اعتبار الشرطين في نكاح الأمة دواماً 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4988


ــ[365]ــ

   [ 3787 ] مسألة 51 : الأحوط ترك تزويج الأَمة دواماً مع عدم الشرطين(1):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاثنتين من المنتسبات إلى فاطمة (عليها السلام) ولو من جهة الاُم خاصة ، وهو مما لم يلتزم به حتى الأخباريين فإنّهم قد خصّوا الحكم بالجمع بين الفاطميتين . فإنّ هذه الاُمور مما يدلّ على كون الحكم ـ لو تمّ سند الرواية ـ هو الكراهة دون الحرمة .

   (1) ذهب إليه أكثر المتقدمين وجمع من المتأخرين ، في حين نسب المحقق (قدس سره) إلى الأشهر القول بالجواز مطلقاً مع الكراهة (1) .

   وكيف كان فليس الحكم متسالماً عليه بين الأصحاب ، لكن الظاهر أنّ الصحيح هو ما اختاره الماتن (قدس سره) ، وذلك لقوله تعالى : (وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الُمحْصناتِ المُؤمِناتِ فَمِن مَا مَلَكَتْ أَ يْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ المُؤمِناتِ وَاللهُ أَعلَمُ بإِيمانِكُمْ بَعْضُكُم مِن بَعْض فانكِحُوهُنَّ بإِذْنِ أَ هْلِهِنَّ وَآتوهُنَّ أُ جُورَهُنَّ بِالمَعرُوفِ مُحْصَنات غَيْرَ مُسافِحات وَلاَ مُتَّخِذاتِ أَ خْدان فَإِذا أُ حْصِنَّ فَإِنْ أَ تَيْنَ بِفاحِشَة فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الُمحصَناتِ مِنَ العَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ العَنَتَ مِنْكُم وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (2) . فإنّ هذه الآية الكريمة بصدرها تدلّ على اعتبار عدم الطول ، وبذيلها على خشية العنت ، فتكون مقيدة لقوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُم ما وَراء ذلِكُم )المذكور بعد ذكر المحرمات .

   ولجملة من النصوص المعتبرة سنداً ، كصحيحة زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يتزوج الأَمة ، قال : «لا ، إلاّ أن يضطر إلى ذلك» (3) .

   ومعتبرة يونس بن عبدالرّحمن عنهم (عليهم السلام) ، قال : «لا ينبغي للمسلم الموسر أن يتزوج الأَمة إلاّ أن لا يجد حرّة» (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 339 .

(2) سورة النساء 4 : 25 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 45 ح 1 .

(4) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 45 ح 2 .

ــ[366]ــ

من عدم التمكّن من المهر للحرّة (1) وخوف العنت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومعتبرة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الحر يتزوج الأَمة ، قال : «لا بأس إذا اضطرّ إليها» (1) وغيرها من الأخبار .

   والحاصل أنّ مقتضى الآية الكريمة وهذه النصوص المعتبرة هو عدم جواز التزوّج من الأَمة إلاّ مع عدم الطَّول وخشية العنت . وما ذكر من الإشكالات على دلالة الآية الكريمة والنصوص ، واضحة الدفع فلا حاجة للتعرض إليها .

   (1) وهذا التفسير وإن ورد في رواية ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «لا ينبغي أن يتزوج الرجل الحر المملوكة اليوم ، إنّما كان ذلك حيث قال الله عزّ وجلّ : (وَمَنْ لَمْ يَستَطعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) والطَّول المهر ، ومهر الحرّة اليوم مثل مهر الأَمة أو أقل» (2) .

   إلاّ أ نّه لا دليل عليه ، فإنّ هذه الرواية ضعيفة السند فلا يلتفت إليها ، وليس في غيرها ما يدلّ على ذلك . فلا بدّ من الرجوع إلى معناه العرفي ، وهو السعة والقدرة والمكنة على ما يشهد له استعماله في هذه المعاني في قوله تعالى : (وَإِذا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا باللهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتأذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ القاعِدِينَ) (3) . فإنّه ليس المراد به الأثرياء وأصحاب الأموال خاصة ، وإنّما المراد المتمكنون من الجهاد والقادرون عليه .

   وقوله تعالى : (غافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوبِ شَدِيدِ العِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ) (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 45 ح 3 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 45 ح 5 .

         وفي الهامش ما نصه : في نسخة «لا بأس» وفي التهذيب وبعض نسخ الكافي «لا ينبغي» وفي بعضها «لا بأس» ....

(3) سورة التوبة 9 : 86 .

(4) سورة غافر 40 : 3 .

ــ[367]ــ

بمعنى : المشقة أو الوقوع في الزنا (1) بل الأحوط تركه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ومن هنا فلا خصوصية للمهر ، وإنّما العبرة بعدم القدرة على التزوّج بالحرة على الإطلاق . وعليه فلو فرضنا كون الحر قادراً من جهة المال وعاجزاً من جهة اُخرى لأجل الضعة في النسب أو العمل أو الخلق وما شاكلها، جاز له التزوّج بالأَمة، لصدق عدم التمكّن من التزوّج بالمحصنة .

   والحاصل أنّ تقييد الطول بالمهر ـ كما في كلام الماتن (قدس سره) وغيره ـ لم يعرف له وجه ، والصحيح اعتبار عدم القدرة والمكنة مطلقاً ، من حيث المهر كان أم من غيره .

   (1) وهذا التفسير بظاهره واضح الفساد ، فإنّ خوف العنت من الاُمور النفسانية فلا يمكن تفسيره بما هو من الاُمور الخارجية، كالمشقة والوقوع في الزنا. إلاّ أنّ الظاهر أنّ عبارته (قدس سره) لا تخلو من المسامحة، وأ نّه إنّما يريد تعريف العنت نفسه لا خوف العنت الذي هو من الاُمور النفسانية .

   وكيف كان ، فإنْ كان مراده (قدس سره) أنّ العنت عبارة عن الجامع بين المشقة والوقوع في الزنا ، بحيث يصـدق العنت على كل واحدة منهما ، فهو مما لم يثبت بدليل بل هو مخالف للمذكور في كتب اللغة وظاهر قوله تعالى: (وَلَوْ شاءَ اللهُ لأَ عْنَتَكُمْ)(1) وغيره من الآيات الكريمة . فإنّ الظاهر من هذه اللفظة إنّما هو الشدّة والمشقّة ، ومن هنا فلا يشمل خوف الوقوع في الزنا اختياراً ، فإنّ الفعل لما كان حراماً عليه كان من الواجب عليه تركه ، فلا يكون ذلك مسوغاً للتزوج من الأَمة .

   فما ذكره (قدس سره) من تفسير العنت بخوف الوقوع في الزنا خلاف الظاهر وبعيد جداً ، وأبعد من ذلك ما صنعه صاحب مجمع البيان (قدس سره) من تخصيص العنت بخوف الوقوع في الزنا ، ناسباً إيّاه إلى أكثر المفسرين (2) ، فإنّه مما لم يدلّ عليه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة البقرة 2 : 220 .

(2) مجمع البيان .

ــ[368]ــ

دليل ، وخلاف ما  هو ثابت في اللغة .

   فالصحيح أنّ العنت ليس اسماً للجامع بين المشقة والوقوع في الزنا ، ولا لخصوص الثاني ، وإنّما هو اسم للمشقة والشدّة ، كما يشهد له ذيل الآية المباركة ـ  أعني قوله تعالى : (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) ـ فإنّه مما يؤيد كون المراد بالعنت هو الشدّة ، إذ الصبر إنّما هو تحمّل الشدّة والمشقة . هذا مضافاً إلى أنّ الحمل على الجامع يحتاج إلى الدليل لأ نّه معنى مجازي ، إذ اللفظ غير موضوع له حتى بناء على تسليم اشتراك لفظ العنت بين الوقوع في الزنا والشدّة .

   ومن هنا فمن غير البعيد أن يكون مراد الماتن (قدس سره) والعلاّمة (قدس سره) من ذكر الوقوع في الزنا بعد المشقّة ، بياناً لمرتبة الشدّة والمشقّة . فيكون المعنى على هذا أنّ الشدّة إنّما تسوغ التزوّج من الأَمة فيما إذا بلغت به حداً يقع معه في الزنا وما شاكله من المحرمات ـ كاللواط والاستمناء ـ ما لم يتزوج من الأَمة ، حيث لا طريق له غير ذلك يمكنه دفع شهوته به .

   وعلى هذا فلو تمكن من دفع شهوته بطريق محلل غير التزويج من الأَمة ـ كما لو تمكن من وطئها بالملك أو التحليل ـ لم يجز له التزوّج منها ، نظراً لعدم صدق خشية العنت حينئذ .

   ثم لو سلمنا اشتراك العنت بين الشدّة والوقوع في الزنا ـ كما ادعاه الماتن (قدس سره) ـ لم يخل ذلك بما ذكرناه ، إذ الآية حينئذ تكون مجملة باعتبار أنّ حمل المشترك على أحد معنييه يحتاج إلى القرينة ، فيتعيّن الرجوع إلى النصوص لتفسيرها ، وقد عرفت أنّ مقتضاها عدم مسوغية مجرد خوف الوقوع في الزنا للتزوج بالأَمة ، بل لا بدّ من تحقق الاضطرار ، فتكون النتيجة ما اخترناه .

   والحاصل أنّ العنت بمعنى الشدّة والمشقة ، غير أنّ دفع هذه الشدّة والمشقّة قد ينحصر في الحرام كالزنا وما شاكله ، وقد لا ينحصر به كما لو تمكن من وطئها بالملك أو التحليل . ففي الأول يجوز له التزوّج من الأَمة نظراً لصدق خشية العنت عليه ، في حين لا يجوز له في الثاني لعدم صدق العنوان .

   ثم اعلم أنّ موضوع الحكم في النصوص لما كان هو خشية العنت لا العنت نفسه، لم

ــ[369]ــ

متعة أيضاً (1) وإن كان القول بالجواز فيها غير بعيد ((1)) (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يكن من الواجب على الرجل الصبر حتى يتحقق العنت والمشقة الشديدة خارجاً ، بل يجوز له التزوّج منها متى ما خاف الوقوع في هذه المرتبة من المشقة والاضطرار . ومن هنا يكون مفاد الآية الكريمة متحداً مع مفاد النصوص ، فإنّ بخوف بلوغ هذه المرتبة يتحقق خوف العنت والاضطرار معاً .

   وكيف كان ، فقد قيل بالجواز مطلقاً، بدعوى معارضة هذه الآية المباركة والنصوص الشريفة بجملة من النصوص المعتبرة التي يظهر منها المفروغية عن الجواز ، كالتي دلت على اعتبار إذن مالك الأَمة في التزوّج من الأَمة ، أو إذن الزوجة الحرّة إذا أراد إدخال الأَمة عليها . وحينئذ فلا بدّ من حمل أدلة المنع على الكراهة ولازم ذلك القول بالجواز مطلقاً .

   إلاّ أ نّها كما تراها واضحة الدفع ، فإنّ مجرد إناطة الجواز فيها بشيء لا  يقتضي عدم اعتبار شيء آخر فيه ، فلا تكون هذه النصوص معارضة لما تقدم .

   إذن فالصحيح هو القول بعدم الجواز مع عدم الشرطين .

   هذا وقد نسب صاحب الحدائق (قدس سره) إلى المفيد وابن البراج (قدس سره) القول بأنّ الحرمة في المقام تكليفية محضة ، فلا تنافي صحة العقد ، نظير النهي عن البيع وقت النداء . لكنه أورد عليه بأ نّه بعيد جداً ، إذ الظاهر من النهي المتعلق بما هو ركن في العقد هو الحرمة الوضعية (2) . وما أفاده (قدس سره) هو الصحيح ، فإنّ هذا النهي ـ  كالنهي عن تزويج الاُمهات والبنات والأخوات وغيرهن من المحارم  ـ ظاهر في الوضعي ، ولا مجال لحمله على التكليفي .

   (1) وهو الأقوى ، لإطلاق الأدلة .

   (2) وكأنه لانصراف الآية الكريمة والنصوص إلى الدائمة . إلاّ أ نّه واضح الفساد فإنّ لفظ النكاح مستعمل في أصل التزوّج، نظير استعماله في غير هذا المورد من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال بل منع .

(2) الحدائق الناضرة 23 : 565 .

ــ[370]ــ

   وأمّا مع الشرطين فلا إشكال في الجواز ، لقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ...)إلى آخر الآية . ومع ذلك الصبر أفضل (1) في صورة عدم خوف الوقوع في الزِّنا .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القرآن الكريم ، كقوله تعالى : (وَلاَ تَنكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) فإنّه لا يحتمل أن يكون المراد به حرمة التزوّج منها دواماً خاصة ، ومن هنا فلا مبرر لدعوى انصراف النكاح في الآية إلى التزوّج الدائم .

   ومنه يظهر ما في دعوى انصراف الآية الكريمة إلى النكاح المنقطع ، لظهور قوله تعالى : (فانكِحُوهُنَّ بإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجورَهُنَّ) في ذلك، باعتبار قوله (عليه السلام) في بعض الروايات: «هن مستأجرات».

   فإنّ هذه الدعوى باطلة، إذ المراد بلفظ الأجر في القرآن الكريم إنّما هو المهر لا الاُجرة المصطلحة، كما يشهد له قوله تعالى : (يا أَ يُّها الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُم المُؤمِنَاتُ مُهاجِرات فامْتَحنُوهُنَّ اللهُ أَعلَمُ بإِيمانِهنَّ فَإِنْ عَلمْتُمُوهنَّ مُؤمِنَات فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفَّارِ لاهُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم ما أَنفَقُوا وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تنكِحُوهُنَّ إِذا آتَيتُمُوهُنَّ أُجورَهُنَّ) (1) .

   إذن فلا وجه للدعويين معاً ، بل الآية المباركة مطلقة وشاملة لكلا القسمين الدائم والمنقطع على حدّ واحد .

   وممّا يؤيده خبر محمد بن صدقة ، قال : سألته عن المتعة ، أليس هي بمنزلة الإماء ؟ قال : «نعم ، أما تقرأ قول الله : (وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ المُحْصناتِ المُؤمِناتِ) إلى قوله : (وَلاَ مُتَّخِذاتِ أَ خْدان) فكما لا يسع الرجل أن يتزوج الأَمة وهو يستطيع أن يتزوج بالحرة ، فكذلك لا يسع الرجل أن يتمتع بالأَمة وهو يستطيع أن يتزوج بالحرة» (2) .

   (1) لقوله تعالى : (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة الممتحنة 60 :

(2) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب المتعة ، ب 46 ح 1 .

ــ[371]ــ

   وقد أورد عليه في المسالك بما حاصله : إنّه لا يمكن أن يكون ترك التزويج أفضل والحال أ نّه مقدمة للزنا المحرم (1) .

   وقد أجاب عنه صاحب الجواهر (قدس سره) بأنّ ترك التزويج ليس مقدّمة الزنا ، فإنّه فعل اختياري للرجل من دون أن يكون بينهما أي نوع من أنواع المقدمية فقد يتزوج الرجل من الأَمة ويزني ، وقد لا يتزوج ولا يزني (2) .

   ومن هنا فقد يقال: إنّ ترك التزويج وإن لم يكن مقدمة للزنا إلاّ أ نّه ملازم له، ومن الواضح أنّ المتلازمين لا يختلفان في الحكم الفعلي ، فلا يمكن أن يكون أحدهما مستحباً والآخر حراماً . وعلى هذا الأساس خصّ الماتن (قدس سره) وغيره الحكم باستحباب الصبر بغير فرض خوف الوقوع في الزنا .

   إلاّ أ نّه لا يمكن المساعدة عليه أيضاً ، إذ لا تلازم بين الأمرين أصلاً ، فإنّ من الممكن أن يتزوج الرجل ويزني ، وأن لا يتزوج ولا يزني ، وأن يتزوج ولا يزني ، وأن لا يتزوّج ويزني . وحينئذ فلا مانع من إطلاق الحكم بأفضلية ترك التزوّج من الأَمة .

   غير أنّ ما يوجب الإشكال هو أنّ الآية الكريمة إنّما دلت على أفضلية الصبر ، ولم تدلّ على أفضلية ترك التزوّج ، وبينهما بون بعيد . فإنّ استحباب الصبر لا يلازم أن يكون التزويج مكروهاً كي يقال بأنّ تركه أفضل ، وذلك لأنّ الصبر والتزويج ليسا من الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، فإنّ هناك ضدّاً ثالثاً لهما هو الزنا . ومن هنا فلا يلزم من كون أحد الأضداد مستحباً كون الآخر مكروهاً كي يكون تركه مستحبّاً أيضاً فمن الممكن أن يكون أحدها مستحباً والآخر مباحاً والثالث حراماً ، كالنافلة والجلوس من دون عمل والزنا .

   والحاصل أنّ المستحب إنّما هو الصبر وتحمّل المشقّة الحاصلة بترك التزوّج لا ترك التزوّج نفسه ، كي يرد عليه ما ذكر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مسالك الافهام 7 : 326 .

(2) الجواهر 29 : 393 .

ــ[372]ــ

   كما لا إشكال في جواز وطئها بالملك (1) بل وكذا بالتحليل (2) ولا فرق بين القن وغيره (3) .

   نعم ، الظاهر جوازه في المبعضة ، لعدم صدق الأَمة عليها (4) وإن لم يصدق الحرّة أيضاً .
ـــــــــــــــــــ

   (1) بلا خلاف فيه بين المسلمين ، وتقتضيه جملة من النصوص المعتبرة .

   (2) وهو الصحيح ، بناء على المختار من كونه من مصاديق ملك اليمين .

   (3) لإطلاق الأدلة .

   (4) لكونها مركبة منهما معاً ، فلا يشملها الأحكام الثابتة للحرة بعنوانها أو الأَمة كذلك ، على ما تقدم الكلام فيه مفصلاً في بعض الفروع السابقة . ومن هنا فمقتضى عمومات الحل هو جواز التزوّج منها حتى مع عدم الشرطين ، نظراً لعدم شمول دليل المنع لها .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net