حكم من فاته صوم يوم التروية 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 15014


ــ[282]ــ

ولو لم يتمكن في اليوم الثامن أيضاً أخّر جميعها إلى ما بعد رجوعه من منى (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

بعد أيام التشريق ، نعم لو صام يوم التروية فقط أو يوم عرفة منفرداً فلا يصلح للاضافة إليه بصيام يوم

آخر بعد أيام التشريق . وبالجملة فالمنهي صيام يوم التروية فقط أو صيام يوم عرفة فقط (1) .

   وما ذكره الشيخ متين جداً ، فانهم قد ذكروا أن حرف (لا) إذا لم يتكرر يدل على أن الممنوع هو

المجموع ، وأمّا إذا تكررت فتدل على أن الممنوع كل واحد من الفردين مستقلاً ، ومقتضى الاطلاق

يدل على الانضمام والاجتماع أيضاً ، فاذا قيل لا تجالس زيداً ولا تجالس عمراً ، معناه لا تجالس زيداً

بانفـراده ولا تجالس عمراً بانفـراده وإطلاقه يقتـضي النهي عن اجتماعهما وانضمامهما، بخلاف ما

لو قيل لا تجالس زيداً وعمراً فانه يدل على المنع عن الانضمام ولا يشمل الانفراد والاستقلال ، فقوله

«لا يصوم يوم التروية ولا يوم عرفة» يدل على المنع عن الانفراد ولا يشمل ضم صوم يوم التروية

بيوم عرفة .

   فتحصل : أنه لو لم يتمكن من الصوم في اليوم السابع صام الثامن والتاسع ويوماً آخر بعد رجوعه

من منى ويغتفر الفصل بيوم العيد .

لو فاته صوم يوم التروية

   (1) لو فاته صوم يوم التروية فالمشهور والمعروف بينهم أنه يصوم الثلاثة الأيام بعد أيام التشريق

ولا يصوم شيئاً منها في أيام التشريق . وعن بعضهم أنه يصوم اليوم الثاني عشر أو الثالث عشر ويومين

بعده ، فيجوز إيقاع يوم واحد من الثلاثة الأيام في أيام التشريق .

   ومالَ إلى هذا القول صاحب الجواهر (2) وقد ذكر (قدس سره) أن الانصاف مع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 5 : 232 ذيل الحديث 783 .

(2) الجواهر 19 : 172 ـ 176 .

ــ[283]ــ

ذلك عدم إمكان إنكار ظهور النصوص في إرادة صوم يوم النفر الذي هو اليوم الثالث عشر أو الثاني

عشر .

   وأمّا النصوص فمنها : ما يدل على جواز الاتيان بها في أيام التشريق كمعتبرة غياث ابن كلوب عن

إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) «أن عليّاً (عليه السلام) كان

يقول : من فاته صيام الثلاثة الأيام التي في الحج فليصمها أيام التشريق فان ذلك جائز له» (1) .

   ومنها : خبر عبدالله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه «أن علياً (عليه السلام) كان يقول: من

فاته صيام الثلاثة الأيام في الحج وهي قبل التروية بيوم، ويوم التروية ويوم عرفة ، فليصم أيام التشريق

فقد اُذن له»(2) .

   والظاهر أن الخبر ضعيف السند بجعفر بن محمد الذي يروي عن عبدالله بن ميمون القداح . وربما

يتوهم أنه جعفر بن محمد القمي الأشعري الذي يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى في غير هذا المورد،

وجعفر بن محمد الأشعري ثقة ، ولكن لا يمكن الجزم بذلك ، لأن جعفر بن محمد الأشعري يروي عن

عبدالله بن ميمون القداح في مائة وعشرة مورد وليس فيها محمد بن أحمد بن يحيى ، فيكون جعفر هذا

شخصاً آخر مجهولاً لا محالة .

   فالعمدة موثقة إسحاق بن عمار التي في سندها غياث بن كلوب وهو ثقة أيضاً ولو فرضنا صحة

الروايتين سنداً فلا ريب أنهما شاذتان ومتروكتان ومعارضتان بالنصوص الكثيرة المتواترة الناهية عن

الصوم في أيام التشريق . على أنهما موافقتان لمذهب بعض العامّة(3) فتحملان على التقية، ويكفي في

الحمل على التقية موافقة الرواية لمذهب بعض العامّة .

   وأمّا ما مالَ إليه في الجواهر من جواز إيقاع الصوم في اليوم الثاني عشر وتتميمه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 193 / أبواب الذبح ب 51 ح 5 .

(2) الوسائل 14 : 193 /  أبواب الذبح ب 51 ح 6 .

(3) المجموع 6 : 445 ، المغني لابن قدامة 3 : 509 .

ــ[284]ــ

بيومين بعده مع أن اليوم الثاني عشر من أيام التشريق ، فيدل عليه ما ورد من صوم يوم النفر كصحيح

العيص «عن متمتع يدخل يوم التروية وليس معه هدي ، قال : فلا يصوم ذلك اليوم ولا يوم عرفة

ويتسحر ليلة الحصبة فيصبح صائماً وهو يوم النفر ويصوم يومين بعده» (1) وصحيحتان لحماد الوارد

في إحداهما فليتسحر ليلة الحصبة ـ يعني ليلة النفر ـ وفي الاُخرى فلينشئ يوم الحصبة وهي ليلة

النفر(2) وهذه الروايات باعتبار ذكر يوم النفر وتفسير الحصبة بليلة النفر تدل على هذا القول والنفر

نفران : الأوّل وهو اليوم الثاني عشر وهو النفر الأعظم ، والثاني هو اليوم الثالث عشر .

   وبالجملة : الروايات تدل على جواز صوم يوم النفر وهو صادق على اليوم الثاني عشر .

   وأمّا صحيح معاوية بن عمار بعد ما حكم بصيام ثلاثة أيام السابع والثامن والتاسع قال قلت: فان

فاته ذلك ؟ قال: يتسحّر ليلة الحصبة ويصوم ذلك اليوم ويومين بعده(3) فلا دلالة فيه على هذا القول

، حيث لم يفسر فيه الحصبة بيوم النفر بخلاف روايات العيص وحماد ، فيحتمل أن يكون المراد بالحصبة

في رواية معاوية اليوم الثالث عشر فلا تنطبق هذه الرواية على هذا القول وهو جواز صوم اليوم الثاني

عشر .

   وهناك صحيحة اُخرى لعبدالرحمن بن الحجاج الحاكية لسؤال عباد البصري من الإمام أبي الحسن

(عليه السلام) قال : «فان فاته ذلك ـ أي صوم يوم السابع والثامن والتاسع ـ قال : يصوم صبيحة

الحصبة ويومين بعد ذلك ، قال : فلا تقول كما قال عبدالله بن الحسن ، قال : فأيّ شيء قال ؟ قال :

يصوم أيام التشريق ، قال : إن جعفراً كان يقول : إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمر

بديلاً ينادي أن هذه أيام أكل وشرب فلا يصومنّ أحد» الحديث (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 197 / أبواب الذبح ب 52 ح 5 .

(2) الوسائل 14 : 198 / أبواب الذبح ب 53 ، ح 3 ، وص 182 ب 46 ح 14 .

(3) الوسائل 14 : 179 / أبواب الذبح ب 46 ح 4 .

(4) الوسائل 14 : 192 / أبواب الذبح ب 51 ح 4 .

ــ[285]ــ

   وهذه الصحيحة على خلاف مطلوبهم أدل ، للنهي في ذيل الرواية عن صيام أيام التشريق ، فيكون

المراد من يوم الحصبة يوم الرابع عشر كما في مجمع البحرين مستشهداً بهذه الرواية (1) ، وإلاّ فلا

ينتظم جوابه (عليه السلام) مع سؤال عباد الذي حكى قول عبدالله بن حسن بجواز صيام أيام التشريق

ونفاه الإمام . وبالجملة لا يمكن إرادة يوم الثاني عشر الذي هو من أيام التشريق من صبيحة الحصبة،

بل لا يمكن إرادة اليوم الثالث عشر أيضاً .

   والجواب عما ذكره صاحب الجواهر أوّلاً : أن عمدة ما ورد في المقام إنما هو صحيح العيص

وروايتان لحماد ، وأمّا صحيح عبدالرحمن فقد عرفت أنه لا يدل على أن المراد بالحصبة اليوم الثاني

عشر ، بل تكون دالاً على أن المراد بصبيحة الحصبة هو اليوم الثالث عشر أي النفر الثاني ، فيكون

معارضاً لخبر العيص وخبري حماد الدالّة على أن المراد بصبح يوم الحصبة يوم الثاني عشر لتفسير

الحصبة فيها بيوم النفر ، فلا تصلح الروايات بعد التعارض للاستناد إليها . ويحتمل ـ ولو بعيداً ـ أن

يكون التفسير من الراوي نفسه .

   وثانياً : هذه الروايات تعارض بما دل على أن الأيام التي يصام فيها ليس فيها شيء من أيام التشريق

، لا خصوص يومين ، بل في بعض الروايات قد صرح بأنه يصوم بعد أيام التشريق ، وأصرح من ذلك

كله معتبرة صفوان عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : «قلت له : ذكر ابن السراج أنه كتب إليك

يسألك عن متمتع لم يكن له هدي ، فأجبته في كتابك يصوم ثلاثة أيام بمنى ، فان فاته ذلك صام صبيحة

الحصباء ويومين بعد ذلك . قال : أمّا أيام منى فانها أيام أكل وشرب لا صيام فيها» (2) ونحوها غيرها

مما دل على المنع من صيام أيام التشريق ، وكذا صحيح ابن سنان «فليصم ثلاثة أيام ليس فيها أيام

التشريق»(3) فهذه الروايات بأجمعها تعارض ما دل على جواز صيام اليوم الثاني عشر فان حملناه على

التقية فهو وإلاّ فيقع التعارض ، والمرجع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجمع البحرين 2 : 44 .

(2) ، (3) الوسائل 14 : 192 / أبواب الذبح ب 51 ح 3 ، 1 .

ــ[286]ــ

بعد التساقط العمومات الكثيرة الدالة على أنه لا صيام في منى(1) فان أيام منى أيام أكل وشرب وبعال

كما في روايات بديل بن ورقاء ، ولا مخصص لهذه الروايات .

   وإني أستغرب جداً من صاحب الجواهر حيث ذكر هذه الروايات المعارضة ولم يلتفت إلى التعارض ،

وذكر أن المحرّم صوم أيام التشريق لمن أقام بمنى ولم يخرج منه وأمّا إذا خرج كاليوم الثاني عشر فلا مانع

من الصوم فيه(2) .

   ولا يخفى ضعفه ، فان الميزان في جواز الصوم لو كان بجواز الخروج من منى وعدم الاقامة فيه لجاز

الصوم في مورد آخر الذي يجوز له الخروج ، بل الظاهر أن النهي عن الصوم في اليوم الثاني عشر

لوحظ فيه الخروج ففي هذا الفرض ورد المنع عن الصوم .

   بقي الكلام فيما رواه الكليني عن رفاعة «عن المتمتع لا يجد الهدي(3) قال : يصوم ثلاثة أيام بعد

التشريق ، قلت لم يقم عليه جماله ، قال : يصوم يوم الحصبة وبعده يومين . قال قلت : وما الحصبة ؟

قال : يوم نفره» الحديث (4) وهذه الرواية قد ذكرنا(5) أنها ضعيفة السند ، ولكن الشيخ رواها

بسند صحيح عن رفاعة باختلاف يسير في المتن من دون تطبيق الحصبة على يوم النفر «قلت: فان جماله

لم يقم عليه؟ قال: يصوم الحصبة وبعده بيومين، قلت: يصوم وهو مسافر» الحديث(6).

   فانّ المستفاد من الرواية على طريق الكليني جواز الصوم يوم النفر لتطبيق الحصبة على يوم نفره ،

فيختص الجواز بموردها وهو فيما إذا لم يقم عليه جماله ، فتكون الرواية مخصصة للمنع من صيام أيام

التشريق ، فنقول بجواز صوم يوم النفر الذي هو من أيام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 516 / أبواب الصوم المحرم ب 2 .

(2) الجواهر 19 : 176 .

(3) لا يخفى أن هنا جملة سقطت من الرواية: «قال: يصوم قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة .

قلت : فانه قدم يوم التروية ....» .

(4) الوسائل 14 : 178 / أبواب الذبح ب 46 ح 1 . الكافي 4 : 506 / 1 .

(5) في ص 273 .

(6) التهذيب 5 : 232 .

ــ[287]ــ

التشريق في صورة ما لم يقم عليه جماله ولا معارض لذلك .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net