أقوال والد الفخر الأربعة في المسألة - إذا ظهر الربح ونضّ تمامه أو بعضه 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4426


   نعم ، عن الفخر عن والده أنّ في المسألة أربعة أقوال ، ولكن لم يذكر القائل ولعلّه من العامّة .

   أحدها : ما ذكرنا .

   الثاني : أنه يملك بالانضاض ، لأنه قبله ليس موجوداً خارجياً ، بل هو مقدَّر موهوم .

   الثالث : أنه يملك بالقسمة ، لأنه لو ملك قبله لاختص بربحه ، ولم يكن وقاية لرأس المال .

ــ[78]ــ

   الرابع : أنّ القسمة كاشفة عن الملك سابقاً ، لأنها توجب استقراره .

   والأقوى ما ذكرنا ، لما ذكرنا . ودعوى أنه ليس موجوداً ، كما ترى (1) . وكون القيمة أمراً وهمياً ، ممنوع . مع أنا نقول : إنه يصير شريكاً في العين الموجودة بالنسبة ، ولذا يصحّ له مطالبة القسمة ، مع أنّ المملوك لا يلزم أن يكون موجوداً خارجياً ، فإنّ الدين مملوك مع أنه ليس في الخارج .

   ومن الغريب (2) إصرار صاحب الجواهر على الإشكال في ملكيّته ، بدعوى أنه حقيقة ما زاد على عين الأصل ، وقيمة الشيء أمر وهمي لا وجود له ، لا ذمّةً ولا خارجاً ، فلا يصدق عليه الرّبح . نعم ، لا بأس أن يقال : إنه بالظهور ملك أن يملك ، بمعنى أن له الانضاض فيملك . وأغرب منه أنه قال : بل لعل الوجه في خبر عتق الأب ذلك أيضاً ، بناءً على الاكتفاء بمثل ذلك في العتق المبنيّ على السراية ، إذ لا يخفى ما فيه (3) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ميسر (قيس) ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) (1) .

   (1) ظهر وجهه ووجه ما يليه مما تقدّم منا بيانه .

   (2) استغرابه (قدس سره) في محلّه ، بعد ما عرفت صدق الرّبح عند العقلاء حقيقة .

   (3) لوضوح دلالة الصحيحة ، بعد توقّف العتق وبحسب الارتكاز العرفي على الملك ، فلو لم يكن العامل مالكاً لجزء من أبيه بالشراء ، فلا وجه لانعتاق مال الغير على العامل . على أنّ قوله (عليه السلام) : «واستسعى في مال الرجل» دليل على أنّ العتق إنما بدأ من حصّة العامل وملكه ، حيث يعلم من هذا التعبير أنّ مال الرجل غير المقدار الذي انعتق ، ولو كان الجميع للمالك لوجب الاستدعاء في جميع قيمته لا في خصوص مال الرجل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 19 كتاب المضاربة ، ب 8 ح 1 .

ــ[79]ــ

مع أن لازم ما ذكره كون العين بتمامها ملكاً للمالك حتى مقدار الرّبح ، مع أ نّه ادّعي الاتفاق على عدم كون مقدار حصّة العامل من الرّبح للمالك ، فلا ينبغي التأمل في أن الأقوى ما هو المشهور .

   نعم ، إن حصل خسران أو تلف بعد ظهور الرّبح ، خرج عن ملكيّة العامل (1) لا أن يكون كاشفاً عن عدم ملكيته من الأوّل .

   وعلى ما ذكرنا يترتب عليه جميع آثار الملكيّة ، من جواز المطالبة بالقسمة وإن كانت موقوفة على رضى المالك ، ومن صحّة تصرّفاته فيه من البيع والصلح ونحوهما ، ومن الإرث ، وتعلّق الخمس والزّكاة ، وحصول الاسـتطاعة للحج وتعلّق حقّ الغرماء به ، ووجوب صرفه في الدَّين مع المطالبة ، إلى غير ذلك .

   [ 3424 ] مسألة 35 : الرّبح وقاية لرأس المال ، فملكية العامل له بالظهور متزلزلة . فلو عرض بعد ذلك خسران أو تلف ، يجبر به إلى أن تستقرّ ملكيته (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) على ما سيأتي بيانه في المسألة القادمة .

   (2) بلا خلاف فيه بينهم ، بل وعليه التسالم ، مضافاً إلى كونه مقتضى عقد المضاربة من أوّل الأمر ، فإنّ إرجاع رأس المال بتمامه عند عدم الخسران أمر مفروغ عنه في أصل عقد المضاربة .

   ومعنى هذا أخذ المالك لرأس ماله بعد الانتهاء من التجارة ، على أن يكون الزائد على تقدير وجوده مشتركاً بينه وبين العامل . ومن هنا فإذا خسرت التجارة أوّلاً ثمّ ربحت ، لم يكن للعامل المطالبة بحصّة من الرّبح إذا لم يكن زائداً عما خسرته أوّلاً وعلى هذا الارتكاز العرفي .

   وبعبارة اُخرى : إنّ المجعول في عقد المضاربة للعامل ليس هي الحصّة من الرّبح في كل معاملة بعينها ، وإنما هي الحصّة من الرّبح من حيث مجموع التجارات . وعليه فما دامت التجارة باقية ومستمرة ، يكون الخسران بأجمعه وارداً على الرّبح السابق عليه ومنجبراً بالذي يحصل بعده ، نظراً لعدم صدق ربح مجموع التجارة ، من حيث إنه مجموع على الزائد قبل ذلك ، كما هو واضح .

ــ[80]ــ

والاستقرار يحصل بعد الانضاض والفسخ والقسمة(1) فبعدها إذا تلف شيء لا يحسب من الرّبح (2) بل تلف كلٍّ على صاحبه .

   ولا يكفي في الاستقرار قسمة الرّبح فقط مع عدم الفسخ (3) بل ولا قسمة الكلّ كذلك((1)) (4) ولا بالفسخ مع عدم القسمة (5) . فلو حصل خسران أو تلف أو ربح كان كما سبق ، فيكون الرّبح مشتركاً والتلف والخسران عليهما ، ويتمّ رأس المال بالرّبح .

   نعم ، لو حصل الفسخ ولم يحصل الإنضاض ولو بالنسبة إلى البعض وحصلت القسمة ، فهل تستقرّ الملكيّة أم لا  ؟ إن قلنا بوجوب الإنضاض على العامل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومن هنا فلا حاجة في الحكم إلى الدليل الخاص ، إذ يكفي فيه كونه مقتضى عقد المضاربة بحدّ ذاته .

   (1) بلا خلاف فيه ، بل يظهر من بعض الكلمات دعوى الإجماع عليه . ويقتضيه إنهاء العقد ، وتسلّط كل على ما يختص به .

   (2) لانتهاء العقد ، ووقوع التلف على أمر غير متعلق للعقد بالفعل ، فيختص الخسران بمالكه .

   (3) لعدم ارتفاع عقد المضاربة ، فيبقى حكمه ، اعني جبر الخسارة بالرّبح ، سواء تحققت قسمة الرّبح ام لم تتحقق .

   (4) بان يرجع الأصل إلى المالك ويكون الرّبح بينهما على ما اتفقا عليه. إلاّ ان الالتزام بذلك مشكل جداً ، حيث ان الفسخ لا يتوقف على اللفظ، بل يحقق بالفعل أيضاً. ومن أظهر مصاديقه اعطاء العامل للمالك رأس ماله مع حصّته من الرّبح وأخذه هو حصّته منه أيضاً ، فإنه فسخ فعلي وانهاء لعقد المضاربة . ومعه فلا وجه لجبران الخسارة بالرّبح السابق .

   (5) لعدم وصول رأس المال معه إلى مالكه ، فيكون الخسران محسوباً من الرّبح لا  محالة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر أنها فسخ فعلي ، فلا يكون التلف بعدها محسوباً من الربح .

 
 

ــ[81]ــ

فالظاهر عدم الاستقرار (1) . وإن قلنا بعدم وجوبه ، ففيه وجهان((1)) ، أقواهما الاستقرار (2) .

   والحاصل أنّ اللاّزم أوّلاً دفع مقدار رأس المال للمالك ، ثمّ يقسم ما زاد عنه بينهما على حسب حصَّتهما ، فكلّ خسارة وتلف قبل تمام المضاربة يجبر بالرّبح وتماميتها بما ذكرنا من الفسخ والقسمة .

   [ 3425 ] مسألة 36 : إذا ظهر الرّبح ونض تمامه أو بعض منه ، فطلب أحدهما قسمته ، فإن رضي الآخر فلا مانع منها ، وإن لم يرض المالك لم يجبر عليها ، لاحتمال الخسران بعد ذلك والحاجة إلى جبره به (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وبعبارة اُخرى : ان العبرة انما هي بوصول ما اعطاه المالك ـ رأس المال ـ إليه ، فما لم يتحقق ذلك يكون الخسران منجبراً بالرّبح خاصة ، ولا وجه لجعله في مال المالك أو المجموع منه ومن الرّبح .

   (1) لعدم انتهاء العقد ، نظراً لبقاء المتمّم له .

   إلاّ أنّ هذا القول لا وجه له . إذ القول بوجوب الإنضاض على العامل بعد رضا المالك بقسمة العروض ، ومن ثمّ إلغاء حقه في المطالبة بالإنضاض كما هو مفروض المسألة ، بعيد جداً ولا موجب له ، نظراً لعدم كونه من الواجبات التعبدية .

   (2) لانتهاء عقد المضاربة بالقسمة ، وعدم كون الإنضاض متمّماً له ، فإنّ معه لا يبقى وجه للقول بعدم الاستقرار .

   (3) الظاهر أ نّه (قدس سره) لا يريد بهذا التعليل دعوى كونها ضررية عليه ، كي يورد عليه بأنّه لا ضرر عليه في القسمة ، لإمكان أخذ الكفيل ونحوه على المال مما يطمئن معه بعدم الضرر . وإنما يريد به ما ذكره (قدس سره) في المسألة السابقة ، من كون الرّبح وقاية لرأس المال ، فإنّه وإن كان يملك بمجرّد ظهوره ، إلاّ أن ذلك لا يعني أنّ للعامل أخذ حصّته من الرّبح في كل معاملة شخصية ، فإنه غير جائز ، لما عرفت من أن العبرة في الربح إنما هي بالنتيجة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر أ نّه لا إشكال في عدم وجوبه مع فرض رضا المالك بالقسمة قبله كما هو المفروض .

ــ[82]ــ

   قيل : وإن لم يرض العامل فكذلك أيضاً ، لأنه لو حصل الخسران وجَب عليه ردّ ما أخذه ، ولعله لا يقدر بعد ذلك عليه لفواته في يده ، وهو ضرر عليه . وفيه : أنّ هذا لا يعدّ ضرراً (1) . فالأقوى أنه يجبر إذا طلب المالك .

   وكيف كان ، إذا اقتسماه ثمّ حصل الخسران ، فإن حصل بعده ربح يجبره فهو وإلاّ ردّ العامل أقلّ الأمرين من مقدار الخسران وما أخذ من الرّبح ، لأنّ الأقل إن كان هو الخسران فليس عليه إلاّ جبره والزائد له ، وإن كان هو الرّبح فليس عليه إلاّ مقدار ما أخذه (2) .

   ويظهر من الشهيد أنّ قسمة الربح موجبة لاستقراره وعدم جبره للخسارة الحاصلة بعدها ، لكن قسمة مقداره ليست قسمة له من حيث إنّه مشاع في جميع المال ، فأخذ مقدار منه ليس أخذاً له فقط .

   حيث قال على ما نقل عنه : إنّ المردود أقلّ الأمرين مما أخذه العامل من رأس المال لا من الربح . فلو كان رأس المال مائة والربح عشرين ، فاقتسما العشرين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وبعبارة اُخرى : إنّ الملكيّة وإن كانت حاصلة من الأوّل حين حصول الربح .

 

ومعه فكيف يكون للعامل المطالبة به وأخذه وإتلافه وإن كنا على ثقة بعدم تضرر المالك ؟ فإنّ الربح وبحكم الاشتراط متعلق لحق المالك ، فلا يجوز التصرّف فيه بغير إذنه .

   إذن فلا بدّ للعامل حينئذ من كسب رضى المالك ، أو انتظار انتهاء الأمد ، أو انفساخ المضاربة .

   (1) لإمكان تحفظه على المال وعدم التصرّف فيه حتى يتبين الأمر . وعلى تقدير تعديه بالتصرف فيه ، فدفع بدله لا يعدّ ضرراً .

   على أننا لو سلّمنا كونه ضرراً في بعض الأحوال ، فهو لا يوجب سقوط سلطنة المالك عن ماله ، لأنه ضرر عليه أيضاً .

   (2) على ما يقتضيه عقد المضاربة ، كما ظهر مما تقدّم .

ــ[83]ــ

فالعشرون التي هي الربح مشاعة في الجميع، نسبتها إلى رأس المال نسبة السدس فالمأخوذ سدس الجميع، فيكون خمسة أسداسها من رأس المال وسدسها من الربح. فإذا اقتسماها استقرّ ملك العامل على نصيبه من الربح ، وهو نصف سدس العشرين وذلك درهم وثلثان ، يبقى معه ثمانية وثلث من رأس المال . فإذا خسر المال الباقي ردّ أقل الأمرين ، مما خسر ومن ثمانية وثلث .

   وفيه : مضافاً إلى أنه خلاف ما هو المعلوم من وجوب جبر الخسران الحاصل بعد ذلك بالربح السابق إن لم يلحقه ربح وأن عليه غرامة ما أخذه منه ، أنظار اُخر .

   منها : أنّ المأخوذ إذا كان من رأس المال ، فوجوب ردّه لا يتوقف على حصول الخسران بعد ذلك .

   ومنها : أنه ليس مأذوناً في أخذ رأس المال ، فلا وجه للقسمة المفروضة .

   ومنها : أنّ المفروض أ نّهما اقتسما المقدار من الربح بعنوان أنه ربح ، لا بعنوان كونه منه ومن رأس المال .

   ودعوى أنه لا يتعين لكونه من الربح بمجرّد قصدهما ، مع فرض إشاعته في تمام المال .

   مدفوعة بأنّ المال بعد حصول الربح يصير مشتركاً بين المالك والعامل ، فمقدار رأس المال مع حصّة من الربح للمالك ، ومقدار حصّة الربح المشروط للعامل له ، فلا وجه لعدم التعين بعد تعيينهما مقدار ما لهما في هذا المال . فقسمة الربح في الحقيقة قسمة لجميع المال ، ولا مانع منها .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net