معنى المعاطاة والفرق بينها وبين سائر المعاوضات 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الاول : البيع-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6490


ــ[68]ــ

الكلام في المعاطاة

المعاطاة عبارة عن إعطاء شيء وأخذ شيء آخر كإعطاء الفلوس وأخذ الخبز وهي الغالب في المعاملات سيّما في الأموال اليسيرة . وقد وقع الكلام في أنّها تفيد الملك أو الاباحة ، وقبل الورود في تحقيق المقال لابدّ من تقديم مقدّمة أشار إليها شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) وهي أنّ الاعطاء لمّا كان من الأفعال الاختيارية الصادرة بالارادة والاختيار لم يكن يخلو عن قصد لا محالة نظير غيره من سائر الأفعال الصادرة بالاختيار ، وحينئذ فإن كان قصده باعطاء المال بقاءه عند الشخص من دون أن يجوز له التصرّف فيه ولا يخرج عن ملكه فهذا يكون وديعة لا محالة ، غاية الأمر أنّها وديعة فعلية ويتوقّف صحّتها على عدم اعتبار الصيغة في الوديعة ، وإن كان قصده بالاعطاء تحليل الانتفاع به مع بقائه في ملك نفسه فهو عارية لا يترتّب عليه التمليك أبداً ، كما أنّه إذا قصد به إباحة جميع التصرّفات حتّى التصرّفات المتلفة للعين من دون تمليك كان إباحة التصرّف كما في تقديم الطعام إلى الضيف . وأمّا إذا كان قصده به تمليك منافع المال للآخذ مع بقاء عينه في ملكه فهو إجارة ، كما أنّه إذا كان قصده تمليك عين المال للآخذ فإن كان بلا عوض فهو هبة وأمّا إذا كان مع العوض فهو لا محالة بيع ، لما ذكرناه سابقاً من أنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 23 .

ــ[69]ــ

تمليك العين بالعوض عبارة عن البيع . وكيف كان فلا نتصوّر إعطاء بلا قصد شيء لما عرفت من أنّه فعل إرادي لا يعقل خلوّه من قصد لا محالة .

ثمّ إنّ المعاطاة وإن كانت جارية في جميع هذه الصور إلاّ أنّ محلّ الكلام هو الصورة الأخيرة أعني ما إذا كان قصده بالاعطاء تمليك ماله بالعوض ، وصورة كون قصده إباحة التصرّفات فقط نظير تقديم الطعام للضيف ، ولكن لم يتوهّم أحد في صورة قصد إباحة التصرّفات أن يكون ذلك الاعطاء مفيداً للملكية أبداً ، بل ولا يمكن إسناده إلى أصاغر الطلبة ، لأنّه أمر بلا موجب ولا سبب ، فما يظهر من كلمات شيخنا الاُستاذ(1) من وجود القائل بافادتها الملكية مع قصد الاباحة ليس على ما ينبغي .

فتحصّل : أنّ محل الكلام في المقام ومورد النقض والإبرام في أنّ المعاطاة تفيد الملك أو الإباحة هو صورة قصد المعطي تمليك ماله في مقابل العوض وهذا هو الأغلب ، وأمّا فيما إذا قصد به إباحة التصرّفات فهو وإن كان لا بأس بالتكلّم في حكمه ولكنّه نادر الوقوع جدّاً ، وليس هذا محلّ بحثهم لصراحة كلماتهم في أنّ النزاع في صورة قصد التمليك ، والشاهد على ذلك أنّهم يذكرون ذلك في مقام التعرّض لشروط البيع التي منها الايجاب والقبول فمنه يظهر أنّ مورد كلامهم إنّما هو صورة قصد التمليك غاية الأمر من دون لفظ فيه .
ــــــــــــــ

(1) منية الطالب 1 : 116 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net