عدم جواز وطء الأب أو الابن مملوكة الآخر من غير عقد أو تحليل - جواز تقديم الأبُ لمملوكة ابنه الصغير 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 10808

 

   [ 3741 ] مسألة 5 : لا يجوز لكل من الأب والابن وطء مملوكة الآخر من غير عقد ولا تحليل وإن لم تكن مدخولة له (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــ
   (2) بلا خلاف فيه بين الأصحاب . وتدلّ عليه جملة من النصوص ـ  على ما سيأتي بيانها  ـ ولقبح التصرف في ملك الغير .

   نعم ، يستفاد من بعض الروايات جواز ذلك بالنسبة إلى الأب خاصة .

   ففي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه ، قال : «يأكل منه ما شاء من غير سرف» . وقال : «في كتاب علي (عليه السلام) : أنّ الولد لا يأخذ من مال والده شيئاً إلاّ بإذنه ، والوالد


ــ[278]ــ

يأخذ من مال ابنه ما شاء ، وله أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها» . وذكر أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لرجل : «أنت ومالك لأبيك» (1) .

   وفي معتبرة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يكون لولده الجارية ، أيطأها ؟ قال : «إن أحبّ ، وإن كان لولده مال وأحبّ أن يأخذ منه فليأخذ» (2) .

   وقد تقدّم في محلِّه أن ذيل الصحيحة الاُولى محمول على بيان حكم أخلاقي محض جزماً ، إذ الولد الحر غير قابل لأن يكون مملوكاً لأحد كي يكون ماله كذلك أيضاً ، بل الأب لا ولاية له عليه فضلاً عن أن يكون مالكاً له ، فمن هنا لا محيص عن حمل هذا الذيل على بيان حكم أخلاقي فقط .

   ومما يدلّ على ذلك صحيحة الحسين بن أبي العلا ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما  يحلّ للرجل من مال ولده ؟ قال : «قوته بغير سرف إذا اضطرّ إليه» . قال : فقلت له : فقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للرجل الذي أتاه فقدم أباه فقال له : «أنت ومالك لأبيك»؟ فقال: «إنّما جاء بأبيه إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : يا رسول الله ، هذا أبي وقد ظلمني ميراثي عن اُمي فأخبره الأب أ نّه قد أنفقه عليه وعلى نفسه ، وقال : أنت ومالك لأبيك ، ولم يكن عند الرجل شيء أوَ كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يحبس الأب للابن»؟!(3).

   فإنّها صريحة الدلالة على أنّ التعبير بـ «أنت ومالك لأبيك» إنّما هو لبيان الحكم الأخلاقي ، باعتبار أ نّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يكن يحبس الأب للابن .

   وعلى كل فالمعتبرتان تدلاّن على جواز وطء الأب مملوكة ابنه إذا لم يكن قد دخل بها مطلقاً ، إلاّ أنّ مقتضى جملة من النصوص تقييد الحكم بما إذا قوّمها على نفسه وأصبحت بذلك مملوكة له .

   والنصوص الواردة في المقام كثيرة منها :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 17 كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، ب 78 ح 1 .

(2) الوسائل ، ج 17 كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، ب 78 ح 10 .

(3) الوسائل ، ج 17 كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، ب 78 ح 8 .

ــ[279]ــ

   صحيحة أبي الصباح عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يكون لبعض ولده جارية وولده صغار، هل يصلح له أن يطأها؟ فقال: «يقوّمها قيمة عدل ثم يأخذها ويكون لولده عليه ثمنها»(1).

   وصحيحة محمد بن إسماعيل، قال : كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) في جارية لابن لي صغير، يجوز لي أن أطأها ؟ فكتب : «لا ، حتى تخلصها» (2) .

   وصحيحة ابن سنان ، قال : سألته ـ يعني أبا عبدالله (عليه السلام) ـ ماذا يحلّ للوالد من مال ولده ؟ قال : «أما إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له أن يأخذ من ماله شيئاً ، وإن كان لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له أن يطأها ، إلاّ أن يقوّمها قيمة تصير لولده قيمتها عليه» . قال : «ويعلن ذلك» . قال : وسألته عن الوالد أيرزأ من مال ولده شيئاً ؟ قال : «نعم ، ولا يرزأ الولد من مال والده شيئاً إلاّ بإذنه» (3) .

   ولا يخفى أنّ هذه الرواية مروية في التهذيب تارة عن الحسين ـ وهو ابن سعيد جزماً بقرينة الرواية السابقة عليها ـ عن حماد ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن سنان (4) . واُخرى عن الحسين بن حماد، عن حماد، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن سنان (5) ، وبهذا الطريق لا تكون الرواية معتبرة نظراً إلى أنّ الحسين بن حماد لم يوثق . إلاّ أنّ هذه النسخة غلط جزماً ، فإنّ هذه الرواية بعينها مروية في الاستبصار أيضاً وقد صرّح الشيخ (قدس سره) فيه بالحسين بن سعيد (6) . إذن فالرواية معتبرة سنداً .

   وصحيحة الحسن بن محبوب ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) : إنّي كنت وهبت لابنة لي جارية حيث زوجتها ، فلم تزل عندها وفي بيت زوجها حتى مات زوجها ، فرجعت إليّ هي والجارية ، أفيحلّ لي أن أطأ الجارية ؟ قال : «قوّمها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب 40 ح 1 .

(2) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب 40 ح 2 .

(3) الوسائل ، ج 17 كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، ب 78 ح 3 .

(4) التهذيب 6 : 345 ح 968 .

(5) التهذيب 6 : 345 ح 968 .

(6) الاستبصار 3 : 50 / 163 .

ــ[280]ــ

قيمة عادلة وأشهد على ذلك ، ثم إن شئت فطأها» (1) .

   ومعتبرة إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن الوالد يحلّ له من مال ولده إذا احتاج إليه ؟ قال : «نعم ، وإن كان له جارية فأراد أن ينكحها قوّمها على نفسه ويعلن ذلك» . قال : «وإن كان للرجل جارية فأبوه أملك بها أن يقع عليها ما لم يمسّها الابن» (2) .

   فهذه جملة من النصوص تدلّ على عدم جواز وطء كل من الأب والابن مملوكة الآخر من غير عقد ولا تحليل . نعم ، يجوز للأب تقويم جارية ولده على نفسه وإخراجها بذلك عن ملك الولد ووطؤها إلاّ أ نّه خروج عن محل النزاع ، وسيأتي التعرض إليه في المسألة القادمة .

   وبذلك تكون هذه النصوص مقيدة لصحيحة محمد بن مسلم ومعتبرة علي بن جعفر المتقدمتين ، حيث دلّتا على الجواز بالنسبة للأب مطلقاً .

   نعم ، ورد في رواية واحدة جواز وطء الأب لجارية ابنته خاصة ، وهي رواية عروة الخياط عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : قلت له : لِمَ يحرم على الرجل جارية ابنه وإن كان صغيراً واُحلّ له جارية ابنته ؟ قال : «لأن الابنة لا تنكح والابن ينكح ، ولا يدري لعلّه ينكحها ويخفى ذلك عن أبيه ، ويشبّ ابنه فينكحها فيكون وزره في عنق أبيه» (3) .

   وموضوع هذه الرواية كما تراه هو جارية الابنة وجارية الابن ، فتكون هذه الرواية دالّة على الجواز في جارية الابنة مطلقاً ، ومن دون حاجة إلى نقلها إلى ملكه بتقويمها على نفسه ، بحيث يكون وطؤه لها في حال كونها مملوكة له .

   وقد التزم الشيخ الصدوق (قدس سره) بصحة هذه الرواية ، إلاّ أ نّه حملها على بيان أنّ الأصلح للأب أن لا يأتي جارية ابنه وإن كان صغيراً ((4)) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 17 كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، ب 79 ح 1 .

(2) الوسائل ، ج 17 كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، ب 79 ح 2 .

(3) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب 40 ح 8 .

(4) علل الشرائع : 525 .

 
 

ــ[281]ــ

وإلاّ كان زانياً (1) .

   [ 3742 ] مسألة 6 : يجوز للأب أن يقوّم مملوكة ابنه الصغير على نفسه ووطؤها (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إلاّ أنّ هذه الرواية لا تصلح لمعارضة ما تقدم من النصوص المتقدمة ، الدالة على لزوم التقويم على نفسه ونقلها إلى ملكه . على أ نّها ضعيفة السند بعروة الخياط ، فإنّه لم يثبت توثيقه .

   (1) لكونه وطأً بغير استحقاق أو شبهة .

   (2) بلا خلاف في ذلك بين الأصحاب، والنصوص الدالة عليه متضافرة، إلاّ أنّها ـ كما تقدّمت الإشارة إليه في المسألة السابقة ـ على قسمين : فمنها ما هو وارد في خصوص جارية الولد الصغير، ومنها ما هو مطلق بالنسبة لجارية الولد الكبير أو صريح في ذلك .

   أمّا القسم الأوّل : فهو عبارة عن صحيحتي أبي الصباح ومحمد بن إسماعيل ـ المتقدِّمتين في المسألة السابقة ـ وغيرهما من النصوص الصحيحة .

   وأمّا القسم الثاني : فهو عبارة عن جملة من النصوص الصحيحة . منها : صحيحة عبدالرّحمن بن الحجاج عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) ، قال : قلت له : الرجل يكون لابنه جارية ، أله أن يطأها ؟ فقال : «يقوّمها على نفسه ويشهد على نفسه بثمنها أحبّ إليّ» (1) . فإنّها بإطلاقها تدلّ على عدم اختصاص الحكم بجارية الولد الصغير .

   ومنها : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «في كتاب علي (عليه السلام): أنّ الولد لا يأخذ من مال والده شيئاً ، ويأخذ الوالد من مال ولده ما يشاء ، وله أن يقع على جارية ابنه إن لم يكن الابن وقع عليها» (2) . فإنّها كسابقتها في الإطلاق .

   ومنها : صحيحة ابن سنان المتقدمة ، حيث ورد فيها : «وإن كان لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له أن يطأها ، إلاّ أن يقوّمها قيمة تصير لولده قيمتها عليه» .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب 40 ح 3 .

(2) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب 40 ح 3 .

ــ[282]ــ

   ومنها : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) المتقدمة أيضاً .

   ومنها : صريح صحيحة الحسن بن محبوب المتقدمة ، حيث فرض فيها أ نّها جارية لابنته المزوجة والتي رجعت إلى بيته بعد وفاة زوجها .

   وأصرح من جميع ذلك صحيحة إسحاق بن عمار المتقدمة أيضاً ، حيث ورد فيها : «وإن كان للرجل جارية فأبوه أملك بها أن يقع عليها ما لم يمسّها الابن» .

   ومقتضى هذه النصوص هو جواز التقويم مطلقاً ، سواء أ كان الولد صغيراً أم كبيراً . ولا يعارضها ما ورد في القسم الأول ، لأنّ التقييد بالصغير إنّما ورد في كلام السائل وهو لا يقتضي اختصاص الحكم به ، بل غاية ما يفيده هو عدم ثبوت الحكم في غيره إلاّ بالدليل ، وقد عرفت ما يدلّ عليه .

   نعم ، ورد التقييد بالصغير في كلام الإمام (عليه السلام) في موردين هما :

   1 ـ صحيحة ابن سنان المتقدمة ، حيث ورد في ذيلها : «فإن كان للرجل ولد صغار لهم جارية فأحبّ أن يقتضها ، فليقوّمها على نفسه قيمة ثم ليصنع بها ما شاء ، إن شاء وطئ وإن شاء باع» .

   2 ـ رواية الحسن بن صدقة عن أبي الحسن (عليه السلام) ، حيث ورد فيها : فقال : «إذا اشتريت أنت لابنتك جارية أو لابنك ، وكان الابن صغيراً ولم يطأها ، حلّ لك أن تقتضها فتنكحها ، وإلاّ فلا إلاّ بإذنهما» (1) .

   إلاّ أنّ ذلك لا يؤثر شيئاً فيما ذكرناه ، فإنّ الرواية الاُولى يرد عليها بأنّ مفهومها إنّما هو (إن لم يكن للرجل ولد صغار) وهو لا حجية فيه .

   ولا يجري فيه ما ذكرنا في محلّه من أنّ ذكر القيد يدلّ على عدم ثبوت الحكم للطبيعي وإلاّ لكان ذكره لغواً ، وذلك لإمكان حمل القيد على بيان انحصار حلية وطء جاريته بذلك إذ لا طريق لها بغير التقويم ، بخلاف الكبير حيث لا يختص جواز الوطء بذلك بل يجوز بالتحليل وغيره أيضاً ، فلا يكون ذكر القيد لغواً .

   ودعوى أنّ حلّية جارية الولد الصغير لا تنحصر بالتقويم ، لإمكانها بعقد الأب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب 40 ح 5 .

ــ[283]ــ

والظاهر إلحاق الجد بالأب (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عليها ، أو تحليلها لنفسه بالولاية .

   مدفوعة بأنّ العقد والتحليل لما كان يشتمل بطبيعة الحال على المفسدة ، نظراً لإيجابهما تحريم الجارية على الصغير ، لم يكن للأب ولاية على ذلك ، ومن هنا فينحصر طريق الحلّية بالتقويم لا محالة .

   والحاصل أنّ القيد في هذه الصحيحة لما أمكن حمله على بيان جهة وخصوصية فيه ، فلا مجال لجعل هذه الصحيحة معارضة للصحاح التي دلّت بإطلاقها على التعميم ، فضلاً عن التي دلّت على ثبوت الحكم في جارية الولد الكبير صراحة .

   وأما الرواية الثانية ; فهي ضعيفة أولاً بسهل حيث لم تثبت وثاقته ، وثانياً بموسى ابن جعفر فإنّه ضعيف ولا اعتبار بروايته . على أنّ هذه الرواية قد تضمنت إثبات الحلّية لخصوص ما اشتراه الأب لابنه أو لابنته ، دون التي دخلت في ملك الولد أو البنت بطريق آخر ـ كالإرث أو الشراء من مالهما ـ وهذا مناف للأخبار الصحيحة المتقدمة ، ولا قائل به بين الأصحاب . ومن هنا فلا مجال للاعتماد على هذه الرواية في قبال ما تقدم من الأخبار الصحيحة .

   نعم ، لا يخفى أنّ مقتضى جملة من النصوص المتقدمة هو اختصاص الحكم في جانب الكبير بمورد حاجة الأب إلى جاريته ، إذ قد ورد في عدّة من النصوص اختصاص جواز الأخذ من مال الابن بمورد حاجته إليه ، بخلاف الحكم في جانب الصغير حيث يجوز للأب تقويم جاريته وتملكه لها مطلقاً ، سواء أ كان بحاجة إليها أم لم يكن ، على ما يظهر ذلك من التعبير بـ «إن أحبّ» في صحيحة ابن سنان وغيرها . وبهذا يختلف الحكم فيهما نظراً لما يظهر من النصوص .

   (1) وقد خالف فيه جماعة ، مدعين اختصاص النصوص بالأب وهو ظاهر في الوالد بلا واسطة ، والتعدي عنه يحتاج إلى الدليل .

   إلاّ أ نّه لا يمكن المساعدة عليه ، نظراً إلى أنّ المذكور في بعض النصوص وإن كان لفظ الأب إلاّ أ نّه غير مذكور في عمدة النصوص المعتبرة ، وإنّما المذكور فيها «للرجل ولد صغار» على ما في صحيحة ابن سنان ، أو (الرجل يكون لبعض ولده جارية) على ما في صحيحة الكناني ، وهو عام يشمل الأب بلا واسطة والجدّ .

ــ[284]ــ

والبنت بالابن (1) وإن كان الأحوط خلافه . ولا يعتبر إجراء صيغة البيع أو نحوه (2) وإن كان أحوط((1)). وكذا لا يعتبر كونه مصلحة للصبي (3) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومعه كيف يمكن دعوى اختصاص النصوص بالأب بلا واسطة ، ولا سيما بعد ظهور لفظ الولد في الأعمّ من الابن بلا واسطة والابن مع الواسطة ! بل من غير البعيد دعوى أنّ شمول مورد الأسئلة للجدّ أقرب من شموله للأب بلا واسطة ، وذلك نظراً للغلبة الخارجية . فإنّ فرض كون الجارية للابن الصغير أو الابنة الصغيرة إنّما يكون غالباً بموت الأب وانتقال الجارية إليهما بالإرث ، وإلاّ ففرض شراء الأب الجارية لهم وإن كان ممكناً إلاّ أ نّه بعيد .

   (1) وذلك فلأنّ عنوان الابن لم يذكر إلاّ في بعض النصوص ، والمذكور في أكثرها إنّما هو عنوان الولد ، ومقتضى إطلاقه هو عدم اختصاص الحكم بالابن وعمومه للبنت أيضاً . بل يمكن استفادة التعميم من النصوص التي دلّت على أنّ الحكم بجواز تقويم الأب لجارية ابنه الصغير إرفاق في حق الأب ، إذ إنّ من الواضح أنّ الإرفاق في حقّه لا يختص بالنسبة إلى جارية ابنه الصغير خاصة ، وإنّما هو ثابت في جارية ابنته الصغيرة أيضاً .

   (2) لا يخفى أنّ مقتضى النصوص هو عدم كفاية مجرد التقويم في حلّية الجارية ، إذ إنّ المذكور فيها هو التخليص ، ومن الواضح أ نّه عبارة عن فكّ علاقة الجارية عن ملك الولد وإدخالها في ملكه ، وهو لا يتحقق بمجرد التقويم ومعرفة قيمتها فقط ، ومن هنا فلا بدّ من أجل ثبوت الحلّ من مملّك بعد معرفة قيمتها ، ولا أقل من إجراء المعاملة المعاطاتية .

   (3) لعدم الدليل على اعتبارها ، بل إطلاقات النصوص تدلّ على عدم اعـتبارها بل يمكن دعوى أ نّه لا حاجة لإثبات الحكم إلى التمسك بالإطلاق ، وذلك لأنّ هذه النصوص تدلّ على وجود خصوصية للأب في هذا الحكم . فلو كانت المصلحة معتبرة لما كانت للأب خصوصية بل كان الحكم ثابتاً في جميع الأولياء ، سواء أ كان الحاكم الشرعي أم كان القيّم على الصغير ، فإنّه يجوز لهم جميع أنواع التصرف في أموال الصبي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يُترك الاحتياط فيه وفيما بعده .

ــ[285]ــ

   نعم ، يعتبر عدم المفسدة (1) . وكذا لا يعتبر الملاءة في الأب (2) وإن كان أحوط .
ــــــــــــــــــ

بيعاً كان أو غيره إذا كان في ذلك مصلحة للصغير ، والحال أ نّه لا شكّ في عدم ثبوت هذه الخصوصية في سائر الأولياء .

   (1) بلا خلاف فيه بينهم . وتدلّ عليه صحيحة أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) : «أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لرجل : أنت ومالك لأبيك » ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) : «ما اُحبّ أن يأخذ من مال ابنه إلاّ ما احتاج إليه مما لا بدّ منه إنّ الله لا يحب الفساد» (2) .

   على أنّ في النصوص التي دلّت على لزوم الإعلان والإشهاد على التقويم إشعاراً على ذلك ، إذ لو كان للأب أن يفعل كيفما شاء بحيث يجوز له تملكها حتى مع فقره وعدم تمكّنه من أداء قيمتها ، لم يكن للإعلان والإشهاد وجه .

   (2) لإطلاق النصوص . إلاّ أ نّه لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لما ورد في النصوص من لزوم الإعلان والإشهاد ، فإنّ من الواضح أنّ فائدتهما إنّما هو معرفة ثبوت القيمة في ذمته كي لا تفوت على الصغير ، فإذا فرض أنّ الأب فقير بحيث لا يتمكن من الأداء ولا تتحمل ذمته ذلك يجوز له التملك بالتقويم ، فلا تبقى للإعلان والإشهاد فائدة وأثر . على أنّ في تقويم جارية الصغير وتملكها مع عدم الملاءة إفساداً واضحاً ، لأ نّه من جعل ماله في معرض التلف ، فلا يجوز للأب ذلك .
ـــــــــــــــ


(2) الوسائل ، ج 17 كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، ب 78 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net