جواز النظر إلى المحارم النسبية - جواز النظر إلى المحارم الرضاعية 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 10072


ــ[51]ــ

   [ 3664 ] مسألة 32 : يجوز النظر إلى المحارم التي يحرم عليه نكاحهنّ نسباً (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المرأة فلا يجوز له النظر إليها ثانياً ما دام حياً لأنه من النظرة الثانية ، أو يكون المعيار في كونها من النظرة الاُولى أو الثانية باليوم الواحد فتعتبر النظرة الواقعة في الثاني النظرة الاُولى أيضاً ، أو أنه بالساعة أو الشهر أو السنة ؟

   إنّ كل هذه التشكيكات تدلّ بوضوح على أ نّه (عليه السلام) ليس في مقام تحديد النظر من حيث العدد ، وإنّما هو في مقام التحديد من حيث الاتفاق والتعمّد ، وإنّ النظرة الاتفاقية معفو عنها ويجب عدم العود إليها .

   إذن فلا يصلح ما قيل من أنّ هذا الحكم هو حصيلة الجمع بين الروايات التي استدل بها على الجواز مطلقاً ، والروايات التي دلت على الحرمة كذلك . وحيث قد عرفت عدم صلاحية الطائفة الاُولى لإثبات المدعى ، فتبقى الطائفة الثانية سليمة عن المعارض ، فيتعيّن القول بالحرمة ، ولا أقل من الاحتياط اللزومي .

   (1) ويدلّ على الجواز ـ مضافاً إلى السيرة القطعية من زمان الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى عصرنا الحاضر ، حيث لم يعهد تحجب النساء من أولادهن أو آبائهن أو أخوانهن إلى غيرهم من المحارم ـ  :

   أوّلاً : قوله تعالى: (وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعولَتِهنَّ أَوْ آبائِهنَّ أَوْ آباءِ بُعولَتِهنَّ أَوْ أبنائِهنَّ أَوْ أَبناءِ بُعُولَتِهنَّ أَوْ إِخوانِهنَّ أَوْ بَني إِخوانِهنَّ أَوْ بَني أَخواتِهنَّ) (1) . فهي ـ على ما تقدّم ـ تدل على جواز إبداء زينتهن الذي هو بمعنى إظهار مواضعها للمذكورين فيها ، ومن الواضح أنّ جواز الإبداء بهذا المعنى يلازم جواز النظر إليها . والآية الكريمة وإن لم تتعرض لذكر العم والخال ، إلاّ أ نّك قد عرفت أنّ حكمهما يظهر من بيان حكم ابن الأخ وابن الاُخت ، لوحدة النسبة ، على ما تقدم بيانه مفصّلاً .

 ثانياً : معتبرة السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهم السلام)، قال: «لا بأس أن ينظر إلى شعر اُمه أو اُخته أو ابنته» (2) . فإنّها وإن دلت على جواز النظر إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة النور 24 : 31 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 104 ح 7 .

ــ[52]ــ

خصوص الشعر ، إلاّ أ نّه بملاحظة عدم القول بالفصل بينه وبين سائر أعضاء الجسد يثبت الحكم للجميع . ولا أقلّ من أ نّها تنفعنا في الجملة .

   ثالثاً : الروايات المتضافرة الدالة على جواز تغسيل الرجل المرأة التي يحرم نكاحها عليه وبالعكس إذا لم يحصل المماثل ، وقد تقدم الكلام فيها في مبحث الطهارة . فبملاحظة أنّ لازم التغسيل عادة هو النظر إلى جسدها حتى لو قلنا بوجوب تغسيلها من وراء الثياب ـ كما تدل عليه بعض النصوص ـ تتضح دلالة هذه الأخبار على المدعى .

   وكيف كان ، فالحكم مقطوع ولا خلاف فيه ، وإن نُسب إلى العلاّمة المنع من ذلك في الجملة (1) وإلى بعض المنع من النظر إلى الثدي حال الرضاع ، فإنه لا وجه للقولين بعد إطلاق الآية الكريمة وظهور الأخبار .

   ثم إنّه وإن كان مقتضى هذه الأدلة جواز النظر إلى جميع أعضاء بدن المحارم ما عدا القُبل والدُّبر لأنهما عورة ، إلاّ أنّ الظاهر من معتبرة الحسين بن علوان أنّ المراد بالعورة ما بين السرّة والركبة .

   فقد روي عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) ، قال : «إذا زوج الرجل أمته فلا ينظرن إلى عورتها ، والعورة ما بين السرّة والركبة» (2) .

   فإنّها تدل بوضوح على تحديد العورة، فلا محيص عن الالتزام بحرمة النظر إلى ما بين السرة والركبة وأنّها العورة في المرأة. وقد تقدّم الكلام في هذا الفرع في مبحث الستر والساتر من الصلاة، وقد عرفت في محلِّه أنّه لا مجال للمناقشة في سند الرواية فإنّ الحسين بن علوان ممن وثّقه النجاشي(3) .

   وعليه فيتحصل من جميع ما تقدم جواز النظر إلى جميع أعضاء بدن المحارم عدا ما  بين السرّة والركبة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قواعد الأحكام 2 : 273 .

(2) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب 44 ح 7 .

(3) رجال النجاشي : 52 ترجمة برقم 116 .

ــ[53]ــ

أو رضاعاً (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وأما رواية أبي الجارود في قوله : «وأما زينة المحرم : فموضع القلادة فما فوقها والدملج فما دونه ، والخلخال وما سفل منه» (1) .

   ورواية علي بن جعفر في قوله عن الرجل ما يصلح له أن ينظر إليه من المرأة التي لا تحل له ، قال : «الوجه ، والكف ، وموضع السوار» (2) .

   فلا تصلحان لتقييد ما ذكرناه ، لأ نّهما ضعيفتان سنداً ـ على ما مرّ بيانه ـ فلا يمكن الاعتماد عليهما .

   (1) لما دلّ على أنّ «ما يحرم بالنسب يحرم بالرضاع» . وعليه فما يجوز النظر إليه من المحرم بالنسب ، يجوز النظر إليه من المحرم بالرضاع .

   وما قيل من اختصاص الحكم بالمرضعة وصاحب اللبن والاُصول والفروع والحواشي لهما ، ولا يشمل أب المرتضع لأن دليل التنزيل قاصر عن شموله ، باعتبار أنّ التنزيل إنما هو بالنسبة إلى المرتضع وكل من المرضعة وصاحب اللبن ، وأما أبو المرتضع فلا دخل له في ذلك ، وثبوت حرمة نكاحه لأولاد المرضعة أو صاحب اللبن إنما كان ببركة دليل تعبدي ، أعني ما دل على أ نّه لا  ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة ، فلا يثبت جواز النظر إليه أيضاً .

   فهو مشكل جداً فإنّه إنما يمكن أن يقال بأنّ حرمة نكاح أب المرتضع في أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة حكم تعبدي صرف ، فيما لو لم تكن الرواية الدالة عليها معلّلة . أمّا لو كان الحكم معلّلاً كما هو الحال بالنسبة إلى ما نحن فيه ، بـ : أن ولدها صارت بمنزلة ولده (3) . فلا مجال لما ذكر ، إذ التعليل يقتضي شمول أب المرتضع بالتنزيل أيضاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ص 44 هـ 1 .

(2) راجع ص 44 هـ 2 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالرضاع ، ب 16 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net