صور طروء الحيض - الطّهارة في الطواف المندوب 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4570


ــ[17]ــ

   مسألة 289 : يجب على الحائض والنفساء بعد انقضاء أيّامهما وعلى المجنب الاغتسال للطواف ،

ومع تعذر الاغتسال واليأس من التمكن منه يجب الطّواف مع التيمم والأحوط الاُولى حينئذ الاستنابة

أيضاً ، ومع تعذر التيمم تتعين عليه الاستنابة (1) .

   مسألة 290 : إذا حاضت المرأة في عمرة التمتّع حال الاحرام أو بعده وقد وسع الوقت لاداء

أعمالها صبرت إلى أن تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها ، وإن لم يسع الوقت فللمسألة صورتان :

   الاُولى : أن يكون حيضها عند إحرامها أو قبل أن تحرم ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الافراد،

وبعد الفراغ من الحج تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكّنت منها .

   الثانية :  أن يكون حيضها بعد الاحرام ، ففي هذه الصورة تتخير بين الاتيان بحج الافراد كما في

الصورة الاُولى ، وبين أن تأتي بأعمال عمرة التمتّع من دون طواف ، فتسعى وتقصّر ثمّ تحرم للحج ،

وبعد ما ترجع إلى مكّة بعد الفراغ من أعمال منى تقضي طواف العمرة قبل طواف الحج ، وفيما إذا

تيقنت ببقاء حيضها وعدم تمكّنها من الطّواف حتّى بعد رجوعها من منى استنابت لطوافها ثمّ أتت

بالسعي بنفسها . ثمّ إنّ اليوم الّذي يجب عليها الاستظهار فيه بحكم أيّام الحيض فيجري عليها حكمها

(2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) قد ذكرنا حكم هذه المسألة في ضمن بيان حكم المسألة السابقة .

   (2) يطرأ الحيض تارة قبل الطّواف واُخرى في أثنائه وثالثة بعده .

   ثمّ إنّه قد يفرض أ نّها متمكّنة من إتيان الطّواف مع الاغتسال كما إذا حاضت المرأة في سعة الوقت ،

وقد يفرض أ نّها غير متمكّنة من الطّواف مع الطهـارة كما إذا ضاق الوقت عن إتيان الطّواف

متطهرة فهذه صور تذكر في ضمن مسائل .

ــ[18]ــ

   الاُولى : ما إذا طرأ الحيض قبل الطّواف ، سواء حاضت حال الاحرام أو بعده وفرضنا سعة الوقت

لأداء أعمالها ، فلا ريب في أ نّه يجب عليها الصبر إلى أن تطهر وتغتسل وتأتي بأعمالها .

   وأمّا إذا لم يسع الوقت فالمعروف والمشهور أ نّها تعدل إلى حج الإفراد . وقيل بالتخيير بين العدول

إلى الافراد وبين ترك الطّواف والاتيان بالسعي ، ثمّ الاتيان بأعمال الحج وقضاء طواف العمرة بعد

ذلك .

   وهنا أقوال اُخر ذكرناها في شرح كتاب العروة في المسألة الرابعة من فصل صورة حجّ التمتّع(1)

والقول المشهور هو الصحيح في بعض الفروض فانّ الحائض على قسمين :

   أحدهما : أن يكون حيضها عند إحرامها أو قبل أن تحرم .

   ثانيهما : ما إذا طرأ الحيض بعد الاحرام .

   أمّا الأوّل : فوظيفتها ما ذكره المشهور من انقلاب حجّها إلى الافراد وبعد الفراغ من الحج تجب

عليها العمرة المفردة .

   وأمّا الثاني : فهي مخيّرة بين العدول إلى الافراد وتأتي بعمرة مفردة ، وبين أن تترك الطّواف وتبقى

على عمرتها وتسعى وتقصر ثمّ تحرم للحج ، وبعد أداء المناسك تقضي طواف العمرة ثمّ تأتي بطواف

الحج ، والوجه في هذا التفصيل ما ذكرناه مبسوطاً في شرح كتاب العروة (2) وملخّصه : أنّ

الروايات الواردة في المقام على أقسام :

   فمنها : ما دلّ على العدول إلى الافراد من دون تفصيل بين حدوث الحيض عند الاحرام أو طروئه

بعد الاحرام ، وهي صحيحة جميل «عن المرأة الحائض إذا قدمت مكّة يوم التروية ، قال : تمضي كما

هي إلى عرفات فتجعلها حجّة ، ثمّ تقيم حتّى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتجعلها عمرة» (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة 27 : 242  المسألة [ 3211 ] .

(2) المصدر السابق .

(3) الوسائل 11 : 296 /  أبواب أقسام الحج ب 21 ح 2 .

ــ[19]ــ

   ومنها : ما دلّ على أن وظيفتها حجّ الافراد ولكن موردها حدوث الحيض من أوّل الاحرام ، وهي

صحيحة زرارة ومعاوية بن عمار الواردتان في قضية نفاس أسماء بنت عميس حين أرادت الاحرام من

ذي الحليفة (1) .

   وهاتان الطائفتان لا معارض لهما ، فيتعيّن عليها العدول في هذا الفرض ، أي ما إذا كان الحيض قبل

الاحرام .

   وأمّا إذا طرأ الحيض بعد الاحرام وقبل الطّواف فالروايات مختلفة ، ففي مصححة إسحاق «عن المرأة

تجيء متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتّى تخرج إلى عرفات قال : تصير حجّة مفردة ، قلت :

عليها شيء ؟ قال : دم تهريقه وهي اُضحيتها»(2) .

   وبإزائها روايات تدل على بقائها على عمرتها وقضاء الطّواف والصلاة بعد أداء المناسك، منها

صحيحة العلاء وعجلان(3) فهاتان الطائفتان متنافيتان ولا بدّ من العلاج بينهما ، فان بنينا في أمثال

هذه الموارد  ـ ممّا اُمر المكلّف بشيئين وعلمنا من الخارج بأنّ الواجب عليه أحدهما كالأمر بالقصر

والتمام في مورد واحد ـ  على التعارض فاللاّزم إعمال قواعد التعارض . وإن قلنا بعدم التعارض وأن

لهما جمعاً عرفياً فلا بدّ من العمل بهما .

   والظاهر إمكان الجمع بينهما وهو قاض بالتخيير ، لأن أصل الوجوب مستفاد من النص ولا يمكن

رفع اليد عن وجوب كل منهما ، وأمّا وجوب كل منهما على سبيل التعيين فيستفاد من إطلاق كل من

الخبرين ، فنرفع اليد عن إطلاق كل منهما بنص الآخر ، ونتيجة ذلك هي التخيير فيعمل بكل من

الخبرين .

   ولو قلنا بالتعارض فيسقطان معاً فيرجع إلى صحيح جميل الدال على العدول مطلقاً ، فليس لها

الاكتفاء باتيان بعض أعمال العمرة وتأخير الطّواف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 462 /  أبواب الطّواف ب 91 ح 1  والوسائل 12 : 401 /  أبواب

الاحرام ب 49 ح 1 .

(2) الوسائل 11 : 299 /  أبواب أقسام الحج ب 21 ح 13 .

(3) الوسائل 13 : 448 /  أبواب الطّواف  ب 84 ح 1 ، 2 .

ــ[20]ــ

   مسألة 291 : إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها فالمشهور على أن طروء الحيض إذا كان قبل تمام

أربعة أشواط بطل طوافها ، وإذا كان بعده صحّ ما أتت به ووجب عليها إتمامه بعد الطّهر والاغتسال ،

والأحوط في كلّتا الصورتين أن تأتي بطواف كامل تنوي به الأعم من التمام والاتمام . هذا فيما إذا

وسع الوقت ، وإلاّ سعت وقصّرت وأحرمت للحج ، ولزمها الاتيان بقضاء طوافها بعد الرجوع من

منى وقبل طواف الحج على النحو الّذي ذكرناه (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   هذا كلّه إذا تمكّنت من إتيان بقية أعمال العمرة من السعي والتقصير ، وأمّا إذا فرضنا أ نّها لا

تتمكّن من ذلك لعدم سعة الوقت للسعي وعدم صبر الرفقة فيفوت منها الوقوف، فوظيفتها العدول

إلى الافراد كما في صحيح مرازم(1) وغيره، فان مقتضى الجمع بين الروايات أنّ المناط في العدول

وعدمه درك الوقوف الاختياري لعرفة وعدمه ، وهذا من دون فرق بين الحائض وغيرها من ذوي

الأعذار .

   (1) هذه الصورة الثانية : وهي ما إذا طرأ الحيض أثناء الطّواف ، فقد ذهب المشهور إلى بطلان

طوافها إذا طرأ الحيض قبل إتمام الشوط الرابع ، ويجب عليها الاستئناف. وذهب الصدوق إلى أ نّها

تعتد بما مضى وبعد الطّهر تأتي ببقية الأشواط(2) وهذه الصورة لها أقسام يظهر حكمها في ضمن

مسائل :

   المسألة الاُولى : ما إذا حاضت المرأة قبل إتمام الشوط الرابع وتتمكن من الاتمام أو الاستئناف .

   الثانية : نفس الصورة ولكن المفروض أ نّها لا تتمكن من الاستئناف أو الاتمام .

   الثالثة : ما إذا حاضت بعد الأربعة .

   أمّا المسألة الاُولى :  كما إذا فرضنا أ نّها حاضت في أوّل ذي الحجة وعادتها خمسة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 295 /  أبواب أقسام الحج ب 20 ح 14 ، والوسائل 11 : 296 /  أبواب

أقسام الحج ب 21 .

(2) الفقيه 2 : 241 .

  
 

ــ[21]ــ

أيّام أو ستّة ، فقد ذهب المشهور إلى البطلان في هذا القسم وأن عليها الاستئناف خلافاً للصدوق (

قدس سره)(1) ، فانّه ذهب إلى الصحّة وأ نّها تعتد بالأشواط السابقة وعليها الاتمام بعد الطهر ، بل

ذهب إلى الصحّة حتّى إذا طرأ الحيض قبل الشوط الرابع ، ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات ، فقد

استدلّ للمشهور بعدّة روايات :

   منها :  ما رواه الصدوق عن إبراهيم بن إسحاق عمّن سأل أبا عبدالله (عليه السلام) «عن امرأة

طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثمّ طمثت ، قال : تتم طوافها ـ  إلى أن قال  ـ وإن هي لم تطف إلاّ

ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج» (2) .

   رواه الشيخ باختلاف يسير عن إبراهيم بن أبي إسحاق عن سعيد الأعرج كما في التهذيب (3) .

وعن إبراهيم عن أبي إسحاق عمّن سأل أبا عبدالله (عليه السلام) كما في الاستبصار(4) ، فانّها تدل

على فساد الأشواط الثلاثة وعدم جواز إتمامها بالأشواط الأربعة بعد الطهر ، كما أنّ التعليل بقوله :

«لأ نّها زادت على النصف» تدل على البطلان قبل التجاوز من النصف .

   والرواية ضعيفة على كلا الطريقين بإبراهيم الواقع في السند ، فانّه إن كان هو النهاوندي الأحمري

فهو ضعيف ، وإن كان غيره فهو مجهول ، مضافاً إلى الإرسال في طريق الصدوق ، وإلى وقوع محمّد

بن سنان في طريق الشيخ .

   ومنها :  ما رواه الشيخ عن أبي إسحاق صاحب اللؤلؤ قال «حدثني من سمع أبا عبدالله (عليه

السلام) يقول : في المـرأة المتمتعة إذا طافت بالبيت أربعـة أشواط ثمّ حاضت فمتعتها تامّة وتقضي ما

فاتها من الطّواف» (5) ورواه الكيني بطريق آخر عن إسحاق بيّاع اللؤلؤ (6) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم مصدره في الصفحة السابقة .

(2) الوسائل 13 : 455 /  أبواب الطّواف ب 85 ح 4 ، الفقيه 2 : 241 /  1155 .

(3) التهذيب 5 : 393 /  1371 .

(4) الاستبصار 2 : 313 /  1112 .

(5) الوسائل 13 : 456 /  أبواب الطّواف ب 86 ح 2 ، التهذيب 5 : 393 /  1370 .

(6) الكافي 4 : 449 /  4 .

ــ[22]ــ

   والرواية بمفهومها تدل على فساد متعتها إذا كان الطّواف أقل من الأربعة . ولكنّها ضعيفة بالارسال

وباسحاق أو بأبي إسحاق صاحب أو بيّاع اللؤلؤ .

   على أن مورد الرواية ما إذا لم تتمكن الحائض من استئناف الطّواف قبل الحج وكلامنا في من تمكنت

من الاستئناف .

   ومنها :  ما رواه الكليني عن أحمد بن محمّد عمن ذكره عن أحمد بن عمر الحلال عن أبي الحسن (

عليه السلام) قال : «سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثمّ اعتلت قال : إذا حاضت المرأة وهي في

الطّواف بالبيت أو بالصفا والمروة وجاوزت النصف علمت ذلك الموضع الّذي بلغت ، فإذا هي

قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطّواف من أوّله» (1) .

   ومنها :  رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إذا حاضت المرأة وهي في الطّواف

بالبيت وبين الصفا والمروة فجاوزت النصف فعلمت ذلك الموضع ، فاذا طهرت رجعت فأتمت بقية

طوافها من الموضع الّذي علمته ، فان هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطّواف

من أوّله» (2) .

   وهما وإن كانتا واضحتي الدلالة على فساد الطّواف إذا طرأ الحيض قبل الأربعة أشواط وقبل

التجاوز من النصف ، وليس موردها عدم التمكن من الاستئناف، ولكنهما ضعيفتان سنداً ، أمّا الاُولى

فبالارسال والثانية بسلمة بن الخطاب . فاذن لا مدرك للمشهور .

 وأمّا الصدوق فلم يذكر إلاّ مرسلة إبراهيم بن إسحاق المتقدمة وصحيحة محمّد بن مسلم قال : «

سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقل من ذلك ثمّ رأت دماً ، فقال :

تحفظ مكانها ، فاذا طهرت طافت منه واعتدت بما مضى» (3) ثمّ قال (قدس سره) : وبهذا الحديث

اُفتي لأ نّه رخصة ورحمة وإسناده

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 454 /  أبواب الطّواف ب 85 ح 2 ، الكافي 4 : 449 /  3 .

(2) الوسائل 13 : 453 /  أبواب الطّواف ب 85 ح 1 .

(3) الوسائل 13 : 454 /  أبواب الطّواف ب 85 ح 3 .

ــ[23]ــ

متصل ، وأمّا الحديث الأوّل أي مرسل إبراهيم بن إسحاق فاسناده منقطع (1) .

   فمذهب الصدوق هو الصحّة سواء حاضت المرأة بعد النصف أو قبله اعتماداً على صحيح ابن

مسلم .

   وقد ذكر الشيخ هذه الصحيحة وقال إنّها محمولة على النافلة (2) لما تقدّم منه(3) ، أن طواف

الفريضة متى نقص عن النصف يجب على صاحبه استئنافه من أوّله ويجوز له في النافلة البناء عليه .

   وتوضيح ما ذكره الشيخ : انّه قد تقدّم(4) انّه متى نقص طواف الفريضة عن النصف وأحدث

الطائف وخرج ليتوضأ بطل طوافه .

   وإذا كان بعد النصف اعتد بما مضى وبنى عليه والمسألة غير خلافية .

   وذكرنا أنّ ذلك كثير الابتلاء والتحقق في الخارج فإذا بطل الطّواف بالحدث الأصغر يبطل بالحيض

بالأولوية القطعية فانّه لا يقصر عن النوم أو الريح ، على أنّ الفصل بالحيض لا يخلو من سائر الأحداث

.

   مضافاً إلى ذلك أ نّه يكفي في البطلان عدم التوالي والفصل الكثير بين الأشواط لأنّ الحيض أقلّه

ثلاثة أيّام ، فالروايات الدالّة على بطلان الطّواف بالحدث تكون قرينة على حمل هذه الصحيحة على

طواف النافلة ، فما ذكره الشيخ من الحكم بالبطلان هو الصحيح .

   المسألة الثانية : نفس المسألة السـابقة مع عدم سعة الوقت لإتمام الطّواف أو استئنافه وهذه المسألة

تدخل في المسألة الّتي تقدّمت وهي ما إذا حاضت المرأة قبل الاحرام ولا تتمكّن من الطّواف إلى أن

يبلغ زمان الحج ، وظاهر كلام الصـدوق هو الصحّة والاعتداد بما مضى حتّى في هذه الصورة ، فانّ

الظاهر من ذكره صحيح ابن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفقيه 2 : 241 .

(2) التهذيب 5 : 397 /  1380 .

(3) في التهذيب 5 : 117  بَعد الحديث 383 .

(4) في ص 6 .

ــ[24]ــ

مسلم والافتاء بمضمونه وعدم العمل بمرسلة إسحاق هو الحكم بالاتمام والاعتداد في كلتا الصورتين ،

كانت متمكنة من الاتمام أم لا .

   ولكن لا يخفى أ نّه لا يمكن الالتزام  بما ذكره أصلاً حتّى لو فرضنا  ورود  صحيح ابن مسلم في

طواف الفريضة ، فان غاية ما يستفاد من الصحيحة عدم مانعية الحيض وعدم اعتبار التوالي بين

الأشواط ، وأمّا جواز الاتمام حتّى بعد أعمال الحج فلا يستفاد منها ، بل ذلك يحتاج إلى دليل آخر .

   وبعبارة اُخرى كلامنا في مقامين : أحدهما : في مانعية الحيض . ثانيهما : في جواز التبعيض وعدم

التوالي ، ولا يستفاد الثاني من صحيح ابن مسلم ، بل تدخل المسألة في مسألة عدم تمكّن الحائض من

الطّواف برأسه، فلو وافقنا الصدوق في الصورة الاُولى وهي تمكن الحائض من الاتمام لا نوافقه في هذه

الصورة وهي عدم تمكنها من الاتمام .

   المسألة الثالثة :  ما إذا طرأ الحيض بعد أربعة أشواط .

   المعروف بينهم أن عمرتها تامّة، لأنّ الحيض حدث بعد تجاوز النصف فتأتي بالبقيّة بعد الطّهر ،

واستدلّوا بالروايات المتقدمة (1) كرواية إبراهيم بن إسحاق وأحمد بن عمر الحلال ، ولكن قد عرفت

أنّ الروايات كلّها ضعيفة ، فان قلنا بالانجـبار فهو ، وإلاّ فتدخل المسألة في المسألة المتقدمة ، وهي ما

إذا حاضت المرأة قبل الطّواف ، فنقول : إنّ الوقت إذا كان واسعاً كما لو فرضنا أنّ المرأة حاضت في

شهر ذي القعدة، فالأحوط لها أن تجمع بين الاستئناف لحصول الفصل وعدم التوالي وبين الاتمام ، ولها

أن تأتي بطواف كامل تنوي به الأعم من التمام والإتمام، ولا تصل النوبة إلى العدول إلى الإفراد.

   وأمّا إذا ضاق الوقت فالمشهور أيضاً الصحّة ، فتتم طوافها بعد أعمال الحج والرجوع إلى مكّة ،

ولكنّ الأظهر هو البطلان وتدخل المسألة أيضاً في المسألة السابقة ، وهي ما إذا حاضت بعد الاحرام

ولم تتمكّن من الاتيان بالعمرة قبل الحج .

   والمختار عندنا فيها هو التخيير بين أن تعدل إلى الإفراد وبين أن تسعى وتقصّر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 21 ، 22 .

ــ[25]ــ

   مسألة 292 : إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطّواف وقبل الاتيان بصلاة الطّواف صحّ طوافها

وأتت بالصلاة بعد طهرها واغتسالها ، وإن ضاق الوقت سعت وقصّرت وقضت الصلاة قبل طواف

الحج (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

وتقضي الطّواف بعد أداء مناسك الحج ، والأحوط لها هو الاتمام والاستئناف على النحو الّذي مرّ .

   (1) هذه هي الصورة الثالثة ، وهي طروء الحيض بعد الفراغ من الطّواف ، وقد حكم فيها بالصحّة

، إذ لا موجب لبطلانه بالحيض اللاّحق ، فانّه بعد ما قيل بأن حدوث الحيض بعد أربعة أشواط لا

يوجب البطلان وتكمل بقية الأشواط بعد أعمال الحج ، فجواز تأخيرها الصلاة أولى ، لأن كلاّ منهما

عمل مستقل ، وإن لم نقل بذلك كما هو الصحيح عندنا فمقتضى القاعدة أيضاً عدم البطلان ، إذ لا

مقتضي لبطلانه بالحيض الطارئ بعده .

   نعم ، يتحقق الفصل بين الطّواف والصلاة ، ولا مانع إذا كان بأمر غير اختياري ، كما إذا عجز من

الصلاة كالمريض والكسير فتأتي بالصلاة بعد ارتفاع الحيض ، وإن لم يسع الوقت فتسعى وتقصّر وتأتي

بالصلاة بعد أعمال الحج كما هو الحال في قضاء الطّواف .

   وأمّا احتمال العدول إلى الإفراد فساقط جزماً ، لأنّ أدلّة العدول وردت في من لا يتمكّن من

الطّواف لا الصلاة .

   ويكفينا في الحكم المزبور صحيح زرارة قال : «سألته عن امرأة طافت بالبيت فحاضت قبل أن

تصلِّي الركعتين ، فقال : ليس عليها إذا طهرت إلاّ الركعتين وقد قضت الطّواف»(1) .

   ونحوها صحيح معاوية بن عمار(2) فان مورده وإن كان حدوث الحيض قبل السعي ولكن إطلاقه

يشمل قبل الصلاة وبعدها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 458 /  أبواب الطّواف ب 88 ح 1 .

(2) الوسائل 13 : 459 /  أبواب الطّواف ب 89 ح 1 .

ــ[26]ــ

   مسألة 293 : إذا طافت المرأة وصلّت ثمّ شعرت بالحيض ولم تدر أ نّه كان قبل الطّواف أو قبل

الصلاة أو في أثنائها أو أ نّه حدث بعد الصلاة ، بنت على صحّة الطّواف والصلاة (1) وإذا علمت

أن حدوثه كان قبل الصلاة وضاق الوقت ، سعت وقصّرت وأخّرت الصلاة إلى أن تطهر وقد تمّت

عمرتها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   ويؤيّدهما رواية أبي الصباح الكناني(1) والمستفاد منها أنّ الحيض غير ضائر  بالاتصال ولا يوجب

البطلان ، وقوله : «ليس عليها إلاّ الركعتين» ظاهر في أنّ الطّواف طواف الفريضة .

   بقي الكلام في أمرين :

   أحدهما : أ نّه لا فرق بين كون الحيض ظاهراً وبين كونه واقعياً مخفياً كأيّام الاستظهار ، فانّ المرأة

محكومة بالحيض في أيّام الاستظهار .

   ثانيهما : ما ذكرناه للحائض من انقلاب حجتها إلى الإفراد أو تأخير الطّواف إلى ما بعد أعمال الحج

وأداء المناسك مشروط بعدم تيقن المرأة ببقاء حيضها إلى زمان الخروج من مكّة ، وأمّا إذا علمت ببقاء

حيضها إلى زمان الخروج من مكّة ، كما إذا حاضت في السابع من ذي الحجة وكانت عادتها عشرة

أيّام وتعلم بأنّ القافلة لا تنتظرها هذا المقدار من الزمان ، فلا ريب في أ نّها غير مشمولة للروايات

الدالّة على تأخير الطّواف وقضائه بعد أعمال الحج أو على الانقلاب إلى الإفراد ، فان موردها التمكن

من قضاء الطّواف بعد الحج ، أو التمكن من إتيان العمرة المفردة والخروج إلى التنعيم ، فاذا علمت

ببقاء الحيض إلى زمان لا يتمكّن من الطّواف ولا من الخروج إلى التنعيم للعمرة المفردة فاللاّزم عليها

الاستنابة ، وتدخل المرأة حينئذ في عنوان من لا يتمكّن من الطّواف برأسه كالمريض والكسير ونحوهما،

فتستنيب لجميع الطوافات الثلاثة .

   (1) لقاعدة الفراغ ، لأ نّها تشك في صحّة العمل السابق وعدمها ، ولو فرضنا أ نّها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 458 /  أبواب الطّواف ب 88 ح 2 .

ــ[27]ــ

   مسألة 294 : إذا دخلت المرأة مكّة وكانت متمكنة من أعمال العمرة ولكنّها أخّرتها إلى أن حاضت

حتّى ضاق الوقت مع العلم والعمد ، فالظاهر فساد عمرتها والأحوط أن تعدل إلى حجّ الافراد ولا بدّ

لها من إعادة الحج في السنة القادمة (1) .

   مسألة 295 : الطّواف المندوب لا تعتبر فيه الطهارة (2) فيصح بغير طهارة ، ولكن صلاته لا

تصح إلاّ عن طهارة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

كانت غافلة حين العمل فالقاعدة لا تجري ، ولكن يجري استصحاب عدم الحيض .

   وربّما يتوهّم معارضة استصحاب عدم الحيض باستصحاب عدم وقوع الطّواف أو الصلاة إلى زمان

الحيض .

   وفيه : أ نّا قد ذكرنا في محله(1) أ نّه لا مجال لهذا الاستصحاب، لأن استصحاب عدم وقوع

الطّواف إلى زمان الحيض لا يثبت وقوع الطّواف حال الحيض إلاّ بالمثبت فلا أثر لهذا الاستصحاب،

فالاستصحاب الأوّل وهو استصحاب عدم الحيض جار بلا معارض ونحكم بالصحّة بضمّ الوجدان إلى

الأصل ، فانّ الطّواف متحقق في الخارج وجداناً والحيض مرتفع بالأصل .

   (1) الظاهر فساد عمرتها في هذه الصورة ، وكذا  كل من أخّر الطّواف عالماً عامداً حتّى ضاق

الوقت، وقد تقدّم(2) أن أدلّة الانقلاب وأدلّة جواز تأخير الطّواف لا تشمل التأخير العمـدي، وإنّما

تختص بالتأخير العذري ، فعليه الحج من قابل ، والأحوط العدول إلى الافراد وإعادة الحج في السنة

القادمة كما في المتن .

   (2) للروايات المستفيضة منها : صحيحة محمّد بن مسلم «عن رجل طاف طواف الفريضة وهو

على غير طهور ، قال : يتوضأ ويعيد طوافه ، وإن كان تطوّعاً توضأ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع مصباح الاُصول 3 : 150  التنبيه الثامن : الأصل المثبت .

(2) في ص 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net