رأي الشيخ الطوسي في المسألة والجواب عليه - ملكيّة العامل لحصّته من الربح بمجرّد ظهوره 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4279


   وعن الشيخ الطوسي فيما إذا اشترط المالك على العامل بضاعة ، بطلان الشرط دون العقد في أحد قوليه ، وبطلانهما في قوله الآخر . قال : لأن العامل في القراض لا يعمل عملاً بغير جعل ولا قسط من الرّبح ، وإذا بطل الشرط بطل القراض

ــ[74]ــ

لأنّ قسط العامل يكون مجهولاً (1). ثمّ قال: وإن قلنا أنّ القراض صحيح، والشرط جائز لكنه لا يلزم الوفاء به ، لأنّ البضاعة لا يلزم القيام بها ، كان قويّاً .

   وحاصل كلامه في وجه بطلانهما : أن الشرط المفروض مناف لمقتضى العقد فيكون باطلاً ، وببطلانه يبطل العقد ، لاستلزامه جهالة حصّة العامل من حيث إنّ للشرط قسطاً من الربح ، وببطلانه يسقط ذلك القسط ، وهو غير معلوم المقدار .

   وفيه : منع كونه منافياً لمقتضى العقد ، فإنّ مقتضاه ليس أزيد من أن يكون عمله في مال القـراض بجزء من الرّبح ، والعمل الخـارجي ليس عملاً في مال القراض(2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وتوهّم استحقاق العامل الأوّل لما قرر في المضاربة الاُولى ، باعتبار أنّ المقام من مصاديق تخلّف الشرط ، وقد دلّت النصوص على استحقاقه للحصّة المعيّنة من الرّبح عند ظهوره .

   مدفوع بأنّ النصوص إنما وردت في عمل العامل على خلاف شرط المالك ، كما لو اشترط التجارة في البلد فتاجر في غيره ، وأين هذا من صدور العمل من أجنبي عن حدود المضاربة بالكليّة ؟ .

   وبعبارة اُخرى : إنّ المفروض في هذه النصوص صدور التجارة من العامل فاقداً لشرط المالك ، فلا تشمل صورة صدور الفعل من غيره ، كما هو الحال في المقام .

   (1) وذلك لأنّ المالك إنما رضي بجعل النسبة المعيّنة من الرّبح للعامل ، لاشتراطه عليه عملاً آخر مجاناً . فهو إنما أعطاه النصف مثلاً لاشتراطه عليه خياطة ثوبه مجاناً ولولاها لما كان يجعل للعامل النصف، وهذا يعني مقابلة بعض الحصّة المجعولة للشرط.

   ومن هنا فإذا فسد الشرط فسد ما يقابله قهراً ، وحيث إنه مجهول يكون ما بإزاء نفس عمل المضاربة مجهولاً أيضاً . وحينئذ فيبطل العقد ، إذ يعتبر في عقد المضاربة تحديد حصّة العامل من الرّبح .

   (2) وبعبارة اُخرى : إنّ مقتضى عقد المضاربة أن لا يكون عمل العامل في مال المضاربة مجّاناً وبلا عوض ، بل لا بدّ من جعل شيء من الرّبح بإزائه ، وأما كون عمله

ــ[75]ــ

   هذا مع أنّ ما ذكره من لزوم جهالة حصّة العامل بعد بطلان الشرط ممنوع ، إذ ليس الشرط مقابلاً بالعوض في شيء من الموارد ، وإنّما يوجب زيادة العوض ، فلا ينقص من بطلانه شيء من الحصّة حتى تصير مجهولة .

   وأما ما ذكره في قوله : وإن قلنا... ، فلعل غرضه أنه إذا لم يكن الوفاء بالشرط لازماً يكون وجوده كعدمه ، فكأن لم يشترط ، فلا يلزم الجهالة في الحصّة . وفيه : أنه على فرض إيجابه للجهالة لا يتفاوت الحال بين لزوم العمل به وعدمه ، حيث إنه على التقديرين زِيدَ بعض العوض لأجله .

   هذا وقد يقرَّر في وجه بطلان الشرط المذكور : أنّ هذا الشرط لا أثر له أصلاً ، لأنه ليس بلازم الوفاء ، حيث إنه في العقد الجائز ، ولا يلزم من تخلفه أثر التسليط على الفسخ ، حيث إنه يجوز فسخه ولو مع عدم التخلف .

   وفيه أوّلاً : ما عرفت سابقاً من لزوم العمل بالشرط في ضمن العقود الجائزة ما دامت باقية ولم تفسخ ، وإن كان له أن يفسخ حتى يسقط وجوب العمل به .

   وثانياً : لا نسلّم إنّ تخلّفه لا يؤثّر في التسلّط على الفسخ ، إذ الفسخ الذي يأتي من قِبل كون العقد جائزاً إنما يكون بالنسبة إلى الاستمرار ، بخلاف الفسخ الآتي من تخلّف الشرط فإنه يوجب فسخ المعاملة من الأصل((1)) (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في مال آخر عيره بعوض أيضاً ، فلا يقتضيه عقد المضاربة ولا دليل عليه ، بل مقتضى عمومات الوفاء بالشرط صحّة هذا الشرط .

   (1) والفرق بينهما : أنّ الجواز الآتي من قبل الشرط جواز وضعيّ حقي قابل للإسقاط من قبل المتعاقدين ، في حين إنّ الجواز المضاف إلى العقد مباشرة جواز حكميّ لا يقبل الاسقاط .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) والفرق بينهما هو أنّ الجواز الآتي من قبل تخلّف الشرط جواز وضعي ، والجواز في العقد الجائز جواز حكمي .

ــ[76]ــ

   فإذا فرضنا أنّ الفسخ بعد حصول الرّبح ، فإن كان من القسم الأوّل اقتضى حصوله من حينه ، فالعامل يستحقّ ذلك الرّبح بمقدار حصّته . وإن كان من القسم الثاني يكون تمام الرّبح للمالك ، ويستحقّ العامل اُجرة المثل لعمله ، وهي قد تكون أزيد من الرّبح((1)) (1) وقد تكون أقل . فيتفاوت الحال بالفسخ وعدمه إذا كان لأجْل تخلّف الشرط .

   [ 3423 ] مسألة 34 : يملك العامل حصّته من الرّبح بمجرَّد ظهوره من غير توقُّف على الانضاض أو القسمة ، لا نقلاً ولا كشفاً ، على المشهور ، بل الظاهر الإجماع عليه، لأنه مقتضى اشتراط كون الرّبح بينهما(2) ولأنّه مملوك وليس للمالك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) إنما يستحقّ العامل زيادة الاُجرة عن الحصّة المعيّنة من الرّبح على تقدير الفسخ ، فيما إذا لم يكن التخلف من نفسه ، كما لو جاء الفسخ نتيجة لتخلف المالك عما شرط عليه . وأما إذا كان الفسخ نتيجة لتخلف العامل عن الشرط ، فهو إنما يستحقّ أقل الأمرين ، من اُجرة المثل وما اتفقا عليه من الحصّة . ولا يستحق الزيادة ، لإقدامه على العمل في المضاربة بأقل من ذلك المقدار ، فهو قد ألغى احترام ماله فيه .

   (2) فإنّ مقتضاه مع ملاحظة إطلاقات أدلّة المضاربة ملكيّة العامل للرّبح بمجرد ظهوره ، ومن غير توقّف على أمر آخر غيره .

   وقد ذكرنا في مبحث الخمس تبعاً للماتن (قدس سره) ، أنّ ارتفاع القيمة السوقية قد يفرض في الأموال التي لم تعد للتجارة والاكتساب كالمعدات المتخذة للانتفاع الشخصي ، وقد يفرض فيما يتخذ للانتفاع بماليته .

   ففي الأوّل لا يعد ترقي القيمة ربحاً عند العقلاء ، نظراً إلى أنّ الغاية من ملكيته لها ليست هي التجارة كي تكون مورداً لصدق الرّبح والاستفادة . فمن يشتري دار سكناه بألف ثمّ ترتفع القيمة السوقية بمرور الزمان فتصبح خمسة آلاف ، لا يعد لدى العقلاء

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إذا كان تخلّف الشرط من قِبَل العامل فهو وإن كان يستحقّ اُجرة المثل إلاّ أ نّه لا بدّ أن لا يكون أزيد من الربح ، وإلاّ فلا يستحقّ الزائد .

ــ[77]ــ

فيكون للعامل ، وللصحيح (1) : رجل دفع إلى رجل ألف درهم للمضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم ، قال : «يقوِّم فإن زاد درهماً واحداً انعتق ، واستسعى في مال الرجل» إذ لو لم يكن مالكاً لحصّته لم ينعتق أبوه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنه قد ربح أربعة آلاف ما دام هو يحتفظ بداره ولم يبعها ، وإنما هو يملك دار سكناه فقط . نعم ، لو باعها صدق الرّبح عند ذلك .

   وهذا بخلاف الثاني ، حيث إنّ زيادة القيمة فيه تعتبر ربحاً لدى العقلاء ، سواء أباعه أم لم يبعه ، فإنه رابح ومالك للزيادة بالفعل .

   ودعوى أنه أمر موهوم ، واضح الفساد . فإنه أمر اعتباري ثابت ببناء العقلاء على حدّ ثبوت أصل المالية ، وإلاّ فلا نعرف أيّ فرق بين الذهب والحديد . فتاجر الحنطة وإن لم تزد حنطته عيناً ، إلاّ أنها لما كانت تباع في آخر السنة بأكثر مما كانت تباع به في أوّلها ، يصدق عليه أنه ربح كذا مقداراً .

   وعليه ففيما نحن فيه ، العبرة في صدق الرّبح عرفاً إنما هو بصدق الرّبح لدى العقلاء ، وحيث إنك قد عرفت صدقه عند ظهوره في الأموال التجارية حقيقة وبالاعتبار العقلائي ، يكون العامل مالكاً لحصّته . ولولا ذلك لما كان له مطالبة المالك بالقسمة ، وكان للمالك أن يفسخ العقد من دون أن يعطيه شيئاً .

   (1) رواه الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net