صحّة حوالة السيَّد على مكاتبه بمال الكتابة - لو باع السيِّد مكاتبه سلعة فأحال عليه 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3834


   [ 3626 ] مسألة 11 : إذا أحال السيد بدَينه على مكاتبه بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة صحّ(1) سواء كان قبل حلول النجم أو بعده، لثبوته في ذمّته. والقول بعدم صحّته قبل الحلول لجواز تعجيز نفسه، ضعيف، إذ غاية ما يكون كونه متزلزلاً(2) فيكون كالحوالة على المشتري بالثمن في زمن الخيار. واحتمال عدم اشتغال ذمّة العبد، لعدم ثبوت ذمّة اختيارية له فيكون وجوب الأداء تكليفياً، كما ترى (3) .

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) على القاعدة . فإنّ أمر الدَّين بيد الدّائن والمدين ، فلهما أن يبدلاه برضاهما بالمال الثابت في ذمّة العبد أو غيره مما تعود ملكيّته إلى المدين .

   (2) وهو غير قادح ، إذ لا يعتبر في صحّة الحوالة كون اشتغال ذمّة المحال عليه للمحيل على نحو اللزوم ، بل يكفي ثبوت أصل الاشتغال وإن كان جائزاً .

   هذا مضافاً إلى عدم الدليل على جواز تعجيز العبد نفسه عن أداء مال الكتابة ، بل الثابت عدمه . فإنّ الكتابة من العقود اللازمة ، وكما لا يجوز للمولى رفع اليد عنها لا يجوز للعبد تعجيز نفسه ، بل يجب عليه السعي لتحصيل المال وأداء ما وجب عليه نتيجة العقد .

   (3) إذ لا مانع من اشتغال ذمّة العبد على حدّ اشتغال ذمّة الأحرار ، كما هو الحال في إتلافاته وضماناته ، غاية الأمر أنه في غير الكتابة يتبع به بعد العتق ، لعدم جواز مزاحمة حقّ المولى . وحيث إنّ هذا المانع مفقود في الكتابة ، فلا محذور في اشتغال ذمّته للمولى بمجرد عقد الكتابة وللمحتال بالحوالة الصادرة من المولى ، فيحكم بانتقال الدَّين الثابت في ذمّة المولى إلى ذمّة العبد .

   على أنه لو صحّت هذه الدعوى لكان لازمها الحكم ببطلان الحوالة على العبد مطلقاً ، ومن غير تفصيل بين حلول النجم وعدمه ، إذ لا أثر للحلول في قابلية ذمّة العبد للاشتغال وعدمه ، والحال أنّ القائل بهذا التفصيل ـ وهو الشيخ (قدس سره)

ــ[523]ــ

   ثمّ إنّ العبد بقبول الحوالة يتحرّر((1))(1) لحصول وفاء مال الكتابة بالحوالة(2) ولو لم يحصل الأداء منه(3) فإذا أعتقه المولى قبل الأداء بطُل عتقه (4) .

   وما عن (المسالك) من عدم حصول الانعتاق قبل الأداء ، لأنّ الحوالة ليست في حكم الأداء ، بل في حكم التوكيل . وعلى هذا إذا أعتقه المولى صحّ وبطلت الكتابة ، ولم يسقط عن المكاتب مال الحوالة ، لأنه صار لازماً للمحتال ، ولا يضمن السيد ما يغرمه من مال الحوالة .

   فيه نظر من وجوه (5) .

   ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على ما نُسب إليه(2) ـ لم يلتزم بذلك في فرض الحلول .

   (1) لا وجه لتقييد الحكم بقبول العبد للحوالة ، فإنّ قبوله وعدمه في ذلك سيان ، إذ المفروض كون الحوالة على مشغول الذمّة للمحيل ، وقد عرفت عدم اعتبار قبول المحال عليه عند ذلك ، لأنه ليس إلاّ وعاءً وظرفاً لمال المحيل ، فلا يملك حقّ منع تصرّف المالك في ماله .

   وكان الأولى إبدال كلمة (القبول) بكلمة (التحقّق) فيقال : ثمّ إنّ العبد بتحقّق الحوالة يتحرر .

   (2) نظراً لاستلزامها لفراغ ذمّة المحال عليه العبد من دين المولى ، في قبال اشتغال ذمّته بمثله للمحال .

   (3) فإنّ براءة ذمّة العبد إنما تحققت بمجرد الحوالة واشتغال ذمّته للمحيل .

   (4) لانعتاقه قبله بتحقق الحوالة وبراءة ذمّة العبد من الدَّين بالنسبة للمولى .

   (5) الأوّل : إنه لو كانت الحوالة توكيلاً ، لما كان وجه للالتزام ببراءة ذمّة المحيل من دين المحتال وانتقاله إلى ذمّة المحال عليه ، فإنّ الوكالة لا تقتضي إلاّ قيام الوكيل مقام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر أنه لا يتوقف على قبوله لها ، إذ المفروض أنه مديون للمولى ، فبتحقّق الحوالة تبرأ ذمّته وتشتغل للمحتال .

(2) انظر المبسوط  2 : 313 .

ــ[524]ــ

وكأنّ دعواه أنّ الحوالة ليست في حكم الأداء ((1)) إنما هي بالنظر إلى ما مرّ (1) من دعوى توقّف شغل ذمّة المحيل للمحال عليه على الأداء ـ  كما في الضمان  ـ فهي وإن كان كالأداء بالنسبة إلى المحيل والمحتال ، فبمجردها يحصل الوفاء وتبرأ ذمّة المحيل ، لكن بالنسبة إلى المحال عليه والمحيل ليس كذلك . وفيه منع التوقّف المذكور كما عرفت ، فلا فرق بين المقامين في كون الحوالة كالأداء ، فيتحقّق بها الوفاء .

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموكل في الأداء خاصّة مع بقاء الموكل هو مشغول الذمّة بالدَّين ، والحال أنه (رحمه الله) قد سلّم براءة ذمّة المولى ـ المحيل ـ بالتزامه باشتغال ذمّة العبد ـ المحال عليه ـ  .

   الثاني : إنه لا وجه للحكم باشتغال ذمّة العبد بالمال بعد الحكم بصحّة العتق وبطلان الكتابة مع التزام كون الحوالة توكيلاً ، إذ التوكيل إنما تعلق بالأداء من مال الكتابة ، والمفروض انتفاء موضوعه نظراً لبطلانها ، ومعه فلا مبرر لبقاء اشتغال الذمّة .

   الثالث: لو سلّمنا اشتغال ذمّة العبد للمحتال من ماله الخاص ، نظراً لانتفاء موضوع مال الكتابة ، كان لازم ذلك الحكم بضمان السيد لما يغرمه وجواز رجوع العبد عليه بما أدّاه للمحتال ، وذلك للسيرة العقلائية القطعية على ضمان الآمر لما يغرّمه المأمور بسبب أمره ، فإنّ سبب خسران العبد للمال لما كان هو أمر المولى وحوالته عليه كان موجباً لرجوعه عليه به .

   (1) وفيه : إنّ كلاًّ من المسألتين أجنبية عن الاُخرى ولا ارتباط بينهما . فإنّ النزاع السابق إنما كان في الحوالة على البريء دون مشغول الذمّة ، وإلاّ فقد عرفت عدم الخلاف في انتقال الدَّين من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه بمجرّد الحوالة ، وعدم جواز

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذه الدعوى وإن كانت باطلة في نفسها لأنها تستلزم عدم براءة ذمة المحيل عن دين المحتال بمجرد الحوالة ، وهو خلاف المفروض إلاّ أنها غير مبتنية على الدعوى الثانية ، فإنّ مورد الثانية هي الحوالة على البريء لا على المديون .

ــ[525]ــ

   [ 3627 ] مسألة 12 : لو باع السيِّد مكاتبه سلعة فأحاله بثمنها صحّ (1) لأنّ حاله حال الأحرار ، من غير فرق بين سيده وغيره . وما عن الشيخ من المنع ضعيف (2) .

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رجوع الأخير على الأوّل إذا كان مشغول الذمّة له بمثل ما اُحيل عليه . في حين إنّ محلّ نزاعنا في هذه المسألة مع الشهيد (قدس سره) إنما هو في الحوالة على مشغول الذمّة ، حيث إنّ العبد مشغول الذمّة لمولاه بسبب الكتابة . فلا وجه لجعل إحداهما مبنيّة على الاُخرى .

   (1) بلا إشكال فيه ، لتمامية أركان البيع والحوالة . فإنّ العبد مرخّص ومأذون في الاكتساب لتحصيل مال الكتابة ، سواء في ذلك مولاه وغيره ، فإذا اشترى من المولى شيئاً أصبح مشغول الذمّة له بثمنه ، ومعه يصحّ للمولى إحالة دائنه عليه لاستيفاء دَينه منه .

   (2) لوضوح فساد ما استدل له على مدّعاه ، من أنّ المكاتبة لما كانت من العقود الجائزة ، فإذا باع المولى من عبده شيئاً وقلنا بصحّته وبثبوت الثمن في ذمّته ، كان لازمه القول باشتغال ذمّة العبد لسيده بعد فسخ المكاتبة ، وهو محال لأنّ العبد وما في يده لمولاه .

   ووجه الفساد ما عرفته من عدم المحذور في الالتزام باشتغال ذمّة العبد ، سواء في ذلك للمولى وغيره ، كما هو الحال فيما لو أتلف العبد مال مولاه ، فإنه موجب لضمانه واشتغال ذمّته به ، غاية الأمر أنه يتبع به بعد العتق .

   على أنك قد عرفت في المسألة السابقة أنه لا أساس لكون المكاتبة من العقود الجائزة ، فإنها عقد لازم ولا يجوز للعبد تعجيز نفسه .

   ولو تنزّلنا عن ذلك كله ، فغاية ما يلزم منه الحكم بانفساخ البيع عند انفساخ المكاتبة ، لاستلزام بقائه اشتغال ذمّة العبد لمولاه وهو غير ممكن على الفرض ، لا الحكم ببطلانه رأساً من الأوّل ، فإنه لا مبرر له بعدما كان العبد مرخصاً في معاملاته .

   على أنّ كلامنا في المقام إنما هو في صحّة الحوالة وعدمها ، وهو يعني فرض صحّة




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net