حليّة المحرّمات ـ عدا الطيب والنِّساء ـ بالحلق أو التقصير 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5052


ــ[333]ــ

   مسألة 407 : إذا حلق المحرم أو قصّر حل له جميع ما حرم عليه الاحرام ما عدا النساء والطيب ،

بل الصيد أيضاً على الأحوط (1)

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) المعروف والمشهور أن المحرم المتمتع يتحلل بعد الحلق أو التقصير ويحل له كل شيء من محرمات

الاحرام إلاّ النساء والطيب ، وعن الصدوق ووالده (قدس سره) (1) التحلزل بالرمي من كل شيء

إلاّ الطيب والنساء ، وأمّا المفرد أو القارن فيحل له كل شيء إلاّ النساء وكلامنا فعلاً في المتمتع .

   وتدل على المشهور عدة من الروايات :

   منها : صحيحة معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إذا ذبح الرجل وحلق فقد

أحل من كل شيء أحرم منه إلاّ النساء والطيب» (2) .

   ومنها : صحيح الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سألته عن رجل نسي أن يزور البيت

حتى أصبح ، فقال : ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق ، ولكن لا تقربوا النساء والطيب» (3)

وغيرهما .

   فما عن الصدوق ووالده لا نعرف لهما دليلاً سوى الفقه الرضوي (4) وقد ذكرنا غير مرّة أنّ الفقه

الرضوي لم يعلم كونه رواية فضلاً عن اعتباره وعدمه .

   نعم ، في موثق الحسين بن علوان أنه يحل له كل شيء بعد رمي جمرة العقبة إلاّ النساء، وفي معتبرة

يونس بن يعقوب أيضاً اُحل له كل شيء بعد الرمي حتى الطيب(5) ومقتضاهما التحلل من كل شيء

بعد الرمي حتى من الطيب وإنما تحرم عليه النساء .

   والجواب : أن الخبرين مهجوران ولا قائل بهما حتى الصدوقين ، فانهما ذهبا إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفقيه 2 : 328 ، وحكى عن والده في المختلف 4 : 304 .

(2) ، (3) الوسائل 14 : 232 / أبواب الحلق ب 13 ح 1 ، 6 .

(4) المستدرك 10 : 139 / أبواب الحلق ب 11 ح 4 ، فقه الرضا : 226 .

(5) الوسائل 14 : 235 / أبواب الحلق ب 13 ح 11 ، 12 .

ــ[334]ــ

التحلّل بعد الرمي إلاّ من الطيب والنساء ، وأمّا التحلّل من الطيب كما في الخبرين فلم يلتزما به. على

أن الخبر الثاني غير ظاهر في كونه متعمداً ولعلّه كان ناسياً يسأل حكمه.

   على أنهما معارضان للروايات المشهورة المعروفة الدالّة على عدم التحلّل بعد الرمي فيسقط الخبران

عن الحجية لشذوذهما وهجرهما عند الأصحاب .

   بل لو فرضنا التعارض فيتساقط الطرفان فالمرجع إطلاق ما دلّ على حرمة ارتكاب هذه الاُمور ما لم

يثبت تحليله وما لم يفرغ من أعمال الحج .

   وبالجملة : النساء لا تحلّ له إلاّ بعد طواف النساء ، وأمّا الطيب فلا يحلّ له بالحلق وإنما يحلّ له بعد

طواف الحج .

   والذي يدل على حرمة الطيب له حتى بعد الحلق وإنما يحلّ له بعد طواف الحج عدّة من النصوص

الواردة في حج التمتّع .

   منها : صحيح معاوية بن عمار المتقدمة «فاذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحلّ

من كل شيء أحرم منه إلاّ النساء» (1) .

   وبازائه ما يدل على التحلّل من الطيب قبل الطّواف في حج التمتّع ، ولذا ذهب بعضهم إلى الكراهة

جمعاً بين الطائفتـين ، وما دلّ على التحلّل من الطيب أيضاً قبل الطّواف إنما هو روايتان .

   الاُولى : صحيحة سعيد بن يسار قال: «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المتمتع إذا حلق رأسه

قبل أن يزور البيت يطليه بالحناء ؟ قال : نعم الحناء والثياب والطيب وكل شيء إلاّ النساء ، رددها

عليّ مرتين أو ثلاثاً ، قال : وسألت أبا الحسن (عليه السلام) عنها ، قال : نعم الحناء والثياب والطيب

وكل شيء إلاّ النساء» (2) .

   ورواه الشيخ في التهذيب والاستبصار وترك فيهما قوله : «قبل أن يزور البيت» (3)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 232 / أبواب الحلق ب 13 ح 1 .

(2) الوسائل 14 : 234 / أبواب الحلق ب 13 ح 7 .

(3) التهذيب 5 : 245 / 832 ، الاستبصار 2 : 287 / 1021 .

ــ[335]ــ

وحملها الشيخ على من حلق وزار البيت . وهو بعيد جداً ، لأن السائل يسأل عمّا بعد الحلق وأنه هل

يجوز له ارتكاب هذه الاُمور بعد الحلق ، فالحلق منظور وملحوظ في سؤاله لا زيارة البيت . على أن

نسخة الكافي صرحت بأنه إذا حلق قبل أن يزور البيت يجوز له هذه الاُمور (1) .

   الثانية : معتبرة يونس مولى علي عن أبي أيوب الخزاز قال : «رأيت أبا الحسن (عليه السلام) بعد ما

ذبح حلق ثم ضمد رأسه بشك (بمسك) وزار البيت وعليه قميص وكان متمتعاً» (2) .

   وقد يناقش في السند بأن في السند مولى علي وهو مجهول ، ولكن صرح في الكافي(3) والوسائل

بيونس مولى علي ، وهو علي بن يقطين ، ويونس مولاه ثقة بلا كلام ، وله روايات عن أبي أيوب

الخزاز .

   وربّما يناقش في الدلالة كما في الجواهر (4) بأن إخبار الراوي بأنه (عليه السلام) كان متمتعاً زعماً

منه ، فلعلّه كان (عليه السلام) غير متمتع .

   وفيه : ما لا يخفى ، فان الراوي إذا كان ثقة يسمع كلامه حتى في الإخبار عن كونه متمتعاً ونحو ذلك

.

   والأولى أن يقال في مقام الجمع بين الطائفتين المتعارضتين: أن الطائفتين متعارضتان وليس حمل

الاحلال على الكراهة من الجمع العرفي، لأن الاحلال وعدمه من المتناقضين ولا يمكن الجمع بينهما إذا

كانا في كلام واحد ، ويعد ذلك من المتنافيين . نعم لو اجتمع النهي والترخيص يمكن حمل النهي على

الكراهة ، إلاّ أن الاحلال وعدمه مما لا يمكن الجمع بينهما بل هما من المتنافيين ، فلا بدّ من رفع اليد

عما دل على التحلل لموافقته للتقيّة ، وإلاّ فيتساقطان والمرجع بعد ذلك إطلاق ما دل على حرمة

استعمال الطيب إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكافي 4 : 505 / 1 .

(2) الوسائل 14 : 235 / أبواب الحلق ب 13 ح 10 .

(3) الكافي 4 : 505 / 3 .

(4) الجواهر 19 : 253 .

ــ[336]ــ

أن يطوف طواف الحج .

   وأمّا الصيد بعد الحلق فمقتضى الروايات المستفيضة الدالّة على أنه يحل له كل شيء إلاّ الطيب

والنساء ، حلية الصيد بأكل لحمه أو صيده بنفسه في خارج الحرم ، فالصيد بنفسه يتحلّل منه الناسك

بعد الحلق ، فان حرمة الصيد لها جهتان فانه يحرم للاحرام أو للدخول في الحرم ، أمّا الصيد الحرمي

فمحرم مادام في الحرم حتى بعد طواف النساء ولا ترتبط حرمته بالاحرام ، والروايات الدالة على أنه

يحل له كل شيء إلاّ الطيب والنساء ناظرة إلى الحرمة الناشئة من الاحرام ولا نظر لها إلى ما حرّمه

الدخول في الحرم كقلع شجر الحرم وصيد الحرم ، فالصيد خارج الحرم لا موجب لحرمته لا من ناحية

الحرم ولا من ناحية الاحرام فان مقتضى تلك الروايات جوازه بعد الحلق(1) .

   هذا ، ولكن مقتضى بعض النصوص المعتبرة بقاء حرمة الصيد الاحرامي حتى بعد طواف النساء

كصحيحة معاوية بن عمار المتقدمة (2) «وإذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شيء أحرم منه

إلاّ الصيد» فان الظاهر بقاء حرمة الصيد الذي حرّمه الاحرام ونشأ من الاحرام ، ومن الواضح أن

الصيد الحرمي ليس مما حرّمه الاحرام فحمل قوله : «إلاّ الصيد» على الصيد الحرمي كما صنعه

صاحب الجواهر(3) ليكون الاستثناء من الاستثناء المتقطع بعيد جداً، بل الظاهر أن الاستثناء متصل،

والمراد بالصيد هو الصيد الاحرامي .

   ومما يدل على حرمة الصيد الاحرامي حتى بعد طواف النساء صحيح آخر لمعاوية ابن عمار قال :

«قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) من نفر في النفر الأول متى يحل له الصيد؟ قال: إذا زالت الشمس

من اليوم الثالث»(4) ومعلوم أن المراد به الصيد الاحرامي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سيأتي قريباً إن شاء الله تعالى أن المراد بالصيد المذكور في صحيح معاوية هو الصيد الاحرامي

فيكون خبر معاوية موافقاً  لجملة من  الأخبار  الدالّة  على بقاء  حرمة الصيد إلى اليوم الثالث عشر

من يوم النفر كما صرح بذلك في مسألة 425 .

(2) في ص 334 .

(3) الجواهر 20 : 39 .

(4) الوسائل 14 : 280 / أبواب العود إلى منى ب 11 ح 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net