ما يحرم التكسّب به لتحريم ما يقصد به \ الأول : ما لا يقصد من وجوده على نحوه الخاص إلاّ الحرام 

الكتاب : مصباح الفقاهة في المعاملات - المكاسب المحرمة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5250


ــ[230]ــ

وقاعدة الحيازة المتقدّمتين ، بل يمكن استفادة الإطلاق من الأخبار المتظافرة الواردة في إحياء الموات من الأراضي ، كصحيحة محمد بن مسلم : « أيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض وعمروها فهم أحق بها ، وهي لهم » . وكحسنة زرارة ـ بإبراهيم ابن هاشم ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) : « قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من أحيا مواتاً فهو له » . وغير ذلك من الروايات من طرق الشيعة(1) ومن طرق العامّة(2).

حرمة بيع هياكل العبادة المبتدعة

قوله : النوع الثاني ممّا يحرم التكسّب به : ما يحرم لتحريم ما يقصد به ، وهو على أقسام : الأول : ما لا يقصد من وجوده على نحوه الخاص إلاّ الحرام ، وهي اُمور  : منها : هياكل العبادة المبتدعة(3).

أقول : المشهور بل المجمع عليه بين الشيعة والسنّة(4)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع الكافي 5 : 279 / باب في إحياء أرض الموات ، والتهذيب 7 : 147 / باب أحكام الأرضين ، والوافي 18 : 979 / باب إحياء الأرض الموات ، والوسائل 25 : 411 / كتاب إحياء الموات ب1 ، والمستدرك 17  : 11 / كتاب إحياء الموات ب1 .

(2) في سنن البيهقي 6 : 141 ـ 142 ، والبخاري 3 : 140 / باب من أحيا أرضاً مواتاً عن عائشة أنّه قال : « من عمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق بها » وغيرها من أحاديثهم .

(3) المكاسب 1 : 109 .

(4) في سبل السلام 3 : 7 وأمّا علّة تحريم بيع الأصنام فقيل لأنّها لا منفعة فيها مباحة ، وقيل : إن كانت بحيث إذا كسرت انتفع باكسارها جاز بيعها . والأولى أن يقال : لا يجوز بيعها وهي أصنام للنهي ، ويجوز بيع كسرها ، إذ هي ليست بأصنام ، ولا وجه لمنع بيع الأكسار أصلا .

أقول : قد أشار بالنهي إلى رواية جابر بن عبدالله ، حيث ذكر النهي فيها عن بيع الأصنام راجع سنن البيهقي 6 : 12 ، والبخاري 3 : 110 .

ــ[231]ــ

هو تحريم بيع هياكل(1) العبادة المبتدعة ، وفي المتن : بلا خلاف ظاهر ، بل الظاهر الإجماع عليه .

وقد استدلّ على ذلك أولا : بما في رواية تحف العقول من قوله (عليه السلام) : «  فكل أمر يكون فيه الفساد ممّا هو منهي عنه » وقوله (عليه السلام) فيها : « إنّما حرّم الله الصناعة التي هي حرام كلّها التي يجيء منها الفساد محضاً ، نظير البرابط والمزامير والشطرنج وكل ملهو به والصلبان والأصنام » وقوله (عليه السلام) أيضاً فيها : « أو عمل التصاوير والأصنام » .

وفيه أولا : أنّ رواية تحف العقول ضعيفة السند فلا يمكن الاستناد إليها في الأحكام الشرعية ، وقد تقدّم ذلك في أول الكتاب.

وثانياً : أنّ النهي فيها ظاهر في الحرمة التكليفية ، فلا دلالة فيها على الحرمة الوضعية ، وهذا أيضاً تقدّم في أول الكتاب(2).

وثانياً : بأنّ أكل المال بازائها أكل له بالباطل ، لآية التجارة عن تراض(3).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في المسالك ] 3 : 123 [ الأصل في الهيكل أنه بيت للصنم كما نصّ عليه الجوهري وغيره وأمّا إطلاقه على نفس الصنم فلعلّه من باب المجاز ، إطلاقاً لاسم المحل على الحال .

وفي تاج العروس 8 : 170 ] مادّة هيكل [ الهيكل : الضخم من كل شيء ، والهيكل بيت للنصارى فيه صنم على صورة مريم (عليها السلام) فيما يزعمون ـ مشى النصارى حول بيت الهيكل ـ زاد في المحكم : فيه صورة مريم وعيسى (عليهما السلام) ، وربما يسمّى ديرهم هيكلا ، والهيكل البناء المشرف ، قيل : هذا هو الأصل ، ثم سمّي به بيوت الأصنام مجازاً .

(2) في ص11 .

(3) النساء 4 : 29 .

ــ[232]ــ

وفيه : أنّك عرفت مراراً عديدة أنّ الآية ليست عن شرائط العوضين في شيء وإنّما هي راجعة إلى بيان أسباب المعاملات ، وستعرف ذلك أيضاً فيما يأتي(1).

وثالثاً : بقوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الاَْوْثَانِ)(2) وبقوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاَْنصَابُ وَالاَْزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ)(3)وبقوله تعالى (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)(4) بناء على أنّ بيع هياكل العبادة والاكتساب بها مناف للاجتناب المطلق ، كما أنّ المراد من الأنصاب هو الأوثان والأصنام(5)والمراد من الرجز الرجس ، ومن الهجر الاجتناب .

ورابعاً : بالنبوي المشهور المجعول « إنّ الله إذا حرّم على قوم شيئاً حرم عليهم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجزء الثاني من هذا الكتاب : 102 .

(2) الحج 22 : 30 .

(3) المائدة 5 : 90 .

(4) المدثر 74 : 5 .

(5) في تاج العروس 1 : 486 ] مادّة نصب [ : الأنصاب وهي حجارة كانت حول الكعبة تنصب فيهل عليها ويذبح لغير الله تعالى ، قاله ابن سيده . واحدها نُصُب كعنق وأعناق ، أو نُصْب بالضم كقفل وأقفال ، قال تعالى : (وَالاَْنصَابُ) . وقوله : (وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ)الأنصاب الأوثان  ، وقال القتيبي . النصب صنم أو حجر ، وكانت الجاهلية تنصبه تذبح عنده فيحمر بالدم .

وفي مفردات الراغب ] 807 مادّة نصب [ : والنصيب الحجارة تنصب على الشيء ، وجمعه نصائب ونصب ، وكان للعرب حجارة تعبدها ، وتذبح عليها .

وفي حديث أبي الجارود في تفسير الآية : وأمّا الأنصاب الأوثان التي يعبدها المشركون . وسيأتي التعرّض لهذا الحديث في البحث عن بيع آلات القمار ] في ص239 ، الهامش (1) [ .

ــ[233]ــ

ثمنه »(1).

وبقوله (عليه السلام) في دعائم الإسلام : « نهى عن بيع الأصنام »(2).

وفيه : ـ مضافاً إلى ضعف السند فيهما ، وعدم ثبوت النبوي على النحو المعروف ـ أنّ الظاهر من النهي في رواية الدعائم هي الحرمة التكليفية ، والمراد إثبات ما هو أعمّ منها ومن الحرمة الوضعية .

وخامساً : بأنه قد ورد المنع عن بيع الخشب ممّن يجعله صليباً أو صنماً(3) فإذا حرم بيع الخشب لذلك فإنّ بيع الصليب والصنم أولى بالتحريم .

وهذا هو الوجه الوجيه ، ويؤيّده قيام السيرة القطعية المتّصلة إلى زمان المعصوم (عليه السلام) على حرمة بيع هياكل العبادة ، ويؤيّده أيضاً وجوب إتلافها حسماً لمادّة الفساد ، كما أتلف النبي (صلّى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) أصنام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عوالي اللئالي 2 : 110 / 301 ، سنن الدارقطني 3 : 7 / 20 .

(2) راجع دعائم الإسلام 2 : 18 / 22 ، والمستدرك 13 : 71 / أبواب ما يكتسب به ب5 ح5  .

(3) ابن اُذينة قال : « كتبت إلى أبي عبدالله (عليه السلام) أسأله عن رجل له خشب فباعه ممّن يتّخذه صلباناً ؟ قال : لا » . وهي حسنة بإبراهيم بن هاشم.

وعن عمرو بن حريث قال : « سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن التوت أبيعه يصنع به الصليب والصنم ؟ قال : لا » . وهي صحيحة . وفي بعض النسخ : عمرو بن حريز ] وفي الكافي : جرير [ ، وعليه فالرواية ضعيفة . ولكن المشهور هو الأول . ولا يخفى : أنه ذكر في بعض نسخ الوسائل أبان بن عيسى في سند الرواية بدل أبان عن عيسى ، وهو من سهو القلم  . راجع الكافي 5 : 226 / 2 ، 5 ، والتهذيب 6 : 373 / 1082 ، 1084 ، والوافي 17 : 275 / 2 ، 3 ، والوسائل 17 : 176 / أبواب ما يكتسب به ب41 ح1 ، 2 .

ــ[234]ــ

مكّة(1) فإنه لو جاز بيعها لما جاز إتلافها .

بحث وتتميم

إنّ كيفيات الأشياء وأوصافها محسوسة كانت أم غير محسوسة وإن كانت بحسب الدقّة الفلسفية من مقولة الأعراض ، إلاّ أنّها في نظر العرف المبني على المسامحة والمساهلة منقسمة إلى قسمين :

الأول : أن يكون النظر إلى الأشياء أنفسها بالأصالة ، وإلى أوصافها بالتبع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في سنن البيهقي 6 : 101 عن ابن مسعود قال : دخل النبي (صلّى الله عليه وآله) مكّة يوم الفتح وحول البيت ثلاثمائة وستّون نصباً ، فجعل يطعنها بعود بيده ويقول : جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) ورواه البخاري ]  في صحيحه 5 : 188 [ ومسلم ] في صحيحه 3 : 1408 / 87 [ .

وفي البحار 38 / 76 عن أبي هريرة قال : قال لي جابر بن عبدالله : دخلنا مع النبي مكة وفي البيت وحوله ثلاثمائة وستّون صنماً ، فأمر بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأُلقيت كلّها لوجوهها ، وكان على البيت صنم طويل يقال له هبل ، فنظر النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى علي وقال له : ياعلي تركب عليّ أو أركب عليك لاُلقي هبل عن ظهر الكعبة ؟ قلت : يارسول الله بل تركبني ، فلمّا جلس على ظهري لم أستطع حمله لثقل الرسالة ، قلت : يارسول الله بل أركبك ، فضحك ونزل وطأطأ لي ظهره واستويت عليه ، فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو أردت أن اُمسك السماء لمسكتها بيدي ، فألقيت هبل عن ظهر الكعبة ، فأنزل الله تعالى : (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ) . وعن أحمد بن حنبل وأبي بكر الخطيب في كتابيهما ما يقرب من ذلك .

وعن أحمد بن حنبل وأبي يعلى الموصلي في مسنديهما وأبي بكر الخطيب في تاريخه ، ومحمد ابن الصباح الزعفراني في الفضائل  ، والخطيب الخوارزمي في أربعينه في تفسير قوله تعالى : (وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً) أنه نزل في صعود علي (عليه السلام) على ظهر النبي (صلّى الله عليه وآله) لقلع الصنم ] انتهى كلام المجلسي (رحمه الله) [ .

ــ[235]ــ

لفنائها في المعروض واندكاكها فيه ، ومثال ذلك الأعراض التي هي من لوازم الوجود كالألوان ، ومن هذا القبيل أيضاً الليرات العثمانية التي اُلغيت عن الرواج والذهب والفضّة غير المسكوكين .

الثاني : أن يكون النظر فيها إلى الهيئة والصورة بالأصالة ، وإلى المادّة والهيولى بالتبع ، لكون الأوصاف معدودة من الصور النوعية في نظر العرف ، وذلك كالأشكال التي يكون عليها مدار التسمية والعنوان في الخارج ، كما في الكأس والكوز ونحوهما مع أنّ موادها من جنس واحد ، ومن هذا القبيل الفرش والثوب ونحوهما .

أمّا القسم الأول : فالمالية فيها من ناحية المواد ، لأنّ أوصافها خارجة عن حدود الرغبات التي هي من علل ثبوت المالية في المرغوب فيه .

وأمّا القسم الثاني : فالمالية فيها لخصوص الهيئات ، لخروج موادها عن حريم المالية وحدودها ، لكونها إمّا مرغوباً عنها كالنقود الرائجة المضروبة من القراطيس أو مغفولا عنها في قبال الهيئة للتبعية والاندكاك ، ومن هنا اتّضح أنّ المالية إنّما تقوم بمواد الأشياء ، إمّا للرغبة فيها أنفسها ، وإمّا للميل إلى هيئاتها ، وإمّا للاشتياق إليهما معاً ، ولا تضر بذلك استحالة عراء المادّة عن هيئة ما كما لا يخفى .

وقد اتّضح : أنّ المراد بالصورة النوعية هنا هي العرفية دون العقلية المبحوث عنها في طبيعيات الفلسفة ، وأنّ بينهما عموماً من وجه ، إذ قد يكون الوصف من الصور النوعية العرفية مع كونه في نظر العقل من الأعراض ، كالرجولة والاُنوثة فإنّهما وإن كانا عرضين للإنسان ، إلاّ أنّهما في نظر العرف من الصور النوعية ، فالعبد والأمة نوعان في نظر العرف وإن كانا بالنظر الدقيق صنفين من طبيعة واحدة . وقد ينعكس الأمر فيكون ما هو من الصور النوعية في نظر العقل من الأعراض في نظر العرف ، وذلك كالثوبين المنسوج أحدهما من الحرير والآخر من الفنطاز ، فإنّهما عند

ــ[236]ــ

العقل ماهيتان متباينتان وفي نظر العرف حقيقة واحدة لا تعدّد فيها . وقد يجتمعان كالفراشين المنسوجين بنسج واحد ومن جنس واحد ، والكأسين المصوغين بصياغة واحدة ومن فلز واحد .

إذا عرفت ما تلوناه عليك نقول : الملحوظ استقلالا في بيع الصليب والصنم إن كانت هي الهيئات العارية عن المواد ـ إمّا لعدم مالية المواد كالمصنوع من الخزف ، أو لكونها مغفولا عنها ـ فلا شبهة في حرمة بيعها وضعاً وتكليفاً ، لوقوع البيع في معرض الإضلال ، ولتمحّض المبيع في جهة الفساد وانحطاطه عن المالية ، لحرمة الانتفاع بهما بالهيئة الوثنية ، ولذا وجب إتلافها.

وإن كان الملحوظ في بيعهما هي المواد مجرّدة عن الصورة الوثنية إلاّ باللحاظ التبعي غير المقصود فلا إشكال في صحة بيعهما ، لآية التجارة(1) وسائر العمومات لأنّ البيع والمبيع لم يتّصفا بجهة من الجهات المبغوضة المنهي عنها .

وإن كان المقصود من البيع هي المواد والهيئة معاً ـ كما إذا كانا مصنوعين من الجواهر النفيسة أو الأشياء الثمينة ـ فلا إشكال في حرمة البيع وضعاً وتكليفاً كالصورة الاُولى ، لعموم أدلّة المنع عن البيع لهذا الغرض أيضاً .

لا يقال : إذا كان كل من الهيئة والمادّة ملحوظاً في البيع كان المورد من صغريات بيع ما يملك وما لا يملك ، كبيع الخل مع الخمر ، وبيع الشاة مع الخنزير في صفقة واحدة ، وحكم ذلك أن يقسّط الثمن عليهما ، وسيأتي(2)، ويثبت للمشتري خيار تخلّف الشرط لفوات الانضمام ، وعلى ذلك فلا وجه للحكم بالبطلان .

فإنه يقال : إنّ الانحلال والتقسيط وإن كانا بحسب الكبرى موافقين للتحقيق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النساء 4 : 29 .

(2) في الجزء الخامس من هذا الكتاب : 5 .

ــ[237]ــ

إلاّ أنّ الإشكال في صحة الصغرى ، لأنّ الهيئة الوثنية في الصليب والصنم كالصورة النوعية للمادّة في نظر العرف ، فلا تكونان في الخارج إلاّ شيئاً واحداً ، فلا موضع هنا للانحلال والتقسيط ، كما لا موضع لهما في المادّة والصورة العقليتين عند التخلّف بأن يحكم بالصحة في المادّة السيّالة المسمّاة بالهيولى الاُولى لأنّها محفوظة في جميع الأشياء وإن تبادلت عليها الصور ، وبالبطلان في الهيئة ، لأنّ المقصود منها غير واقع والواقع منها غير مقصود ، ويتبع ذلك تقسيط الثمن عليها بالنسبة .

ووجه الفساد : أنّ المادّة والهيئة ليستا من الأجزاء الخارجية لكي تنحل المعاملة الواحدة إلى معاملات متكثّرة حسب تكثّر أجزاء المبيع ، فالمعاملة عليهما واحدة ، لاتّحاد متعلّقها خارجاً ، والكثرة إنّما هي تحليلية عقلية ، ولازم ذلك أنّ المعاملة إذا بطلت في جزء بطلت في الجميع ، فلا منشأ للانحلال والتقسيط ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الصورة عقلية أو عرفية .

لا يقال : إنّ بيع المادّة مع قصد الصورة الوثنية وإن كان موجباً للبطلان ، إلاّ أنّ اشتراط إعدام الهيئة وفنائها يوجب صحة البيع وترتّب الأثر عليه ، لجواز الانتفاع بأجزائها بعد الكسر ، لأنّها ليست بأصنام .

فإنه يقال : إذا تحقّق موضوع الحرمة وترتّب عليه الحكم لم يؤثّر هذا الاشتراط في الجواز ، لأنّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه.

ثم لا يخفى أنه لو اتّصف شيء من آلات الصنائع كالمكائن ونحوها بصورة الوثنية لكان داخلا في الأعيان ذات المنافع المحلّلة والمحرّمة ، وسيأتي الكلام عنها(1). ولو قلنا بجواز بيعها باعتبار منافعها المحلّلة فإنما هو فيما إذا أوجبت هذه المنافع ماليتها مع قطع النظر عن المنافع الاُخرى المحرّمة وعن لحاظ الجهة الوثنية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ] لعلّه أراد مثل العنب والخشب والسلاح [ .

ــ[238]ــ

وإلاّ فلا وجه لتوهّم جواز البيع .

قوله : لو أتلف الغاصب لهذه الاُمور ضمن موادها .

أقول : قد عرفت أنه يجب إعدام الصورة الوثنية ، وعليه فإن كانت لأبعاضها المكسورة قيمة كما إذا كانت مصوغة من الذهب أو الفضّة فلا يجوز إتلافها بموادّها بل يجب إتلافها بهيئتها فقط ، ولو أُتلفت بموادها ضمنها المتلف لمالكها ، إلاّ أن يتوقّف إتلاف الهيئة على إتلاف المادّة . وإن لم تكن لرضاضها قيمة فلا مانع من إتلاف المادّة أيضاً مع الهيئة .

لا يقال : إنّ توقّف إتلاف الهيئة على إتلاف المادّة لا ينافي ضمان المادّة إذا كانت لها قيمة ، كما أنّ جواز أكل طعام الغير بدون إذنه في المجاعة والمخمصة لا ينافي ضمان ذلك الطعام .

فإنه يقال : الفرق واضح بين المقامين ، إذ الباعث إلى أكل طعام الغير في المخمصة إنّما هو الاضطرار الموجب لإذن الشارع في ذلك ، وأمّا هياكل العبادة فإنّ الباعث إلى إتلافها ليس إلاّ خصوص أمر الشارع بالإتلاف ، فلا يستتبع ضماناً .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net