عدم حرمة مملوكة الأب على الابن وبالعكس مع عدم الدخول واللّمس والنظر بشهوة 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4577


ــ[260]ــ

وتحرم مع الدخول (1) أو أحد الأمرين إذا كان بشهوة (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) وتدلّ عليها ـ مضافاً إلى مفهوم صحيحة عبدالرّحمن بن الحجاج وحفص بن البختري وعلي بن يقطين وصحيحة محمد بن مسلم المتقدمتين ـ صحيحة زرارة قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ : «إذا أتى الجارية وهي له حلال ، فلا تحلّ تلك الجارية لابنه ولا لأبيه» (1) .

   (2) لصحيحة محمد بن إسماعيل ، قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل تكون له الجارية فيقبلها ، هل تحلّ لولده ؟ قال : «بشهوة»؟ قلت : نعم . قال : «ما ترك شيئاً إذا قبلها بشهوة» ، ثم قال ابتداء منه : «إن جردها ونظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه» (2) .

   وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «إذا جرّد الرجل الجارية ووضع يده عليها فلا تحلّ لابنه» (3) .

   وصحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل تكون عنده الجارية يجردها وينظر إلى جسمها نظر شهوة ، هل تحلّ لأبيه ؟ وإن فعل أبوه هل تحل لابنه ؟ قال : «إذا نظر إليها نظر شهوة ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحلّ لابنه وإن فعل ذلك الابن لم تحلّ للأب» (4) .

   نعم ، قد وردت بإزاء هذه الصحاح روايتان معتبرتان قد يتوهّم معارضتهما لها وهما :

   أوّلاً : معتبرة عبدالله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال : سألته عن رجل تكون له جارية فيضع أبوه يده عليها من شهوة ، أو ينظر منها إلى محرم من شهوة ، فكره أن يمسّها ابنه (5) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 4 ح 1 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 3 ح 1 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 3 ح 4 .

(4) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 3 ح 6 .

(5) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 3 ح 2 .

 
 

ــ[261]ــ

   ووجه التوهّم أنّ الكراهة لما كانت تقتضي جواز الفعل ، كانت هذه المعتبرة معارضة لتلك الأخبار ، ومقتضى الجمع بينهما هو حمل الأخبار المانعة على المبالغة في الكراهة ، ونتيجته الالتزام بالجواز لا محالة .

   وفيه : ما تقدم غير مرة من أنّ الكراهة ظاهرة في التحريم ، فإنّ المعنى المصطلح لها إنّما نشأ في العهد المتأخر عن عصر النصوص ، وإلاّ فهي في النصوص مستعملة في الحرمة . ومع التنزل عن ذلك فهي إنّما تدل على المبغوضية والحزازة الأعمّ من الحرمة والكراهة الاصطلاحية ، فلا تكون فيها دلالة على الجواز . على أنّ هذه المعتبرة أجنبية عن محل الكلام ، نظراً إلى أ نّها واردة في لمس الأب أو نظره بشهوة إلى أَمة ابنه ، وهذه مسألة أجنبية عن لمس المالك أو نظره بشهوة إلى مملوكته ، وسيأتي التعرض إليها في المسألة الخامسة من هذا الفصل إن شاء الله .

   ثانياً : معتبرة علي بن يقطين عن العبد الصالح (عليه السلام) عن الرجل يقبل الجارية يباشرها من غير جماع داخل أو خارج ، أتحلّ لابنه أو لأبيه ؟ قال : «لا بأس» (1) .

   وهذه المعتبرة كما تراها واضحة الدلالة على الجواز ، فتكون معارضة لما تقدم من الصحاح ، ومن هنا التزم جماعة بالكراهة في المقام جمعاً بينها وبين ما تقدم .

   إلاّ أ نّه غير تام ، لكن لا لما قيل من أ نّها مطلقة من حيث الشهوة وعدمها ، فتقيد بتلك الأخبار الدالة على عدم الجواز في صورة الشهوة صريحاً، فإنّه بعيد جداً، باعتبار أنّ الظاهر من قوله : (يباشرها من غير جماع داخل أو خارج) أ نّه يعاملها معاملة الرجال للنساء ، وهو ظاهر في كون الفعل عن شهوة .

   وإنّما لكون هذه المعـتبرة مطلقة من حيث كون الجارية مملوكة للفـاعل وعدمه فتقيد بتلك الأخبار الدالة على عدم الجواز فيما إذا كانت الجارية مملوكة له ، وبذلك يرتفع التعارض بينهما .

   والحاصل أنّ مقتضى الجمع بين الأخبار هو كون النظر واللمس بشهوة في حكم الجماع في ثبوت التحريم به ، فيما إذا كانت الجارية مملوكة للفاعل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب 77 ح 3 .

ــ[262]ــ

   نعم، قد يقال أنّ مقتضى مفهوم رواية أحمد بن محمد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل تكون عنده الجارية فيكشف ثوبها ويجرّدها لا يزيد على ذلك ، قال : «لا تحلّ لابنه إذا رأى فرجها» (1) هو عدم الحرمة فيما إذا كان النظر إلى غير الفرج حتى ولو كان ذلك عن شهوة ، فتكون معارضة لما دلّ على الحرمة بذلك .

   إلاّ أ نّه مدفوع بأنّ هذه الرواية قد رويت بطريق آخر لا تشتمل على هذا الذيل وهو ما رواه الشيخ عن حميد ، عن الحسن بن سماعة ، عن محمد بن زياد ، عن عبدالله ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل تكون عنده الجارية فتنكشف فيراها أو يجرّدها لا يزيد على ذلك ، قال : «لا تحل لابنه» (2) .

   وحيث لا يحتمل أن يكون عبدالله بن سنان قد روى هذا النص مرتين ، حذف في إحداهما الذيل وذكره في الاُخرى ، سقطت الزيادة بالمعارضة فلا مجال للاعتماد عليها والتمسك بمفهومها .

   على أنّ سند الرواية المشتملة على الزيادة وإن كان بظاهره صحيحاً ، إلاّ أ نّه لا  يخلو من المناقشة، فإنّ رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن النضر بن سويد بعيدة جداً لاختلاف طبقتهما ، وبذلك فتكون الرواية مرسلة سنداً ، ونظير ذلك في النوادر كثير جداً ، فإنّه يروي كثيراً عن أصحاب الصادق (عليه السلام) الذين لم يدركوا الرضا (عليه السلام) مباشرة .

   هذا مضافاً إلى أن تقييد النصوص التي جعلت الجسد في مقابل الفرج بالفرج ـ  بمعنى حمله عليها  ـ بعيد جداً ، فتتقدم تلك على هذه لا محالة . ثم إنّ موضوع الحرمة بالنسبة إلى النظر في النصوص لما كان هو النظر إلى ما يحرم على غيره بل في بعضها تجريدها ، فلا موجب للالتزام بها عند نظر الأب أو الابن إلى وجه مملوكته حتى ولو كان ذلك عن شهوة ، نظراً إلى عدم حرمة ذلك في حدّ نفسه على غيره .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 3 ح 7 .

(2) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب 77 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net