الخامسة عشرة - السادسة عشرة 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4237


   [ 3474 ] الخامسة عشرة : لو خالف العامل المالك فيما عيّنه جهلاً أو نسياناً أو اشتباهاً ، كما لو قال : لاتشتر الجنس الفلاني أو من الشخص الفلاني فاشتراه جهلاً، فالشراء فضولي((1))(2) موقوف على إجازة المالك .

ــــــــــــــــــــــــــــ
   (2) أرسله غير واحد من الأصحاب إرسال المسلَّمات ، وعلّله بعضهم بعدم إذن المالك ، لكن الظاهر أنه لا يخلو من إشكال . وذلك لأنّ ما أفاده (قدس سره) وإن كان مقتضى القاعدة إلاّ أنه لا مجال للاستناد إليها بعد دلالة جملة كثيرة من النصوص وأكثرها صحاح ، على صحّة المعاملة عند مخالفة العامل لما عيّن له شرطاً أو قيداً على كل تقدير ، مع كون الربح بينهما على ما اتفقا عليه والخسران على العامل فقط لتعدّيه ومخالفته (3) ، فإنّ هذه النصوص غير قاصرة الشمول للمقام ، وقد عمل بها الماتن (قدس سره) وغيره في صورة علم العامل بالحال .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، لأ نّه وإن كان مقتضى القاعدة ، إلاّ أنّ إطلاق جملة من النصوص الواردة في بيان حكم مخالفة العامل لما عيّن له شرطاً أو قيداً يعم المخالفة غير العمديّة أيضاً ، نعم شراء من ينعتق على المالك خارج عن عمل المضاربة بلا إشكال ، إذ لا تصحّ المضاربة فيه مع إذن المالك فضلاً عن عدمه .

(3) الوسائل 19 : 15  كتاب المضاربة ، ب 1 .

ــ[172]ــ

   وكذا لو عمل بما ينصرف إطلاقه إلى غيره ، فإنه بمنزلة النهي عنه . ولعل منه ما ذكرنا سابقاً من شراء من ينعتق على المالك (1) مع جهله بكونه كذلك . وكذا الحال إذا كان مخطئاً في طريقة التجارة ، بأن اشترى ما لا مصلحة في شرائه عند أرباب المعاملة في ذلك الوقت ، بحيث لو عرض على التجار حكموا بخطائه .

   [ 3475 ] السادسة عشرة: إذا تعدّد العامل، كأن ضارب اثنين بمائة مثلاً بنصف الربح بينهما متساوياً أو متفاضلاً، فاما أن يميز حصّة كل منهما من رأس المال (2) كأن يقول : على أن يكون لكل منه نصفه ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومن الواضح أنه لا خصوصية لفرض العلم ، إذ لا قصور في هذه النصوص عن شمول فرض الجهل أيضاً ، فإنّ المفروض فيها مخالفة العامل للمالك فيما إذا اشترط عليه أو أخذه قيداً في المعاملة ، وأما كون ذلك عن عمد أو جهل فلا تعرض لها إليه ومقتضى الإطلاق ثبوت الحكم في الصورتين .

   نعم ، ورد في بعض تلك النصوص أخذ عنوان العصيان (1) وهو لا يشمل فرض الجهل ، إلاّ أنه ضعيف من حيث السند فلا مجال للاعتماد عليه .

   إذن فالصحيح هو الحكم بصحّة هذه المعاملات في المقام ، مع الالتزام بكون الربح بينهما والخسران على العامل .

   ولعل غفلة المعلقين عن التعليقة على هذا الحكم في المقام ، ناشئة عن غفلتهم عن هذه النصوص ، والله العالم .

   (1) في خصوص هذا الفرض الأمر كما أفاده (قدس سره) ، لخروجه عن عنوان المضاربة ، فإنها مبنيّة على الاسترباح ، وهذه المعاملة لا يمكن فيها الاسترباح ، فلا تصح مضاربة مع إذن المالك فضلاً عن عدمه ، وقد تقدّم بيانه مفصلاً .

   (2) بحيث تكون المضاربة متعددة حقيقة ، بأن تكون مع كلّ منهما مضاربة مستقلّة عن المضاربة مع الآخر ، وإن اتحدتا إنشاءً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 19 : 20  كتاب المضاربة ، ب 6 .

ــ[173]ــ

وإمّا لا يميز (1) . فعلى الأوّل الظاهر عدم اشتراكهما في الربـح والخسران والجـبر (2) إلاّ مـع الشرط((1)) (3) لأنه بمنزلة تعدّد العقد . وعلى الثاني يشتركان فيها وإن اقتسما بينهما فأخذ كل منهما مقداراً منه (4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) بأن تكون المضاربة مضاربة واحدة معهما معاً ، بحيث يكونان بمنزلة العامل الواحد ، ويكون كلّ منهما عاملاً مضارباً في جميع المال .

   (2) لعدم الموجب له ، بعد تعدد المضاربة واستقلال كل منهما عن الآخر .

   (3) بل ومعه أيضاً ، إذا كان على نحو شرط النتيجة كما هو المفروض . وذلك لما عرفت غير مرّة من أن الشروط ليست مشرعة ، ومن هنا فصحتها تكون محتاجة إلى الدليل ، وإلاّ فمقتضى عقد المضاربة كون الربح بين العامل والمالك خاصة .

   وبعبارة اُخرى : إنّ جبر ربح مضاربة شخص لخسران شخص آخر يحتاج إلى الدليل ، ولا يكفي في إثباته أدلّة الشروط ، لأنها ليست مشرعة . ومن هنا فيكون حال هذا الفرع حال اشتراط الربح للأجنبي ، بل هذا من مصاديقه حيث إنّ العامل الآخر أجنبي عن هذه المعاملة .

   (4) لأنّ التقسيم خارجاً لا يجعل المضاربة الواحدة مضاربتين مستقلّتين . وهذا مما لا كلام فيه ، وإنما الكلام ينبغي أن يقع في صحّة مثل هذه المضاربة ، حيث تتحد المضاربة ويتعدد العامل .

   والذي يظهر من كلمات الأصحاب أنّ صحّتها أمر مفروغ عنه ومتسالم عليه . إلاّ أننا لو كنا والروايات الواردة في المضاربة للزم الحكم ببطلان هذه المعاملة ، إذ لا يوجد فيها ما يدلّ على صحّة المضاربة مع اثنين ، وإنما الوارد فيها عنوان الرجل وهو ظاهر في العامل المتحد .

   نعم ، ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) أنّ المراد بالرجل والعامل في لسان النصوص إنما هو الجنس ، ومن هنا فيصدق على الواحد والمتعدد (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل مع الشرط أيضاً على ما تقدّم .

(2) الجواهر 26 : 370 .

ــ[174]ــ

إلاّ أن يشترطا عدم الاشتراك فيها((1)) (1) .

   فلو عمل أحدهما وربح ، وعمل الآخر ولم يربح أو خسر ، يشتركان في ذلك الربح ويجبر به خسران الآخر . بل لو عمل أحدهما وربح، ولم يشرع الآخر بعد في العمل، فانفسخت المضاربة، يكون الآخر شريكاً (2) وإن لم يصدر منه عمل لأنه مقتضى الاشتراك في المعاملة. ولا يعدّ هذا من شركة الأعمال كما قد يقال، فهو نظير ما إذا آجر نفسهما لعمل بالشركة ، فهو داخل في عنوان المضاربة لا الشركة كما إن النظير داخل في عنوان الإجارة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وهذه الدعوى وإن كانت قابلة للتصـديق إمكاناً ، إلاّ أنها خلاف الظاهر جداً فتحتاج في مقام الإثبات إلى الدليل وهو مفقود .

   والذي يمكن أن يقال في هذا المقام : إنّ المضاربة ليست من المعاملات الشرعية المحضة ، بحيث يكون الشارع المقدس هو المؤسس لها ابتداءً ، وإنما هي معاملة عقلائية ثابتة ومتعارفة لدى العقلاء قبل التشريع ، وقد أمضاها الشارع المقدس وأقرّ العقلاء على فعلهم ذلك .

   ومن هنا فحيث إن هذه المعاملة غير مقيّدة لدى العقلاء باتحاد العامل فإنها كما تتحقّق مع العامل الواحد تتحقق مع تعدد العملاء ، حاله في ذلك حال الأجير فإنّ المالك قد يجعل أجيراً واحداً ، وقد يجعل اُجراء متعددين ، كفى دليل الإمضاء في الحكم بصحّة هذه المعاملة ، حيث لم يدلّ على اعتبار وحدة العامل .

   وبعبارة اُخرى : إنّ عدم ورود الردع عن تعدّد العامل في شيء من أدلّة إمضاء عقد المضاربة ، بعد قيام السيرة العقلائية عليه، يكفي في الحكم بصحّة هذه المعاملة، وحمل عنوان الأجير في لسان الأدلّة على الجنس .

   (1) الظاهر أنه لا أثر لهذا الاشتراط ، فإنّ الشرط لا يكون مشرعاً ، ولا بدّ من دليل يقتضي ذلك وهو مفقود .

   (2) لاتحاد المضاربة وكونهما بمنزلة العامل الواحد .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في صحّة هذا الشرط إشكال بل منع .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net