ما يجوز النظر إليه من الأجنبي - جواز النظر إلى وجه المرأة ويداها وعدمه 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 10320


ــ[37]ــ

الأجنبي (1) من غير ضرورة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ذهب إليه في الرياض ، مستدلاًّ بالإجماع على الملازمة بين ثبوت الحكم في جانب الرجل وثبوته في جانب المرأة (1) .

   وفيه : أنّ الإجماع لو تمّ فهو ، ولكن أ نّى لنا إثبات كونه إجماعاً قطعياً محصّلاً ، كيف ولم يتعرض للمسألة كثير من القدماء والمتأخرين !

   على أ نّه يكفينا في إثبات عدم الملازمة الجزم بجواز نظرها إلى وجه الرجل ويديه حتى مع القول بحرمة نظر الرجل إلى وجهها ويديها ، فإنّ السيرة القطعية قائمة على الجواز بالنسبة إليها من عصر الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى زماننا هذا ، فإنّهن كن ينظرن إلى الرجال في حين التكلّم معهم أو غيره ولو من وراء الحجاب . ويؤيد ذلك ملاحظة أنّ نظر المرأة إلى الرجل من حيث الحكم في عصرهم (عليهم السلام) لا يخلو من حالات ثلاث :

   فإمّا أن يكون واضح الحرمة .

   وإمّا أن يكون واضح الجواز .

   وإمّا أن يكون مشتبهاً .

   والأوّل بعيد جداً ، إذ لا يحتمل أن تكون حرمة نظر المرأة إلى الرجل أوضح من حرمة نظر الرجل إليها ، بحيث يرد السؤال عن الثاني ولا يرد عن الأوّل .

   والثالث يدفعه عدم السؤال عنه ولا في رواية واحدة ، فإنّه لو كان الحكم مشكوكاً ومشتبهاً فكيف لم يُسأل عنه المعصوم (عليه السلام) ؟ وكيف لم ينبّه عليه هو بعدما عرفت أنّ المتعارف في الخارج ذلك ؟

   ومن هنا يتعيّن الاحتمال الثاني ، وأنّ الحكم بالجواز كان واضحاً لدى المتشرعة في عصرهم (عليهم السلام) إلى حد لم تكن هناك حاجة للسؤال عنه .

   وعليه فمثل هذا الإجماع لا يمكن الاعتماد عليه ، بل لا بدّ في القول بعدم الجواز من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رياض المسائل ، 2 : 73 .

ــ[38]ــ

تتبع سائر الأدلة ، وقد استدل على ذلك باُمور .

   الأوّل : قوله تعالى : (قُل للمؤمِناتِ يَغْضُضنَ مِنْ أَبصَارِهنَّ) .

   بدعوى أنّ الغضّ عبارة عن الترك ، فتكون الآية دالة على وجوب ترك النظر إلى الرجال .

   وفيه : ما تقدّم من أنّ الغضّ ليس عبارة عن الترك، وإنّما هو عبارة عن جعل الشيء مغفولاً عنه ، وعدم الطمع فيه بالمرة والانصراف عنه .

   وعليه فلا تكون للآية دلالة على حرمة نظرهن إلى الرجال على ما تقدم بيانه تفصيلاً .

   وممّا يؤيِّد ذلك أنّ الخطاب في الآية الكريمة عامّ لجميع المؤمنات ، لإفادة الجمع المحلّى بالألف واللاّم ذلك ، فيشمل المبصرات منهن وغير المبصرات ، وحيث إنّ من الواضح أ نّه لا معنى لتكليف غير المبصرات بترك النظر ، فيتعيّن حمل الغضّ على ما  ذكرنا من الانصراف عن الرجال وعدم الطمع فيهم .

   نعم ، قد يتوهّم كون الآية الكريمة ناظرة إلى النظر ، وذلك بملاحظة معتبرة سعد الاسكاف عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : «استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة وكان النساء يتقنّعن خلف آذانهن ، فنظر إليها وهي مقبلة ، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سمّـاه ببني فلان فجعل ينظر خلفها ، واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه ، فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله لآتين رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولاُخبرنه، فأتاه فلما رآه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: ما هذا؟ فأخبره، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية (قُل للمُؤمِنينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبصَارِهِمْ وَيحْفَظُوا فُروجَهُم ذلِكَ أَزكى لَهُمْ إنّ اللهَ خَبيرٌ بِما يَصنَعُونَ) (1) فإنّها وردت في فرض النظر إلى المرأة ، فتكون دالّة على أنّ المراد بالغضّ هو ترك النظر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 104 ح 4 .

ــ[39]ــ

   ولكن الظاهر أنّ الأمر ليس كذلك ، فإنّ موردها هو صورة التلذّذ والاستمتاع بالنظر إليها ، وهي مشمولة للآية الكريمة بلا إشكال إلاّ أ نّها أجنبية عمّـا نحن فيه حيث إنّ كلامنا في النظر المجرد عن التلذّذ لا مطلقاً .

   ويؤيد ما ذكرناه أنّ نظر الشاب إليها كان من خلفها فيما عدا اللّحظات الاُولى ، ومما لا إشكال فيه أنّ ذلك إذا كان مجرداً عن التلذّذ ليس بحرام قطعاً .

   الثاني : رواية أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، قال : استأذن ابن أُم مكتوم على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعنده عائشة وحفصة ، فقال لهما : «قوما فادخلا البيت» . فقالتا : إنه أعمى ، فقال : «إن لم يركما فإنكما تريانه» (1) .

   وفيه : أ نّها ضعيفة مرسلة ، باعتبار أنّ البرقي يرويها عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من دون ذكر الواسطة ، ومن المعلوم أنّ الفصل الزمني بينهما كثير جداً فلا يمكن الاعتماد عليها . على أ نّها قابلة للمناقشة من حيث إنّها تكفلّت بيان فعل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وهو لا يدل على اللّزوم .

   الثالث : رواية محمد بن علي بن الحسين في (عقاب الأعمال) ، قال : قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «اشتدّ غضب الله على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها ، أو غير ذي محرم منها» (2) .

   وفيه : أ نّها ضعيفة السند جداً ، لوجود عدّة مجاهيل في سندها . على أ نّها أخصّ من المدّعى ، لأنّ موردها ذات البعل .

   الرابع : رواية الحسن الطبرسي في (مكارم الأخلاق) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «إنّ فاطمـة قالت له ـ في حديث ـ «خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهنّ الرجال» (3) .

   وفيه : أ نّها مرسلة . على أ نّه لا دلالة فيها على اللّزوم .

   الخامس : رواية الحسن الطبرسي أيضاً عن اُم سلمة، قالت: كنت عند رسول الله

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 129 ح 1 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 129 ح 2 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 129 ح 3 .

ــ[40]ــ

   واستثنى جماعة الوجه والكفّين فقالوا بالجواز فيهما(1) مع عدم الريبة والتلذّذ .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعنده ميمونة ، فأقبل ابن أُم مكتوم وذلك بعد أن أمر بالحجاب ، فقال : «احتجبا». فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا ؟ قال : «أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه» (1).

   وفيه : أنّ الكلام فيها عين الكلام في رواية البرقي .

   والحاصل : أ نّه ليس هناك أي رواية معتبرة تدل على حرمة نظر المرأة إلى الرجل وعليه فالحكم بالمنع مبني على الاحتياط .

   (1) قد عرفت الحكم بالنسبة إلى المرأة ، وأ نّه لا مانع من نظرها إلى الرجل إذا لم يكن عن تلذّذ وريبة .

   وأما بالنسبة إلى الرجل فهل يستثنى من حرمة نظره إلى المرأة وجهها ويداها أم لا ؟

   اختار المحقق (قدس سره) التفصيل بين النظرة الاُولى والثانية ، فحكم بالجواز في الاُولى وبالحرمة في الثانية (2) وذهب صاحب الجواهر (قدس سره) إلى المنع مطلقاً (3) في حين أصرّ الشيخ الأعظم (قدس سره) على الجواز كذلك (4) . واستدل للقول بالجواز :

   أوّلاً : بقوله تعالى : (وَلاَ يُبْدِينَ زِينتَهُنَّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْها) (5) .

   بدعوى أنّ مقتضى الاستثناء في الآية الكريمة هو جواز إبداء مواضع الزينة الظاهرة وعدم وجوب سترها ، ولازم ذلك جواز نظر الرجل إليها ، وحيث أنّ الوجه والكفّين منها جزماً ، فتدلّ الآية الكريمة على جواز النظر إليهما .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 129 ح 4 .

(2) الشرائع 1 : 317 .

(3) الجواهر 29 : 77 .

(4) كتاب النكاح 20 : 53 .

(5) سورة النور 24 : 31 .

 
 

ــ[41]ــ

   وفيه : أنّ الاستدلال بها تارة يكون بملاحظتها في حدّ نفسها ومع قطع النظر إلى النصوص الواردة في تفسيرها ، واُخرى بملاحظتها منضمة إلى تلك النصوص .

   فإن كان الأوّل ، فلا يخفى أ نّه لم يثبت كون المراد بالزينة مواضعها ، بل الظاهر من الآية الكريمة إرادة نفس ما تتزين به المرأة . ويؤيد ذلك قوله عزّ وجلّ في ذيل الآية : (وَلاَ يَضْرِبْنَ بأَرْجُلهنَّ ليُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِن زِينَتِهنَّ) فإنّ من الواضح أنّ ضرب الرجل على الأرض لا يوجب العلم بموضع الزينة ، وإنما الذي يوجبه هو العلم بنفس الزينة من الخلخال وغيره ، فإن ضرب الرجل يوجب حركتها وإيجاد الصوت فيعلم بها لا محالة .

   ولو تنزّلنا عن ذلك وقلنا : إنّ المراد بالزينة هو مواضعها ، فلا يتمّ الاستدلال بالآية الكريمة أيضاً . وذلك فلأننا وإن قلنا : إنّ الأمر بالتستر واضح الدلالة على عدم جواز نظر الرجل إلى بدن المرأة ، إلاّ أ نّه لا يمكن القول بذلك في عكس القضية ، فإنّ جواز الإبداء لا يدل على جواز نظر الرجل إليها إذ لا ملازمة بينهما ، ويكفينا في إثبات ذلك ذهاب جماعة إلى حرمة نظر المرأة إلى الرجل والحال أ نّه لا يجب عليه التستر .

   فالحاصل أنّ الآية الكريمة على كلا التقديرين لا تدلّ على جواز نظر الرجل إلى وجه المرأة ويديها .

   وإن كان الثاني ، فالروايات وإن كانت صريحة في أنّ المراد بالزينة إنما هو مواضعها ، إلاّ أ نّه لا بدّ من التكلّم في معنى البداء كي يعرف منه معنى الآية الكريمة فنقول :

   البداء بمعنى الظهور ، كما في قوله تعالى : (بَدَتْ لَهُما سَوآتهما) (1) . والإبداء بمعنى الإظهار ، فإذا كان متعلقاً بشيء ولم يكن متعدياً باللاّم يكون في مقابل الستر ، وإذا كان متعلقاً (2) باللاّم كان في مقابل الإخفاء بمعنى الإعلام والإراءة . كما يقال : يجب على الرجل ستر عورته وليس له إظهارها في ما إذا كان يحتمل وجود ناظر محترم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة الأعراف 7 : 22 .

(2) كذا في الطبعة الاُولى والصحيح (متعدياً) .

ــ[42]ــ

وكذلك يقال: إنّ بدن المرأة كلّه عورة، فيراد به ذلك. وأما إذا قيل: أبديت لزيد رأيي أو مالي، فمعناه أعلمته وأريته .

   ومن هنا يظهر معنى الآية الكريمة ، فإنّ قوله عزّ وجلّ أوّلاً : (وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها) إنما يفيد وجوب ستر البدن الذي هو موضع الزينة وحرمة كشفه ما عدا الوجه واليدين ، لأنهما من الزينة الظاهرة ، فيستفاد منه أنّ حال بدن المرأة حال عورة الرجل لا بدّ من ستره بحيث لا يطلع عليه غيرها ، باستثناء الوجه واليدين فإنهما لا يجب سترهما ، لكنك قد عرفت أنّ ذلك لا يلزم جواز نظر الرجل إليهما .

   في حين إنّ قوله عزّ وجلّ ثانياً : (وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهنَّ ...) يفيد حرمة إظهار بدنها وجعل الغير مطلعاً عليه وإراءته مطلقاً ، من دون فرق بين الوجه واليدين وغيرهما ، إلاّ لزوجها والمذكورين في الآية الكريمة .

   فيتحصّل من جميع ما تقدم : أنّ الآية الكريمة بملاحظة النصوص الواردة في تفسير الزينة تفيد حكمين :

   الأوّل : حكم ظهور الزينة في حدّ نفسه ، فتفيد وجوب ستر غير الظاهرة منها دون الظاهرة التي هي الوجه واليدان .

   الثاني : حكم إظهار الزينة للغير ، فتفيد حرمته مطلقاً من دون فرق بين الظاهرة والباطنة ، إلاّ للمذكورين في الآية الكريمة حيث يجوز لها الإظهار لهم .

   وحيث عرفت أنّ حرمة الإظهار ووجوب التستر تلازم حرمة النظر إليها ، فتكون الآية الكريمة أوْلى بالاستدلال بها على عدم الجواز من الاستدلال بها على الجواز .

   ثانياً : صحيحة علي بن سويد ، قال : قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : إنّي مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها ، فقال : «يا علي ، لا بأس إذا عرف الله من نيتك الصدق ، وإياك والزنا فإنه يمحق البركة ويهلك الدين» (1) .

   وهذه الصحيحة هي عمدة ما استند إليه الشيخ الأعظم (قدس سره) في القول بالجواز (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب النكاح المحرم ، ب 1 ح 3 .

(2) رسالة النكاح 20 : 53 ـ 54 .

ــ[43]ــ

   إلاّ أ نّه لا بدّ من حمل هذه الصحيحة ـ كما هو ليس ببعيد ـ على اقتضاء عمله لذلك ، وأنّ النظر إليها يكون اتفاقياً ، بمعنى أ نّه يقع نظره عليها من دون قصد أو تعمّد .

   وبذلك فتكون الصحيحة أجنبية عن محل الكلام ، ولا تدلّ على جواز تعمّد النظر إلى وجه المرأة ، وإلاّ فلا بدّ من رد علمها إلى أهلها ، لأ نّها دالّة على جواز النظر إليها حتى مع قصده التلذّذ من الأول ، كما يظهر من قوله : (فيعجبني النظر إليها) وهو مما لا يمكن الالتزام به ولم يقل به أحد منّا . على أنها غير مختصة بالوجه واليدين فتشمل الشعر أيضاً وهو مقطوع البطلان .

   ومما يؤيد ما ذكرناه ـ من حملها على عدم التعمد والقصد ـ أنّ من البعيد جداً أن يفعل علي بن سويد على جلالة قدره وعظم شأنه ذلك قاصداً متلذّذاً ، ثم ينقله بكل صراحة للإمام (عليه السلام) .

   ثالثاً : صحيحة الفضيل ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الذراعين من المرأة ، هما من الزينة التي قال الله : (وَلاَ يُبدِينَ زِينَتُهنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهنَّ) ؟ قال : «نعم وما دون الخمار من الزينة ، وما دون السوارين» (1) .

   وحيث إنّ الوجه مما لا يستره الخمار ، والكف فوق السوار لا دونه ، فتدلّ الصحيحة على جواز إبدائهما .

   وفيه : ما تقدم من أنّ جواز الإبداء لا يلازم جواز النظر إليه ، فلا تدلّ هذه الصحيحة على جوازه .

   على أن الصحيحة في الحرمة أظهر من الجواز ، فإنّ الظاهر أنّ المراد بـ «ما دون الخمار» هو ما يعمّ الوجه أيضاً لأ نّه مما يكون على الرأس ، فيكون الوجه مما هو دونه لا محالة ، ولا مبرر لملاحظة الخمار من أسفله ـ أعني ما يكون على الذقن ـ كي يقال : إنّ ما دونه هو الرقبة خاصة ، بل ما دونه الوجه فما دون .

   كما أنّ الظاهر بل الواضح أنّ المراد بـ «ما دون السوارين» هو ما يكون دونهما إلى أطراف الأصابع . وحمل ذلك على الفاصلة اليسيرة بينهما وبين الكفّ ، بحيث يكون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 109 ح 1 .

ــ[44]ــ

الكفّ خارجاً من قوله (عليه السلام) «وما دون السوارين» لا يخلو من تعسف .

   إذن فالرواية تدل على أنّ الذراعين وما دونهما إلى أطراف الأصابع والخمار وما دونه مطلقاً من الزينة المحرم إبداؤها ، فلا يبقى وجه للاستدلال بها على جواز النظر إلى الوجه والكفين .

   رابعاً : رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْها) فهي الثياب ، والكحل ، والخاتم ، وخضاب الكفّ ، والسوار . والزينة ثلاثة : زينة للناس ، وزينة للمحرم ، وزينة للزوج . فأما زينة الناس فقد ذكرنا . وأما زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها ، والدملج فما دونه ، والخلخال وما سفل منه . وأما زينة الزوج فالجسد كلّه» (1) .

   وهذه الرواية وإن كانت صريحة في الجواز في القسم الأوّل ، إلاّ أ نّها ضعيفة سنداً ولا يمكن الاعتماد عليها ، فإنّها مرسلة لأنّ أبا الجارود ممن يروي عن الباقر (عليه السلام) ، فالفصل بينه وبين علي بن إبراهيم كثير جداً فلا يمكن أن يروي عنه مباشرة .

   خامساً : رواية علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل ما يصلح له أن ينظر إليه من المرأة التي لا تحلّ له ؟ قال : «الوجه ، والكف ، وموضع السوار» (2) .

   واستدل بهذه الرواية صاحب الجواهر (قدس سره) وذكر أنّ سندها معتبر على ما  قيل (3) .

   وفيه : أ نّها ضعيفة سنداً بعبدالله بن الحسن ، إذ لم يرد فيه أي توثيق أو مدح .

   على أ نّها واردة في المرأة التي يحرم نكاحها ، ومن الواضح أ نّها ليست إلاّ المحرم فلا  يبقى لها ارتباط بمحل كلامنا ، أعني الأجنبية . بل يمكننا استفادة الحرمة منها ، نظراً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك ، ج 14 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 85 ح 3 .

(2) قرب الاسناد : 227 / 890 .

(3) الجواهر 29 : 75 .

ــ[45]ــ

إلى تخصيص الجواز بالمحارم ، فمن العجيب من صاحب الجواهر (قدس سره) الاستدلال بها على الجواز .

   سادساً : رواية عمرو بن شمر عن أبي جعفر (عليه السلام) عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: خرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يريد فاطمة وأنا معه ... إلى أن قال : فدخل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ودخلت وإذا وجه فاطمة (عليها السلام) أصفر كأ نّه بطن جرادة ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «ما لي أرى وجهكِ أصفر ؟ » قالت : «يا رسول الله الجوع» . فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «اللهم مشبع الجوعة ودافع الضيعة ، أشبع فاطمة بنت محمد» . قال جابر : فوالله ، لنظرت إلى الدم ينحدر من قصاصها حتى عاد وجهها أحمر فما جاعت بعد ذلك اليوم (1) .

   ودلالتها على الجواز واضحة ، لأ نّها تتضمن فعل المعصوم وإقرار النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وكل منهما حجة على الجواز .

   وفيه : أ نّها ضعيفة سنداً ، فإنّ عمرو بن شمر قد ضعّفه النجاشي في موردين ، عند التعرض لترجمته وعند ترجمة جابر بن عبدالله ، وذكر أ نّه قد اُضيف في روايات جابر من قبل عدّة ممن يروون عنه ، وخصّ بالذكر عمرو بن شمر (2) فلا مجال للاعتماد عليها .

   على أنّ متنها غير قابل للتصديق ، فإنّ مقام الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) يمنع من ظهورها أمام الرجل الأجنبي بحيث يراها قطعاً ، فإنّ كل امرأة شريفة تأبى ذلك فكيف بسيدة النساء (عليها السلام) ؟!

   ومما يؤيد ما قلنا أنّ مضمون هذه الرواية ـ  من أ نّها (عليها السلام) ما جاعت بعد ذلك اليوم  ـ معجزة عظيمة فكيف لم يروها غير عمرو بن شمر !!

   سابعاً : رواية مروك بن عبيد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت له : ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرماً ؟ قال : «الوجه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 120 ح 3 .

(2) رجال النجاشي : 128 ، 287 ترجمة برقم 332 ، 765 .

ــ[46]ــ

والكفان ، والقدمان» (1) .

   وفيه : أ نّها وإن كانت واضحة الدلالة إلاّ أ نّها مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها .

   وبهذا ينتهي الكلام في عمدة ما استدلّ به للقول بجواز النظر إلى وجه الأجنبية ويديها . وقد عرفت عدم تمامية شيء منها ، إلاّ أنّ من غير الخفي أ نّه لا حاجة في القول بالجواز إلى شيء منها إذا لم تتمّ أدلة القول بالمنع ، لأنّ مقتضى أصالة البراءة هو الجواز ، وعلى هذا فلا بدّ من التكلّم في أدلة المانعين .

   وقد استدل للحرمة بوجوه :

   الأوّل: قوله تعالى (وَلاَ يُبدِينَ زينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبنَ بِخُمرِهنَّ عَلى جُيُوبِهنَّ وَلاَ يُبدِينَ زِينَتهُنَّ إِلاَّ لِبُعولَتِهنَّ ...)(2) على ما تقدم دلالتها ، فإنّ هذه الآية الكريمة تتصدى لبيان حكمين :

   حكم الظهور وعدم التستر ، المعبّر عنه بالإبداء في نفسه ، عند احتمال وجود ناظر محترم . وحكم الإظهار للغير ، المعبّر عنه بالإبداء ، عند القطع بوجود ناظر محترم ـ  أما عند القطع بعدم وجوده فيجوز الكشف كما في الحمام المنفرد عند الغسل ونحوه  ـ  .

   أفادت الحكم الأوّل وأنّ بدن المرأة ـ ما عدا الوجه والكفين ـ كعورة الرجل يجب ستره في نفسه ولا يتوقف صدق عنوان البدو والإبداء على وجود الناظر ، ولذا جاء في صحيحة زرارة قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : رجل خرج من سفينة عرياناً أو سلب ثيابه ولم يجد شيئاً يصلي فيه ، فقال : «يصلي إيماءً ، وإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها ، وإن كان رجلاً وضع يده على سوأته ، ثم يجلسان فيومئان ولا يسجدان ولا يركعان فيبدو ما خلفهما ، تكون صلاتهما إيماءً برؤوسهما»(3) ، فإنّه (عليه السلام) عبّر بالبدو في فرض عدم وجود ناظر محترم فيظهر من ذلك أنّ المراد به هو الإبداء في نفسه أي ظهوره .

   أفادت الحكم الثاني وهو حرمة إظهار جميع البدن ومن غير استثناء اللاّزمة لحرمة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 109 ح 2 .

(2) سورة النور 24 : 31 .

(3) الوسائل ، ج 4 كتاب الصلاة ، أبواب لباس المصلي ، ب 50 ح 6 .

ــ[47]ــ

النظر إليها لغير المذكورين فيها .

   والذي يظهر ـ والله العالم ـ أنّ الروايات الواردة في تفسير هذه الآية الكريمة تؤكد ما ذكرناه من التفصيل في الزينة بين ما يجب سترها في نفسه ، وما يحرم إبداؤها لغير الزوج ، فإنّ بعضها تسأل عن القسم الأوّل وبعضها الآخر تسأل عن القسم الثاني في الآية الكريمة .

   فمن الأوّل : معتبرة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ : (وَلاَ يُبدِينَ زِينَتهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنها) قال : «الخاتم ، والمسكة ، وهي القلب» (1) . فهي صريحة في أنّ السؤال عن القسم الأوّل من الآية الكريمة دون القسم الثاني ، فلا تدل إلاّ على جواز كشف الوجه واليدين وعدم وجوب سترهما في نفسه وقد عرفت أنّ ذلك لا يلازم جواز النظر إليهما .

   ومن الثاني: صحيحة الفضيل المتقدمة حيث ورد السؤال فيها عن الذراعين من المرأة، هما من الزينة التي قال الله عزّ وجلّ : (وَلاَ يُبدِينَ زِينَتهُنَّ إِلاَّ لِبُعولَتِهنَّ)؟ فأجاب (عليه السلام): «نعم»(2). فدلّت على حرمة إبدائهما لغير الزوج ومن ذكر في الآية الكريمة .

   فبملاحظة هذه النصوص يتضح جلياً أنّ ما تفسره معتبرة أبي بصير غير ما تفسره صحيحة الفضيل، وأ نّهما منضماً إنّما يفيدان أنّ الزينة على قسمين :

   قسم منها يجب ستره في نفسه ، وهو ما عدا الوجه والكفين من البدن .

   وقسم منها لا يجوز إبداؤه لغير المذكورين في الآية الكريمة مطلقاً ، وهو تمام البدن من دون استثناء .

   ولعل صاحب الجواهر (قدس سره) حينما استدل بهذه الصحيحة على جواز النظر إلى الوجه والكفّين (3) تخيّل أ نّها واردة في تفسير القسم الأول من الآية الكريمة ، وغفل عن كونها صريحة في النظر إلى القسم الثاني .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 109 ح 4 .

(2) راجع ص 43 هـ 1 .

(3) الجواهر 29 : 76 .

ــ[48]ــ

   الثاني : الروايات الدالة على جواز النظر إلى وجه المرأة ويديها إذا أراد تزويجها على نحو القضية الشرطية ، فإنّ مفهومها هو عدم الجواز إذا لم يكن مريداً تزويجها . وحمل النظر في هذه الروايات على المقترن بالتلذّذ ، فلا تدل بمفهومها على عدم جواز النظر المجرد إذا لم يكن قاصداً تزويجها ، بعيد جداً ولا موجب له .

   وأوضح من هذه الأخبار ما ورد في جواز النظر إلى وجه الذمية ويديها ، معلِّلاً بأ نّهنّ لا حرمة لهنّ ، فإنّه كالصريح في أنّ منشأ الجواز إنّما هو عدم وجود حرمة لأعراضهنّ ، فيدل على عدم الجواز إذا كانت المرأة مسلمة وذات حرمة .

   الثالث : صحيحة الفضيل المتقدمة في أدلّة القول بالجواز وذلك بالتقريب المتقدم فإنّ ظاهرها هو كون الوجه واليدين من الزينة التي لا يجوز إبداؤها إلاّ للزوج ، حيث ألحق (عليه السلام) «ما دون الخمار» و «ما دون السوارين» إلى الذراعين ، فجعل المجموع من مصاديق الآية الكريمة الدالة على حرمة إبداء الزينة ، التي قلنا إنّه بمعنى حرمة إظهارها للغير الملازمة لحرمة النظر إليها على ما عرفت تفصيله .

   الرابع : صحيحة محمد بن الحسن الصفار ، قال : كتبت إلى الفقيه (عليه السلام) في رجل أراد أن يشهد على امرأة ليس لها بمحرم ، هل يجوز له أن يشهد عليها وهي من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد عدلان أ نّها فلانة بنت فلان التي تشهدك وهذا كلامها ، أو لا  يجوز الشهادة عليها حتى تبرز ويثبتها بعينها ؟ فوقع (عليه السلام) : «تتنقب وتظهر للشهود إن شاء الله» (1) .

   فإنّ أمره (عليه السلام) بالتنقب الذي هو عبارة عن لبس ما يستر مقداراً من فوق الأنف فما  دونه ـ عند الشهادة ـ يدلّ بوضوح على عدم جواز النظر إلى وجه المرأة في حدّ نفسه ، وإلاّ فلم يكن وجه لأمرها بالتنقب . وحمل الأمر على استحياء المرأة خارجاً ـ  مع قطع النظر عن الحكم الشرعي  ـ لا وجه له بالمرة ، فإنّ ظاهر الأمر هو بيان التكليف والوظيفة الشرعية ، فحمله على غيره يحتاج إلى القرينة والدليل .

   ثم إنّ الأمر بالتنقب وإن دلّ على لزوم ستر الأنف فما دون مطلقاً ، إلاّ إ نّه لا  يدل

على جواز كشف ما فوق الأنف مطلقاً ، بل يختص ذلك بالشهادات حيث تقتضي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الاستبصار 3 : 19 ح 58 .

ــ[49]ــ

   وقيل بالجواز فيهما مرّة ، ولا يجوز تكرار النّظر (1) والأحوط المنع مطلقاً((1)) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الضرورة للتعرّف على المرأة وذلك يحصل بالنظر إلى عينيها ، ومن هنا حكم من لا  يرى جواز النظر إلى المرأة في نفسه بالجواز في مقام الشهادة .

   الخامس : الأخبار الدالة على أنّ النظر إلى الأجنبية «سهم من سهام إبليس» وأ نّه «زنا العين» وما شاكله (2) . لكن الظاهر أنّ هذه الطائفة مما لا يصح الاستدلال بها على حرمة النظر المجرد ، فإنّ التعبير بأ نّه «سهم من سهام إبليس» لا ينسجم إلاّ مع كون الناظر في مقام الريبة ، فإنه في هذه الحالة قد لا  يتمكن الإنسان من السيطرة على نفسه فيقع في الزنا ، وقد يتمكن من كفّ نفسه ومنعها من المحرمات فينجو من ذلك ، وحينئذ يصح تمثيله بالسهم فإنه قد يصيب الهدف وقد يخطئ . وأما إذا لم يكن في مقام الريبة فهو غير مصيب دائماً ، فلا يتلاءم مع تشبيهه بالسهم .

   وكذا الحال فيما دل على أ نّه زنا العين ، فإنّه ـ ومع غض النظر عن سنده ـ ظاهر في كون الناظر في مقام التلذّذ لا مطلقاً ، كما يظهر ذلك من قوله : «فإنّ لكل عضو زنا وزنا العين النظر» . فإنّ من الواضح أنّ زنا العين هو النظر متلذّذاً ـ كما هو الحال في زنا سائر الأعضاء ـ لا النظر المجرّد .

   والمتحصل من جميع ما تقدّم : أ نّه لا مجال لاستثناء الوجه والكفين من حرمة النظر إلى الأجنبية ، فإنه لا دليل على ذلك بل الدليل على خلافه ، كما عرفت .

   (1) اختاره المحقق (قدس سره) في الشرائع(3) والعلاّمة (قدس سره) في القواعد(4) ولعلّ الوجه في ذلك هو الجمع بين الطائفتين المتقدمتين .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وإن كان الأظهر جواز نظر المرأة إلى وجه الرّجل ويديه بل رأسه ورقبته وقدميه من غير تلذّذ وريبة ، بل حرمة نظرها إلى سائر بدنه غير العورتين من دون تلذّذ وريبة لا يخلو عن إشكال ، والإحتياط لا يُترك .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 104 .

(3) الشرائع 1 : 317 .

(4) قواعد الأحكام 2 : 3 .

ــ[50]ــ

   إلاّ أ نّه ضعيف جداً ، وذلك لأنّ هذا التفصيل وإن ورد في رواية معتبرة ، فقد روى الكاهلي ـ عبدالله بن يحيى الكاهلي الممدوح ـ إنّه قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة» (1) . كما روى الصدوق مرسلاً أنه (عليه السلام) قال: «أوّل نظرة لك، والثانية عليك ولا لك، والثالثة فيها الهلاك» (2) ، لكنّها مرسلة فلا يمكن الاعتماد عليها .

   وعلى فرض صحة الرواية سنداً فإنّ هذا التفصيل لا يمكن العمل به وذلك :

   أوّلاً : إنّ الظاهر من هذه النصوص ، أ نّها ليست في مقام الفرق بين النظرة الاُولى والثانية من حيث العدد ، وإنما هي بصدد الفرق بينهما من حيث إنّ الاُولى اتفاقية وغير مقصودة بخلاف الثانية ، فتحرم الثانية دون الاُولى ، فلا تدلّ حينئذ على جواز النظرة الاُولى حتى ولو كانت مقصودة .

   ثانياً : إنّ إطلاق هذه الروايات لو سلم فلا بدّ من تقييده على كل حال ، فإنّها تدل بإطلاقها على جواز النظرة الاُولى متعمداً إلى جميع أعضاء بدن المرأة ، وهو مما لا يقول به أحد .

   وحيث يدور أمر تقييدها بين التقييد بالوجه واليدين ، والتقييد بالاختيار وعدمه وكان الثاني بنظر العرف هو الأظهر تعيّن التقييد به . خصوصاً بملاحظة أنّ التفصيل بين النظرة الاُولى والثانية بلحاظ العدد ، بمعنى الالتزام بالجواز في النظرة الاُولى بما هي نظرة اُولى ـ حتى ولو كانت اختيارية ـ وعدم الجواز في الثانية بما هي ثانية ، مما لا يقبله العقل السليم .

   حيث يرد التشكيك في النظرة الاُولى من حيث مدتها وفترة صدقها ، وذلك بمعنى أ نّه إلى متى يجوز الاستمرار في النظرة الاُولى ؟ وهل يجوز النظر لمدة خمس دقائق مستمراً في حين لا يجوز إعادة النظر ولو لأقل من دقيقة لأ نّه من النظرة الثانية ؟

   ثم ما هي الفترة التي لا بدّ وأن تمضي لتصدق ثانياً النظرة الاُولى ؟ وهل إذا نظر إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 104 ح 6 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 104 ح 8 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net