حكم الحيوان المتولِّد من الكلب والخنزير 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9083


ــ[34]ــ

ولو اجتمع أحدهما مع الآخر أو مع آخر فتولد منهما ولد ، فان صدق عليه إسم أحدهما تبعه (1) وإن صدق عليه إسم أحد الحيوانات الاُخر ، أو كان مما ليس له مثل في الخارج ، كان طاهراً (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا وقد أثبت صاحب الحدائق والمحقق الهمداني (قدس سرهما) رواية اُخرى في المقام وأسندها في الحدائق إلى الحسين بن زياد وعبّر عنها بالموثقة (1) ، وأسندها في مصباح الفقيه إلى الحسين بن زرارة عن الصادق (عليه السلام) قال : «قلت له : جلد الخنزير يجـعل دلواً يسـتقى به من البئر التي يشرب منها أو يتوضأ منها ؟ قال : لا  بأس» (2) . ولم نعثر نحن على هذه الرواية بعدما فحصنا عنها في جوامع الأخبار والله العالم بحقائق الاُمور .

   والمتحصل أن الكلب والخنزير محكومان بالنجاسة بجميع أجزائهما الأعم مما تحله الحياة وما لا تحله لما مر . مضافاً إلى أن الغالب في الأخبار الواردة في نجاستهما إنما هو السؤال عن مسهما أو إصابتهما باليد والثوب ، ومن الظاهر أن اليد والثوب إنما يصب شعرهما عادة ـ لا على بشرتهما ـ لاحاطته ببدنهما ، والشعر مما لا تحله الحياة وقد دلت على نجاسته فيما إذا أصابته اليد أو الثوب مع الرطوبة .

   (1) لصدق أنه كلب أو خنزير .

   (2) لأن النجاسة وغيرها من الأحكام إنما ترتبت على ما صدق عليه عنوان الكلب أو الخنزير خارجاً ، فما لم يصدق عليه عنوان أحدهما لا دليل على نجاسته سواء أصدق عنوان حيوان آخر طاهر عليه أم لم يصدق ، هذا .

   والصحيح أن يقال : إن المتولد منهما إذا كان ملفقاً من الكلب والخنزير ، بأن كان رأسه رأس أحدهما وبدنه بدن الآخر ، أو كان رجله رجل أحدهما ويده يد الآخر كما شاهدنا ذلك في الحيوان المتولد من الكلب والذئب ، فلا مناص من الحكم بنجاسته

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 5 : 207 .

(2) مصباح الفقيه (الطهارة) : 545 السطر 4 .

ــ[35]ــ

وان كان الأحوط الاجتناب ((1)) عن المتولد منهما إذا لم يصدق عليه اسم أحد الحيوانات الطاهرة(1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بلا فرق في ذلك بين صدق عنوان أحدهما عليه وعدمه ، وذلك لأن مقتضى الفهم العرفي أن المتركب من عدّة اُمور محرمة أو نجسة أيضاً محرم أو نجس وإن لم يصدق عليه شيء من عناوين أجزائه ، مثلاً إذا فرضنا أن خمسة من الأجزاء المحرمة أو النجسة مزجنا بعضها ببعض ودققناها على وجه تحصل منها معجون لا يصدق عليه شيء من عناوين تلك الأجزاء المحرمة أو النجسة فلا يشك العرف في الحكم بنجاسته وحرمته ، كما أنه يفهم من أدلة حرمة استعمال آنية الذهب والفضّة حرمة استعمال الآنية المصوغة منهما معاً وإن لم يطلق عليها عنوان الاناء من الذهب أو الفضة وهذا ظاهر .

   وأما إذا لم يكن المتولد منهما ملفقاً من الكلب والخنزير ولم يتبع أحدهما في الاسم فلا بد من الحكم بطهارته ، لما مرّ من أن النجاسة وغيرها من الأحكام مترتبة على عنوان الكلب والخنزير ومع انتفائهما ينتفي الحكم بنجاسته سواء صدق عنوان حيوان آخر طاهر عليه أم لم يصدق ، فان الحيوانات طاهرة بأجمعها إلاّ ما دلّ الدليل على نجاسته وهو مفقود في المقام ، أللّهمّ إلاّ أن يتبع أحدهما في الاسم ، فانه محكوم بالنجاسة حينئذ لصدق أنه كلب أو خنزير وإطلاق ما دلّ على نجاستهما ، كما هو الحال في المتولد من غيرهما كالمتولد من الفرس والحمار ، فانّه إن تبع أحدهما في الاسم حكم عليه بأحكام متبوعه وأما التبعية في الحكم مطلقاً فلم يقم عليها دليل .

   (1) وعن الشهيدين في الذكرى والروض الحكم بنجاسة المتولد من النجسين وإن باينهما في
الاسم (2) . ولا يمكن المساعدة عليه وذلك لأن الوجه في ذلك إن كان تبعية الولد لأبويه فيدفعه أ نّه لا ملازمة بين نجاسة الأبوين ونجاسة ولدهما ، لما عرفت من عدم قيام الدليل على التبعية مطلقاً ، وإن كان الوجه فيه هو استصحاب نجاسة الولد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الأظهر ذلك فيما إذا عدّ المتولد ملفّقاً منهما عرفاً .

(2) الذكرى : 14 ، الروض 1 : 163 .

ــ[36]ــ

المتيقنة حال كونه علقة لكونها دماً والدم نجس ، كما اعتمد عليه بعضهم في الحكم بنجاسة أولاد الكفار وبه حكم بنجاسة ولد الكافر وإن لم يكن كافراً ، فهذا الوجه لو تم فكما يجري في المتولد من النجسين كذلك يجري فيما إذا كان أحد أبويه نجساً دون الآخر ، وذلك للعلم بنجاسته حال كونه علقة ، بل يكون كتأسيس أصل كلي في جميع الحيوانات فيحكم بنجاسة كل حيوان لسبقه بالنجاسة حال كونه علقة إلاّ ما خرج بالدليل . إلاّ أنه غير تام وذلك أمّا  أوّلاً :  فلعدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية الإلهيّة في نفسـه على ما مرّ منّا غير مرّة ،  وأمّا ثانياً :  فلعدم بقاء موضـوعه ، لأنّ ما علمنا بنجاسته إنما هو الدم وما نشك في نجاسته هو الحيوان وأحدهما غير الآخر ومعه لا مجرى للاستصحاب بوجه .

   هذا كله إذا اُريد به استصحاب نجاسته المتيقنة حال كونه دماً ، وأما إذا اُريد به استصحاب نجاسته المتيقنة حال كونه مضغة بدعوى أن المضغة تابعة لاُمّها ومعدودة من أجزائها والمفروض نجاسة اُمّه بما لها من الأجزاء ، فحيث إنّه مقطوع النجاسـة سابقاً ونشك في بقائها وارتفاعها بعد تولده فالأصل يقتضي الحكم ببقائه على نجاسته ففيه أوّلاً : أ نّه لو تم لجرى في المتولِّد من الاُم النجس أيضاً وإن كان أبوه طاهراً . وثانياً : أ نهّ من استصحاب الحكم الكلي وقد عرفت عدم جريانه في الأحكام الكلية الإلهيّة .

   وثالثاً : أنّ المضغة غير تابعة لاُمّها ولا هي معدودة من أجزائها ، وإنما هي موجودة بوجود مستقل متكوِّنة في جوف اُمّها ، فجوفها محل للمضغة لا أ نّها من أجزاء اُمّها . نعم ، لو كانت المضغة ـ  وهي المتشكلة بشكل الحيوان قبل أن تلج فيها الروح  ـ صورة كلب أو خنزير لحكمنا بنجاستها لكونها كلباً أو خنزيراً لا من جهة عدّها من أجزاء اُمّها إلاّ أنه خلاف مفروض الكلام ، فان الكلام إنما هو فيما إذا كانت المضغة بصورة غيرهما من الحيوانات ومعه لا وجه للحكم بنجاستها . ونجاسة المضغة عندنا وإن كانت مستندة إلى كونها جيفة إلاّ أنها إنما تصدق على المضغة فيما إذا انفصلت من اُمها فما دامت في جوفها لا تطلق عليها الجيفة بوجه .

   فالمتحصل أن المضغة لم تثبت نجاستها حتى يحكم على المتولد من الكلب والخنزير

ــ[37]ــ

بل الأحوط الاجتناب عن المتولد من أحدهما مع طاهر إذا لم يصدق عليه إسم ذلك الطاهر ، فلو نزى كلب على شاة أو خروف على كلبة ، ولم يصدق على المتولد منهما اسم الشاة ، فالأحوط الاجتناب عنه وإن لم يصدق عليه اسم الكلب (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــ


بالنجاسة باستصحابها فلا وجه للحكم بنجاسته . نعم ، لا بأس بالاحتياط استحباباً ولو من جهة وجود القائل بنجاسته .

   (1) قد ظهر الحال فيه مما ذكرناه آنفاً فلا نعيد .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net