الثالث - الرابع - الخامس - السادس 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3732


   الثالث : أن يكون النماء مشتركاً بينهما ، فلو جعل الكل لأحدهما لم يصحّ مزارعة (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ
   (2) وتدلّ عليه جملة من النصوص المعتبرة ، كصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «لا تقبل الأرض بحنطة مسماة ، ولكن بالنصف والثلث والربع والخمس لا بأس به» ، وقال : «لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس» (1) .

   وصحيحة عبدالله الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس» (2) . وغيرهما .

   حيث يسـتفاد منها تقوم المزارعة بكون الحاصل وما يخرجه الله من الأرض مشتركاً بينهما بالنصف والثلث ونحوهما .

   ومع قطع النظر عن دلالة هذه النصوص يكفينا في إثبات الحكم في المقام ما ذكرناه غير مرّة ، من عدم شمول عمومات وإطلاقات الوفاء بالعقد للمزارعة ونحوها من المعاملات التي تتضمن تمليك المعدوم بالفعل ، فإنّ عدم الدليل دليل على الفساد في مثله .

   وعليه فالحاصل ، وبحكم قانون تبعية النتاج للبذر ، يكون لمالك البذر منهما .

   ومن هنا ، فإن كان البذر لمالك الأرض ، وكان الشرط كون النماء بأكمله له ، كان مقتضى فساد العقد كون النتاج له ، لكن لا للشرط لما عرفت فساده ، وإنما لقانون التبعية . ولا يستحق العامل شيئاً ، أما من النتاج فواضح ، وأما اُجرة المثل فلإقدامه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 19  كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 8 ح 3 .

(2) الوسائل ، ج 19  كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 8 ح 7 .

ــ[227]ــ

   الرابع : أن يكون مُشاعاً بينهما . فلو شرطا اختصاص أحدهما بنوع ـ كالذي حصل أوّلاً ـ  والآخر بنوع آخر ، أو شرطا أن يكون ما حصل من هذه القطعة من الأرض لأحدهما ، وما حصل من القطعة الاُخرى للآخر ، لم يصحّ (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على التبرع بعمله على ما كان يقتضيه عقد المزارعة بينهما .

   وإن كان الشرط كون النماء للعامل ، فهو وبحكم فساد العقد يكون كالعدم ، وبذلك يكون النتاج كله للمالك . إلاّ أن عمل العامل في هذا الفرض لا يذهب هدراً ، لأنه لم يقدم على التبرع به والمجانية وإنما أقدم على أن يكون النتاج له ، وحيث إنه لم يسلم له فله اُجرة مثل عمله ما لم تزد على تمام النتاج ، وإلاّ فله الأقل منهما .

   وإن كان البذر للعامل ، فإن كان الشرط كون النماء له ، أخذ تمام النماء من جهة تبعية النتاج للبذر لا الشرط لفساده . ولا يستحق المالك عليه شيئاً ، لإقدامه على إعطاء الأرض له للزرع مجاناً وبلا عوض .

   وإن كان الشرط كون النماء لمالك الأرض ، كان النتاج للعامل لما عرفت من فساد الشرط بفساد العقد ، وتبعية النتاج للبذر في الملك ، إلاّ أنّ للمالك اُجرة مثل أرضه على العامل إذا لم تزد على تمام النتاج ، لأنه لم يقدم على المجانية .

   والحاصل أنه على جميع التقادير المذكورة يكون العقد باطلاً ، لفقدانه شرط اعتبار كون النماء مشتركاً بينهما ، وعندئذ يكون النتاج بأكمله لمالك البذر لقانون التبعية ويستحقّ صاحبه عليه اُجرة المثل في بعض الفروض ، على التفصيل المتقدِّم .

   ثمّ إنّ مما ذكرناه كله يظهر الحال فيما يأتي من المسائل مما حكم فيها الماتن (قدس سره) بالبطلان .

   (1) ويقتضيه كل ما تقدّم في وجه اشتراط الاشتراك في النماء ، فإنّ الظاهر من الصحيحتين المتقدمتين تقوم المزارعة بالإشاعة في النماء بالنصف أو الثلث ونحوهما .

   ومع الإغماض عنها يكفي في الحكم بالفساد عدم شمول العمومات والمطلقات الأوّلية لمثل هذه المعاملات ، فإنّ عدم الدليل على الصحة يكفي في الحكم ببطلانها .

   وعليه فيجري فيه ما تقدّم في الفرع السابق ، من التفصيل في استحقاق اُجرة المثل على العمل أو الأرض .

ــ[228]ــ

   الخامس : تعيين الحصة ، بمثل النصف أو الثلث أو الربع أو نحو ذلك . فلو قال : إزرع هذه الأرض على أن يكون لك أو لي شيء من حاصلها ، بطُل (1) .

   السادس : تعيين المدة بالأشهُر والسنين (2) فلو أطلق بطُل .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لظهور الأدلّة في معلومية الحصّة بالنصف أو الثلث ونحوهما .

   على أنه يكفي في الحكم بالبطلان عند عدم التعيين ، عدم الدليل على الصحة ، نظراً لما عرفت من عدم شمول عمومات وإطلاقات الوفاء بالعقد له .

   هذا مضافاً إلى قصور العقد عن قابلية الحكم بالصحة . فإنّ ما لا تعيُّن له في الواقعِ وعلمِ الله غيرُ قابل للتمليك في نفسه ، فإنه أمر تابع للاعتبار وجعل المملك، فإذا لم يكن معلوماً ولو في علم الله ، فلا معنى لتعلق الاعتبار به وتمليكه لغيره .

   إذن فمثل هذا العقد باطل في حدّ نفسه ، لقصوره في مقام الثبوت ، فضلاً عن عدم الدليل عليه في مقام الإثبات .

   (2) أما اعتباره فيما يقابل دورانه بين الأقل والأكثر من حيث نوع الزرع ومدّته فهو واضح ولا خلاف فيه ، إذ لا يمكن الحكم بصحّة عقد يكون متعلقه فاقداً للتعيين في الواقع ، فإنّ الالتزام بمجهول لا واقع له حتى في علم الله باطل بطبعه ، ولا تشمله أدلّة المزارعة ، والعمومات والمطلقات بناءً على شمولها لمثل هذا العقد في حدّ نفسه .

   وأما اعتباره بمعنى تحديد سنة الزراعة بعد معلومية نوع الزرع ، في مقابل إيقاعهما العقد على الزراعة المعيّنة في الأعم من هذه السنة والسنة الآتية مثلاً ، بحيث يكون العمل معلوماً والمدّة مجهولة في الجملة لوقوع العقد على الجامع ، فهو كذلك ، فإنّ متعلق الحق والمملوك إذا كان كلياً ، كان تعيينه بيد من عليه الحق كما هو واضح . ومن هنا فقد يختلف الطرفان من حيث المدّة ، فيختار المالك السنة الاُولى مثلاً والزارع السنة الثانية . وحيث لا يمكن في مثله الحكم بالوفاء به على أحد الطرفين على الإطلاق ، فإنه كيف يمكن أن يقال بلزوم الوفاء بما عينه صاحبه مع أنّ له الامتناع عنه ، فلا محالة يحكم ببطلانه .

ــ[229]ــ

   نعم ، لو عيّن المزروع ، أو (1) مبدأ الشروع في الزرع ، لا يبعد صحّته(2) إذا لم يستلزم غرراً . بل مع عدم تعيين ابتداء الشروع أيضاً إذا كانت الأرض ممّا لا يزرع في السنة إلاّ مرّة ، لكن مع تعيين السنة (3) لعدم الغرر فيه . ولا دليل على اعتبار التعيين تعبّداً ، والقدر المسلّم من الإجماع على تعيينها غير هذه الصورة (4) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وبعبارة اُخرى نقول : يعتبر في صحة العقد أن يكون على نحو يمكن إلزام كلا طرفيه بالوفاء به والالتزام بمضمونه . وحيث إنّ هذا مفقود في المقام ، فإنّ الواجب على العامل القيام بالزراعة في إحدى تينك السنتين مع كون الخيار له في التعيين والواجب على المالك تسليم أرضه للزراعة في إحدى السنتين مع كون الخيار في التعيين له أيضاً ، فلا يجب على أحدهما إطاعة الآخر فيما عينه ، ويحكم بفساده لا  محالة .

   (1) كلمة «أو» غلط جزماً ، والصحيح «الواو» . ويشهد له قوله (قدس سره) بعد هذا : بل مع عدم تعيين ابتداء الشروع أيضاً .

   (2) إذ بانتهاء الزرع وحصول النتاج ، يقسم الحاصل بينهما على ما اتفقا عليه من النسبة ، وتلغى الفترة الزائدة قهراً . ومعه فلا يبقى للعامل حقّ في التصرّف في الأرض بعد ذلك ، لانتهاء المزارعة به .

   (3) بلا إشكال فيه . فإنّ المزارعة لما كانت زراعة واحدة ، وقد أعطى المالك العامل الحقّ فيها مرّة واحدة متى شاء ، حكم بصحتها ، لعدم فوات شيء على المالك .

   (4) ظاهر كلامه (قدس سره) أنّ الدليل على اعتبار تعيين المدّة بالأشهر والسنين إنما هو الإجماع ودليل نفي الغرر .

   ومن هنا فقد يورد عليه بعدم الدليل على المنع من الغرر مطلقاً ، إذ الثابت إنما هو النهي عن البيع الغرري خاصة . وعليه فإن تمّ إجماع محصّل فهو ، وإلاّ فلا عبرة بالإجماع المنقول .

   إلاّ أنك قد عرفت أننا في غنىً عن إثبات الإجماع أو الدليل على نفي الغرر مطلقاً

ــ[230]ــ

وفي صورة تعيين المدّة لا بدّ وأن تكون بمقدار يبلغ فيه الزرع (1) فلا تكفي المدّة القليلة التي تقصر عن إدراك النماء .
ـــــــــــــــــــ

ـ  وإن كان الظاهر تحقّق الإجماع  ـ فإنّ نفس أدلّة المزارعة قاصرة عن شمول ما لا تعيين فيه بالمعنيين السابقين .

   (1) بلا خلاف فيه . فإنّ فرضها أقل من فترة بلوغ الحاصل ، خلاف جعل المزارعة والمقصود منها ، فيكون مثل هذا الإقدام لغواً ، لكونه إقداماً على أمر لا يتحقّق في الخارج ، فإنّ النتاج لا يحصل في المدة المعيّنة ، في حين لم يلتزم المالك بإعطاء شيء له إزاء ما يحصل خارج تلك الفترة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net