التاسع : التعارض بين الدليلين 

الكتاب : مجمع الرسـائل - رسـالة في الأمر بين الأمرين   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 7992


التاسع : لا يعقل وقوع التعارض بين دليلين موجبين للقطع ، ضرورة رجوعه إلى اجتماع النقيضين ، من دون فرق بين كون الدليلين عقليين أو نقليين أو مختلفين ، فإنّ القطع بشيء يستلزم إلغاء احتمال خلافه ، فضلا عن القطع به .

ومن ذلك يتبيّن أنّه لا يجتمع القطع الحاصل من دليل مع الظنّ الحاصل من دليل آخر على خلافه ، كما أفاده شيخنا العلاّمة أعلى الله مقامه في الرسائل بقوله : فليت شعري إذا فرض حكم العقل على وجه القطع بشيء كيف يجوز حصول القطع أو الظنّ من الدليل النقلي على خلافه(1).

ثمّ إنّ مباحث التعارض وإن كانت في نفسها كثيرةً مذكورة في الاُصول ، إلاّ أنّ الذي يرتبط بمسألتنا منها هو أمران ، الأوّل : معنى التعارض ، الثاني : تعيين
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فرائد الاُصول 1 : 63 / الأمر الثاني .

ــ[27]ــ

المرجع بعد تحقّق التعارض بين الدليلين .

أمّا الأمر الأوّل فنقول : التعارض على ما عرّفه جمع من المحقّقين ومنهم شيخنا العلاّمة الأنصاري (قدّس سرّه) هو تنافي الدليلين وتمانعهما مع اتّحاد الموضوع(1) فما لم يتحقّقا في دليلين لا يكونان من المتعارضين ، فعليه ليس بين الدليل المجمل والدليل المبيّن والعام والخاص والحاكم والمحكوم تعارض أصلا ، فإنّ الدليل المبيّن يكشف عن مراد المتكلّم من الإجمال ، وكذلك الخاص والحاكم يعيّنان المراد الواقعي من العام والمحكوم .

وأمّا أنّ تقدّم الخاص والحاكم على العام والمحكوم من جهة كون الأوّلين نصّين في مدلولهما أو من جهة كونهما من باب القرينة وذي القرينة فهو بحث خارج عمّا نحن بصدده .

فالمدار في تحقّق التعارض عدم إمكان الجمع بينهما ودفع التمانع عنهما بالطرق التي يبني عليها العقلاء في محاوراتهم ، فما دام يمكن الجمع بينهما ورفع التمانع عنهما لا يكون التعارض محقّقاً .

ولا يخفى أيضاً أنّ التعارض إنّما يكون دائماً في الأدلّة النقلية ، وأمّا الأدلّة العقلية فلا نفهم للتعارض فيها معنى محصّلا ، فإنّ فرض الدليل عقلياً آب عن كونه مشكوكاً ، بل لا يبقى احتمال الخلاف حتّى يعارضه دليل آخر ، إلاّ أن يكون مغالطة في صورة البرهان ، وهو ليس بدليل حتّى يكون تخصيصاً فيما ادّعيناه ، كما ذكرناه في مسألة دليلية الوجدان ، وقد ذكرنا وجه التهافت في بعض الأدلّة العقلية في بعض المسائل الحكمية ، وأنّه ناشئ عن قصور في شرط من شرائط المقدّمات أو ترتيبها .

وأمّا الأمر الثاني : فبعد فرض التعارض وعدم إمكان الجمع بينهما بأحد
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فرائد الاُصول 2 : 750 .

ــ[28]ــ

الوجوه المذكورة لابدّ من ملاحظة الترجيح بينهما ، والأخذ بما يقتضيه ، وهو كما ذكروه في محلّه(1) يكون باُمور ، منها الترجيح بجهة الصدور ، وهو الذي يكون الترجيح بها في مسألتنا على الأكثر ، وستعرف إن شاء الله(2) شهرة القول عند العامّة في زمان الأئمّة (عليهم السلام) بعدم اختيار العباد في أفعالهم ، بل لا يخفى أنّ أكثر الروايات الواردة في باب المعارف من أهل بيت العصمة (عليهم السلام) المخالفة للدليل العقلي إنّما صدرت تقيّة وخوفاً من الظالمين .

فهذه هي الاُمور التي رأينا من اللازم تقديمها على المقصود ، لترتّب فوائد عظيمة عليها .
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net