حكم الجماع في عمرة التمتّع من حيث الكفّارة والإفساد 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6680


ــ[360]ــ

   مسألة 220 : إذا جامع المتمتع أثناء عمرته قبلاً أو دبراً عالماً عامداً ، فان كان بعد الفراغ من

السعي لم تفسد عمرته ، ووجبت عليه الكفّارة ، وهي على الأحوط جزور ، ومع العجز عنه بقرة ،

ومع العجز عنها شاة (1) وإن كان قبل الفراغ من السعي فكفارته كما تقدّم ، ولا تفسد عمرته أيضاً

على الأظهر ، والأحوط إعادتها ـ  قبل الحجّ  ـ مع الامكان وإلاّ أعاد حجّه في العام القابل .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   وبالجملة : حرمة الجماع لا تختص بمن كان في أثناء الحجّ .

   (1) إذا جامع أثناء عمرة المتعة عالماً بالحكم عامداً ، فقد يقع بعد الفراغ من السعي وقبل التقصير ،

وقد يقع قبل الفراغ من السعي :

   أمّا الأوّل :  فلا ريب في عدم فساد عمرته بل لا قائل بالفساد ، وإنّما تجب الكفّارة على النحو

الآتي ، وكلا الحكمين أي عدم الفساد وثبوت الكفّارة ممّا لا إشكال فيه عندهم .

   أمّا عدم الفساد فيدل عليه صحيح معاوية بن عمار «عن متمتع وقع على امرأته قبل أن يقصر ، قال

ينحر جزوراً وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه» (1) فان خشية الفساد غير الفساد ، ولعلّ المراد من

خشية الفساد عدم قبول حجّه .

   وأمّا ثبوت الكفّارة ففي بعض الروايات ينحر جزوراً كالصحيحة المتقدِّمة ، وفي بعضها بقرة وفي ثالثة

شاة ، والمشهور حملوا الروايات على الترتيب بين الموسر ومتوسط الحال والفقير ، ولم يظهر لنا وجهه

سوى الاستيناس ممّا ورد في من نظر إلى غير أهله فأمنى (2) وفي من واقع أهله قبل طواف النِّساء (3)

ولا مجال للتعدِّي منهما إلى المقام .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 130 /  أبواب كفارات الاستمتاع ب 13 ح 2 .

(2) الوسائل 13 : 133 /  أبواب كفارات الاستمتاع ب 16 ح 2 .

(3) الوسائل 13 : 123 /  أبواب كفارات الاستمتاع ب 10 ح 1 .

 
 

ــ[361]ــ

   ولم يرد هذا التفصيل في شيء من الروايات بالنسبة إلى عمرة المتعة ، بل الوارد فيها الجزور والشاة

على الاطلاق ، ففي معتبرة معاوية بن عمار قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن متمتع وقع

على امرأته قبل أن يقصر ، قال : ينحر جزوراً وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه» (1) .

   وفي معتبرة اُخرى عن ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قلت : متمتع وقع على

امرأته قبل أن يقصر ؟ فقال : عليه دم شاة»(2) وفي معتبرة اُخرى : «إن عليه جزور أو بقرة»(3) .

   ومقتضى القاعدة من حيث الجمع بين الأخبار هو التخيير ، ولكن الأحوط ما ذكرناه في المتن تحفظاً

على عدم مخالفة المشهور ، وسند الخبرين معتبر ، لأنّ المراد من علي الواقع في السند هو علي بن

الحسن الطاطري بقرينة روايته عن محمّد بن أبي حمزة ودرست ، إذ لا يروي عنهما من يسمى بعلي

سوى علي بن الحسن الطاطري .

   وبالجملة فالترتيب الّذي ذكره المشهور لم يثبت ، فالصحيح هو التخيير .

   وأمّا الثاني :  فالمشهور والمعروف بين الأصحاب وجوب الكفّارة عليه كما تقدّم ، وفساد عمرته

أيضاً وإعادة حجه في العام القابل .

   ويظهر من الجواهر التأمل في الفساد كما يظهر منه عدم تحقق الاجماع في المقام (4) .

   أمّا وجوب الكفّارة فلا ينبغي الاشكال فيه ، فانّه لو وجبت بعد الفراغ من السعي فقبله أولى . على

أن جملة من الروايات تدل على ثبوت الكفّارة بالاطلاق ، كصحيحة معاوية بن عمار المتقدِّمة (5) ،

فانّ الموضوع فيها الجماع قبل التقصير وهذا العنوان يشمل ما قبل السعي أيضاً ، فيكون المراد بقبل

التقصير قبل الخروج من الاحرام وإلاّ فلا خصوصية لقبل التقصير، فالمدار بالخروج من الاحرام

وعدمه، نظير سؤال السائل عن التكلّم قبل السلام فانّه يعم جميع حالات الصلاة ، ولا خصوصية لبعد

التشهد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) ، (3) الوسائل 13 : 130 /  أبواب كفارات الاستمتاع ب 13 ح 2 ، 3 ، 5 .

(4) الجواهر 20 : 383 ، 380 .

(5) في الصفحة السابقة .

ــ[362]ــ

وقبل السلام ، فالغرض وقوع هذا الفعل قبل الفراغ من العمل .

   إنّما الكلام في فساد عمرة التمتّع بالجماع كفساد الحجّ به ، نسب إلى المشهور الفساد ولكن لا نص

في خصوص عمرة المتعة، وقد استدلّ في الجواهر بوجوه  ناقش في جميعها.

   الأوّل :  أنّ العمرة المفردة تفسد بالجماع قبل السعي قطعاً ، ويجب عليه البقاء في مكّة إلى الشهر

الآتي حتّى يعتمر من جديد (1) فإذا كان الفساد ثابتاً في المفردة يثبت في المتمع بها أيضاً ، لأن حكم

العمرة المتمتع بها حكم العمرة المفردة ، لكونهما طبيعة واحدة وتشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتّع

في أعمالها ، وإنّما تفترق عنها في اُمور يسيرة ، منها وجوب طواف النِّساء للمفردة ولا يجب ذلك

لعمرة التمتّع ، ومنها أن عمرة التمتّع بعدها الحجّ بخلاف المفردة فانّها عمل مستقل لا يرتبط بالحج .

   وفيه : ما لا يخفى ، لأن ذلك قياس ظاهر ولا مجال لاجراء حكم كل منهما إلى الآخر بعدما كان

لكل منهما أحكام مخصوصة .

   الثاني :  أنّ الجماع بعد الفراغ من السعي وقبل التقصير ممّا يخشى منه الفساد ، كما في صحيحة

معاوية بن عمار المتقدِّمة (2) فإذا كان الجماع بعد السعي موجباً لخشية الفساد كان الفساد ثابتاً

بالجماع قبل السعي بالأولوية .

   وفيه : أنّ المذكور في الصحيحة خشية الفساد لا نفس الفساد كما تقدّم ، ولو قلنا بالأولوية لكان

خشية الفساد قبل السعي أولى لا نفس الفساد .

   الثالث :  إطلاق الروايات الدالّة على الفساد في الحجّ ، ومن الواضح أن عمرة التمتّع جزء من

الحجّ ، لأنّ الحجّ إسم للمجموع من عمرة المتعة والحجّ كما يطلق عليهما حج الاسلام .

   وأجاب عنه في الجواهر بعدم انسباق ذلك من هذه الروايات ، بل المنصرف منها نفس الحجّ الّذي

يقابل العمرة، فانّ الروايات ظاهرة بل صريحة في إرادة الحجّ لا العمرة وحتّى على  فرض أنّها جزء من 

الحجّ، فليس في شيء من النصوص ما يشمل عمرة المتعة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 128 /  أبواب كفارات الاستمتاع ب 12 .

(2) في ص 360 .

ــ[363]ــ

   وقد يتخيّل أن بعض الروايات الدالّة على الفساد مطلقة ولا اختصاص لها بالحج كصحيحة زرارة

قال : «سألته عن محرم غشى امرأته وهي محرمة ، قال : جاهلين أو عالمين ؟ قلت أجنبي عن الوجهين

جميعاً ، قال : إن كانا جاهلين إلى آخر الحديث» (1) فادعى أ نّه لا ظهور لها في خصوص الحجّ ، بل

الموضوع فيها المحرم وهو يشمل المتمتع بالعمرة أيضاً .

   والجواب : إن كان المراد بالأمر بالحج من قابل فساد الحجّ الّذي وقع فيه الجماع فساداً حقيـقياً

كفساد العمرة المفردة ، أو فساد الصلاة بالتكلّم ونحوه من المبطلات وأن ما أتى به لا يحسب من الحجّ

وإن وجب عليه إتمامه تعبداً ، ويجب عليه الحجّ من قابل ، فعدم صحّة الاستدلال بالرواية بالنسبة إلى

عمرة المتعة واضح جدّاً ، لأن فساد عمرة المتعة لا يوجب الحجّ عليه من قابل ، فان تدارك العمرة أمر

سهل يسير غالباً فيخرج إلى خارج الحرم كالتنعيم ونحوه ويحرم ويأتي بالأعمال وهي الطّواف وصلاته

والسعي ، ولو فرضنا فرضاً نادراً أ نّه لايتمكّن من العمرة لضيق الوقت ونحوه، ينقلب حجه إلى

الافراد ، ويأتي بالعمرة بعد ذلك ، فذكر الحجّ من قابل قرينة على وقوع الجماع في الحجّ وأنّ الاحرام

إحرام الحجّ .

   وإن قلنا بأنّ الحجّ الأوّل حجه والثاني عقوبة عليه ، والحكم بالفساد تنزيلي باعتبار لزوم الاتيان بحج

آخر في السنة الآتية عقوبة وإلاّ ففرضه ما وقع فيه الجماع فهذا يمكن فرضه في عمرة المتعة بأن يجب

عليه الحجّ من قابل عقوبة عليه ، ولكن مع ذلك لا يمكن أن يقال بشمول الروايات لعمرة المتعة ، لأنّ

المذكور في الروايات أ نّه فرّق بينهما من المكان الّذي أحدثا فيه وعليهما بدنة وعليهما الحجّ من قابل ،

فإذا بلغا المكان الّذي أحدثا فيه فرّق بينهما حتّى يقضيا نسكهما ، ويرجعا إلى المكان الّذي أصابا فيه ما

أصابا  (2) .

   وفي بعضها «يفرق بينهما ولا يجتمعان في خباء حتّى يبلغ الهدي محلِّه» (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 112 /  أبواب كفارات الاستمتاع ب 3 ح 9 .

(2) ، (3) الوسائل 13 : 112 /  أبواب كفارات الاستمتاع ب 3 ح 9 ، 5 .

ــ[364]ــ

   وهذه قرينة قطعية على وقوع الجماع في الحجّ لا العمرة المتمتّع بها ، إذ لا يتصوّر في عمرة المتعة

الرجوع إلى المكان الّذي أحدثا فيه هذا الحدث غالباً ، بخلاف الحاج فانّه إذا حدث هذا الحدث في

مكّة مثلاً فاللازم التفريق بينهما حتّى يرجعا من مناسكهما إلى هذا المكان الّذي أحدثا فيه، سواء في

نفس هذا الحجّ أو الحجّة المعادة، فانّ الغالب في الحجاج الرجوع إلى مكّة وهذا المعنى لا يتحقق بالنسبة

إلى المتمتع الّذي يحرم من أحد المواقيت ، فانّه إذا جامع بعد الاحرام في طريقه إلى مكّة لا يتقيّد

بالرجوع إلى نفس هذا المكان الّذي أصاب ، بل يمكن أن يرجع من مكان آخر كما لعلّه الغالب .

   على أن لزوم الافتراق حتّى يبلغ الهدي محلِّه كما في بعض الروايات شاهد قوي على أنّ المراد

بالاحرام الّذي وقع فيه الجماع هو الحجّ .

   ولو سلمنا الاطلاق لهذه الروايات وشمولها لعمرة المتعة أيضاً فيعارض باطلاق صحيحة معاوية بن

عمار الدالّة على عدم الفساد بالجماع قبل التقصير ، بناءً على ما عرفت من أن اطلاق «قبل التقصير»

يشمل قبل السعي أيضاً ، لأنّ المراد بقبل التقصير عدم الخروج من الاحرام ، ولذا أثبتنا الكفّارة في

الجماع قبل السعي باطلاق هذه الصحيحة ، فيقدم صحيح معاوية بن عمار لأ نّه أخص .

   ولو فرضنا تكافؤهما وتعارضهما فلا دليل على وجوب الحجّ من قابل في صورة وقوع الجماع قبل

السعي فان ذلك يحتاج إلى دليل .

   فالأظهر عدم فساد عمرته أيضاً ، والأحوط إعادتها في هذه السنة قبل الحجّ مع الامكان ويحجّ بعدها

، ومع عدم إمكان إعادتها يتمّها ويعيد حجّه في العام القابل .

   ثمّ إنّه لا فرق في الجماع بين الوطئ قبلاً أو دبراً ، لأنّ المذكور في النصوص الجماع والمواقعة

والغشيان ونحو ذلك من التعابير الّتي تكون كناية عن مطلق الوطئ فانّ الجماع لم يوضع للوطئ قبلاً ،

وإنّما هو موضوع للجمع بين الشخصين ، ولكن المراد به المعنى الكنائي كالمس واللمس اللذين يراد

بهما المعنى الكنائي وهو الوطئ ، وإن كان الغالب هو للوطئ قبلاً فلا خصوصية للقبل ، فلا موجب

للاختصاص به بدعوى الانصراف لأجل غلبة الوجود .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net