الصحّة فيما إذا كان العمل بنفسه محرزاً وجداناً وشكّ في وقوعه صحيحاً أم لا وأمّا لو كان العمل بنفسه مشكوكاً فيه فلا يثبت بأصالة الصحّة من دون فرق بين وجود المال وعدمه .

   (1) قد ذكرنا في بعض المباحث السابقة أن ثبوت الدين بالنسبة إلى المال من باب الكلّي في المعيّن ، فلو تلف شيء من التركة قبل أداء الدّين لا ينقص من الدّين شيء أصلاً فإن الارث بعد الدّين ، وأمّا الوصية بالمال فثبوتها على نحو الاشاعة ، فإن الظاهر من النفوذ بمقدار الثّلث وكون الثّلثين للورثة هو الاشاعة ، لأنّ ذكر النسب والمقادير ظاهر في الاشاعة ، فلو تلف شيء من التركة قبل التقسيم يحسب على

ــ[117]ــ

الجميع وينقص من الثّلث أيضاً ويكون الثّلث من الباقي ، لأنّ نسبة التالف إلى المال على حد سواء .

   وبالجملة : تنفذ الوصية بمقدار الثّلث وثبوتها في المال المتروك على نحو الاشاعة وأمّا الدّين فهو على نحو الكلّي في المعيّن ، وقد ثبت أن الحج دين ، فلو تلف من التركة شيء أو تلف المال كلّه وبقي بمقدار الحج لا بدّ من أدائه ولا ينقص منه شيء .

   ويترتّب على ذلك ما ذكر في هذه المسألة من لزوم إعطاء الحج من بقيّة التركة فإن الارث بعد أداء الحج ، ومجرّد أخذ الاُجرة لا يوجب فراغ ذمّة الميت ما لم يؤد الحج بل لا بدّ من الحج أوّلاً ثمّ تقسيم المال بين الورثة .

   ولو أخذ الوصي الاُجرة وتلفت في يده بلا تقصير لم يكن ضامناً لأ نّه أمين ، ولو فرض تقسيم المال بين الورثة استرجع منهم لانكشاف بطلان القسمة ، لأنّ القسمة إنما تصح بعد أداء الدين لتقدّم الوفاء به على الارث ، هذا كلّه في الحج الواجب الأصلي ، وأمّا في مورد الوصية بالحج فإذا أخذ الوصي الاُجرة فتلفت عنده من غير تفريط فلا ضمان عليه ، ولا بدّ من إخراج الحج من الثّلث .

   ولو شكّ في كون التلف عن تقصير أم لا فالظاهر عدم الضمان ، لأنّه يشك في كون التلف موجباً لضمانه أم لا والأصل هو البراءة عن الضمان ، فإنّ التلف السماوي وشبهه لا يوجب الضمان والذي يوجبه هو التلف المستند إلى تفريطه وتفويته ، فلو شكّ في استناد التلف إلى تفويته وتفريطه فالأصل عدمه .

   وبذلك يظهر الحال فيما إذا استأجر شخصاً للحج واُعطي مال الاجارة قبل الاتيان بالحج ـ كما هو المتعارف خصوصاً في باب الحج ـ ومات الأجير قبل أداء الحج وفرضنا أن الأجير لم يكن له مال ليؤخذ منه أو لم يمكن الأخذ من ورثته فحينئذ يجب الاخراج من بقيّة التركة واستئجار شخص آخر إن كان الحج واجباً أصلياً وإلاّ فمن الثّلث .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net