حكم الزّكاة بالنسبة إلى العامل - صور التنازع بين المساقين 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3570


   هذا وربّما يقال بعدم وجوب الزكاة على العامل في المقام ، ويعلل بوجهين آخرين :

   أحدهما : أنها إنما تجب بعد إخراج المؤن ، والفرض كون العمل في مقابل الحصّة فهي من المؤن . وهو كما ترى (1) وإلاّ لزم احتساب اُجرة عمل المالك والزارع لنفسه أيضاً ، فلا نسلّم أنها حيث كانت في قبال العمل تعدّ من المؤن .

   الثاني : أنه يشترط في وجوب الزكاة التمكّن من التصرّف ، وفي المقام وإن حصلت الملكيّة للعامل بمجرد الظهور ، إلاّ أنه لا يستحقّ التسلّم إلاّ بعد تمام العمل. وفيه: مع فرض تسليم عدم التمكّن من التصرّف((1)) أنّ اشتراطه مختصّ بما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الآخر بما تعهد به .

   (1) حيث قد عرفت في مسالة استثناء المؤن في باب الزكاة ، أنه وإن كان هو المشهور والمعروف بينهم إلاّ أنه لا دليل عليه بالمرة ، فإنّ الدليل على الاستثناء إنما يختص بالخمس ، فلا وجه لإثبات الحكم في الزكاة أيضاً . وعليه فمقتضى إطلاقات وجوب العشر أو نصفه في الحاصل ، وجوب الزكاة في الجميع .

   على أننا لو قلنا بالاستثناء تنزلاً ، فالتعبير بالمؤونة لا يعمّ العمل الذي يقوم به الإنسان في سبيل تحصيل الثمر ، فإنها ليست إلاّ الأموال الخارجية التي يبذلها الإنسان في سبيل تحصيله . كما هو الحال في الخمس أيضاً ، حيث يتعلق الخمس بالفاضل عن مؤونة سنة العامل مما جمعه من اُجور عمله ، من دون استثناء شيء بعنوان عمله وهكذا .

   وعليه فحيث إنّ العامل في المقام لم يصرف شيئاً من أمواله الخاصة في سبيل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الصحيح عدم تسليمه ، وإلاّ فقد تقدّم في محله عدم اختصاص الاشتراط بما يعتبر الحول في زكاته .

ــ[376]ــ

يعتبر في زكاته الحول ـ كالنقدين والأنعام ـ لا في الغلاّت (1) ففيها وإن لم يتمكن من التصرف حال التعلق يجب إخراج زكاتها بعد التمكن على الأقوى ، كما بُيِّن في محلّه .

   ولا يخفى أنّ لازم كلام هذا القائل عدم وجوب زكاة هذه الحصّة على المالك أيضاً (2) كما اعترف به . فلا يجب على العامل لما ذكر ، ولا يجب على المالك لخروجها عن ملكه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحصيل الزرع ، وإنما صرف العمل خاصة ، فلا وجه لاستثناء شيء له بعنوان المؤونة .

   (1) تقدّم الكلام في هذا الفرع في كتاب الزكاة مفصلاً . وقد عرفت هناك أنّ الصحيح اعتبار التمكن من التصرف بقول مطلق ومن غير اختصاص له بالنقدين والأنعام ، فإنّ مجرد ملكيّة العين لا يوجب تعلق الزكاة بها حتى ولو لم يمكن المالك التصرّف فيها وإن كانت من الغلاّت .

   ومن هنا فالصحيح في الجواب أن يقال : إنّ عدم التمكن من التصرف الذي يكون مانعاً من تعلق الزكاة بالعين ، لا يعمّ العجز الناشئ من الحكم التكليفي ، فإنّ المراد به إنما هو العجز الخارجي الناشئ من خروج المال عن تحت سلطانه ، بالغصب أو السرقة أو ما شاكلهما . وأمّا العجز الناشئ من الحكم التكليفي ولو من جهة النذر ونحوه ، فلا يوجب انتفاء الزكاة عن العين ، وإلاّ لما وجبت الزكاة على المالك أيضاً لعدم جواز تصرفه في المال المشترك ، بل وعدم وجوبها في مطلق المال المشترك باعتبار أنّ كلاًّ من الشركاء يكون ممنوعاً من التصرف في المال المشترك من دون إذن سائر الشركاء ، وهو مقطوع البطلان ولا يمكن الالتزام به .

   (2) بل وفي حصّته أيضاً ، بل وفي مطلق المال المشترك وإن لم يكن الاشتراك من جهة المساقاة ، حيث لا يجوز لأحد من الشركاء التصرف في المال المشترك قبل إذن سائر الشركاء ، كما تقدّم .

ــ[377]ــ

   [ 3564 ] مسألة 34 : إذا اختلفا في صدور العقد وعدمه فالقول قول منكره (1) وكذا لو اختلفا في اشتراط شيء على أحدهما وعدمه (2) . ولو اختلفا في صحّة العقد وعدمها ، قدم قول مدعي الصحّة (3) . ولو اختلفا في قدر حصّة العامل ، قدم قول المالك المنكر للزيادة (4) وكذا لو اختلفا في المدّة (5) .

   ولو اختلفا في قدر الحاصل ، قدم قول العامل (6) وكذا لو ادّعى المالك عليه سرقة أو إتلافاً أو خيانة (7) وكذا لو ادّعى عليه أنّ التلف كان بتفريطه إذا كان أميناً له ، كما هو الظاهر .

   ولا يشترط في سماع دعوى المالك تعيين مقدار ما يدعيه عليه ، بناءً على ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) فإنّ إلزام الغير بشيء ـ جواز التصرف في بستانه أو العمل في الاُصول ـ يحتاج إلى الإثبات ، وإلاّ فالأصل عدمه .

   (2) لما تقدّم ، فإنه أمر زائد على العقد ، فإلزامه به يحتاج إلى الإثبات ، كما هو الحال في سائر العقود .

   (3) لأصالة الصحة المستفادة من السيرة العملية القطعية .

   (4) لقانون تبعية النماء للأصل في الملكيّة ، فإنّ مقتضاه كون جميع النماء للمالك ، وإنما خرجنا عنه في خصوص القدر المتيقن لثبوت الجعل بالنسبة إليه في العقد الصحيح فيبقى الباقي على ملك المالك بمقتضى القاعدة .

   (5) فإنّ إلزام مدعي الأقل بالفترة الزائدة يحتاج إلى الإثبات .

   (6) لم يظهر لنا ثمرة هذا النزاع ، كي يقال بتقديم قول العامل أو المالك . فإنّ مجرد النزاع في قدر الحاصل بوحده لا أثر له ما لم يرجع إلى الدعوى الآتية ، من الاتهام بالإتلاف أو السرقة أو الخيانة ، أو التلف مع التفريط ، أو الاستيلاء عليه من غير إذن المالك ولو اشتباهاً ، وإلاّ فأصل النزاع لا يجدي شيئاً بعد أن كان الاشتراك في أصل الثمار لا بدلها .

   (7) للأصل .

ــ[378]ــ

هو الأقوى من سماع الدعوى المجهولة (1) خلافاً للعلاّمة في التذكرة في المقام .
ـــــــــــــــــــــ

   (1) لإطلاقات أدلّة القضاء بالبيّنات والأيمان وأنّ على المدعي البيّنة واليمين على من أنكر ، فإنّ مقتضاها عدم اختصاص ذلك بكون الدعوى محدودة المقدار ، بل تسمع حتى ولو ادعى السرقة على الإطلاق ومن غير تحديد للكميّة المسروقة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net