معنى الدية - موارد ثبوت الدية - دية قتل المسلم متعمّداً وأصنافها 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8249


ــ[227]ــ


كتاب الديات


ــ[228]ــ

ــ[229]ــ


كتاب الديات

   الدية :  هي المال المفروض في الجناية على النفس أو الطرف أو الجرح أو نحو ذلك .

   (مسألة 203) : تثبت الدية في موارد الخطأ المحض أو الشبيه بالعمد أو فيما لايكون القصاص فيه أو

لا يمكن ، وأمّا ما ثبت فيه القصاص بلا ردّ شيء فلا تثبت فيه الدية إلاّ بالتراضي والتصالح ، سواء

أكان في النفس أم كان في غيرها (1) ، وقد تقدّم حكم ما يستلزم القصاص فيه الردّ .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) أمّا في النفس فلمّا تقدّم في كتاب القصاص بشكل موسّع .

   وأمّا في غير النفس فتدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّ الحكم فيه متسالم عليه بين الأصحاب وأ نّه لا فرق في

ذلك بين النفس وغيرها ـ صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سألته عن السنّ

والذراع يكسران عمداً لهما أرش أو قود ؟ «فقال : قود» قال : قلت : فإن أضعفوا الدية ؟ «قال :

إن أرضوه بما شاء فهو له»(1) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 176 /  أبواب قصاص الطرف ب 13 ح 4 .

ــ[230]ــ

   (مسألة 204) : دية قتل المسلم متعمّداً مائة بعير فحل من مسان الإبل ، أو مائتا بقرة أو ألف دينار

ـ وكلّ دينار يساوي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك ـ أو ألف شاة أو عشرة آلاف

درهم (1) ـ وكلّ درهم يساوي 6 / 12 حمّصة من الفضّة المسكوكة

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   ومعتبرة إسحاق بن عمّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)

فيما كان من جراحات الجسد أنّ فيها القصاص، أو يقبل المجروح دية الجراحة فيعطاها»(1).

   وتؤيّد ذلك رواية الحكم بن عتيبة عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : قلت : ما تقول في العمد

والخطأ في القتل والجراحات ؟ قال : «فقال : ليس الخطأ مثل العمد، العمد فيه القتل، والجراحات فيها

القصاص، والخطأ في القتل والجراحات فيها الديات» الحديث(2) .

   (1) بلا خلاف بين الأصحاب ، بل عن بعض دعوى الإجماع عليه .

   وتدلّ على ذلك عدّة روايات :

   منها :  صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج، قال:  سمعت ابن أبي ليلى يقول : كانت الدية في الجاهليّة

مائة من الإبل فأقرّها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ثمّ إنّه فرض على أهل البقر مائتي بقرة ،

وفرض على أهل الشاة ألف شاة ثنية ، وعلى أهذ الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق عشرة آلاف

درهم ، وعلى أهل اليمن الحلل مائتي حلّة. قال عبدالرحمن بن الحجّاج فسألت أبا عبدالله

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 176 /  أبواب قصاص الطرف ب 13 ح 3 .

(2) الوسائل 29 : 175 /  أبواب قصاص الطرف ب 13 ح 1 .

ــ[231]ــ

(عليه السلام) عمّا روى ابن أبي ليلى «فقال : كان عليّ (عليه السلام) يقول : الدية ألف دينار ،

وقيمة الدينار عشرة دراهم وعشرة آلاف لأهل الأمصار ، وعلى أهل البوادي مائة من الإبل ، ولأهل

السواد مائة بقرة أو ألف شاة»(1) .

   وروى ابن أبي عمير في الصحيح عن جميل بن درّاج ، في الدية ، قال : ألف دينار أو عشرة آلاف

درهم، ويؤخذ من أصحاب الحلل الحلل ، ومن أصحاب الإبل الإبل ، ومن أصحاب الغنم الغنم ،

ومن أصحاب البقر البقر»(2) .

   ثمّ إنّ هاتين الروايتين ظاهرتان في التخيير بين هذه الاُمور ، ولا تدلاّن على تعيّن كلّ واحد منها على

أهلـه ، وذلك لأنّ الظاهر هو أ نّهما في مقام بيان الإرفاق والتسهيل لهم ، لا في مقام تعيين ذلك .

   ثمّ إنّ في صحيحة محمّد بن مسلم وزرارة وغيرهما  عن أحدهما (عليهما السلام)، في الدية «قال: هي

مائة من الإبل وليس فيها دنانير ولا دراهم ولا غير ذلك»(3) .

   لكن هذه الرواية بظاهرها مخالفة للروايات المستفيضة المشهورة ولم يوجد بها عامل ، فلا بدّ من

طرحها أو تأويلها .

   بقي هنا اُمور :

   الأوّل :  أ نّه قد ورد في روايات ثلاث : أنّ قيمة كل بعير عشرون غنماً :

   منها : صحيحة ابن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول في حديث : «إنّ الدية مائة

من الإبل ، وقيمة كلّ بعير من الورق مائة وعشرون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 193 /  أبواب ديات النفس ب 1 ح 1 . وفي الكافي 7 : 280 / 1 

والتهذيب 10 : 160/ 640 والاستبصار4:  259/ 975 «ولأهل السواد مائتا بقرة» .

(2) الوسائل 29 : 195 /  أبواب ديات النفس ب 1 ح 4 .

(3) الوسائل 29 : 201 /  أبواب ديات النفس ب 2 ح 7 .

ــ[232]ــ

درهماً ، أو عشرة دنانير ، ومن الغنم قيمة كلّ ناب من الإبل عشرون شاة»(1) .

   ومنها : صحيحة معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن دية العمد «فقال :

مائة من فحولة الإبل المسان ، فإن لم يكن إبل فمكان كلّ جمل عشرون من فحولة الغنم»(2) .

   ومنها : معتبرة أبي بصير، قال: سألته عن دية العمد الذي يقتل الرجل عمداً ، قال : «فقال : مائة

من فحولة الإبل المسان ، فإن لم يكن إبل فمكان كلّ جمل عشرون من فحولة الغنم»(3) .

   أقول :  هذه الروايات ـ مضافاً إلى أ نّها لا عامل بها ، وأنّ مضمونها مقطوع البطلان ، حيث إنّه

ليس قيمة كلّ بعير عشرون شاةً ـ معارضة بما دلّ على أنّ الدية ألف شاة ، فتحمل على التقيّة ،

لموافقتها للعامّة على ما في المغني(4) .

   الثاني :  أنّ الظاهر من الروايتين الأخيرتين المتقدّمتين وإن كان هو الترتيب بين الإبل والشاة إلاّ أ نّه

لا قائل به من الأصحاب ، بل المتسالم عليه بينهم عدم اعتباره ، ولأجل ذلك لا بدّ من طرحهما ، لأ

نّهما روايتان شاذّتان .

   الثالث :  أ نّه قد ورد في صحيحة عبدالله بن سنان : أنّ الدية إذا كانت من الدراهم كانت اثني

عشر ألف درهم، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «من قتل مؤمناً متعمّداً قيد منه ، إلاّ أن

يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية ، فإن رضوا بالدية وأحبّ ذلك القاتل فالدية اثنا عشر ألفاً»

الحديث(5) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 194 /  أبواب ديات النفس ب 1 ح 3 .

(2) الوسائل 29 : 200 /  أبواب ديات النفس ب 2 ح 2 .

(3) الوسائل 29 : 200 /  أبواب ديات النفس ب 2 ح 3 .

(4) انظر المغني 9 : 403 و 508 .

(5) الوسائل 29 : 196 /  أبواب ديات النفس ب 1 ح 9 .

ــ[233]ــ

فعشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفيّة وربع المثقال ـ أو مائتا حلّة (1) وكلّ حلّة ثوبان (2) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   وفي صحيحة عبيدالله بن زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : الدية ألف دينار أو اثنا عشر

ألف درهم» الحديث(1) .

   أقول :  أ نّه لا بدّ من رفع اليد عنهما ، فإنّهما ـ مضافاً إلى عدم عامل بهما منّا ـ محمولتان على

التقيّة، لمعارضتهما بما دلّ على أ نّها إن كانت من الدراهم كانت عشرة آلاف درهم ، وموافقتهما

للعامّة .

   (1) العمدة في كون مائتي حلّة من أفراد الدية هو الإجماع والتسالم المقطوع به بين الأصحاب ، وإلاّ

فهو لم يرد إلاّ في صحيحة ابن أبي عمير عن جميل وصحيحة ابن الحجّاج المتقدّمتين ، ولا يمكن إثبات

ذلك بهما ، فإنّ الاُولى منهما موقوفة ولم يرو جميل ذلك عن الإمام (عليه السلام) ، وأمّا الثانية فإنّ ابن

الحجّاج لم يرو ذلك عن الإمام ، وإنّما رواه عن ابن أبي ليلى عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله

وسلّم) مرسلاً ، ولا عبرة بمسانيد ابن أبي ليلى فضلاً عن مراسيله .

   نعم ، لا بأس بكون الصحيحتين مؤيّدتين للحكم .

   (2) على ما نصّ عليه أكثر الأصحاب وأهل اللغة ، بل صرّح في الجواهر بأنّ الحكم مفروغ

عنه(2). وكيف كان ، فالأمر كذلك ، فإنّ تفسير معظم أهل اللغة إيّاها بالثوبين يوجب الاطمئنان

بذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 197 /  أبواب ديات النفس ب 1 ح 10 .

(2) جواهر الكلام 43 : 9 .

ــ[234]ــ

وقيل : لا بدّ أن يكون من أبراد اليمن ، وهو غير ثابت (1) .
ـــــــــــــــ

ـــــ

   (1) قد صرّح الشهيد الأوّل والمحقّق والعلاّمة (قدس أسرارهم) بتقييد الحلّة ببرود اليمن(1) .

ولكنّه غير ثابت ، لعدم الدليل على ذلك بعد صدقها على غيرها أيضاً .
ـــــــــــــــ

(1) اللمعة 10 : 176 ، الشرائع 4 : 251 ، القواعد 3 : 666 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net