وظيفة الملبّد والمعقوص - كفّارة حلق الرأس 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4543


   وهل يعمّ الحكم بتعيّن التقصير للملبّد والمعقوص (5) أم لا ؟

   المعروف أنه لا فرق بينهما وبين غيرهما من المكلفين في عمرة التمتّع ، وإنما يجب عليهما الحلق في

الحج والعمرة المفردة ، ونسب إلى الشيخ(6) تعيّن الحلق عليهما في عمرة التمتّع أيضاً فوظيفة الملبّد

والمعقوص هي الحلق مطلقاً ، سواء في الحج أو العمرة

ــــــــــــــ
(5) تلبيد الشعر : أن يجعل فيه شيء من صمغ أو خطمي وغيره عند الاحرام لئلا يشعث ويقمل اتقاءً

على الشعر . مجمع البحرين 3 : 140 . عقص الشعر : جمعه وجعله في وسط الرأس وشدّه ،

والعقيصة للمرأة : الشعر يلوى وتدخل أطرافه في اُصوله . مجمع البحرين 4 : 173 .

(6) التهذيب 5 : 169 .

ــ[159]ــ

المفردة أو عمرة التمتّع ، واستدل على ذلك بعدة من الروايات .

   منها : صحيحة هشام بن سالم ، قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «إذا عقص الرجل رأسه أو

لبّده في الحج أو العمرة فقد وجب عليه الحلق» (1) وغير خفي أن دلالتها بالاطلاق باعتبار شمول

العمرة للمفردة وللمتمتّع بها . ولكن الظاهر أن المراد بالعمرة بقرينة المقابلة للحج هو العمرة المفردة ،

ولو سلّمنا الاطلاق فهو قابل للتقييد .

   ومنها : صحيحة عيص قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل عقص شعر رأسه وهو

متمتع ثم قدم مكة فقضى نسكه وحل عقاص رأسه فقصّر وأدهن وأحل ، قال : عليه دم شاة» (2)

فانها أيضاً بالاطلاق تدل على أن وظيفة المعقوص هي الحلق ، ولكن لو كان المراد من قول السائل

«فقضى نسكه» جميع الأعمال الواجبة عليه كما هو مقتضى إضافة الجمع ، وأنه لم يحلق بل قصّر بعد

إتيان وظائفه حتى بعد الوقوفين ، فيكون الصحيح خارجاً عن مورد الكلام ، لأن كلامنا في عمرة

التمتّع قبل الاتيان بأعمال الحج لا بعد الوقوفين ، ولو كان المراد بقوله «نسكه» خصوص نسك

العمرة ، فيكون الصحيح شاهداً للمقام ، ولكن لم يظهر أن المراد به خصوص نسك العمرة المتمتع بها

، بل من المحتمل أن المراد به جميع النسك حتى نسك الحج .

   ومنها : صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إذا أحرمت فعقصت شعر

رأسك أو لبّدته فقد وجب عليك الحلق وليس لك التقصير ، وإن أنت لم تفعل فمخير لك التقصير

والحلق في الحج ، وليس في المتعة إلاّ التقصير» (3) .

   بدعوى أن صدر الصحيحة مطلق من حيث الحج وعمرة التمتّع ، بل الموضوع مَن أحرم وعقص

شعره ، سواء كان إحرامه للحج أو للمتعة .

   ولكن هذه الدعوى بعيدة جداً ، لأن الظاهر من الرواية أن الإمام (عليه السلام) في مقام بيان

التخيير بين الحلق والتقصير في الحج إلاّ الملبّد والمعقوص فانه يتعيّن عليهما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 222 / أبواب الحلق والتقصير ب 7 ح 2 .

(2) الوسائل 14 : 224 / أبواب الحلق والتقصير ب 7 ح 9 .

(3) الوسائل 14 : 224 / أبواب الحلق والتقصير ب 7 ح 8 .

ــ[160]ــ

الحلق وليس لهما التخيير ، وأمّا المتعة فليس فيها إلاّ التقصير مطلقاً ، سواء كان المكلف عقص رأسه أم

لا ، فالصحيحة على خلاف المطلوب أدل ، إلاّ أن المستدل زعم أن كلمة «في الحج» راجعة إلى الجملة

الثانية وقيد لها ، وهي «وإن أنت لم تفعل فمخيّر لك التقصير والحلق» فالصدر وهو قوله : «إذا

أحرمت ـ إلى قوله ـ وليس لك التقصير» على إطلاقه وشموله للحج والمتعة ، إلاّ أن الظاهر أن قوله

: «في الحج» قيد لجميع ما تقدّم .

   ويؤكد ذلك : صحيحة اُخرى لمعاوية بن عمار وهي صريحة في أن الحلق على الملبّد والمعقوص إنما

هو في الحج ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «ينبغي للصرورة أن يحلق ، وإن كان قد حج قصّر ،

وإن شاء حلق ، فاذا لبّد أو عقص فان عليه الحلق وليس له التقصير» (1) ويعلم من هذه الصحيحة

أن تعيّن الحلق على الملبّد والمعقوص إنما هو في الحج ، وبها نرفع اليد عن إطلاق العمرة في صحيحة

هشام ، كما أنها تكون رافعة لإجمال المراد من صحيحة عيص، وتعيّن المراد بالنسك وأنه نسك الحج لا

العمرة.

   ولو أغمضنا عن جميع ذلك وفرضنا دلالة الروايات على تعيين الحلق على الملبّد مطلقاً في الحج

والعمرة إلاّ أنه نحتمل التعيين عليه في عمرة المتعة ، وذلك لأن التلبيد والعقص كانا من الاُمور الشائعة

في الأزمنة السابقة ، ولو كان الحلق واجباً لوقع مرّة واحدة في المتعة من الأصحاب والرواة ، ولوقع

السؤال عنه ، ولم ينقل من أحد وقوع الحلق منه ، بل لم يتعرّض مَن تقدّم على الشيخ له في عمرة

التمتّع ، وإنما تعرّض إليه الشيخ في التهذيب (2) فتعيين الحلق على الملبّد والمعقوص ساقط جزماً .

   وأمّا التخيير بين الحلق والتقصير فهو محتمل في نفسه ، ولكن لا دليل عليه ، بل الدليل على خلافه ،

وهو إطلاق أدلّة التقصير وهو يشمل الملبّد والمعقوص وغيرهما ففي عمرة التمتّع يتعين التقصير سواء

كان المكلف قد لبّد أو عقص شعره أم لا .

   ثم إنه لو حلق رأسه لزمه التكفير عنه بشاة ، لا لروايات خاصة ليناقش فيها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 221 / أبواب الحلق ب 7 ح 1 .

(2) التهذيب 5 : 160 .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net