حكم من لم يتمكّن من الهدي باستقلاله - الكلام في اعتبار نيّة الذابح إذا ذبح عن غيره 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4197


ــ[305]ــ

   مسألة 396 : إذا لم يتمكّن من الهدي باستقلاله وتمكّن من الشركة فيه مع الغير فالأحوط الجمع

بين الشركة في الهدي والصوم على الترتيب المذكور (1) .

   مسألة 397 : إذا أعطى الهدي أو ثمنه أحداً فوكّله في الذبح عنه ثم شك في أ نّه ذبحه أم لا ، بنى

على عدمه ، نعم إذا كان ثقة وأخبره بذبحه اكتفى به (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   فالمتحصل : أنه لا دليل على الاجتزاء بالصوم ، ومقتضى المطلقات هو لزوم الهدي ، ولكن حيث

إن المشهور ذهبوا إلى أن وظيفته الصوم فالجمع بين الهدي والصوم هو الأحوط .

   (1) المشهور عدم لزوم الاشتراك وسقوط الهدي بالمرة كما هو الظاهر من الآية والروايات ، فان

المستفاد منها التمكن من الهدي بتمامه وإلاّ فينتقل فرضه إلى الصوم ولكن في صحيحة عبدالرحمن ما

يدل على الاشتراك قال : «سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن قوم غلت عليهم الأضاحي وهم

متمتعون وهم متوافقون ، وليسوا بأهل بيت واحد وقد اجتمعوا في مسيرهم ومضربهم واحد ، ألهم أن

يذبحوا بقرة ؟ قال : لا اُحب ذلك إلاّ من ضرورة» (1) وحملها على الاُضحية المستحبة كما في

الجواهر (2) بعيد جداً ، لأن قوله «وهم متمتعون» كالصريح في الهدي الواجب ، وبما أن الحكم

بلزوم الاشتراك خلاف المشهور لذا كان الأحوط ضم الصوم إليه . أمّا الاحتياط بترك الاجتزاء بالهدي

فواضح ، لأن ظاهر الآية هو التمكن من الهدي التام فالاجتزاء ببعض الهدي خلاف الاحتياط ،

والاجتزاء بالصوم وحده خلاف الاحتياط من جهة صحيحة عبدالرحمن ، فالأحوط هو الجمع بين

الاشتراك في الهدي والصوم .

   (2) الوجه في ذلك واضح .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 119 / أبواب الذبح ب 18 ح 10 .

(2) الجواهر 19 : 124 .

ــ[306]ــ

   مسألة 398 : ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا تعتبر فيما يذبح كفارة ، وإن كان الأحوط

اعتبارها فيه (1) .

   مسألة 399 : الذبح الواجب هدياً أو كفارة لا تعتبر المباشرة فيه ، بل يجوز ذلك بالاستنابة في حال

الاختيار أيضاً ، ولا بدّ أن تكون النية مستمرة من صاحب الهدي إلى الذبح ، ولا يشترط نية الذابح

وإن كانت أحوط وأولى ، كما لا بدّ من أن يكون الذابح مسلماً (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) لعدم الدليل وإطلاق الأدلة بنفيه .

   (2) لا ريب في عدم وجوب مباشرة الذبح للتسالم وإطلاق أدلّة الهدي ، فان متعلق الأمر قد يكون

ما يعتبر فيه المباشرة قطعاً كقولنا: يصلي ويصوم ويعيد وأمثال ذلك، وقد يكون من الأفعال التي لا

يعتبر فيها المباشرة ، بل بحسب العادة والغلبة تصدر من الغير ، نظير قولنا : فلان بنى مسجداً فانه يصح

الإسناد بمجرّد الأمر بالبناء وكذلك الذبح فانه يصح إسناده إلى الآمر ولا يعتبر فيه المباشرة ، فاذا قيل :

فلان ذبح شاة أو نحر إبلاً لا يفهم منه المباشرة ، فان أكثر الناس وأغلبهم لا يعرفون الذبح خصوصاً

النساء، فاذا نسب الذبح إلى أحد لا يتبادر منه مباشرة الشخص بنفسه، بل المتفاهم منه أمره وتسبيبه

إلى الذبح نظير بناء الدار وخياطة الثوب والزراعة والنساجة وتخريب الدار ونحو ذلك من الأفعال ،

فانها لا تكون ظاهرة في المباشرة .

   هذا كلّه مضافاً إلى السيرة القطعية على عدم تصدي الحاج للذبح أو النحر .

   ويؤيِّد بما ورد في النساء من أنهنّ يأمرن من يذبح عنهنّ (1) هذا ممّا [ لا ] كلام فيه .

   إنما الكلام في النيّة ، فهل اللاّزم نيّة الذابح المباشر أو يكتفى بنية الآمر ، فان الذبح عبادة يعتبر فيه

القربة ؟

   صريح عبارة المحقق في الشرائع (2) جواز الاكتفاء بنية الذابح ، لأنه المباشر للعمل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 28 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 17 .

(2) الشرائع 1 : 295 .

ــ[307]ــ

فعليه نيّته ، فلا يجزي حينئذ نية المنوب عنه وحدها ، كذا علله في الجواهر (1) واحتاط بعضهم بالجمع

بين نيّة الآمر والذابح .

   والذي ينبغي أن يقال ـ كما قد تقدم في بعض المباحث السابقة كمسألة إعطاء الزكاة وإرسالها

بالواسطة ـ إن باب الوكالة غير باب النيابة ، بيان ذلك : أن الفعل قد يصدر من المباشر والعامل

ولكن ينسب إلى الآمر والسبب من دون دخل قصد قربة العامل فيه أصلاً كبناء المساجد وإيصال

الزكاة بالواسطة ، فان المعتبر فيه قصد قربة الآمر ومَن تعلق بماله الزكاة ، ولا أثر لنية العامل أو

الواسطة نوى القربة أم لا ، فان الآمر يأمر ببناء المسجد قصد العامل القربة أم لا ، فيكون بناء المسجد

منسوباً إلى الآمر والمعتبر حصول القربة منه . وكذا من وجب عليه الزكاة يجب عليه قصد القربة في

الاعطاء ولكن قد يوصلها إلى الفقير بواسطة صبي غير مميز أو بواسطة مجنون أو بواسطة حيوان فانّه لا

أثر لنيّة الواسطة أبداً ، هذا في باب الوكالة .

   وقد يصدر الفعل من نفس النائب ويكون العمل عمل النائب لا المنوب عنه، ولكن يوجب سقوط

ذمة المنوب عنه عن العمل بالدليل الشرعي ، كموارد النيابة الثابتة في الشريعة كالحج النيابي والصلاة

والصوم ، فان العامل المباشر هو الذي يقصد القربة ويقصد الأمر المتوجه إلى نفسه . بل قد ذكرنا في

بعض الأبحاث المتقدمة أن قصد التقرب بالأمر المتوجه إلى الغير أمر غير معقول ، فلا بدّ من فرض كون

العامل بنفسه مأموراً ، فيقصد التقرب بالأمر المتوجه إلى نفسه وشخصه ، فقد يكون الأمر المتوجه إلى

العامل النائب أمراً وجوبياً كالولد الأكبر بالنسبة إلى قضاء ما فات عن أبيه من الصلاة ، وقد يكون

أمراً استحبابياً تبرعياً فيتقرب النائب بالأمر المتوجه إليه ، وبذلك يسقط ما في ذمّة المنوب عنه ، فالنية

في أمثال ذلك معتبرة من نفس المباشر ، فان الأثر يترتب على نيّة نفس المباشر ، فلو لم ينو يقع العمل

باطلاً ولا يوجب فراغ ذمّة المنوب عنه ، وإنما تفرّغ ذمّته إذا قصد العامل القربة وقصد الأمر المتوجه

إليه من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 19 : 118 .

ــ[308]ــ

الصلاة والطّواف وإن لم تتحقق نية من المنوب عنه ، ولذا ورد في المغمى عليه يطاف عنه ويرمي عنه

(1) مع أن النية لا تتحقق ولا تصدر منه .

   وبالجملة موارد اعتبار نية العامل هو ما إذا ثبتت مشروعية النيابة وتوجه الأمر إلى النائب ، فحينئذ

يجب على النائب أن يقصد الأمر المتوجه إليه كموارد الصلاة والصيام والحج والطّواف والرمي حيث

ورد في الشريعة الأمر بالنيابة في هذه الموارد .

   وأمّا الموارد التي لا أمر فيها إلى النيابة ولم تشرع النيابة فلا معنى لنيّة العامل، ومنها الزكاة فان المأمور

باعطاء الزكاة نفس المالك ولكن الواجب عليه الاعطاء الأعم من المباشرة والتسبيب ، فحينئذ لا معنى

لنيّة العامل أي الواسطة في الايصال ، لأن المأمور بالزكاة نفس المالك ولا أمر للعامل أصلاً .

   وكذلك الذبح في المقام ، فان الذابح المباشر لا أمر له ولم يرد في النصوص أنه يذبح عنه ونحو ذلك

فالنيابة غير مشروعة فيه . والظاهر أن القائل باعتبار نية الذابح اشتبه عليه الأمر بين المقامين وظن أن

الذبح كالرمي مع أن الفرق واضح ، فان الآمر في باب الذبح يجب عليه قصد القربة ولا موجب لنيّة

الذابح .

   وصفوة القول : أنه لم يرد في باب الذبح الأمر النيابي ، وإنما الذابح حاله حال العامل في بناء

المساجد من توجه الأمر العبادي إلى شخص الآمر لا العامل .

   ويترتب على ما ذكرنا بحث آخر وهو أنه لو كان العامل المأمور بالذبح غافلاً عن غرض الذبح وأنه

كفارة أو هدي أو شيء آخر فلا يعتبر علمه في وقوعه هدياً ، ولا يضر جهله في صحته والاجتزاء به

هدياً ، بخلاف ما لو قلنا باعتبار نيّة الذابح فلا بدّ من التفاته وقصده ، لأن الذبح هنا عبادة لا يقع إلاّ

عن قصد .

   وكذا لو قلنا باعتبار نيّة الذابح وأنه كالنائب فلا بدّ من اعتبار شرائط النائب فيه التي منها أن يكون

مؤمناً وإلاّ لكان الذبح باطلاً، كما هو الحال في نيابة الصلاة والطّواف وغير ذلك مما تجوز فيه النيابة ،

فان المعتبر في النائب أن يكون مؤمناً فلا يصح ذبح

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الوسائل 14 : 76 / أبواب رمي جمرة العقبة ب 17 ح 5 ، 9 ، 11 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net