الاختلاف في تقدّم تغيّر المبيع وتأخّره - الاختلاف في تقدّم التلف على البيع أو تأخّره عنه 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4164


الفرع الثاني : إذا اتّفق كلّ واحد من البائع والمشتري على وقوع التغيّر في العين بعد المشاهدة وأنّها وقعت على السمين مثلا إلاّ أنّهما اختلفا في زمان حصول ذلك التغيّر كالهزال فادّعى المشتري أنّه حدث قبل المعاملة عليها فلي الخيار ، وقال

ــ[443]ــ

البائع إنّه حدث بعد المعاملة فلا خيار لك ، فهل القول قول البائع أو قول المشتري وعنوان الاختلاف بذلك أي بما إذا ادّعى المشتري وقوعه قبل البيع والبائع حدوثه بعده مبنيّ على أنّ تلف الأوصاف قبل قبض العين ليس راجعاً إلى البائع لأنّ الدليل إنّما ورد في تلف نفس المبيع وأنّه إذا تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه وبما أنّه على خلاف القاعدة فيقتصر فيه على مورد الدليل ، وأمّا إذا بنينا على أنّ الأوصاف كالعين في أنّ تلفها قبل قبضها من مال بائعها ، فيمكن عنوان الاختلاف في المقام بعد البيع أيضاً بأن اتّفقا على أنّ العقد والبيع وقعا على العين بوصف السمن واتّفقا أيضاً على تغيّرها فعلا إلاّ أنّ البائع يدّعي حدوث التغيّر بعد قبض المشتري أو وكيله العين وأنكره المشتري وقال إنّه حدث قبل قبض المبيع فهي من مال بائعها .

وكيف كان ، فقد ذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) أنّ هناك حادثين البيع والتغيّر والخلاف في تقدّم أحدهما على الآخر وتأخّره ، واستصحاب عدم حدوث البيع إلى زمان حدوث التغيّر معارض باستصحاب عدم حدوث التغيّر إلى زمان حدوث البيع فهما متساقطان ، أو غير جاريين في نفسهما على خلاف في ذلك بيننا وبين صاحب الكفاية (قدّس سرّه)(2) وكيف كان فالأثر في المقام وهو الخيار غير مترتّب على عدم حدوث البيع إلى زمان حدوث التغيّر كما أنّ نفيه غير مترتّب على عدم حدوث التغيّر إلى زمان حدوث الحادث الآخر بل إنّما هو مترتّب على عدم وصول حقّ المشتري إليه بعد الاعتراف بحقّه والبيع ، ومن الظاهر أنّ شيئاً من الاستصحابين لا يثبت وصول حقّه إليه أو عدم وصوله إلاّ على نحو المثبت وهو لا اعتبار به ، وعليه فهذه المسألة نظير المسألة المتقدّمة في جريان الأصل في عدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 4 : 283 .

(2) الكفاية : 420 و421 .

ــ[444]ــ

وصول حقّه إليه فيثبت الخيار للمشتري بهذا الأصل فيقدّم قوله على قول البائع كما ذكرناه في المسألة المتقدّمة ، بل المقام أولى بجريان استصحاب عدم وصول حقّه من المسألة المتقدّمة ، لأنّ النزاع في المسألة المتقدّمة إنّما كان في ثبوت الحقّ وعدمه وفي المقام يتّفقان على ثبوت الحقّ للمشتري بالبيع وإنّما الخلاف في وصوله وعدمه والأصل عدمه ، هذا ما أفاده شيخنا الأنصاري في المقام .

ولكن ذلك ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، لما ظهر من مطاوي ما ذكرناه أنّه لا حقّ للمشتري سوى العين وهي قد وصلت إليه بالقطع ولم يثبت له حقّ آخر غيرها لما مرّ من أنّ مرجع اختلافهما إلى الخلاف في ثبوت الخيار للمشتري وعدمه والأصل عدمه ، فلا حقّ له حينئذ حتّى يجري فيه الاستصحاب . وأمّا ما أفاده من أنّ الخيار إنّما يترتّب على عدم وصول حقّه إليه ، ففيه : أنّه لم يرد بهذا العنوان دليل وعليه فنقول إنّ الخيار في المقام إنّما يترتّب على عدم بقاء وصف السمن في زمان البيع إذ مع بقائه فلا وجه للخيار .

وعليه فلا نرى مانعاً من استصحاب بقاء السمن والوصف الموجود حين المشاهدة إلى زمان البيع فيترتّب عليه عدم الخيار للمشتري فيقدّم قول البائع إلاّ أن يثبت المشتري مدّعاه(1) ولا يعارض هذا باستصحاب عدم وقوع العقد على العين في زمان السمن لأنّه لا أثر لهذا الاستصحاب ، لعدم إثباته أنّ العقد وقع على العين في زمان عدم السمن حتّى يثبت له الخيار ، هذا فيما إذا اتّفقا على حصول النقيصة في العين كما إذا كانا عالمين بالسمن في العين حين المشاهدة وبعده عرضها الهزال .

وأمّا إذا انعكس الأمر واتّفقا على الهزال حين المشاهدة والسمن بعدها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ولا يخفى أنّ هذا الاستصحاب لا يثبت وقوع العقد على السمين حتّى يرتفع به خيار المشتري .

ــ[445]ــ

واختلفا في تقدّمه على البيع حتّى يكون البائع مخيّراً وتأخّره عنه حتّى لا يثبت له الخيار فلا مانع فيها أيضاً من استصحاب الهزال إلى زمان البيع ويترتّب عليه عدم الخيار للبائع .

مسألة : إذا عقدا على العين بعد المشاهدة ثمّ ظهرت تالفة واختلفا في أنّ التلف كان مقدّماً على البيع حتّى يكون البيع باطلا ، إذ لا معنى لبيع المعدوم ، أو أنّ التلف كان متأخّراً عن البيع فالبيع صحيح ، أو اختلفا في أنّ التلف كان قبل القبض حتّى يحسب من البائع أو أنّه حدث بعد القبض حتّى يحسب من المشتري فيما إذا كان المبيع ممّا يكفي في قبضه التخلية بينه وبين المشتري كاعطاء المفتاح له ، فقد ذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) أنّ الأصل في ذلك مع المشتري ، لأنّ الأصل عدم زوال ملك المشتري عن الثمن وبقاء ملكه عليه وهو أصل حكمي ، ولم يتعرّض إلى الاُصول الموضوعية نفياً ولا إثباتاً .

وشيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(1) تعرّض إلى الاُصول الموضوعية وذكر أنّها مثبتة بأجمعها ولابدّ من أن يرجع إلى الأصل الحكمي وهو بقاء ملك المشتري على الثمن ، هذا ولابدّ في تنقيح المقام من التكلّم في موردين :

أحدهما : ما إذا كانت العين تحت يد المشتري قبل وقوع المعاملة عليها كما إذا كانت العين عنده عارية ثمّ اشتراها من مالكها وغير ذلك ممّا لا يحتاج فيه إلى القبض بعد البيع . وثانيهما : فيما إذا كانت العين تحت يد البائع واستيلائه ولكنّها ممّا يكفي في قبضها وإقباضها التخلية بينها وبين المشتري كاعطاء مفتاح الدار ونحوه .

فأمّا المورد الأول فملخّص الكلام فيه أنّ هناك حادثين : أحدهما البيع وثانيهما التلف ، ولا مانع من استصحاب عدم التلف إلى زمان البيع لأنّ الموضوع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) منية الطالب 2 : 407 ـ 408 .

ــ[446]ــ

مركّب من البيع وبقاء المبيع وقد أحرزنا أحد جزأيه وهو البيع بالوجدان . وفيه : أنّ البيع مشكوك لأنّ معناه وهو المبادلة بين المالين غير متحقّق لأجل الشك في تلف المبيع ، ومع كونه تالفاً في الواقع لا معنى للمبادلة ، والعلم بمجرد الانشاء لا أثر له فلا مانع من إحراز جزئه الآخر بالاستصحاب ، فالبيع وعدم التلف موضوع للحكم بالصحّة كما هو الحال في غير هذا المقام كما إذا باع العبد الآبق مع الشكّ في موته وحياته فإنّه لا مانع من استصحاب البقاء وضمّه إلى البيع المتحقّق بالوجدان والحكم بصحّة المعاملة فيه ، هذا .

إلاّ أنّ هذا الاستصحاب في المقام معارض باستصحاب عدم تحقّق البيع إلى زمان التلف ، وذلك لأنّ هذا الأصل وإن لم يثبت وقوع البيع بعد التلف إلاّ أنّا لا نحتاج في الحكم بالبطلان إلى إحراز أنّ البيع وقع بعد التلف بل نفس عدم تحقّق البيع مع بقاء العين وإلى زمان تلفها كاف في الحكم بالبطلان ، وبما أنّهما متعارضان فيتساقطان فيرجع إلى الأصل الحكمي في البين ، هذا بناءً على ما سلكناه في استصحاب الحادثين من عدم جريانه في شيء منهما مطلقاً سواء كان كلاهما مجهولي التاريخ أو كان تاريخ أحدهما معلوماً وتاريخ الآخر مجهولا على خلاف في أنّ الاستصحابين لا يجريان فيهما أصلا أو أنّهما يجريان ويتساقطان بالمعارضة على كلام في ذلك بيننا وبين صاحب الكفاية (قدّس سرّه)(1)، وأمّا بناءً على التفصيل في الحادثين وتجويز جريان الأصل فيما جهل تاريخه عند العلم بتاريخ أحدهما كما عليه شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(2) ووافقه على ذلك شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(3)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم مصدره في الصفحة443 .

(2) فرائد الاُصول 2 : 667 .

(3) أجود التقريرات 4 : 146 ـ 148 .

ــ[447]ــ

فلابدّ من التفصيل في المقام بين ما إذا كان تاريخ كلّ واحد من البيع والتلف مجهولا فلا يجري الاستصحاب في شيء منهما كما عرفت ، وبين ما إذا كان تاريخ أحدهما معلوماً وتاريخ الآخر مجهولا فيحكم حينئذ بجريان الاستصحاب في مجهول التاريخ ويترتّب عليه أثره ، فإن كان المجهول هو البيع فالاستصحاب يقتضي الحكم ببطلان المعاملة حينئذ كما أنّ المجهول إذا كان هو التلف فمقتضاه الحكم بصحّة المعاملة فراجع  .

وأمّا المورد الثاني : أعني ما إذا ظهرت العين تالفة بعد التخلية بينها وبين المشتري باعطاء مفتاحها ونحوه ولم يعلم أنّ التلف متقدّم أو المتقدّم هو التخلية فالظاهر أنّ الاستصحاب يجري في إحراز عدم القبض من دون معارض ، وذلك لعدم العلم بحدوث القبض أصلا ، لأنّ التخلية بين العين والمشتري لا يكون تخلية وقبضاً فيما إذا كانت العين تالفة واقعاً ، إذ لا معنى للتخلية بين المعدوم والموجود ، إذ التخلية إنّما هي بين شيئين موجودين فحدوث القبض غير معلوم والأصل عدمه وبذلك نحكم بأنّ العين تلفت من مال بائعها ، هذا .

وربما يتمسّك في المقام بأصالة الصحّة في البيع لأجل الشكّ في صحّته وفساده  ، إذ البيع لو كان واقعاً عليه بعد التلف فهو غير صحيح ، كما أنّه إذا وقع عليه قبله فهو صحيح ، وأصالة الصحّة فيه تقتضي الحكم بالصحّة لا محالة ، هذا .

ويرد عليه اُمور منها : ما ذكرناه في بحث أصالة الصحّة من أنّها نظير قاعدة الفراغ بل هي هي بعينها غاية الأمر أنّ قاعدة الفراغ تجري في فعل نفسه وأصالة الصحّة تجري في فعل الغير ، وعليه فكما أنّ قاعدة الفراغ لا تجري عند الشكّ في احتمال المصادفة الواقعية من دون أن يكون المشكوك أمراً اختيارياً للفاعل
فكذلك الحال في أصالة الصحّة فإنّها تجري فيما إذا شككنا في فعل اختياري للمتبايعين وأنّهما مثلا هل أوقعا الصيغة عربية أو ماضوية ونحوهما ، وأمّا إذا شككنا

ــ[448]ــ

فيما لا يرجع إلى اختيار الفاعل أصلا بل لو تحقّق فإنّما يتحقّق من باب المصادفة الواقعية فلا تجري أصالة الصحّة فيه ، لأنّ مدركها السيرة وجريانها في مثله غير متحقّق وهذا ظاهر ، وبما أنّ التلف وعدمه خارجان عن اختيار المتبايعين فلا يجري أصالة الصحّة فيه ، وهذا هو الذي كنّا نعبّر عنه في قاعدة الفراغ بما إذا كانت صورة العمل محفوظة كما إذا اعتقد أنّ مائعاً ماء فتوضّأ منه ثمّ شكّ في أنّه ماء أو غير ماء وقلنا إنّ القاعدة لا تجري في مثله ، نعم لو كان مرجع الشكّ إلى الشكّ في وجود أمر اختياري للمكلّف فلا مانع من جريان قاعدتي الفراغ والصحّة وهذا كما إذا كان عنده مايعان فتوضّأ بأحدهما ثمّ شكّ في أنّه توضّأ بالمايع الذي هو الماء أو بالمايع الثاني الذي هو الخلّ فلا مانع من جريان قاعدة الفراغ في مثله لأنّ مرجعه إلى الشكّ في أنّه هل اختار التوضّؤ بالماء أو اختار التوضّؤ بالخلّ واختيار هذا أو ذاك فعل اختياري له ، وعليه فإذا شككنا في المقام في أنّ العقد هل وقع يوم السبت حتّى يقع باطلا للعلم بتلف المبيع يوم الجمعة أو أنّه وقع يوم الخميس فلا مانع من جريان أصالة الصحّة فيه ، لأنّه يرجع إلى أنّه هل اختار إيقاع البيع يوم الخميس حتّى يصحّ أو أنّه اختار إيقاعه يوم السبت حتّى يقع باطلا وهو أمر اختياري للعاقد والبائع .

ومنها : ما أشرنا إليه في بحث أصالة الصحّة أيضاً من أنّها إنّما تجري بعد إحراز قدرة المكلّف عليه ومع الشكّ في القدرة لا مجال لأصالة الصحّة بوجه ، فلذا قلنا إنّ القاعدة لا تجري فيما إذا باع أحد داراً أو غيرها من الأملاك من دون أن نحرز أنّها ملكه أو أنّه وكيل من قبل مالكها إذ لم نحرز حينئذ قدرته على بيعها حينئذ  ، ولذا لا يسلّم العقلاء الثمن إلى البائع في أمثال هذه الموارد أصلا ، وكذا فيما إذا طلّق أحد زوجة شخص آخر من دون أن نعلم بوكالته من قبل زوجها فإنّه لا تجري القاعدة في مثله لعدم إحراز قدرة الفاعل على الفعل ، وبما أنّ قدرة الفاعل على البيع غير محرزة في المقام ، لأنّ التلف إذا كان متقدّماً على البيع لا يمكنه بيعه إذ لا قدرة

ــ[449]ــ

على بيع المعدوم شرعاً فلا يجري أصالة الصحّة في حقّه (وقد كان يعبّر عن ذلك في الاُصول باشتراط إحراز القابلية في المورد أو الفاعل في جريان أصالة الصحّة) وكيف كان فمع الشكّ في قدرة الفاعل على الفعل لا تجري أصالة الصحّة ، ومن هنا اشترطنا إحراز القابلية في المورد والفاعل في جريان أصالة الصحّة على خلاف في ذلك بين المحقّق الثاني(1) وشيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(2) نعم فيما إذا أحرزنا القابلية وشككنا في صحّته وفساده من جهة اُخرى لا مانع من التمسّك بأصالة الصحّة كما هو ظاهر .

ومنها : أنّه إذا قلنا بعدم اعتبار إحراز القابلية في المورد أو الفاعل في جريان أصالة الصحّة وفاقاً لشيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) في رسائله حيث التزم بجريانها مع الشكّ في القابلية أيضاً فلا تجري أصالة الصحّة في المقام أيضاً ، وذلك لأنّ أصالة الصحّة إنّما تجري فيما إذا أحرزنا الجامع بين الصحيح والفاسد وشككنا في صحّته وفساده كما إذا علمنا أنّ أحداً يصلّي على الميّت قطعاً وشككنا في صحّة صلاته وفسادها فتجري أصالة الصحّة في حمل صلاته على الصحيح ، وأمّا إذا لم نحرز العنوان والجامع بين الصحيح والفاسد كما إذا رأينا أنّ أحداً قائم على جنازة ولا ندري أنّه يصلّي على الميّت أو أنّه يدعو ويستغفر للميّت مثلا فلا معنى حينئذ لحمل فعله على الصحيح والحكم بصحّة صلاته إذ لم نحرز أنّه يصلّي حتّى نحكم بصحّتها وفي المقام أيضاً لم نحرز عنوان البيع أصلا حتّى نشكّ في صحّته وفساده ، لأنّ وجود المبيع مقوّم لحقيقة البيع والمعاملة وبما أنّا نشكّ في وجوده فنشكّ في تحقّق مفهوم البيع فأصل الجامع بين الصحيح والفاسد غير محرز حتّى تجري أصالة الصحّة ونحكم بها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جامع المقاصد 7 : 307 .

(2) فرائد الاُصول 2 : 724 .

ــ[450]ــ

بصحّة البيع ، وهذا الوجه هو الذي ذكره شيخنا الأنصاري في المقام دون الوجه المتقدّم عليه ، لأنّه (قدّس سرّه) ينكر اعتبار إحراز القابلية في جريان أصالة الصحّة في رسائله(1).

عدول

قد ذكرنا في صورة الشكّ في تقدّم التلف على البيع وتأخّره مع عدم الحاجة إلى القبض أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب في التلف وإثبات عدمه إلى زمان البيع ، وبما أنّ البيع محرز بالوجدان فبضمّ الوجدان إلى الأصل يتم كلا جزأي الموضوع للحكم بالصحّة ، وقلنا إنّ هذا لا يختصّ بالمقام بل الحال كذلك عند الشكّ في حياة الآبق عند بيعه فإنّ استصحاب حياته ينضمّ إلى وجود البيع المتحقّق بالوجدان وبهما نحكم بصحّة البيع .

ولكن الصحيح أنّ الاستصحاب لا يجري في التلف والموت ولا يمكن إثبات عدمهما بالاستصحاب لعدم إحراز البيع بوجه ، لأنّ مفهوم البيع الحقيقي الذي هو المقوّم له في الحقيقة عرفاً عبارة عن التبديل بعوض ، ومع تلف المبيع لا معنى لتبديله في مقابل العوض ، فوجود المبيع مقوّم للمبادلة والبيع عرفاً مع قطع النظر عن حكم الشارع كما هو واضح ، وعليه فلا يبقى مجال لاستصحاب عدم التلف إلى زمان البيع وينتهي الأمر إلى استصحاب بقاء ملك المشتري على الثمن كما ذكره شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) وكذا الحال في استصحاب الحياة في بيع العبد الآبق فلا مجال لاستصحابها لعدم إحراز البيع لتقوّمه بوجود المبيع ، نعم لنا علم بمجرد إنشاء البيع وصدور صيغة بعت ، ولكن الانشاء لا أثر له إلاّ على نحو التعليق بأن يقال إنّه لو كان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فرائد الاُصول 2 : 724 .

ــ[451]ــ

متحقّقاً في زمان وجود المبيع أو اليوم السابق لكان مؤثّراً وصحيحاً والأصل أنّه كذلك فعلا ، إلاّ أنّك عرفت أنّ الاستصحاب التعليقي لا أساس له في الأحكام فضلا عن الموضوعات ولعلّ هذا ظاهر .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net