الفرع السادس - الفرع السابع 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4414


الفرع السادس : ما ذكره الشيخ (قدّس سرّه) في ضمن الفرع السابق بقوله : والظاهر سقوط نظارته عن بدل الوقف(1) انتهى موضع الحاجة من كلامه (قدّس سرّه) رفع في الخلد مقامه ، ولكن الظاهر أنّ هذا لا يحتاج إلى بحث بل هو دائر مدار جعل الواقف في تعيينه الناظر ، لأنّه تارة يجعل شخصاً ناظراً لنفس العين الموقوفة لأجل خصوصية فيها بحيث لو باع الدار مثلا واشترى بثمنها شيئاً آخر غير الدار لا يجعله ناظراً كما إذا كان الوقف داراً وجعل لها ناظراً من المعمارين من جهة أنّه أعرف بمصلحة الدار ، فعليه لو فرضنا بيعها بمجوّز واشترى بثمنها شيئاً آخر ليس للمعمار فيه شأن أصلا ، فحينئذ لا مانع من القول بسقوط نظارته عن البدل .

واُخرى يجعله ناظراً على الاطلاق أعمّ من نفس العين الموقوفة ومن بدلها كما أنّ القرينة أيضاً موجودة على هذا لأنّه لو لم يجعل الناظر تقع المخاصمة والمشاجرة بين الموقوف عليهم في كلّ طبقة ، وكيف كان أنّ المناط في هذا المقام كيفية جعل النظارة من قبل الواقف والمتّبع هو نظر الواقف كما لا يخفى .

الفرع السابع : ما ذكره الشيخ (قدّس سرّه) في المقام بقوله (قدّس سرّه) إنّه لو لم يمكن الخ(2) وملخّصه : أنّه إذا بيع الوقف بعد عروض المجوّز وبدّل بما لا يمكن وقفه والانتفاع به مع بقاء عينه مثل الدنانير والدراهم فلا يجوز دفعه إلى البطن الموجود

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 4 : 69 .

(2) المكاسب 4 : 69 .

ــ[280]ــ

لأنّ البدل مثل المبدل في كونه مشتركاً بين جميع البطون فلابدّ من أن يوضع عند أمين  . وبعبارة واضحة أنّ البدل الكذائي لا يقاس إلى نفس المبدل من حيث جعله تحت يد الموجودين ينتفع به مع بقاء عينه ، لأنّ المفروض أنّ الانتفاع من البدل الكذائي لا يمكن إلاّ مع انعدام عينه ولمّا كان البدل مثل المبدل مشتركاً بين جميع البطون فلابدّ من وضعه عند أمين إلى زمان يمكن أن يشترى به ما ينتفع به ولو مع الخيار لأن ينتفع الموجودون به ما دام لم يفسخ .

ثمّ قال (قدّس سرّه) ولو طلب ذلك البطن الموجود فلا يبعد وجوب إجابته ولا يعطّل الثمن حتّى يوجد ما يشترى به من غير خيار ، ثمّ قال : إنّه لو رضي البطن الموجود بالاتّجار بالثمن وكانت فيه المصلحة جاز إلى أن يوجد ما يمكن اشتراؤه والربح تابع للأصل ولا يملكه الموجودون لأنّه ليس مثل المنفعة بل هو جزء من الثمن فيكون مشتركاً بين الجميع ، هذا ملخّص مرامه (قدّس سرّه) ولابدّ في توضيحه من التكلّم في جهات :

الاُولى : في جواز إبدال الوقف بما لا يمكن وقفه مثل الدنانير والدراهم وربما يقال(1) بعدم جواز ذلك ، لأنّ البدل لابدّ وأن يكون مثل المبدل في كونه تحبيساً للعين وتسبيلا للمنفعة ، ولذا قلنا بعدم احتياج البدل إلى صيغة الوقف ، وهذا المعنى لا يمكن في مثل الدنانير والدراهم .

وفيه أوّلا : أنّ ما ذكره (قدّس سرّه) من مقالة عدم إمكان هذا المعنى في مثل الدنانير وإن كان متيناً إلاّ أنّه لا مانع من جعل البدل ديناراً مقدّمة لأن يشترى به ما يكون قابلا للوقف . وبعبارة اُخرى أنّه لمّا كان الغالب كون الثمن من الدنانير والدراهم فلا مانع من تبديل الوقف إلى الدينار مثلا ليوصل به إلى اشتراء ما يمكن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كما عن الايرواني في حاشيته على المكاسب 2 : 459 .

 
 

ــ[281]ــ

وقفه والانتفاع به مع بقاء عينه .

وثانياً : أنّه لا مانع من وقف نفس الدينار والدرهم لا ابتداءً بل في مرحلة التبديل بعد ملاحظة ما ذكرناه آنفاً من جواز بيع البدل ولو بلا عروض المجوّز وذكرنا أيضاً أنّ البدل قد وقع بدلا عن الوقف في حال جواز بيعه ، فعليه لا مانع من جعل نفس الدينار مثلا وقفاً بحيث لا يوهب ولا يورث ولكنّه يجوز تبديله في أي زمان أرادوا ، بأن يكون وقفاً وحبساً من جهة عدم جواز هبته وإرثه .

الجهة الثانية : في شراء ما ينتفع به مع الخيار والكلام هنا يقع في أمرين : الأول في جواز ذلك . الثاني في اعتبار إذن الموجودين ومطالبتهم بذلك . أمّا الأول : فقد أشكله بعض من حيث إنّه يعتبر في الوقف التأبيد ، يعني من مقوّمات الوقف تأبيد وتحبيس العين ، وهذا المعنى لا يمكن فيما إذا اشترى ببدل الوقف ما يكون في معرض الفسخ .

وفيه : أنّه قد ذكرنا مراراً أنّ اعتبار هذا المعنى إنّما هو في نفس العين الموقوفة ما دام يمكن الانتفاع بها وأمّا بالنسبة إلى بدلها فقد ذكرنا أنّه يجوز بيعه بلا عروض المجوّز أيضاً فراجع .

وأمّا الثاني فالظاهر أنّه لا وجه لتقييد وجوب الشراء بصورة المطالبة كما ذكره الشيخ (قدّس سرّه) بل يجب هذا الشراء مطلقاً سواء طلب البطن الموجود أم لا لأنّ تعطيل الوقف وعدم تبديله إلى شيء يمكن الانتفاع به ولو في زمان تضييع للوقف ، وهذا المعنى مخالف لانشاء الواقف ولغرضه بداهة أنّ غرضه من الوقف انتفاع البطون من نفس العين الموقوفة عند الامكان ومن بدلها مع عدمه فعليه لابدّ من تبديل الدنانير مثلا إلى شيء خياري يمكن الانتفاع منه مع بقاء عينه ولو كان بزمان قليل مثلا ، لأنّ تعطيل هذا تضييع للوقف ومناف لـ « الوقوف على حسب ما يقفها أهلها » من حيث تحبيس العين وتسبيل المنفعة .

ــ[282]ــ

الجهة الثالثة : أنّ ما ذكره الشيخ (رحمه الله) من وجوب جعل الثمن عند أمين من دون أن يعطى إلى البطن الموجود لأجل كونه مشتركاً بين الموجودين منهم والمعدومين في غير محلّه ، بل لابدّ من إعطائه وجعله عند البطن الموجود لكونه ملكاً لهم فعلا غاية الأمر الملكية الخاصّة أي التي لا توهب ولا تورث فلا وجه لجعله عند أمين ، وقد ذكرنا آنفاً أيضاً أنّ المعدومين ليسوا بمالكين فعلا ولا حقّ لهم في ذلك ، لا من باب استحالة كون المعدوم مالكاً بل من جهة عدم شمول إنشاء الواقف وتمليكه لهم مع وجود البطن الموجود ، نعم إنّ المعدومين يكونون مالكين بعد انقراض البطن الموجود وبقاء العين الموقوفة ، ولا يخفى أنّ نظرنا إلى دفع ما ذكره الشيخ (قدّس سرّه) من تعليله عدم جواز الاعطاء إلى الموجودين باشتراك المعدومين مع الموجودين في الوقف .

الجهة الرابعة : في اتجار الموجودين بثمن الوقف ، والظاهر جوازه إذا كان فيه المصلحة لأنّه ملكهم ، والربح يكون تابعاً للعين لأنّه جزء البدل وليس من قبيل المنافع بل من قبيل اتّساع الوقف ، فإذا اشترى بالثمن صوفاً مثلا صار هو بدل الوقف فإذا بيع بثمن أعلى صار مجموع الثمن بدل الوقف ، ولا وجه لعود الربح إلى البطن الموجود ، فهو نظير تبديل الدار الموقوفة الضيّقة بدار وسيعة فإنّ الدار الوسيعة حينئذ بأجمعها تكون وقفاً .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net