لو قتل المكاتبُ حرّاً متعمّداً - حكم قتل العبد أو الأمة الحرَّ خطأً 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4679


ــ[53]ــ

   (مسألة 49) : لو قَتل المكاتب حرّاً متعمّداً قُتِل به مطلقاً (1) ، سواء أكان مشروطاً أم مطلقاً ، أدّى

من مال الكتابة شيئاً أم لم يؤدّ . نعم ، لو أدّى المطلق منه شيئاً لم يكن لوليّ المقتول استرقاقه تماماً (2) ،

وله استرقاقه بمقدار ما بقي من عبوديّته (3) ، وليس له مطالبته بالدية بمقدار ما تحرّر منه إلاّ مع التراضي

(4) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) بلا خلاف كتاباً وسنّةً .

   (2) وذلك لأنّ مقداراً منه قد أصبح حرّاً، ومن المعلوم أ نّه لايمكن استرقاقه .

   (3) لأنّ جناية العبد في رقبته ولا يغرم أهله وراء نفسه شيئاً .

   هذا ، ويمكن استفادة ذلك من صحيحة أبي ولاّد الآتية ، فإنّها تدلّ على أ نّه يدفع المكاتب القاتل

للعبد أو الحرّ إلى مولى المقتول أو وليّه .

   (4) وذلك لأنّ الثابت في القتل العمدي هو القصاص ، والدية لا تثبت إلاّ مع التراضي .

   وأمّا صحيحة أبي ولاّد ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن مكاتب جنى على رجل حرّ جناية

«فقال: إن كان أدّى من مكاتبته شيئاً غرم في جنايته بقدر ما أدّى من مكاتبته للحرّ ، وإن عجز عن حقّ

الجناية أخذ ذلك من المولى الذي كاتبه» قلت : فإنّ الجناية لعبد «قال : على مثل ذلك يدفع إلى مولى

العبد الذي جرحه المكاتب» الحديث(1) .

   فهي وإن كانت ظاهرة في العمد من جهة أنّ الجناية بمعنى ارتكاب الذنب ،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 214 /  أبواب ديات النفس ب 10 ح 5 .

ــ[54]ــ

   (مسألة 50) : لو قتل العبد أو الأمة الحرّ خطأً ، تخيّر المولى بين فكّ رقبته بإعطاء دية المقتول أو

بالصلح عليها ، وبين دفع القاتل إلى وليّ المقتول ليسترقّه ، وليس له إلزام المولى بشيء من الأمرين (1)

.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

ومن جهة أنّ الدية في فرض الخطأ على الإمام لا على الخاطئ نفسه ، إلاّ أ نّه لا بدّ من حملها على غير

موارد القصاص ، أو على صورة التراضي على الدية ، فإنّه لا تصل النوبة إلى الدية في موارد القصاص

إلاّ مع التراضي .

   ثمّ إنّ محمّد بن يعقوب (قدس سره) رواها بسنده الصحيح عن أبي ولاّد الحنّاط ، إلاّ أ نّه رواها

هكذا : قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن مكاتب اشترط عليه مولاه حين كاتبه جنى إلى رجل

جناية ، الحديث(1) .

   والظاهر أنّ ما ذكره (قدس سره) لا يصحّ ، لأنّ المكاتب المشروط قنّ ولا يجري عليه الحكم المذكور

في الصحيحة .

   (1) وذلك لأنّ الثابت في القتل الخطائي هو الدية ، وبما أنّ دية جناية العبد أو الأمة في رقبته ولا

عاقلة له فلا يلزم المولى بدفعها ، لفرض عدم شيء عليه .

   نعم ، له ذلك إذا أراد فكّ رقبته ، كما تدلّ عليه صحيحتا محمّد بن حمران وجميل الآتيتان . وعلى

هذا فإن لم يدفع مولى القاتل الدية فلوليّ المقتول أن يسترقّه ، فعندئذ إن ساوت قيمة العبد الدية أو

نقصت فلا شيء على الولي ، وإن زادت قيمته عنها فعليه ردّ الزائد إلى مولاه .

   وتدلّ على أنّ لوليّ المقتول الاسترقاق صحيحة أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن

مدبّر قتل رجلاً عمداً «فقال : يُقتَل به» قال : قلت :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 105 /  أبواب القصاص في النفس ب 46 ح 1 .

ــ[55]ــ

فإن قتله خطأً ؟ قال : «فقال : يدفع إلى أولياء المقتول فيكون لهم رقّاً ، فإن شاءُوا باعوا ، وإن شاءُوا

استرقّوا وليس لهم أن يقتلوه» قال : ثمّ قال : «يا أبا محمّد ، إنّ المدبّر مملوك»(1) .

   وتدلّ على ذلك أيضاً صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن مكاتب

قتل رجلاً خطأً ، قال : «فقال : إن كان مولاه حين كاتبه اشترط عليه إن عجز فهو ردّ في الرقّ فهو

بمنزلة المملوك يدفع إلى أولياء المقتول فإن شاءُوا إسترقّوا وإن شاءُوا باعوا» الحديث(2) .

   فهذه الصحيحة أيضاً واضحة الدلالة على أنّ لوليّ المقتول استرقاق المملوك مطلقاً وإن كان مكاتباً،

كما أنّ له بيعه وأخذ ثمنه بعنوان الدية .

   وما ذكرناه مطابق لما في الفقيه ، ولكن محمّد بن يعقوب والشيخ روياها هكذا : «فإن شاءُوا قتلوا

وإن شاءُوا باعوا» ، وهي مقطوعة البطلان ، لمخالفتها للكتاب والسنّة ، حيث إنّه لا قتل في القتل

الخطائي .

   ومن الغريب أنّ صاحب الوسائل (قدس سره) لم يشر إلى ما رواه الصدوق في الفقيه ، واقتصر على

رواية محمّد بن يعقوب والشيخ .

   وكيف كان ، فلا مانع من الأخذ برواية الصدوق (قدس سره) ، كما لا بدّ من تقييد إطلاقها

وإطلاق صحيحة أبي بصير بما إذا لم يدفع مولى القاتل الدية ، وإلاّ فليس لأولياء المقتول الاسترقاق

بمقتضى الصحيحتين الآتيتين .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 102 /  أبواب القصاص في النفس ب 42 ح 1 .

(2) الوسائل 29: 105 /  أبواب القصاص في النفس ب 46 ح 2، التهذيب 10: 198 / 84،

الفقيه 4 : 95 / 25، الكافي 7: 308 / 3.

ــ[56]ــ

ولا فرق في ذلك بين القنّ والمدبّر (1) والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤدّ من مال الكتابة شيئاً

(2) . واُمّ الولد (3) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) بيان ذلك : أ نّه روى محمّد بن حمران في الصحيح عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في مدبّر قتل

رجلاً خطأً «قال : إن شاء مولاه أن يؤدّي إليهم الدية ، وإلاّ دفعه إليهم يخدمهم ، فإذا مات مولاه ـ

يعني : الذي أعتقه ـ رجع حرّاً»(1) .

   وروى جميل في الصحيح أيضاً: قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : مدبّر قتل رجلاً خطأً ، من

يضمن عنه ؟ «قال : يصالح عنه مولاه ، فإن أبى دفع إلى أولياء المقتول يخدمهم حتّى يموت الذي دبّره ثمّ

يرجع حرّاً لا سبيل عليه»(2) .

   ولكن صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) المتقدّمة بعد تقييدها بما إذا لم يدفع وليّ القاتل

الدية ولم يصالح عنه تعارض هاتين الصحيحتين وبعد التساقط يكون المرجع صحيحة محمّد بن مسلم

المتقدّمة وعموم ما دلّ على أنّ جناية العبد في رقبته .

   (2) لإطلاقات الأدلّة .

   (3) خلافاً للشيخ (قدس سره) ، حيث ذهب إلى أنّ جناية أمّ الولد خطأ على سيِّدها (3) .

   وأستند في ذلك إلى رواية مسمع بن عبدالملك عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : أمّ الولد جنايتها

في حقوق الناس على سيِّدها ، وما كان من حقوق الله

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 29 : 211 /  أبواب ديات النفس ب 9 ح 3 ، 1 .

(3) المبسوط 7 : 160 ، الخلاف 5 : 271 ـ 272 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net