اعتبار الاختبار فيما لا يفسده الاختبار - جواز ترك الاختبار باشتراط الصحة 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3895


وأمّا ما لا يفسده الاختبار فلا ينبغي الإشكال في اعتبار الاختبار فيه ، إذ المفروض اختلاف قيمته باختلاف طعمه وريحه أو غيرهما من الأوصاف التي لها مدخلية في زيادة قيمة المبيع وفي اتّصافه بالصحّة والفساد ، والوجه في ذلك أنّه عند عدم اختباره لا يؤمن من صحّة المبيع وفساده وهو أمر خطري يستلزم الغرر ، لأنّ الجهل بالكيفية قد يوجب الغرر بأكثر ممّا يوجب الجهل بالكمية من الكيل والوزن ولعلّه ظاهر ، كما لا إشكال في كفاية اشتراط الصحّة في صحّة المعاملة فيه لأنّه يتمكّن من فسخها عند ظهور الفساد وعدم صحّة المبيع وبهذا يرتفع الغرر لا محالة ولكن اشتراط الصحّة ممّا لا حاجة إليه في المعاملة لما أشرنا إليه سابقاً من أنّ الصحّة ممّا يعتبره العقلاء في المعاملات ويشترطونها في جميع الأشياء والاُمور من دون حاجة إلى اشتراطها في ضمن المعاملة ، وعليه فإذا باع أو اشترى شيئاً على وجه الاطلاق من دون أن يشترط فيه الصحّة في المعاملة فلزوم المعاملة أيضاً متوقّف على صحّة المبيع وعدم عيبه ، لأنّ المطلق ينصرف إلى الصحيح فكأنّه قد اشتراه من البائع بهذا الشرط في المعاملة فيرتفع الغرر بذلك لا محالة .

وممّا ذكرناه يظهر أنّ ما ذكره شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) من التفصيل ممّا لا يمكن المساعدة عليه حيث فصّل (قدّس سرّه) بين الموارد التي يتوقّف معظم المالية والانتفاعات بالمبيع على وصف الصحّة فلابدّ من إحرازها بالاختبار ونحوه وبين الموارد التي لا يتوقّف معظم المالية على وصف الصحّة فلا يجب إحرازها ومثّل للأوّل بما إذا ظهرت الجارية المبيعة خنثى حيث إنّ الانتفاع من الجارية في الطبخ والكنس وغيرهما من وظائف النساء والاستمتاع ونحوه يتوقّف على عدم كونها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 4 : 293 ـ 294 .

ــ[453]ــ

خنثى وإلاّ فتفوت عنه تلك الانتفاعات كما لا يخفى ، ومثّل للثاني بما إذا ظهرت الجارية ممّن لا تحيض وهي في سنّ من تحيض فإنّ ذلك عيب إلاّ أنّه لا يوجب انتفاء أكثر المالية عن الجارية لتمكّنه من الاستمتاع والانتفاع بها في الكنس والطبخ ، نعم لا يحصل منها الولد فقط ، والتزم ببطلان المعاملة في الصورة الاُولى دون الثانية واستشكل فيما ذكر من أنّ أصالة السلامة من الطرق التي يعتمد عليها العقلاء في مقام إحراز الصحّة والسلامة في المبيع بأنّ أصالة السلامة إنّما يعتمد عليها العقلاء فيما إذا كانت الصحّة والسلامة في المبيع محرزة سابقاً وحينئذ يعتمد على صحّته السابقة وسلامته في المعاملة ، دون ما إذا لم تحرز الصحّة في المبيع سابقاً .

والوجه في عدم إمكان المساعدة عليه : أنّ أصالة الصحّة والسلامة ليست من طرق الإحراز عند العقلاء مطلقاً من دون فرق في ذلك بين إحراز الصحّة في المبيع سابقاً وبين عدم إحرازها فيه كذلك ، إذ لم يثبت بناء من العقلاء على اعتبار بقاء وصف الصحّة فيما إذا كانت موجودة سابقاً ، والاستصحاب أمر تعبّدي يثبت من الأخبار لا ببناء العقلاء كما ذكرناه في محلّه ، فأصالة الصحّة في مقام إحراز السلامة ممّا لم يثبت بناء العقلاء عليها بوجه ، نعم لو اُريد من ذلك أنّ العقلاء بنوا على اشتراط الصحّة والسلامة في المبيع بحيث إذا ظهر المبيع معيباً يتمكّن المشتري من الفسخ لأجل هذا البناء من دون حاجة إلى بيان ذلك وذكره في المعاملة ، فقد عرفت أنّه كذلك إلاّ أنّ ذلك لا يفرّق فيه بين كون الصحّة موجودة في السابق أو غير موجودة ، وكون معظم المالية متوقّفة على وصف الصحّة أو غير متوقّفة ، لأنّ العقلاء في جميع ذلك بنوا على اشتراط الصحّة من العيب في المعاملات .

وكيف كان فما أفاده (قدّس سرّه) في المقام ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، وقد عرفت أنّ اشتراط الصحّة فيما لا يفسده الاختبار وإن كان ممّا لا بأس به إلاّ أنّه لا حاجة إليه بعد بناء العقلاء على اشتراط الصحّة في المبيع من غير أن يحتاج فيه إلى

ــ[454]ــ

ذكرها في العقد والمعاملة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net