لو زارع على أرض لا ماء لها - لا فرق في المزارعة بين كون البذر من أ يّهما 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3967


   [ 3502 ] مسألة 10 : لو زارع على أرض لا ماء لها فعلاً ، لكن أمكن تحصيله بعلاج ـ من حفر ساقية أو بئر أو نحو ذلك ـ فإن كان الزارع عالماً بالحال صحّ ولزم (4) وإن كان جاهلاً كان له خيار الفسخ (5) . وكذا لو كان الماء مستولياً

ـــــــــــــــــــــــــ
   (4) لتمامية أركان العقد وانتفاء المانع .

   (5) لانتفاء شرط ضمني ، هو إمكان زرع الأرض بلا مؤونة خارجة عن فعل

ــ[265]ــ

عليها وأمكن قطعه عنها . وأما لو لم يمكن التحصيل في الصورة الاُولى أو القطع في الثانية ، كان باطلاً (1) سواء كان الزارع عالماً أو جاهلاً (2) . وكذا لو انقطع في الأثناء ولم يمكن تحصيله ، أو استولى عليها ولم يمكن قطعه . وربّما يقال بالصحة مع علمه بالحال (3) . ولا وجه له (4) وإن أمكن الانتفاع بها بغير الزرع لاختصاص المزارعة بالانتفاع بالزرع (5) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الزرع ، فإنه أمر مفروغ عنه ، فبتخلفه يثبت للزارع الخيار إذا كان جاهلاً بالحال .

   (1) لما تقدّم في الشرط السابع من اعتبار إمكان الزرع في صحة المزارعة ، إذ بدونه لا معنى للاتفاق على كون الحاصل بينهما بالنسبة المعيّنة ، فإنه لغو محض .

   (2) وذلك لأنّ اعتبار إمكان الزرع شرط واقعي في صحّة العقد ، ومن هنا فلا يختلف الحال فيه بين صورتي العلم والجهل .

   (3) نسب ذلك إلى المحقِّق والعلاّمة (قدس سرهما) (1) .

   (4) لما عرفت من كون شرطية إمكان الزراعة واقعية لا تتأثر بالعلم والجهل .

   نعم ، لا يبعد حمل كلامهما (قدس سرهما) على الصورة الاُولى ، أعني إمكان إيصال الماء إلى الأرض أو قطعه عنها . فيلتزم فيها بالتفصيل ، بين علم العامل بالحال فتصحّ وجهله به فتبطل .

   إلاّ أنه يشكل أيضاً من جهة أنّ الجهل إنما يقتضي ثبوت الخيار ، فلا موجب للحكم بالبطلان ، كما عن الإرشاد (2) .

   والحاصل أنّ ما أفاداه (قدس سرهما) لا يمكن المساعدة عليه على كلا التقديرين عمومه لصورة إمكان تحصيل الماء وعدمها ، واختصاصه بصورة الإمكان .

   (5) على ما تقتضيه حقيقة المزارعة ويتقوّم به مفهومها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرائع الإسلام  4 : 342 ـ 343  شرح عبدالزهراء الحسيني .

(2) مختلف الشيعة  6 : 154 .

ــ[266]ــ

   نعم ، لو استأجر أرضاً للزراعة مع علمه بعدم الماء ، وعدم إمكان تحصيله أمكن الصحة ، لعدم اختصاص الإجارة بالانتفاع بالزرع ، إلاّ أن يكون على وجه التقييد (1) فيكون باطلاً أيضاً .

   [ 3503 ] مسألة 11 : لا فرق في صحة المزارعة بين أن يكون البذر من المالك ، أو العامل ، أو منهما (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) بأن استأجر أرضاً للزارعة خاصة . فإنه حينئذ إن أمكن الانتفاع بها في الزراعة بالعلاج ، فالتفصيل المتقدِّم من حيث علم المستأجر بالحال وجهله به . وإن لم يمكن فالحكم بالبطلان رأساً ، لانكشاف عدم تملك صاحبها للمنفعة التي ملكها بالعقد للمستأجر .

   (2) بلا خلاف فيه وفيما يليه من الأركان بين الأصحاب . ويستفاد من ضمّ بعض النصوص إلى بعضها الآخر .

   ففي صحيحة سماعة ، قال : سألته عن مزارعة المسلم المشرك ، فيكون من عند المسلم البذر والبقر وتكون الأرض والماء والخراج والعمل على العلج ، قال : «لا بأس به» (1) .

   حيث فرض فيها كون البذر والبقر خاصة على المزارع ، ومع ذلك حكم (عليه السلام) بالصحة .

   وحمل هذه المعاملة على معاملة مستقلة عن المزارعة وفي قبالها ، فلا تدلّ على الجواز فيما نحن فيه ; حمل لا موجب له ، ولا سيما بعد أخذ عنوان المزارعة فيها صريحاً .

   والحاصل أنّ المستفاد منها ، أنه لا يعتبر في المزارعة كون العمل على المزارع فيجوز أن يكون على صاحب الأرض .

   وفي صحيحته الاُخرى : قال : سألته عن المزارعة ، قلت : الرجل يبذر في الأرض

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 19 كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 12 ح 1 .

ــ[267]ــ

مائة جريب أو أقل أو أكثر طعاماً أو غيره ، فيأتيه رجل فيقول : خذ مني نصف ثمن هذا البذر الذي زرعته في الأرض ، ونصف نفقتك عليَّ ، واشركني فيه . قال : «لا بأس» (1) .

   حيث دلّت على جواز كون نصف البذر من مالك الأرض .

   وهي وإن كانت واردة في جواز ذلك بعد الزرع ، إلاّ أنها تكفي لإثبات الجواز قبله أيضاً ، فإنه إذا أجاز ذلك بعد الزرع ، جاز قبله بطريق أوْلى .

   ويؤيدهما رواية إبراهيم الكرخي ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : اُشارك العلج ، فيكون من عندي الأرض والبذر والبقر ويكون على العلج القيام والسقي (والسعي) والعمل في الزرع حتى يصير حنطة أو شعيراً ، وتكون القسمة ، فيأخذ السلطان حقه ويبقى ما بقي على أنّ للعلج منه الثلث ولي الباقي ، قال : «لا بأس بذلك» . قلت : فلي عليه أن يردّ عليّ مما أخرجت الأرض البذر ويقسم ما بقي ؟ قال : «إنما شاركته على أنّ البذر من عندك ، وعليه السقي والقيام» (2) .

   وهي وإن كانت صريحة في كون البذر والبقر على صاحب الأرض ، إلاّ أنها ضعيفة السند بإبراهيم الكرخي حيث لم يرد فيه مدح فضلاً عن التوثيق ، فلا مجال للاعتماد عليها .

   والحاصل إنّ المستفاد من ضمّ النصوص بعضاً إلى بعض، أنه لا يعتبر في مفهوم عقد المزارعة إلاّ اشتراك الطرفين في الأركان الأربعة لهذه المعاملة في الجملة، من غير اختصاص لأحدهما بشيء معين من حيث النوع والكمية .

   هذا ولكن المستفاد من صحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ  في حـديث  ـ قال : سـألته عن المزارعـة ، فقال : «النفقة منك ، والأرض لصاحبها فما أخرج الله من شيء قسم على الشطر ، وكذلك أعطى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خيبر حين أتوه ، فأعطاهم إياها على أن يعمروها ولهم النصف مما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 19 كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 13 ح 1 .

(2) الوسائل ، ج 19 كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 10 ح 1 .

ــ[268]ــ

أخرجت» (1) . اعتبار كون النفقة على العامل ، لانه (عليه السلام) إنما ذكر ذلك في جواب السؤال عن حقيقة المزارعة ، فيكون ظاهراً في الحصر .

   ومن هنا فتصطدم مع الصحيحتين المتقدمتين .

   إلاّ أنه لا بدّ من رفع اليد عن ظهورها هذا ، وحملها على بيان المزارعة الخارجية التي صدرت من النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا مطلق العقد ، بأن يقال إنّ العقد الذي أوقعه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مع يهود خيبر كان على هذا النحو ، وإلاّ فمفهوم المزارعة غير متقوّم به ، كما يشهد له قوله (عليه السلام) في ذيلها : «وكذلك أعطى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خيبر» .

   وذلك لصراحة الصحيحتين المتقدمتين في عدم اعتباره ، وجواز كونها على صاحب الأرض .

   هذا مضافاً إلى تسالم الأصحاب ، حيث لم ينقل الخلاف في جوازه من أحد الأصحاب مطلقاً .

   أضف إلى ذلك كله إطلاقات أدلّة المزارعة فإنها شاملة للمقام ، حيث إنّ مفهومها لا يتقوّم إلاّ بالاشتراك في الزرع وتحصيل النماء ، من غير تخصيص لأحدهما بشيء وصاحبه بآخر . كما هو الحال في المزارعات الخارجية ، فإنها تختلف باختلاف البلاد والمناطق ، فقد يكون المتعارف في مكان كون البذر على العامل ، في حين يكون المتعارف في مكان آخر هو العكس . فيتبع في كل منطقة ما هو المتعارف فيها عند الإطلاق ، وإلاّ فما اتفقا عليه .

   وهذا ديدن المزارعين فعلاً وعليه سيرتهم متصلاً بزمان المعصوم (عليه السلام) فيكشف ذلك كله عن عدم تقوّم مفهوم المزارعة بكون شيء بخصوصه على أحدهما بعينه .

   إذن : فلا بدّ من حمل صحيحة يعقوب على المزارعة الخارجية التي وقعت بين النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) واليهود ، بأن يقال إنها كانت على الوصف المذكور في الصحيحة وإلاّ فظاهرها لا يمكن الالتزام به .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 19  كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 10 ح 2 .

 

ــ[269]ــ

ولا بدّ من تعيين ذلك (1) إلاّ أن يكون هناك معتاد ينصرف إليه الإطلاق (2) . وكذا لا فرق بين أن تكون الأرض مختصّة بالمزارع ، أو مشتركة بينه وبين العامل . وكذا لا يلزم أن يكون تمام العمل على العامل ، فيجوز كونه عليهما . وكذا الحال في سائر المصارف .

   وبالجملة هنا اُمور أربعة : الأرض ، والبذر ، والعمل ، والعوامل . فيصحّ أن يكون من أحدهما أحد هذه ومن الآخر البقية ، ويجوز أن يكون من كل منهما اثنان منها ، بل يجوز أن يكون من أحدهما بعض أحدها ومن الآخر البقية ، كما يجوز الاشتراك في الكلّ . فهي على حسب ما يشترطان .

   ولا يلزم على من عليه البذر دفع عينه ، فيجوز له دفع قيمته . وكذا بالنسبة إلى العوامل . كما لا يلزم مباشرة العامل بنفسه ، فيجوز له أخذ الأجير على العمل ، إلاّ مع الشرط .
ـــــــــــــــــــــــ

   (1) على ما تقدّم بيانه في الشرط العاشر .

   (2) فإنّ الإيكال إليه وعدم التعيين نوع من التعيين .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net