أحكام المصدود \ معنى المصدود والمحصور - وظيفة المصدود عن العمرة 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9361


ــ[413]ــ

أحكام المصدود

   مسألة 438 : المصدود هو الممنوع عن الحج أو العمرة بعد تلبسه باحرامهما (1).

   مسألة 439 : المصدود عن العمرة يذبح في مكانه ويتحلّل به ، والأحوط ضمّ التقصير أو الحلق

إليه [ (1) ] (2) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

ولكن المختار عندنا وثاقته ، لأنه من رجال تفسير علي بن إبراهيم القمي .

   إلاّ أن الرواية لشذوذها وهجرها عند الأصحاب لا يمكن العمل بها ، فلا بدّ من طرحها ورد علمها

إلى أهلها ، ومخالفة للروايات الكثيرة الدالة على أنه من أتى طواف النساء حل له كل شيء حتى

النساء ، فلا معنى لاعادة الحج من قابل .

   (1) المراد بالمصدود حسب الروايات الواردة في المقام واصطلاح الفقهاء هو الممنوع عن إتمام الحج

أو العمرة بظلم ظالم ومنع عدو ونحو ذلك ، والمراد بالمحصور هو الممنوع عن إتمامهما بمرض ونحوه من

الموانع الداخلية ، ويشتركان في كثير من الأحكام ويختصان ببعض الأحكام نذكرها في المسائل الآتية .

   (2) المعروف بين الفقهاء (رضوان الله عليهم) أن المصدود لا يتحلّل إلاّ بعد ذبح الهدي في مكانه ،

بل ادعي عليه الاجماع . وعن ابن بابويه (2) وابن إدريس (3) سقوط الهدي والتحلل بمجرد العجز

عن الاتمام ، وربما مال إليه بعض متأخري المتأخرين .

   ولا ريب أن مقتضى القاعدة مع قطع النظر عن الآية المباركة والنصوص الواردة في المقام سقوط

الحج أو العمرة لعدم التمكن من إتمامهما ، ويكشف ذلك عن فساد إحرامه من الأوّل ولا شيء عليه

أصلاً .

   فيقع الكلام في ما تقتضيه القاعدة وفيما تدل عليه الآية الشريفة والنصوص .

ــــــــــــــــــــــــــــ

[ 1 ] «بل الأحوط اختيار الحلق إذا  كان ساق معه الهدي في العمرة المفردة» المناسك ط 12 .

(2) حكاه في الجواهر 20 : 116 .

(3) السرائر 1 : 641 .

ــ[414]ــ

   أمّا مقتضى القاعدة فالحق مع ابني بابويه وإدريس لأصالة عدم وجوب الذبح وأورد على ذلك

صاحب الجواهر بأن هذا الأصل مقطوع باستصحاب حكم الاحرام إلى أن يعلم حصول التحلل ،

فالأصل يقتضي وجوب الذبح لأنه كان محرماً ، وما لم يذبح نشك في زوال الاحرام والأصل بقاء

الاحرام وعدم تبدله إلى التحلل (1) .

   والجواب : أن هذا من الاستصحاب الكلي في الأحكام المجعولة وهو معارض باستصحاب عدم

الجعل ، إذ نشك في سعة الجعل وضيقه وشمول الجعل لهذا المورد وعدمه والأصل عدمه ، وتحقيق ذلك

في علم الاُصول(2) فما ذكره ابن إدريس صحيح على ما تقتضيه القاعدة ، وعجزه عن الاتمام

يكشف عن إحلاله من أوّل الأمر ، وأنه لم يكن مأموراً بالاحرام من الأوّل ، ولا يجب عليه شيء فهو

في الحقيقة لم يكن محرماً أصلاً ولا يترتب على إحرامه شيء .

   أمّا الآية (وَأتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِِ فَإنْ أُحْصِرْتُمْ فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْي وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُم حَتَّى

يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ) (3) فقد استدل للقائل بوجوب الذبح بها، فان المستفاد منها وجوب إتمام الحج

والعمرة، وعدم جواز رفع اليد عنهما اختياراً ، حتى أنه إذا اُحصر ومنع من إتيان الحج والعمرة لا

يتحلل من الاحرام إلاّ بالهدي ، وكذا يستفاد من الآية عدم جواز الحلق إلاّ بعد بلوغ الهدي محله ـ

أي منى ـ ولكن الأخير حكم خاص بالمحصور المصطلح ، وأمّا المصدود الذي يصد بالعدو فمقتضى

الروايات عدم لزوم بلوغ الهدي إلى منى ، بل يذبح حيث صدّ في مكانه كما سيأتي .

   ثم إن إطلاق الآية مع قطع النظر عن الروايات المفسرة لها يقتضي شمول الحكم للمصدود أيضاً، لأن

الحصر لغة(4) بمعنى المنع ولم يكن موضوعاً للحصر بالمرض خاصة بل معناه اللغوي مطلق المنع والحبس

، ومنه قوله تعالى (لِلْفُقَرَاءِ ا لَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 20 : 116 .

(2) مصباح الاُصول 3 : 38 .

(3) البقرة 2 : 196 .

(4) راجع مجمع البحرين 3 : 271 .

ــ[415]ــ

سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْض )(1) فالآية باطلاقها يشمل المصدود أيضاً ولا تختص بالمنع

بسبب المرض .

   ومما يؤكد ذلك: أن الآية وردت في صد المشركين لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في

الحديبية فانه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نحر في مكانه ورجع ، فكيف يقال بأن الآية لا تشمل الصد ،

فاختصاص الآية بالحـصر بالمرض ونحوه لا وجه له ، بل يحتمـل أن يكون المراد من الآية الأعم من

المنـع بسبب العدو أو بسبب المرض كما يساعده المعنى اللغوي للحصر .

   ويؤكد ما ذكرنا : أن الأحكام المذكورة في الآية الشريفة (وَأتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِِ فَإنْ أُحْصِرْتُمْ فَما

اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْي وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُم حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كانَ مِنْكُم مَرِيضَاً أوْ بِهِ أذَىً مِنْ

رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِن صِيَام أوْ صَدَقَة أوْ نُسُك )الآية (2) مسترسلة ومرتبطة بعضها ببعض ، فان الله تعالى

بيّن أوّلاً وجوب إتمام الحج والعمرة وعدم جواز رفع اليد عنهما بعد الشروع فيهما ، ثم قال تعالى (

فَإنْ أُحْصِرْتُمْ فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْي ) أي إن تعذر عليكم إتمام الحج والعمرة فعليكم الهدي بما استيسر

، ثم قال تعالى ولكن لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ، ثم استثنى من ذلك من كان منكم

مريضاً محوجاً إلى الحلق أو به أذى من رأسه كالقمل ونحوه ففدية من صيام أو ... فقوله تعالى (فَمَن

كانَ مِنْكُم مَرِيضَاً ) أقوى شاهد على أن المراد بالحصر المذكور في صدر الآية ليس خصوص المرض ،

بل المراد به مطلق المنع عن الحج كما يساعد عليه اللغة واستعماله في مورد آخر من الكتاب العزيز في

المنع ، فكأنه تعالى قسّم الحصر إلى المريض وغيره ، فالموضوع أعم من المريض وغيره ومطلق المنع هو

المقسم ، وإلاّ لو كان الحصر في الآية بمعنى المرض فلا يلتئم مع قوله تعالى (فَمَن كانَ مِنْكُم مَرِيضَاً )

الذي هو من تتمّة الحكم المذكور في صدر الآية ، لرجوع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البقرة 2 : 273 .

(2) البقرة 2 : 196 .

ــ[416]ــ

ذلك إلى أنه إذا مرضتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم إلى قوله تعالى (فَمَن كانَ مِنْكُم

مَرِيضَاً ) بل الظاهر من قوله : (مِنْكُم ) التبعيض ، فمعنى الآية ما يقتضيه سياقها ، وسوق الفقرات

المذكورة فيها أن الممنوع من الحج لا يجوز له الحلق حتى يبلغ الهدي محله ، إلاّ إذا كان سبب المنع

المرض الذي لا يتمكّن من ترك الحلق ولا يتمكن من الصبر إلى أن يبلغ الهدي محله فيجوز له الحلق

وعليه الفدية ، فالمقسم مطلق المنع لا خصوص المرض وإلاّ فلا يناسب مع ذكر المريض في الفقرة الثانية

في الآية ، فما حكي من بعض أهل اللغة أن الحصر بمعنى المرض لم يثبت ، بل الصحيح أن الحصر بمعنى

مطلق المنع كما حكي عن جماعة آخرين من أهل اللغة ، وإلى ما ذكرنا ذهب أو مال إليه في

الجواهر(1) .

   نعم يظهر من رواية حريز(2) الحاكية لمرور النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على كعب بن عجزة

الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه وهو محرم فانزلت هذه الآية (فَمَن كانَ مِنْكُم مَرِيضَاً ) أن هذه الآية

نزلت في مورد آخر ، ولم تكن من متممات آية الحصر ، فلا تكون هذه الفقرة قرينة على أن المراد

بالحصر هو مطلق المنع ، ولكن الرواية لم تثبت صحتها ، لأن الشيخ رواها مسندة عن حريز (3)

والكليني رواها عن حريز عمن أخبره (4) فلم يعلم أن الرواية مرسلة أو مسندة ، فلا يمكن الاعتماد

عليها فالعبرة بظاهر الآية الكريمة .

   وأمّا الروايات: ففي صحيح زرارة «المصدود يذبح حيث صد»(5) ودعوى أن الجملة الفعلية لا

تدل على الوجوب ، مدفوعة بما ذكر في علم الاُصول بأن الجملة الفعلية آكد وأظهر في الوجوب من

الانشاء (6) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 20 : 112 .

(2) الوسائل 13 : 165 / أبواب بقية كفارات الاحرام ب 14 ح 1 .

(3) التهذيب 5 : 333 / 1147 .

(4) الكافي 4 : 358 / 2 .

(5) الوسائل 13 : 180 / أبواب الاحصار والصد ب 1 ح 5 .

(6) راجع محاضرات في اُصول الفقه 2 : 132  وما بَعدها .

ــ[417]ــ

   واستدلّ أيضاً لوجوب الذبح بفعل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (1) واُشكل عليه بأن فعله

(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أعم من الوجوب . وفيه : أن الامام (عليه السلام) استشهد بفعله (صلّى

الله عليه وآله وسلّم) وظاهره الوجوب وأنه (عليه السلام) في مقام تعيين الوظيفة .

والحاصل : أن المصدود يجب عليه الذبح ولا يتحلل إلاّ به كما في الآية بناء على تعميمها للمصدود ـ

كما عرفت ـ ويدل عليه الروايات أيضاً .

   وهل يجب عليه شيء آخر غير الذبح كالحلق أو التقصير أم لا ؟

   نسب إلى بعضهم وجوب التقصير عليه متعيناً، وأنه لا يجزئ الحلق كما اختاره صاحب الحدائق(2)

ونسب إلى العلاّمة أيضاً (3) وعن القاضي تعين الحلق (4) والمحكي عن الشهيدين التخيير بينهما (5)

هذا بحسب الأقوال .

 وأمّا بحسب الدليل فلا دليل على شيء من ذلك إلاّ رواية عامية دلت على حلقه (صلّى الله عليه
وآله)(6) وهي غير معتبرة فلايمكن الاعتماد عليها، ولذا صاحب الحدائق لم يجوّز الحلق . وأمّا التقصير

فلم يدل عليه أيضاً دليل سوى مرسلة المفيد (7) وهي ضعيفة بالارسال ورواية حمران (8) وهي

ضعيفة بسهل بن زياد ، فلا دليل على لزوم الحلق أو التقصير. ولكن التخيير أحوط، وأحوط منه

الجمع بين التقصير والحلق . هذا ولكن علي بن إبراهيم القمي صاحب التفسير روى رواية صحيحة

في كتابه (9) في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 191 / أبواب الاحصار والصد ب 9 ح 5 .

(2) الحدائق 16 : 18 .

(3) قواعد الأحكام 1 : 453 .

(4) لاحظ المهذب 1 : 270 .

(5) الدروس 1 : 479 ، المسالك 2 : 401 .

(6) المغني لابن قدامة 3 : 380 ، سنن البيهقي 5 : 214 .

(7) الوسائل 13 : 180 / أبواب الاحصار والصد ب 1 ح 6 ، المقنعة : 446 .

(8) الوسائل 13 : 186 / أبواب الاحصار والصد ب 6 ح 1 .

(9) تفسير القمي 2 : 309 .

ــ[418]ــ

تفسير سورة الفتح وهي ما رواه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن سنان (ابن سيار) (ابن يسار) ،

والموجود في المستدرك (1) وتفسير البرهان (2) ابن سنان ، والرواية على كل تقدير صحيحة روى

عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «كان سبب نزول هذه السورة وهذا الفتح العظيم أن الله عزّ

وجلّ أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في النوم أن يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلق مع المحلقين

، إلى أن ذكر (عليه السلام) قصّة خروج النبي (صلّى الله عليه وآله) وأصحابه وإحرامهم بالعمرة

وصد المشركين قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأصحابه انحروا بدنكم واحلقوا رؤوسكم ، فنحر

رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وحلق ونحر القوم فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رحم الله

المحلقين ، وقال قوم لم يسوقوا البدن : يا رسول الله والمقصّرين ؟ لان لم يسق هدياً لم يجب عليه الحلق ،

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثانياً : رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي ، فقالوا يا

رسول الله والمقصّرين ؟ فقال : رحم الله المقصرين» الخبر .

   ولا ريب أن الأمر بالذبح أو الحلق ليس أمراً واجباً شرعياً تكليفياً ، بل للمكلف أن يبقى على

إحرامه ، بل هو إرشاد إلى ما يتحلل به وأن التحلل يحصل بالنحر والحلق أو التقصير ، فالرواية دالة

على ضم الحلق إلى الذبح لمن أراد التحلل ، ولكن يختص بمن ساق الهدي ، وأمّا من لم يسق الهدي فهو

مخير بين الحلق والتقصير ، ولا شك أن مقتضى الاحتياط هو ضم الحلق أو التقصير إلى الذبح ، فان

المشهور لم يلتزموا بذلك والاحتياط في محله .

   ثم لا يخفى أن مورد الرواية هو العمرة المفردة ، فالتعدي منها إلى الحج يحتاج إلى دليل ولا إطلاق لها

يشمل الحج ، ولكن الاحتياط أيضاً يقتضي ضم الحلق إلى الذبح في الحج .

   هذا كلّه فيما يجب على المصدود عن العمرة وقد عرفت أنه لا يجب عليه إلاّ الهدي .

   ثم وقع الكلام في مكان الهدي والذبح ، فقد ذكر أبو الصلاح أن يبعث بهديه إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 9 : 312 .

(2) تفسير البرهان 4 : 191 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net