صور ترك الإحرام من الميقات لنسيان أو جهل 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3993


ــ[342]ــ

   [ 3224 ] مسألة 6 : إذا ترك الإحرام من الميقات ناسياً أو جاهلاً بالحكم أو الموضوع وجب العود إليه مع الإمكان ، ومع عدمه فإلى ما أمكن ((1)) إلاّ إذا كان أمامه ميقات آخر ، وكذا إذا جاوزها مُحلاًّ لعدم كونه قاصداً للنسك ولا لدخول مكّة ثمّ بدا له ذلك فإنه يرجع إلى الميقات مع التمكّن وإلى ما أمكن مع عدمه (1) .

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فإن كان الثابت «الموقف» فالرواية أجنبيّة عن المقام ، وإن كان الثابت «الوقت» فتفيد المقام ولكن لا نعلم بصحّته فتسقط الرواية عن الاستدلال .

   (1) ذكر (قدس سره) في هذه المسألة أنه من ترك الإحرام من الميقات عن نسيان أو عن جهل بالحكم أو بالموضوع كالجهل بالميقات يجب عليه العود إلى الميقات مع الامكان ، وإلاّ فإلى ما أمكن ، وهذه المسألة تنحل إلى أربع صور :

   الاُولى : ما إذا تذكر وتمكن من الرجوع إلى الميقات ، فإنه يجب عليه العود والإحرام من الميقات .

   وتدل على ذلك أوّلاً : النصوص العامّة الدالّة على توقيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المواقيت الخمسة وأنه لا يجوز العدول والتجاوز عنها بلا إحرام .

   وثانياً : أن النصوص الواردة في المقام بعضها ورد في خصوص الناسي كصحيحة الحلبي ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل نسي أن يحرم حتى دخل الحرم ، قال قال أبي : يخرج إلى ميقات أهل أرضه ، فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه» (2) .

   وبعضها في خصوص الجاهل كصحيحة معاوية بن عمّار ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة كانت مع قوم فطمثت ، فأرسلت إليهم فسألتهم فقالوا : ما ندري أعليك إحرام أم لا وأنت حائض ، فتركوها حتى دخلت الحرم ، فقال : (عليه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم الكلام عليه [ في المسألة 3221 التعليقة 4 ] .

(2) الوسائل 11 : 328 / أبواب المواقيت ب 14 ح 1 .

ــ[343]ــ

السلام) إن كان عليها مهلة فترجع إلى الوقت فلتحرم منه فإن لم يكن عليها وقت (مهلة) فلترجع إلى ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها» (1) .

   وبعضها مطلق يشمل حتى العامد كصحيح آخر للحلبي ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم ، فقال : يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم ، فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه» (2) وغير ذلك من الروايات .

   والمتحصل من هذه الروايات أن من ترك الإحرام نسياناً أو جهلاً فإن تمكن من الرجوع إلى الميقات وجب العود إليه والإحرام منه .

   الثانية : أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الخارج ، ففي صحيح الحلبي أنه يحرم من مكانه ، وإطلاقه يشمل الجاهل والناسي لأنّ موضوع الحكم من ترك الإحرام .

   الثالثة : أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات لكن يمكنه الرجوع إلى خارج الحرم ، فحينئذ يجب عليه أن يرجع إلى خارج الحرم والإحرام منه في أي مكان شاء منه ، ولا يجب عليه الابتعاد بالمقدار الممكن لعدم الدليل على ذلك .

   وبالجملة : مقتضى إطلاق النصوص هو وجوب الخروج من الحرم والإحرام من الخارج ، سواء في أوّل الحل ورأس الحد أو يبتعد عنه قليلاً أو كثيراً ، فإن العبرة بالإحرام خارج الحرم في أي مكان شاء ، وتقييد هذه المطلقات بمن لا يتمكن من الابتعاد عن الحرم تقييد بالفرد النادر جدّاً ، لأنّ كل من يتمكن من الخروج من الحرم يتمكن من الابتعاد بمقدار مائة ذراع أو مائتين من حدّ الحرم ، فلا يمكن حمل تلك المطلقات المجوزة للإحرام على من لا يتمكن من الابتعاد من الحرم بمقدار مائة ذراع مثلاً . نعم ، ورد الابتعاد بالمقدار الممكن في خصوص الحائض في صحيح معاوية بن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 329 / أبواب المواقيت ب 14 ح 4 .

(2) الوسائل 11 : 330 / أبواب المواقيت ب 14 ح 7 .

ــ[344]ــ

عمّار المتقدِّمة ، والتعدي عنها إلى غيرها من ذوي الأعذار والناسي والجاهل قياس لا نقول به ، فالمرجع إطلاق النصوص ، ولم يرد فيها أي تقييد عدا ما ورد في خصوص الطامث .

   فالمتحصل من هذه النصـوص أنه لو كان متمكناً من الرجوع إلى الميقات يجب عليه الرجوع والإحرام هناك ، سواء دخل الحرم أم لا ، وإن لم يتمكن من الرجوع إليها فإن دخل الحرم يجب عليه العود إلى خارج الحرم والإحرام من الخارج من أي مكان شاء ، ولا يجب عليه الابتعاد بالمقدار الممكن ، وإن لم يتمكن من الخروج أحرم من مكانه .

   وبازاء هذه النصوص خبر علي بن جعفر المتقدّم «عن رجل ترك الإحرام حتى انتهى إلى الحرم فأحرم قبل أن يدخله ، قال : إن كان فعل ذلك جاهلاً فليبن مكانه ليقضي ، فإنّ ذلك يجزئه إن شاء الله ، وإن رجع إلى الميقات الذي يحرم منه أهل بلده فإنّه أفضل»(1) فإنّه صريح في عدم وجوب الرجوع إلى الميقات إذا كان جاهلاً وجواز الإحرام من غير الميقات حتى مع التمكن من الرجوع إليها .

   ولا يخفى أن المراد بقوله : «فليبن مكانه» أنه يبني على إحرامه ويعتمد عليه ويمضي ولا يرجع إلى الميقات ليعيده .

   وأمّا ما احتملناه سابقاً من تصحيف كلمة «فليبن» واحتمال كونها فليلبي فبعيد جدّاً ، لأنّ المفروض في السؤال أنه أحرم ولبى فلا حاجة إلى التلبية ثانياً بعد إجزاء الأوّل ، والعمدة ضعف الخبر بعبدالله بن الحسن ، فإنه غير مذكور في الرجال بمدح ولا قدح ، ولو أغمضنا النظر عن ضعف الخبر سنداً لقلنا بعدم وجوب الرجوع بمقتضى هذا الخبر وحمل تلك الروايات على الاسـتحباب ، ولكن لضعفه لا يمكن الاعتماد عليه فلا حاجة إلى القول بكونه شاذاً ولا قائل بمضمونه .

   الصورة الرابعة : ما إذا ارتفع العذر أو تذكر قبل الوصول إلى الحرم ولم يمكنه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 331 / أبواب المواقيت ب 14 ح 10 ، وتقدّم في ص 335 .

ــ[345]ــ

الرجوع إلى الميقات الذي تجاوز عنه ، فقد يفرض أن أمامه ميقاتاً آخر ، كما إذا تجاوز عن مسجد الشجرة بلا إحرام وارتفع العذر في أثناء الطريق قبل الوصول إلى الحرم ولم يتمكن من الرجوع إلى الميقات ، وكان أمامه ميقات آخر كالجحفة ، ففي مثله يجب عليه الإحرام من الجحفة ، وهذا الحكم وإن لم يرد فيه نص بالخصوص فإن النصوص إنما وردت فيمن دخل الحرم ، ولكن الحكم المذكور على القاعدة ، لأنّ الرجوع إلى الميقات الأوّل غير واجب عليه لفرض عدم التمكن منه ، وأمّا لزوم الإحرام من الميقات الذي أمامه فيدل عليه عموم ما دلّ على لزوم الإحرام من الميقات والذهاب إليه وعدم التجاوز عنه إلاّ محرما .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net