حكم صيام سبعة أيّام لمن أقام بمكّة - حكم من فاته صوم اليوم السابع 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3911


ــ[275]ــ

   ويعتبر فيها التوالي (1) فان لم يرجع إلى بلده وأقام بمكة فعليه أن يصبر حتى يرجع أصحابه إلى

بلدهم أو يمضي شهر ثم يصوم بعد ذلك (2) .

   مسألة 394 : المكلف الذي وجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحج إذا لم يتمكّن من الصوم في اليوم

السابع صام الثامن والتاسع ويوماً آخر بعد رجوعه من منى(3)

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   وأمّا اعتبار التوالي في الثلاثة فيدل عليه عدّة من الروايات كصحيح ابن جعفر (1) وصحيح

عبدالرحمن وغيرهما (2) .

   (1) قد مرّ بيان الوجه في ذلك قريباً .

   (2) وأمّا صيام سبعة أيام فيصومها إذا رجع إلى بلده كما في الآية الكريمة ، فان لم يرجع إلى بلده

وأقام بمكة ، سواء توطن فيها أو أراد البقاء مدّة طويلة ، ففي النصوص أنه يصوم بمكة ولكن يصبر إلى

أن يصل الحجاج إلى بلادهم أو أن يصبر إلى أن يمضي شهر واحد من إقامته في مكة ، والمستفاد من

النصوص (3) أن المسافة إذا كانت بعيدة جدّاً بحيث لا يصل الحجاج مدة شهر واحد إلى بلادهم

كأهالي خراسان فحينئذ لا يجب الصبر إلى وصول الحجاج إلى بلادهم ، بل يكفي أن يصبر مقدار شهر

واحد .

   (3) لو لم يتفق صوم اليوم السابع صام يوم التروية ويوم عرفة ثم صام الثالث بعد أيام التشريق كما

هو المشهور بل ادعى، عليه الاجماع، ويدل على ذلك عدّة من الروايات:

   منها : خبر عبدالرحمن بن الحجاج عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في من صام يوم التروية ويوم

عرفة ، قال: يجزيه أن يصوم يوماً آخر» (4) لكنه ضعيف بمفضل بن صالح أبي جميلة .

   ومنها : ما رواه الصدوق عن يحيى الأزرق عن أبي الحسن (عليه السلام) قال :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 200 / أبواب الذبح ب 55 ح 2 .

(2) الوسائل 14 : 192 / أبواب الذبح ب 51 ح 4 وص 198 ب 53 .

(3) الوسائل 14 : 189 / أبواب الذبح ب 50 .

(4) الوسائل 14 : 195 / أبواب الذبح ب 52 ح 1 .

ــ[276]ــ

«سألته عن رجل قدم يوم التروية متمتعاً وليس له هدي فصام يوم التروية ويوم عرفة ، قال : يصوم

يوماً آخر بعد أيام التشريق» (1) .

   وطريق الصدوق إلى يحيى الأزرق في المشيخة صحيح ، ولكن يصرح في المشيخة بيحيى بن حسان

الأزرق (2) وهذا بنفسه لم يوثق ، بل ليس له بهذا العنوان رواية في الكتب الأربعة . وربما يحتمل أنه

تحريف يحيى بن عبدالرحمن الأزرق ، وذكر حسان في مشيخة الفقيه من طغيان قلم النساخ والكتاب .

ولكنه بعيد جداً للبون البعيد بين عبدالرّحمن وحسان ، وظاهر كلام الشيخ في رجاله (3) حيث عدّ

يحيى الأزرق ويحيى ابن حسان الكوفي ويحيى بن عبدالرحمن الأزرق ويحيى بن حسان كلاً منهم مستقلاًّ

في أصحاب الصادق (عليه السلام) ، هو مغايرة كل منهم مع الآخر وأنهم رجال متعددون ، فيكون

يحيى الأزرق في السند مردّداً بين الثقة وغيره ، فان الموثق من هؤلاء إنما هو يحيى بن عبدالرحمن الأزرق

، ومن المحتمل أن يراد بيحيى الأزرق المذكور في السند يحيى بن حسان ويحيى بن عبدالرحمن الأزرق ،

ولعلّ غيرهما لا وجود له ، والتكرار في كلام الشيخ غير عزيز ، ولعل تكراره مبني على عدم التزامه

بذكر الرجال على ترتيب حروف التهجي فيقع حينئذ في السهو والاشتباه ، فيذكر شخصاً في مكان

وينسى ويذكره في مكان آخر أيضاً .

   وعلى كل حال يحيى الأزرق مردّد بين شخصين : يحيى بن حسان ويحيى بن عبدالرّحمن ، والمعروف

منهما الذي له كتاب وروايات إنما هو ابن عبدالرّحمن ، بل يحيى ابن حسان ليس له رواية في الكتب

الأربعة ، فينصرف إطلاق يحيى الأزرق إلى المعروف من هذين الشخصين وهو ابن عبدالرّحمن .

   ويؤكد ما ذكرنا : أن صفوان يروى في غير هذا المورد عن يحيى بن عبدالرّحمن الأزرق (4) كما أن

في روايتنا هذه روى عنه صفوان فتكون الرواية موثقة ، لأن المراد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 196 / أبواب الذبح ب 52 ح 2 ، الفقيه 2 : 304 / 1509 .

(2) الفقيه 4 (المشيخة) : 118 .

(3) رجال الطوسي : 322 / 4813 ، 4800 ، 4788 ، 4812 .

(4) التهذيب 5 : 157 / 520 .

ــ[277]ــ

بيحيى الأزرق هو يحيى بن عبدالرحمن الأزرق . وأمّا ذكر الصدوق وتصريحه في المشيخة بأن ما رواه

عن يحيى الأزرق في الكتاب فهو يحيى بن حسان الأزرق فهو من الاشتباه في التطبيق ، حيث زعم أن

يحيى الأزرق المذكور في السند هو يحيى بن حسان الأزرق ، فان يحيى بن حسان لا رواية له في الكتب

الأربعة أصلاً .

   فتحصل : أنه لو لم يصم اليوم السابع لعدم كونه محرماً بالتمتع فيه أو كان عاجزاً عن الصوم أو

غافلاً عنه ، فيجب عليه صوم الثامن والتاسع ويوماً آخر بعد أيام التشريق فيكون ذلك تخصيصاً في

اعتبار التوالي .

تأخير صوم اليوم السابع اختياراً

   وهل يجوز تأخير صوم اليوم السابع اختياراً؟ فيه خلاف. إن قلنا بأن المدرك لهذا الحكم هو الاجماع،

فهو مختص بصورة عدم التمكن ولا يشمل حال الاختيار .

   وإن قلنا بأن مسـتند الحكم إنما هو خبر الأزرق المتقدم ، فالظاهر أنه لا يشمل حال الاختيار ، لأن

السؤال عمن قدم ودخل مكة يوم التروية متمتعاً ، والظاهر منه أنه لم يصم قبل قدومه .

   ولكن صاحب الجواهر ذكر أن الرواية تشمل حال الاختيار أيضاً ، فان القدوم يوم التروية لا ينافي

صوم يوم قبله قبل القدوم ، فالرواية مطلقة من حيث التمكّن وعدمه (1) .

   والجواب عنه : أنه لا إطلاق للرواية من هذه الجهة ، لأن الظاهر من قوله : «قدم يوم التروية

متمتعاً وليس له هدي فصام يوم التروية» أنه كان يعلم بوجوب الصوم عليه ثلاثة أيام قبل العيد ولكن

لم يتمكن من صيام اليوم السابع ، فدخل يوم التروية فصام يوم التروية ويوم عرفة ، فالرواية منصرفة

عن المتمكن وتختص بصورة الضرورة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 19 : 169 .

ــ[278]ــ

   على أنه لو قلنا باطلاق رواية الأزرق المتقدمة (1) من هذه الجهة ، يقع التعارض بينها وبين

الروايات الدالّة على وجوب صيام اليوم السابع والثامن والتاسع ، ومقتضى إطلاق هذه الروايات

عدم جواز الاكتفاء بغير ذلك ، والقدر المتيقن خروج صورة عدم التمكن من صيام اليوم السابع من

هذه الروايات ، وأمّا المتمكن والتارك اختياراً فيبقى تحت إطلاق المنع ، فيتحقق التعارض في مورد

التمكن والمرجع بعد التعارض والتساقط إطلاق أدلّة اعتبار التوالي ، والنتيجة عدم جواز التأخير من

اليوم السابع اختياراً .
ـــــــــــــــ

(1) في ص 275 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net