هل يضمن راكب الدابّة وقائدها ما تجنيه بيديها ورجليها ؟ 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3964


   (مسألة 263) : يضمن راكب الدابّة وقائدها ما تجنيه بيديها (3) وكذلك ما تجنيه برجليها إن كانت

الجناية مستندة إليهما ،

 

ـــــــــــــــــــــــــ
   (3) بلا خلاف بين الأصحاب ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :

   منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه سئل عن الرجل يمرّ على طريق من طرق

المسلمين فتصيب دابّته إنساناً برجلها «فقال : ليس عليه ما أصابت برجلها ، ولكن عليه ما أصابت

بيدها ، لأنّ رجليها خلفه إن ركب، فإن كان قاد بها فإنّه يملك بإذن الله يدها يضعها حيث يشاء»(1) ،

وقريب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 247 /  أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 3 .

ــ[312]ــ

بأن كانت بتفريط منهما ، وإلاّ فلا ضمان (1) ،

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

منها صحيحة سليمان بن خالد(1) .

   ومنها : معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه ضمّن القائد والسائق والراكب ، فقال

: «ما اصاب الرجل فعلى السائق ، وما أصاب اليد فعلى القائد والراكب»(2) .

   ومقتضى هذه الروايات هو ضمان القائد والراكب ما تجنيه دابّته بيديها مطلقاً ولو كان بدون تفريط

منهما .

   بقي هنا شيء : وهو أنّ المحقّق (قدس سره) ذكر في الشرائع أ نّه لو كان مع الراكب مالك الدابّة

فالضمان على المالك دون الراكب(3) . وذهب إليه العلاّمة في القواعد والشهيد في اللمعة(4) .

   ولكنّه لا وجه له أصلاً ، إلاّ إذا كان المالك قائداً لها ، فعندئذ الضمان عليه بمقتضى التعليل في ذيل

صحيحتي الحلبي وسليمان بن خالد ، كما أ نّه لو كان الراكب هو المالك والقائد غيره فالضمان على

القائد .

   فالنتيجة : هي أ نّه في صورة اجتماع القائد والراكب يكون الضمان على القائد، سواء أكان مالكاً

أم كان غيره .

   (1) أمّا الضمان مع التفريط : فلا إشكال فيه ، وأمّا عدم الضمان بدونه : فلعدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 249 /  أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 9 .

(2) الوسائل 29 : 248 /  أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 5 .

(3) الشرائع 4 : 264 .

(4) القواعد 3 : 657 ، اللمعة 10 : 162 .

ــ[313]ــ

الدليل عليه ، وقد تقدّم أ نّه لا ضمان في جناية العجماء ، فإنّها جبّار ، وأمّا ما دلّ على الضمان فهو

عدّة روايات :

   منها : معتبرة أبي مريم عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في

صاحب الدابّة أ نّه يضمن ما وطئت بيدها ورجلها وما نفحت(1) برجلها فلا ضمان عليه ، إلاّ أن

يضربها إنسان»(2) ، ولكنّها لم تثبت ، فإنّ الشيخ رواها بعينها خالية عن كلمة «ورجلها» ، بل يظهر

من الوافي أنّ هذه الكلمة لم تكن موجودة في الكافي أيضاً ، فيظهر من ذلك أنّ نسخ الكافي كانت

مختلفة .

   ومنها : معتبرة غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) : «أنّ علياً (عليه السلام)

ضمن صاحب الدابة ما وطئت بيديها ورجليها ، وما بعجت برجلها فلا ضمان عليه ، إلاّ أن يضربها

إنسان» الحديث(3) ، كذا في التهذيب ، لكن هذه الرواية أيضاً لم تثبت ، فإنّ الصدوق رواها في

الفقيه خالية عن كلمة «ورجليها» وفيه جملة: «وما نفحت» بدل جملة : «وما بعجت» ، ويظهر من

الوافي أيضاً أنّ هذه الكلمة لم تكن موجودة في التهذيب أيضاً ، ومن ذلك يتبيّن أنّ نسخ التهذيب

كانت مختلفة .

   ومنها: معتبرة إسحاق بن عمّار، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام): «أنّ علياً (عليه السلام) كان

يضمن الراكب ما وطئت الدابّة بيدها أو رجلها ، إلاّ أن يعبث بها أحد فيكون الضمان على الذي عبث

بها»(4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نفحت : ضربت برجلها ، الصحاح ـ نفح ـ 1 : 412 .

(2) الوسائل 29 : 247 /  أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 4 ، التهذيب 10 : 227 / 894

، الكافي 7 : 353 / 11 ، الوافي 16 : 842 / 16251 .

(3) الوسائل 29 : 248 /  أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 7 ، التهذيب 10 : 224 / 880

، الفقيه 4 : 116 / 402 ، الوافي 16 : 842 / 16251 .

(4) الوسائل 29 : 249 /  أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 10 .

ــ[314]ــ

كما أ نّهما لا يضمنان ما ضربته الدابّة بحافرها إلاّ إذا عبث بها أحد ، فيضمن العابث جنايتها (1)، وأمّا

السائق فيضمن ما تجنيه الدابّة برجلها دون يدها (2) ،

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   ولكنّها معارضة بالروايات المتقدّمة الدالّة على عدم ضمان الراكب والقائد ما تجنيه الدابّة برجلها ،

فتسقط بالمعارضة . فالنتيجة ما ذكرناه .

   (1) أمّا عدم ضمان ما تضربه الدابّة بحافرها : فإنّه ـ مضافاً إلى أ نّه مقتضى القاعدة ـ تدلّ عليه

معتبرتا أبي مريم وغياث بن إبراهيم المتقدّمتان . وأمّا ضمان العابث : فلدلالة ذيل معتبرة إسحاق بن

عمار المتقدّمة عليه .

   (2) تدلّ على ذلك معتبرة السكوني المتقدّمة (1) .

   وعلى ذلك تحمل معتبرته الثانية : أنّ علياً (عليه السلام) كان يضمن القائد والسائق والراكب(2) .

   ولا تعارضها رواية العلاء بن الفضيل عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه سئل عن رجل يسير على

طريق من طرق المسلمين على دابّته ، فتصيب برجلها «قال : ليس عليه ما أصابت برجلها ، وعليه ما

أصابت بيدها ، وإذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها ، وإن كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها

ورجلها أيضاً»(3) .

   وذلك لضعفها سنداً ، فإنّ في سندها محمّد بن سنان ، وهو لم يثبت توثيقه ولا مدحه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 312 .

(2) الوسائل 29 : 249 /  أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 11 .

(3) الوسائل 29 : 247 /  أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 2 .

ــ[315]ــ

إلاّ إذا كانت الجناية مستندة إليه بتفريطه فإنّه يضمن(1) .
ــــــــــــــــــــ

ـــــ

   بقي هنا شيء :  وهو أنّ المعروف والمشهور بين الأصحاب ـ بل ادّعي عليه الإجماع ـ  : أنّ

السائق يضمن ما تجنيه دابّته برجلها ويدها ، ومستندهم في ذلك رواية العلاء بن الفضيل، ولكنّك

عرفت ضعفها فلايمكن الاعتماد عليها في استنباط حكم شرعي ، والإجماع الكاشف عن قول المعصوم

(عليه السلام) غير ثابت ، فالأظهر ما ذكرناه .

   (1) وجهه ظاهر .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net