معنى العاقلة - هل يعتبر العنى في العاقلة ؟ - عدم دخول أهل البلد في العاقلة 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8600


ــ[540]ــ


فصل

في العاقلـة

   (مسألة 405) : عاقلة الجاني عصبته ، والعصبة : هم المتقرّبون بالأب كالإخوة والأعمام وأولادهم وإن نزلوا (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ، وذكر المحقّق في الشرائع أنّ من الأصحاب من خصّ به ـ العقل ـ الأقرب ممّن يرث بالتسمية ، ومع عدمه يشترك في العقل بين من يتقرّب بالاُمّ مع من يتقرّب بالأب أثلاثاً ، وهو استناد إلى رواية سلمة بن كهيل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وفي سلمة ضعف(1) .

   أقول :لم يثبت هذا القول لأحد من الأصحاب وإن كان قد نسب إلى أبي علي(2) ، إلاّ أنّ عبارته المحكيّة لا تنطبق على هذا القول ، وعلى تقدير تحقّقه فلا مستند له ، فإنّ رواية سلمة بن كهيل ـ مضافاً إلى أ نّها ضعيفة سنداً ـ لا ينطبق مضمونها على ذلك القول ، فإنّ المذكور فيها : أنّ سلمة قال : اُتي أمير المؤمنين (عليه السلام) برجل قد قتل رجلاً خطأ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : «من عشيرتك وقرابتك ـ إلى أن قال : ـ فكتب إلى عامله على الموصل : «أمّا بعد ـ  إلى أن قال : ـ فإذا ورد عليك إن شاء الله وقرأت كتابي فافحص عن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 4 : 299 .

(2) حكاه عنه في الرياض 2 : 565 (حجري) .

 
 

ــ[541]ــ

أمره ـ  إلى أن قال :  ـ ثمّ اُنظر فإن كان رجل منهم يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية وخذه بها نجوماً في ثلاث سنين ، فإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب وكان له قرابة من قبل أبيه واُمّه سواء في النسب ففضّ الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قاربته من قبل اُمّه من الرجال المدركين المسلمين، ثمّ خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين ، وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ولا قرابة من قبل اُمّه ففضّ الدية على أهل الموصل ممّن ولد ونشأ بها» الحديث(1) .

   فإنّ ظاهر هذه الرواية هو تقسيم الدية على قرابتي الأب والاُمّ بالسويّة .

   وعن كشف اللثام : أنّ العاقلة هم الورثة على ترتيب الإرث(2) .

   واستدلّ على ذلك بمعتبرة أبي بصير ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل قتل رجلاً متعمّداً ثمّ هرب القاتل فلم يقدر عليه «قال : إن كان له مال اُخذت الدية من ماله ، وإلاّ فمن الأقرب فالأقرب ، وإن لم يكن له قرابة أدّاه الإمام ، فإنّه لا يبطل دم امرئ مسلم»(3) .

   وصحيحة ابن أبي نصر عن أبي جعفر (عليه السلام) : في رجل قتل رجلاً عمداً ثمّ فرّ فلم يقدر عليه حتّى مات «قال : إن كان له مال اُخذ منه ، وإلاّ اُخذ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29: 392 / أبواب العاقلة ب2 ح1، وفيه وكذا  الكافي 7: 364 / 2 والتهذيب 10 : 171 / 675 والفقيه 4 : 105 / 356  [ من الرجال المدركين المسلمين ، ثمّ اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية ، واجعل على قرابته من قبل اُمّه ثلث الدية ، وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ففضّ الدية على قرابته من قبل اُمّه من الرجال المدركين المسلمين ، ثمّ خذهم بها واستأدهم ] .

(2) كشف اللثام 2 : 527 (حجري) .

(3) الوسائل 29 : 395 /  ابواب العاقلة ب 4 ح 1 .

ــ[542]ــ

وهل يدخل في العاقلة الآباء وإن علوا ، والأبناء وإن نزلوا ؟ الأقرب الدخول (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الأقرب فالأقرب»(1) .

   ومرسلة يونس بن عبدالرحمن عن أحدهما (عليهما السلام) ، أ نّه قال : في الرجل إذا قتل رجلاً خطأً فمات قبل أن يخرج إلى أولياء المقتول من الدية «أنّ الدية على ورثته ، فإن لم يكن له عاقلة فعلى الوالي من بيت المال»(2) .

   أقول :  أنّ معتبرة أبي بصير وصحيحة ابن أبي نصر موردهما القتل العمدي وليس على العاقلة فيه شيء ، والحكم بثبوت الدية على الوارث حكم تعبّدي يختصّ بمورده ولا يتعدّى منه إلى القتل الخـطائي الذي تكون الدية فيه على العاقلة .

   وأمّا المرسلة ـ فمضافاً إلى أ نّها ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها ـ فإنّ موردها القتل الشبيه بالعمد ، بقرينة أنّ المفروض في موردها أنّ الدية كانت واجبة على القاتل فمات قبل أن يفرغ ذمّته ، فهي أيضاً خارجة عن محلّ الكلام ، وهو ثبوت الدية على العاقلة .

   فالنتيجة :  أنّ الصحيح ما هو المشهور بين الأصحاب ، والدليل على ذلك هو اختصاص العصبة لغةً وعرفاً بالمتقرّبين بالأب ولا تشمل المتقرّبين بالاُمّ .

   (1) خلافاً لجماعة، منهم : الشيخ في المبسوط والخلاف وابن حمزة في الوسيلة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 395 /  أبواب العاقلة ب 4 ح 3 .

(2) الوسائل 29 : 397 /  أبواب العاقلة ب 6 ح 1 .

ــ[543]ــ

وابن فهد في محكيّ المهذّب ، بل نسبه الشهيد الثاني إلى المشهور(1) ، بل ادّعى الشيخ في الخلاف إجماع الأصحاب عليه .

   وفيه : أ نّه إن تمّ إجماع فهو ، ولكنّه غير تامّ جزماً .

   فالصحيح ـ وفاقاً لجماعة، منهم : الإسكافي والمفيد والشيخ في النهاية والحلّي ويحيى بن سعيد وأبي العبّاس والصيمري والشهيد في اللمعة ، ونسبه في الإيضاح إلى الشهرة ، بل عن الحلّي في السرائر دعوى الإجماع عليه(2) ـ هو دخول الأب وإن علا والابن وإن نزل . والوجه في ذلك : هو أنّ عصبة الشخص ـ بحسب معناها اللغوي ـ هم المحيطون به ، فبطبيعة الحال تشمل الأب والابن أيضاً .

   وأمّا صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) على امرأة أعتقت رجلاً واشترطت ولاءه ولها ابن فألحق ولاءه بعصبتها الذين يعقلون عنه دون ولدها»(3) .

   فلا تدلّ على استثناء الولد من العاقلة ، وذلك لأنّ الظاهر منها هو أنّ الولد مستثنى ممّن له الولاء وهم العصبة ، فإنّ ولاء الاُمّ لا يصل إلى ولدها ، وإنّما يصل إلى غيره من عصبتها . فإذن الصحيحة تدلّ على دخول الولد في العاقلة ، لكنّه لا يرث الولاء من الاُمّ .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المبسوط 7 : 173 ، الخلاف 5 : 177 / 98 ، الوسيلة : 437 ، لاحظ المهذب البارع 5 : 417 ـ 420 ، المسالك 2 : 403 (حجري) .

(2) حكاه في المهذب البارع عن الإسكافي 5 : 417 ، المفيد في المقنعة : 735 ، الشيخ في النهايـة : 737 ، الحلي في السرائر 3 : 331 ، ابن سعيد في الجامع للشرائع : 573 ، أبو العبّاس في المهذب البارع 5 : 415 ـ 416 ، غاية المرام 4 : 486 ، الصيمري في اللمعة 10 : 309 ، الإيضاح 4 : 744 ، السرائر 3 : 332 .

(3) الوسائل 23 : 70 /  كتاب العتق ب 39 ح 1 .

ــ[544]ــ

ولا يشترك القاتل مع العاقلة في الدية (1) ، ولا يشاركهم فيها الصبي ولا المجنون ولا المرأة وإن ورثوا منها (2) .

   (مسألة 406) : هل يعتبر الغنى في العاقلة؟ المشهور اعتباره، وفيه إشكال، والأقرب عدم اعتباره (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) بلا خلاف بين الأصحاب ، بل الإجماع بقسميه عليه ، وذلك لمعلوميّة أنّ القاتل غير العاقلة ، حيث إنّ العاقلة تضمن جنايته .

   وما عن أبي حنيفة من مشاركته العاقلة في الضمان(1) ، واضح الضعف .

   (2) بلا خلاف بين الأصحاب .

   أمّا الأوّلان : فلحديث رفع القلم عنهما .

   وأمّا الثالث : فتدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّ المرأة خارجة عن مفهوم العصبة ـ صحيحة الأحول ، قال : قال ابن أبي العوجاء : ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً ويأخذ الرجل سهمين ؟ قال : فذكر ذلك بعض أصحابنا لأبي عبدالله (عليه السلام) «فقال: إنّ المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا معقلة ، وإنّما ذلك على الرجال» الحديث(2)، وقريب منها رواية إسحاق بن محمّد النخعي(3) .

   (3) وجه الإشكال : هو أ نّه لا دليل على ما هو المعروف والمشهور بين الأصحاب، فحينئذ إن تمّ إجماع فهو، ولكنّه غير تامّ.  فإذن الأقرب عدم الاعتبار، وأ نّه لا فرق بين الغنيّ والفقير في ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه عنه ابن قدامة في المغني 9 : 498 / 6789 .

(2) الوسائل 26 : 93 /  أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب 2 ح 1 .

(3) الوسائل 26 : 94 /  أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب 2 ح 3 .

ــ[545]ــ

   (مسألة 407) : لا يدخل أهل البلد في العاقلة إذا لم يكونوا عصبة (1) .
ــــــــــــــــــــ

   (1) بلا خلاف بين الأصحاب ، وأمّا رواية سلمة بن كهيل المتقدّمة (1) ـ فمضافاً إلى ضعفها سنداً ـ لم نجد عاملاً بها .
ــــــــــــــ

(1) في ص 538 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net