حكم ترك العامل العمل - إذا تبرّع عن العامل متبرع بالعمل 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3690


   [ 3556 ] مسألة 26 : إذا ترك العامل العمل بعد إجراء العقد ابتداءً أو في


ــ[357]ــ

الأثناء، فالظاهر أنّ المالك مخيّر بين الفسخ أو الرجوع إلى الحاكم الشرعي(1) فيجبره على العمل. وإن لم يمكن استأجر من ماله من يعمل عنه، أو باُجرة مؤجلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هو الصحيح ، أم قلنا بعمومه للمقام أيضاً .

   وذلك لما أشار إليه الماتن (قدس سره) من استلزامه الجهل بمقدار الحصّة ، فإنه لا بدّ في المساقاة ـ على ما يستفاد من صحيحة يعقوب بن شعيب وأخبار خيبر ـ من معلومية حصّة كلّ من المالك والعامل من الثمر . ولذا لو ساقاه على أن يكون له في مقدار من البستان النصف وفي مقدار آخر منه الثلث من غير تعيين ، لما حكم ببطلانه جزماً .

   وحيث إنّ هذا الشرط غير متوفّر في المقام ، لأنه إذا ساقى أحدهما على النصف والآخر على الربع وكان مجموع النتاج مائة وعشرين رطلاً ، اختلف مقدار حقه من المجموع باختلاف مقدار نصيب كل منهما ، فإذا كان نصيب صاحبه الأوّل من البستان الثلثين ونصيب الثاني الثلث كان له من المجموع خمسون رطلاً ، وإذا انعكس الأمر كان له أربعون رطلاً ، فلا بدّ من الحكم بالبطلان .

   والحاصل أنّ مساقاة المالكين المتعددين مع اختلاف مقدار الحصّة المجعولة للعامل وجهل نصيب كل منهما في البستان ، لما كان موجباً لجهالة ما يحصل للعامل ، محكومة بالفساد .

   (1) لأنه ولي الممتنع . فإنّ وظيفة الولاة وإن كانت في الأصل إجراء الأحكام الصادرة من القضاة ، إلاّ أنّ استقرار نظام المعاش وحفظه يقتضي قيامه في عصر الغيبة مقام القاضي فيما هو شأنه ، حفظاً لحقّ المظلوم وإقامة للنظام والقانون ، ولكي لا يلزم من تركه الهرج في الاجتماع .

   وبعبارة اُخرى : إنّ نظام المعاش يقتضي وجود ولي يأخذ بحقّ المظلوم من الظالم ويقيم العدل في الاجتماع . وعليه فإن كان الوليّ الحقيقي موجوداً فالأمر إليه ، له التصدي له بالمباشرة أو بنائبه الخاص ، ولا حقّ لأحد في الاعتراض عليه . وإلاّ فالأمر للحاكم الشرعي ، لأنه القدر المتيقّن في ذلك . ومع عدم إمكانه فالأمر للعدول

ــ[358]ــ

إلى وقت الثمر فيؤدّيها منه ، أو يستقرض عليه ويستأجر من يعمل عنه . وإن تعذّر الرجوع إلى الحاكم أو تعسّر ، فيقوم بالاُمور المذكورة عدول المؤمنين (1) . بل لا يبعد جواز إجباره بنفسه(2) أو المقاصّة من ماله((1)) (3) أو استئجار المالك عنه (4) ثمّ الرجوع عليه أو نحو ذلك .

   وقد يقال بعدم جواز الفسخ إلاّ بعد تعذّر الإجبار (5) وأنّ اللازم كون الإجبار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من المؤمنين ، حيث إنهم يقومون مقام الحاكم الشرعي حيث يتعسّر أو يتعذّر الرجوع إليه ، لكونهم القدر المتيقّن منه ، بعد المفروغية عن لابدّية أخذ حقّ المظلوم وإقامة نظام العدل في الاجتماع والمنع من الهرج والفوضى .

   (1) لما تقدّم .

   (2) كما يقتضيه لزوم العقد ، وكونه مالكاً لحق الإلزام .

   (3) وفيه : إنها إنما تختص بالأموال ، فلا وجه لإثباتها في المقام ونحوه من موارد ثبوت الحقّ خاصّة ، حيث لا يملك المالك على العامل مالاً شخصياً أو كلياً في الذمّة وإنما يملك عليه حقّ الإلزام خاصة .

   والحاصل أنه لا دليل على ثبوت المقاصة في موارد الحقوق .

   (4) فيه إشكال بل منع ، إذ لا دليل على ولاية المظلوم على خصمه ، فإنّ الاستئجار تصرّف عن الغير ، ونفوذه عليه من دون رضاه يحتاج إلى الدليل ، وهو مفقود .

   إذن فالصحيح هو انحصار حقه في الفرض في الفسخ ، أو إجباره بنفسه ، أو مراجعة الحاكم الشرعي ، ومع عدم إمكانه فعدول المؤمنين .

   (5) تعرّضوا لهذا الشرط في باب الخيارات . وقد عرفت في محله أنه لا موجب للقول بالترتب والطولية ، فإنّ مقتضى دليل الفسخ ثبوته حتى مع التمكن من إجبار الممتنع ، إذ لا معنى لجعل الشرط إلاّ تعليق الالتزام بالعقد على وجوده .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في جوازها وجواز استئجار المالك عنه إشكال بل منع .

ــ[359]ــ

من الحاكم مع إمكانه (1) . وهو أحوط ، وإن كان الأقوى التخيير بين الاُمور المذكورة (2) .

   هذا إذا لم يكن مقيَّداً بالمباشرة ، وإلاّ فيكون مخيراً بين الفسخ والإجبار (3) ولا يجوز الاستئجار عنه للعمل(4) . نعم ، لو كان اعتبار المباشرة بنحو الشرط (5) لا القيد ، يمكن إسقاط حقّ الشرط(6) والاستئجار عنه أيضاً .

   [ 3557 ] مسألة 27 : إذا تبرّع عن العامل متبرِّع بالعمل جاز إذا لم يشترط المباشرة (7)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ولا دليل عليه . فإنّ لمن له الحق المطالبة به وأخذه من الممتنع إن أمكنه ذلك كما أنّ له رفعه إلى الحاكم الشرعي والاستعانة به في استرداده ، بلا فرق في ذلك بين الحقوق والأموال الشخصية والكليّة .

   (2) لما عرفته من عدم الدليل على الطولية والترتب .

   (3) على ما يقتضيه تخلف العامل عنه من جهة ، وكونه ملزماً عليه من جهة اُخرى .

   (4) لامتناع صدور متعلق العقد ، أعني العمل المقيّد كونه من العامل ، من غيره .

   (5) بالتصريح أو إقامة القرينة ، وإلاّ فقد عرفت أنّ المتفاهم العرفي من الاشتراط في هذه المقامات هو التقييد .

   (6) فيكون حال العقد حينئذ حال القسم الأوّل ، أعني الإطلاق وعدم اشتراط شيء ، وإلاّ فحاله حال القسم الثاني أعني التقييد .

   والحاصل أنّ أمر هذا القسم يدور بين القسمين الأوّلين الإطلاق والتقييد ، فهو إما أن يكون بالنتيجة من الأوّل أو الثاني .

   (7) إذ الواجب عليه حينئذ إنما هو تحقيق العمل في الخارج ، وهو كما يحصل بفعله يحصل بفعل الغير نيابة عنه ، مجاناً أو بعوض .

ــ[360]ــ

بل لو أتى به من غير قصد التبرع عنه أيضاً كفى(1) بل ولو قصد التبرع عن المالك كان كذلك أيضاً((1))(2) وإن كان لا يخلو من إشكال، فلا يسقط حقّه من الحاصل .

   وكذا لو ارتفعت الحاجة إلى بعض الأعمال، كما إذا حصل السقي بالأمطار ولم يحتج إلى النزح من الآبار، خصوصاً إذا كانت العادة كذلك. وربّما يستشكل بأنه نظير الاستئجار لقلع الضرس إذا انقلع بنفسه، فإنّ الأجير لايستحق الاُجرة لعدم صدور العمل المستأجر عليه منه. فاللازم في المقام أيضاً عدم استحقاق ما يقابل ذلك العمل .

   ويجاب بأنّ وضع المساقاة وكذا المزارعة على ذلك، فإنّ المراد حصول الزرع والثمرة، فمع احتياج ذلك إلى العمل فعله العامل، وإن استغنى عنه بفعل الله أو بفعل الغير سقط واستحقّ حصّته. بخلاف الإجارة، فإنّ المراد منها مقابلة العوض بالعمل منه أو عنه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) فيه إشكال بل منع فيما إذا صدر جميع العمل من المتبرع ، فإنه حينئذ لا وجه لاستحقاقه شيئاً من الحصّة .

   نعم ، لو بقي عليه بعض العمل استحق الحصّة ، إذ لا يجب عليه القيام بجميع الأعمال ، وإنما الواجب عليه قيامه بما تحتاجه الأرض .

   والحاصل أنّ حال هذا الفرض ، هو حال ارتفاع الحاجة بنفسها ومن غير قيام أحد بها ـ الآتي ـ حيث اختار (قدس سره) فيه ما ذكرناه هنا ، فإنه لا فرق بينهما بالمرة .

   (2) فيه إشكال يظهر مما تقدم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا فيما إذا كان المأتيّ به بعض عمل المساقاة . وأما إذا كان جميعه ، ففي كفايته في غير ما إذا قصد التبرع به عن العامل ، إشكال بل منع .

 
 

ــ[361]ــ

   ولا بأس بهذا الفرق فيما هو المتعارف سقوطه أحياناً ـ كالاستقاء بالمطر ـ مع بقاء سائر الأعمال. وأمّا لو كان على خلافه ، كما إذا لم يكن عليه إلاّ السقي واستغنى عنه بالمطر أو نحوه كلية ، فاستحقاقه للحصّة مع عدم صدور عمل منه أصلاً ، مشكل (1) .
ــــــــــــــــــ

   (1) بل ممنوع ، كما عرفت .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net