صور التفاوت بين الثمن وما اعتقده من القيمة 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثالث : الخيارات-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4462


وهذا لا يقاس بالمقام مما لا يكون الاحتمال فيه منجزاً مع فرض أنه أقدم على المعاملة بهذا الاشتراط العقلائي سيما مع العلم بحكم الغبن وأنّ حكمه هو الخيار  ، فإنه كيف يمكن أن يقال إنه أقدم على إسقاط الخيار ، فالظاهر أنّ الشاك وكذا الظان يثبت لهما الخيار في هذه الصورة كما ذهب إليه شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) ولا يمكننا المساعدة على ما ذهب إليه شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(2) من عدم ثبوت الخيار للشاك .

ثم إنه إذا اعتقد زيادة القيمة السوقية بمقدار معلوم فأقدم عليها كما إذا اعتقد أنّ القيمة السوقية عشرة فاشتراه بعشرين بزيادة عشرة ، فإن كان ذلك مطابقاً للواقع أيضاً بأن كانت القيمة السوقية في الواقع هي العشرة فهو فلا خيار له كما مرّ
وكذلك الحال فيما إذا ظهر أنّ القيمة السوقية أكثر من العشرة فإنه قد رضي بخسارة عشرة زائدة عن القيمة السوقية فكيف بما هو أقل منها ، كما إذا ظهر أنّ القيمة السوقية خمسة عشر فإنه حينئذ خسر خمسة مع أنه رضي بخسارة عشرة فالمعاملة صحيحة ولا خيار له ، وهذا كلّه ظاهر .

وأمّا إذا ظهر أنّ القيمة السوقية أقل مما اعتقده في المعاملة فلها أربعة صور وذلك لأنّ التفاوت بين الثمن وبين ما اعتقده من القيمة السوقية وأقدم على خسارته ربما يكون بمقدار يتسامح فيه عادةً ، واُخرى لا يكون من المقدار المتسامح فيه ، كما أنّ الفرق بين القيمة السوقية وما اعتقده من القيمة ربما يكون بالمقدار

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 5 : 166 ـ 167 .

(2) منية الطالب 3 : 117 .

ــ[300]ــ

المتسامح فيه ، واُخرى لا يكون بمقدار يتسامح فيه عادةً ، وهذه أربعة صور .

فإن كان التفاوت بين الثمن وما اعتقده من القيمة بمقدار يتسامح فيه كما إذا اعتقد أنّ القيمة السوقية تسعة فاشتراه بعشرة وكان التفاوت بين ما اعتقده من القيمة والقيمة السوقية بمقدار يتسامح به أيضاً كما إذا ظهر في المثال أنّ القيمة السوقية ثمانية ، والفرق بينها وبين التسعة واحد وهو مورد للمسامحة ، فلا إشكال في ثبوت الخيار في هذه الصورة ، لأنه إنما أقدم على خسارة مقدار يتسامح فيه وقد ظهرت الخسارة بمقدار لا يتسامح به ، لأنّ ما يتسامح به هو الواحد في العشرة وهو الذي قد أقدم عليه ، وقد ظهر الفرق باثنين والاثنان في العشرة مما لا يتسامح فيه والواحد في حد نفسه وإن كان مورداً للمسامحة إلاّ أنه لا يلاحظ وحده بل بضمه إلى الواحد الذي أقدم عليه ومجموعهما اثنان وهو مما لا يتسامح به ، إذ لو لوحظ كل واحد واحد من الدراهم بمفرده فهو وإن كان مورداً للمسامحة إلاّ أنه يوجب انتفاء الغبن مطلقاً حيث إنّ كل جزء من أجزائه مما يتسامح فيه حتى ينتهي إلى آخره .

وبعبارة اُخرى : أنّ المغبون إنما أقدم على خسارة الواحد بشرط لا ، وقد ظهرت الخسارة بمقدار الواحد بشرط شيء وهي مما لم يقدم عليه فلا محالة يثبت له الخيار .

وإن كان التفاوت بين الثمن وما اعتقده من القيمة الذي قد أقدم على خسارته بمقدار يتسامح به عادة كما في المثال ولكن التفاوت بين ما اعتقده من القيمة والقيمة السوقية كان بأكثر مما يتسامح به كما إذا ظهر في المثال أنّ القيمة السوقية خمسة والفرق بينها وبين ما اعتقده أربعة وهي مما لا يتسامح به ، ففي هذه الصورة أيضاً لا ينبغي الاشكال في ثبوت الخيار لأنه إنما أقدم على ما يتسامح به وهو الواحد في العشرة وقد ظهر التفاوت بما لا يتسامح به فيثبت له الخيار ، وهذا ظاهر .

وأمّا إذا كان التفاوت بين الثمن وما اعتقده من القيمة أعني مقدار الخسارة

 
 

ــ[301]ــ

التي أقدم عليها مما لا يتسامح به كما إذا نزل به ضيف فاحتاج إلى شراء الثلج في وسط الليل ولم يوجد إلاّ عند واحد فاشتراه منه كل كيلو بعشرين مع اعتقاد أنّ قيمته في السوق خمسة عشر فلساً فقد أقدم على خسارة خمسة في عشرين وهي مما لا يتسامح به ، وكان الفرق بين ما اعتقده وبين القيمة السوقية بمقدار لا يتسامح فيه كما إذا ظهر أنّ قيمة كل كيلو من الثلج في السوق عشرة ، والفرق بينها وبين ما اعتقده من القيمة خمسة وهي أكثر ممّا يتسامح فيه فقد ذكر شيخنا الأنصاري(1)وشيخنا الاُستاذ (قدّس سرّهما)(2) أنه يثبت له الخيار في هذه الصورة ، والصحيح هو ما ذكراه ، وذلك لأنه إنما أقدم على خسارة خمسة وقد ظهرت الخسارة عشرة ، فهي مما لم يقدم عليه وما أقدم عليه هو خسارة خمسة فلا محالة يثبت له الخيار ، ولا وجه لسقوط خياره أبداً لأنّ ما لم يقدم عليه بمقدار يوجب الخيار في حد نفسه ، إذ المفروض أنه بمقدار لا يتسامح به وهو موجب للخيار ، وهذا ظاهر .

وإذا كان التفاوت بين الثمن وما اعتقده من القيمة أي المقدار الذي أقدم على خسارته بمقدار لا يتسامح به كما في المثال المتقدم ، وكان الفرق بين القيمة السوقية وبين ما اعتقده من القيمة بمقدار يتسامح به عادة كما إذا ظهر أنّ كل كيلو من الثلج في السوق أربعة عشر فلساً ، والفرق بينهما وبين ما اعتقده فلس واحد وهو مورد للمسامحة عرفاً ، فهل يثبت له الخيار أيضاً أو يسقط خياره ؟

ذهب شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(3) إلى سقوط الخيار لما أشرنا إليه في الصورة المتقدمة من أنّ المقدار غير المتسامح فيه هو ما أقدم عليه المغبون بنفسه وأمّا المقدار الزائد أعني الفلس الواحد فهو ليس بانفراده موجباً للخيار لأنه مما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 5 : 167 .

(2) ، (3) منية الطالب 3 : 118 .

ــ[302]ــ

يتسامح فيه في العادة ، فما يثبت الخيار أعني ما لا يتسامح فيه فقد أقدم عليه وأما ما لم يقدم عليه فهو لا يثبت الخيار لأنه مما يتسامح فيه عادة .

وذهب شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) إلى ثبوت الخيار في هذه الصورة أيضاً والحق معه ، وذلك لأنه وإن أقدم على ما لا يتسامح فيه إلاّ أنّ له مراتب مختلفة والمفروض أنه أقدم على بعض مراتبه وهو الخمسة ولم يقدم على غيرها من المراتب كالستة ، والمفروض أنّ ما لا يتسامح فيه ظهر ستة وهي مما لم يقدم عليه فلا محالة يثبت له الخيار وهو ظاهر . فالمتحصّل أنّ في جميع الصور الأربعة يثبت له الخيار .

بقيت صورة خامسة وهي ما إذا كان ما أقدم عليه من الخسارة بمقدار يتسامح به ، وكان الفرق بين ما اعتقده وبين القيمة الواقعية أيضاً مما يتسامح فيه ، وكان المجموع مما أقدم عليه وممّا لم يقدم عليه أيضاً ممّا يتسامح فيه ، وهذا كما إذا اعتقد أنّ قيمة المبيع تسعة عشر فاشتراه بعشرين ثم ظهر أنّ قيمته السوقية ثمانية عشر ومجموع ما أقدم عليه من الخسارة وهو الفلس الواحد وما لم يقدم عليه من الفرق بين ما اعتقده والقيمة السوقية وهو الواحد أيضاً مما يتسامح فيه ، لأنّ الاثنين في العشرين مورد للمسامحة ، وفي هذه الصورة لا يثبت له الخيار لأنّ الخسارة ليست مما يوجب الخيار ، إلاّ أنّ هذه الصورة خارجة عن محل الكلام .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net