ثمرة البحث 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4956


ثمرة المسألة

ذكروا لها ثمرات :

الاُولى : ما اشتهر فيما بينهم من أنّ الأعمي يتمسك بالبراءة في موارد الشك في الأجزاء والشرائط ، والصحيحي يتمسك بقاعدة الاشتغال والاحتياط في تلك الموارد .

ولكن التحقيق أنّ الأمر ليس كذلك ، ولا فرق في التمسك بالبراءة أو الاشتغال بين القولين أصلاً .

والوجه في ذلك : هو أ نّا إذا قلنا بالوضع للأعم فالتمسك بالبراءة مبتن على القول بانحلال العلم الإجمالي في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين ، فانّه إن قلنا بالانحلال وأنّ العلم الاجمالي ينحل إلى علم تفصيلي وشك بدوي ، فلا مانع من الرجوع إلى البراءة عن وجوب الأكثر والتقييد الزائد ، فانّ مسألتنا هذه من إحدى صغريات كبرى مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين ، وذلك لأنّ تعلق التكليف في المقام بالطبيعي الجامع بين المطلق والمقيد معلوم لنا تفصيلاً ـ وهو الماهية المهملة العارية عن جميع الخصوصيات ـ وإنّما شكنا هو في تعلّقه به على

ــ[194]ــ

نحو الإطلاق بمعنى عدم تقييده بشيء لا جزءاً ولا شرطاً ، أو على نحو التقييد به بأحد النحوين المزبورين ، فحينئذ إن قلنا بانحلال العلم الإجمالي في تلك المسألة والرجوع إلى البراءة عن التكليف الزائد عن المقدار المعلوم كما هو كذلك، فنقول هنا أيضاً بالانحلال والرجوع إلى البراءة عن التقييد الزائد . وأمّا لو قلنا بعدم انحلال العلم الإجمالي في تلك المسألة فلا بدّ من الاحتياط والرجوع إلى قاعدة الاشتغال، وعلى ذلك فلا ملازمة بين قول الأعمي والرجوع إلى البراءة .

وأمّا على الصحيحي : فإن قلنا بأنّ متعلق التكليف عنوان بسيط ، وخارج عن الأجزاء والشرائط ، وإنّما هي سبب لوجوده ، فلا محالة يكون الشك في جزئية شيء أو شرطيته شكّاً في المحصّل ، فلا بدّ من القول بالاشتغال ، إلاّ أنّ هذا مجـرّد فرض غير واقع في الخـارج ، بل إنّه خلاف مفروض البحث ، إذ المفروض أنّ متعلق التكليف هو الجامع بين الأفراد الصحيحة ، ونسبته إلى الأجزاء والشرائط نسبة الطبيعي إلى أفراده أو نسبة العنوان إلى معنونه ، وعلى كلا التقديرين فلا يكون المأمور به مغايراً في الوجود مع الأجزاء والشرائط ومسبباً عنها .

وعلى الجملة : أنّ كلا من السبب والمسبب موجود في الخارج بوجـود مستقل على حياله واستقلاله ، كالقتل المسبب عن مقدمات خارجية ، أو الطهارة الخبثية المسببة عن الغسل ، بل الحدثية المسببة عن الوضوء والغسل والتيمم على قول ، فإذا كان المأمور به أمراً بسيطاً مسبباً عن شيء آخر ، ومترتباً عليه وجوداً ، فلا محالة يرجع الشك في جزئيه شيء أو شرطيته بالإضافة إلى سببه إلى الشك في المحصّل، ولا إشكال في الرجوع معه إلى قاعدة الاشتغال في مورده .

ولكن المقام لا يكون من ذلك الباب ، فانّ الجامع الذي فرض وجوده بين الأفراد الصحيحة لا يخلو أمره من أن يكون من الماهيات المتأصلة المركبة ، أو

ــ[195]ــ

البسيطة ، أو من الماهيات الاعتبارية والعناوين الانتزاعية ، وعلى كل تقدير لا بدّ من أن يكون منطبقاً على الأجزاء والشرائط الخارجية انطباق الكلي على أفراده ، ومعه لا يرجع الشك إلى الشك في المحصّل ليكون المرجع فيه قاعدة الاشتغال .

أمّا على الأوّل : فلأنّ المفروض أنّ الجامع هو عين الأجزاء والشرائط ، فالأجزاء مع شرائطها بأنفسها متعلقة للأمر ، ووحدتها ليست وحدة حقيقية ، بل وحدة اعتبارية ، بداهة أ نّه لاتحصل من ضم ماهية الركوع إلى ماهية السجود ماهية ثالثة غير ماهيتهما ، وعليه فلا مانع من الرجوع إلى البراءة عند الشك في اعتبار شيء زائد على المقدار المعلوم، بناءً على صحّة الانحلال في مسألة دوران الواجب بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، لأنّ تعلق التكليف حينئذ بالمقدار المتيقن من الأجزاء وقيودها معلوم، والشك في غيره شك في التكليف ، فالمرجع فيه البراءة، وبناءً على عدم الانحلال في تلك المسألة فالمرجع فيه قاعدة الاشتغال.

وأمّا على الثاني : فكذلك ، لأنّ الطبيعي عين أفراده خارجاً ومتحد معها عيناً، فالأمر المتعلق به متعلق بالأجزاء مع شرائطها ، سواء قلنا بأنّ متعلق الأوامر الطبائع أم قلنا بأ نّه الأفراد ، أمّا على الثاني واضح . وأمّا على الأوّل ، فلاتحاد الطبيعي معها ، غاية الأمر أنّ الخصوصيات الفردية غير دخيلة في ذلك، فعلى كلا القولين يرجع الشك في اعتبار شيء جزءاً أو شرطاً إلى الشك في إطلاق المأمور به وتقييده ، لا إلى أمر خارج عن دائرة المأمور به ، فبناءً على الانحلال في تلك المسألة كان المرجع فيه البراءة عن التقييد المشكوك فيه .

وأمّا على الثالث : فالأمر أيضاً كذلك ، لأنّ الأمر الانتزاعي لا وجود له خارجاً ليتعلق به الأمر ، وإنّما الموجود حقيقة هو منشأ انتزاعه، فالأمر في الحقيقة متعلق بمنشأ الانتزاع ، وهو في المقام نفس الأجزاء والشرائط ، وأخذ

ــ[196]ــ

ذلك الأمر الانتزاعي في لسان الدليل متعلقاً للأمر إنّما هو لأجل الاشارة إلى ما هو متعلق الحكم في القضيّة .

فالنتيجة : أنّ الشك في اعتبار جزء أو قيد على جميع التقادير يرجع إلى الشك في تقييد نفس المأمور به بقيد زائد على المقدار المتيقن ، فبناءً على ما هو الصحيح من انحلال العلم الاجمالي عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر نرجع هنا إلى البراءة .

وبتعبير آخر : أ نّا قد بيّنا في مبحث النهي عن العبادات وأشرنا فيما تقدّم (1) أيضاً أنّ الصحّة الفعلية التي هي منتزعة عن انطباق المأمور به على المأتي به خارجاً لا يعقل أخذها في متعلق الأمر لتأخرها عنه ، فالمتعلق على كلا القولين نفس الأجزاء مع قيودها الخاصة ، غاية الأمر أ نّه على القول بالوضع للصحيح كان المسمّى تمام الأجزاء مع تمام القيود ، وعلى القول بالوضع للأعم كان هو الأعم ، وعلى هذا كان الشك في اعتبار أمر زائد على المقدار الذي نعلم بتعلق الأمر به من الأجزاء والشرائط مورداً للبراءة ، بلا فرق في ذلك بين القول بالصحيح والقول بالأعم .

فتلخّص : أنّ أخذ الصحّة بمعنى التمامية في المسمّى لا يمنع عن جريان البراءة على القول بالانحلال كما هو القوي .

فقد أصبحت النتيجة من جميع ما ذكرناه : أنّ القول بوضع الألفاظ للأعم لا يلزمه جريان البراءة دائماً ، كما أنّ القول بوضعها للصحيح لا يلزمه الالتزام بالاشتغال كذلك ، بل هما في ذلك سواء ، فان جريان البراءة وعدمه مبنيان على الانحلال وعدمه في تلك المسألة ، لا على الوضع للصحيح أو الأعم .

ـــــــــــــــــــــ
(1) في ص 155 .

ــ[197]ــ

وعلى ضوء هذا يستبين فساد ما أفاده شيخنا الاُستاذ (قدس سره) (1) من أ نّه على الصحيحي لا مناص من الرجوع إلى قاعدة الاشـتغال ، كما أ نّه على الأعمي لا مناص من الرجـوع إلى البراءة ، بتقريب أنّ تصـوير الجامع على الصحيحي لا يمكن إلاّ بتقييد المسمّى بعنوان بسيط خاص ، إمّا من ناحية علل الأحكام أو من ناحية معلولاتها، وأنّ هذا العنوان خارج عن المأتي به ومأخوذ في المأمور به ، وعليه فالشك في اعتبار شيء جزءاً أو شرطاً لا محالة يوجب الشك في حصول العنوان المزبور ، فيرجع الشك حينئذ إلى الشك في المحصّل ، والمرجع فيه قاعدة الاشتغال دون البراءة .

والوجه في فساده : هو ما سبق من أنّ الجامع على القول بالصحيح على كل تقـدير لا بدّ من أن ينطبق على الأجزاء والشرائط انطباق الكلي على فرده ، وعليه كان الشك في اعتبار جزء أو قيد في المأمور به من دوران المأمـور به نفسـه بين الأقل والأكثر ، فعلى القول بالانحـلال كان المرجع فيه البراءة عن وجوب الأكثر ، فنتيجة ذلك هي أنّ المأمور به بتمام أجزائه وشرائطه هو الأقل دون الأكثر ، وقد عرفت أنّ القول بالاشتغال مبني على أن يكون المأمور به عنواناً بسيطاً مسبباً عن الأجزاء والشرائط الخارجيتين ومتحصلاً منهما ، وهو خلاف المفروض.

وأمّا ما ذكره (قدس سره) من أ نّه على الصحيحي لا بدّ من تقييد المسمّى بعنوان بسيط ، إمّا من ناحية العلل أو من ناحية المعلولات ، فيردّه : أ نّه خلط بين الصحّة الفعلية التي تنتزع عن انطباق المأمور به على المأتي به في الخارج ، والصحّة بمعنى التماميـة ، فالحاجة إلى التقييد إنّما تكون فيما إذا كان النزاع بين الصحيحي والأعمي في أخذ الصحّة الفعلية في المسمّى وعدم أخذها فيه ، فانّه

ـــــــــــــــــــــ
(1) أجود التقريرات 1 : 66 .

ــ[198]ــ

على الصحيحي لا بدّ من تقييده بعنوان خاص كعنوان الناهي عن الفحشاء والمنكر ، أو نحوه ممّا هو مؤثر في حصول الغرض .

ولكن قد تقدّم أ نّه لا يعقل أخذها في المأمور به فضلاً عن أخذها في المسمّى ، فلا تكون الصحـّة بهذا المعنى مورداً للنزاع ، فانّ النزاع كما عرفت مراراً إنّما هو في الصحّة بمعنى التمامية ، ومن المعلوم أ نّها ليست شيئاً آخر وراء نفس الأجزاء والشرائط بالأسر، ولا هي موضوع للآثار، ولا مؤثرة في حصول الغرض ، وعليه فلا حاجة إلى تقييد المسمّى بعنوان بسيط خارج عنهما .

ومن هنا يظهر أنّ هذه المسألة ليست من المسائل الاُصولية ، والوجه في ذلك هو ما حـقّقناه في أوّل الكتاب(1) في مقام الفرق بين المسائل الاُصولية ومسائل بقية العلوم ، من أنّ كل مسألة اُصولية ترتكز على ركيزتين أساسيتين :

الركيزة الاُولى : أن تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي الكلي الإلهي ، وبهذه الركيزة امتازت المسائل الاُصولية عن القواعد الفقهية بأجمعها على بيان تقدّم .

الركيزة الثانية : أن يكون وقوعها في طريق الاستنباط بنفسها ، أي بلا ضم كبرى أو صغرى اُصولية اُخرى إليها ، وبهذه الركيزة امتازت عن مسائل سائر العلوم الدخيلة في الاستنباط من النحو والصرف والرجال والمنطق واللغة ونحو ذلك ، فان مسائل هذه العلوم وإن كانت دخيلة في الاستنباط ، إلاّ أ نّها ليست بحيث لو انضمّ إليها صغرياتها أنتجت نتيجة فقهية .

وعلى ضوء هذا البيان قد ظهر أنّ هذه المسألة ليست من المسائل الاُصولية ، بل هي من المسائل اللغوية ، فلا تقع في طريق الاستنباط بلا ضم كبرى اُصولية

ـــــــــــــــــــــ
(1) في ص 4 .

ــ[199]ــ

إليها ، وهي كبرى مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين .

ويترتب على ذلك : أنّ هذه الثمرة ليست ثمرة لهذه المسألة ، بل هي ثمرة لمسألة الأقل والأكثر الارتباطيين ، وهي من مبادئ تلك المسألة ، فالبحث عنها محقق لموضوع البحث عن تلك المسألة ، وكذا الثمرة الآتية ، فانّها ثمرة لمسألة المطلق والمقيد دون هذه المسألة .

نعم ، هي محققة لموضوع التمسك بالإطلاق ، فالبحث عن جواز التمسك بالاطلاق وعدم جوازه وإن كان بحثاً عن مسألة اُصولية ، إلاّ أنّ البحث عن ثبوت الاطلاق وعدمه بحث عن المبادئ .

الثمرة الثانية : ما ذكره جماعة منهم المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) (1) من أ نّه يجوز التمسّك بالإطـلاق أو العمـوم على القول بالأعم عند الشك في اعتبار شيء جزءاً أو شرطاً ، ولا يجوز التمسك به على القول بالصحيح ، بل لا بدّ فيه من الرجـوع إلى الاُصول العملية ، بيان ذلك : أنّ التمسك بالإطلاق يتوقف على إثبات مقدّمات :

الاُولى : أن يكون الحكم في القضيّة وارداً على المقسم بين قسمين أو أقسام ، بأن يكون له قابلية الانطباق على نوعين أو أنواع .

الثانية : أن يحرز كون المتكلم في مقام البيان ولو بأصل عقلائي ، ولم يكن في مقام الإهمال أو الإجمال .

الثالثة : أن يحرز أ نّه لم ينصب قرينة على التعيين .

فإذا تمّت هذه المقدّمات استكشف بها الإطلاق في مقام الثبوت ، وأنّ مراده الاستعمالي مطابق لمراده الجدي ، وليس لأيّة خصوصية مدخلية فيه ، فإذا شكّ

ـــــــــــــــــــــ
(1) كفاية الاُصول : 28 .

ــ[200]ــ

في دخل خصوصية من الخصوصيات فيه يدفع ذلك بالإطلاق في مقام الاثبات ، وحيث إنّ هذه المقدمات تامّة على القول بالوضع للأعم ، فانّ الحكم حينئذ قد تعلق بالطبيعي الجامع بين الأفراد الصحيحة والفاسدة ، فإذا اُحرز أنّ المتكلم في مقام البيان ، ولم ينصب قرينة على التقييد ، فلا مانع من التمسك بالاطلاق لدفع ما شكّ في اعتباره جزءاً أو قيداً ، لأ نّه شكّ في اعتبار أمر زائد على صدق اللفظ ، وفي مثله لا مانع عن التمسك بالإطلاق لاثبات عدم اعتباره .

وعلى الجملة : فعلى القول بالأعم إذا تمّت المقدمتان الأخيرتان يجوز التمسك بالإطلاق لدفع كل ما احتمل دخله في المأمور به جزءاً أو شرطاً، لتمامية المقدمة الاُولى على الفرض ، وعليه فما ثبت اعتباره شرعاً بأحد النحوين المزبورين فهو، والزائد عليه حيث إنّه مشكوك فيه ولم يعلم اعتباره فالمرجع فيه الإطلاق، وبه يثبت عدم اعتباره .

وهذا بخلاف القول بالوضع للصحيح ، فانّ المقدمة الاُولى على هذا القول مفقودة ، إذ الحكم حينئذ لم يرد إلاّ على الواجد لتمام الأجزاء والشرائط ، فلو شكّ في جزئية شيء أو شرطيته ، فلا محالة يرجع الشك إلى الشك في صدق اللفظ على الفاقد للمشكوك فيه، لاحتمال دخله في المسمّى ، ومعه لا يمكن التمسك بالإطلاق .

فقد تحصّل من ذلك : جواز التمسك بالإطلاق على القول بالأعم في موارد الشك في الأجزاء والشرائط ، وعدم جوازه على القول بالصحيح.

نعم ، على القول بالأعم لو شكّ في كون شيء ركناً للصلاة أم لم يكن ، فلا يجوز التمسك بالاطلاق ، لأنّ الشك فيه يرجع حينئذ إلى الشك في صدق اللفظ ، ومعه لا يمكن التمسك بالإطلاق كما مرّ بيانه .

وقد يورد على هذه الثمرة بوجوه :

 
 

ــ[201]ــ

الأوّل : أ نّه لا فرق بين القولين في جواز التمسك بالإطلاق وعدم جوازه ، والوجه في ذلك : هو أنّ مناط الجواز كون المتكلم في مقام البيان ، وأ نّه لم ينصب قرينة على التقييد ، وعليه فكما أنّ الأعمي يتمسك بالاطلاق فيما إذا احتمل دخل شيء في المأمور به زائداً على القدر المتيقن ، فكذلك الصحيحي يتمسك به إذا شكّ في اعتبار أمر زائد على المقدار المعلوم . ومن هنا يتمسك الفقهاء (رضوان الله عليهم) باطلاق صحيحة حماد (1) التي وردت في مقام بيان الأجزاء والشرائط ، وبيّن الإمام (عليه السلام) فيها جميع أجزاء الصلاة من التكبيرة والقراءة والركوع والسجود ونحوها ، وحيث لم يبيّن فيها الاستعاذة مثلاً ، فيتمسك باطلاقها على عدم وجوبها ، فلا فرق في ذلك بين القول بالوضع للصحيح والقول بالوضع للأعم .

فتلخّص : أنّ العبرة بكون المتكلم في مقام البيان وعدم إتيانه بقرينة في كلامه ، لا بكون الوضع للأعم أو الصحيح كما لا يخفى .

والجواب عنه : قد ظهر ممّا تقدّم وملخّصه : أنّ التمسك بالاطلاق موقوف على إحراز المقدمات الثلاث ، أوّلها : إحراز تعلق الحكم بالجامع بحسب المراد الاستعمالي وقابلية انقسامه إلى قسمين أو أقسام . فهذه المقدمة لا بدّ من إحرازها وإلاّ فلا يعقل الإطلاق في مقام الثبوت كي يستكشف ذلك بالاطلاق في مقام الإثبات ، وحيث إنّه على القول بالصحيح قد تعلق الحكم بحصّة خاصة، وهي خصوص الحصّة الصحيحة ، فالمقدمة الاُولى مفقودة ، فالإطلاق اللفظي على القول بالصحيح غير معقول .

وأمّا ما استشهد على ذلك بتمسك الفقهاء (رضوان الله عليهم) باطـلاق صحيحة حماد المتقدمة فهو خلط بين الإطلاق الحالي والإطلاق اللفظي ، فان

ـــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 5 : 459 / أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1 .

ــ[202]ــ

إطلاق الصحيحة إطلاق مقامي، وهو أجنبي عن الإطلاق اللفظي المتقوّم باحراز صدق المفهوم على المورد المشكوك فيه، والذي لايمكن التمسك به على الصحيحي هو الإطلاق اللفظي، وأمّا الإطلاق المقامي فالتمسك به مشترك فيه بين القول بالصحيح والقول بالأعم ، والسر في ذلك : أنّ المعتبر في الاطلاق اللفظي أن يرد الحكم في القضيّة على الطبيعي الجامع القابل للانطباق على حصص عديدة، ولا أقل من حصّتين .

وبعد ذلك تصل النوبة إلى إحراز بقية المقدمات ، من كون المتكلم في مقام البيان ، وعدم إتيانه بالقرينة على إرادة الخلاف ، ولأجل ذلك لا يسع القائل بوضع الألفاظ للصحيح أن يتمسك بالإطلاق ، وذلك للشك في صدق المفهوم على الفاقد لما يحتمل دخله في المسمى . وأمّا الإطلاق الأحوالي فلا يعتبر فيه ذلك ، بل المعتبر فيه سكوت المتكلم عن البيان حينما يورد الحكم على نفس الأجزاء والشرائط أو الأفراد ، مثلاً إذا كان المولى في مقام بيان ما يحتاجه اليوم من اللحم والخبز والاُرز واللبن وغيرها من اللوازم ، فأمر عبده بشرائها ولم يذكر الدهن مثلاً ، فبما أ نّه كان في مقام البيان ولم يذكر ذلك فيستكشف منه عدم إرادته له وإلاّ لبيّنه .

ومن هنا لانحتاج في هذا النحو من الإطلاق إلى وجود لفظ مطلق في القضيّة ، بل هو مناقض له كما عرفت آنفاً ، والإطلاق في الصحيحة من هذا القبيل ، فانّه (سلام الله عليه) كان في مقام بيان الأجزاء والشرائط، فكلّ ما لم يبيّنه يستكشف عدم دخله في المأمور به .

فالنتيجة : أنّ أحد الإطلاقين أجنبي عن الإطلاق الآخر رأساً ، وجواز التمسك بأحدهما لايستلزم جواز التمسك بالآخر، كما أ نّه لا فرق في جواز التمسك بالاطلاق الأحوالي بين القول بالوضع للصحيح ، والقول بالوضع للأعم . وأمّا

ــ[203]ــ

الإطلاق اللفظي فلا يجوز التمسك به على القول بالصحيح دون الأعم . فما أورده القائل من الإشكال لا يرجع إلى معنى محصّل .

الثاني : أنّ الأعميّ كالصحيحي في عدم إمكان التمسك بالإطلاق عند الشك في اعتبار جزء أو قيد ، وذلك لأنّ أدلة العبادات جميعاً من الكتاب والسنّة مجملة ولم يرد شيء منها في مقام البيان ، فإذا كان المتكلم فيها في مقام الإهمال أو الإجمال ، فلا يجوز التمسك باطلاقها ، غاية الأمر أنّ عدم جواز التمسك على هذا القول من جهة واحدة وهي عدم ورود مطلقات العبادات في مقام البيان ، بل إنّها جميعاً في مقام التشريع والجعل بلا نظر لها إلى خصوصيتها من الكمّية والكيفية . وعلى القول بالصحيح من ناحيتين : وهما عدم ورود المطلقات في مقام البيان وعدم تعلق الحكم بالجامع والمقسم ، فالنتيجة عدم صحّة التمسك بالإطلاق على كلا القولين .

والجواب عنه : مضافاً إلى أ نّه رجم بالغيب ، أنّ الأمر ليس كما ذكره القائل ، فانّ من الآيات الكريمة ما ورد في الكتاب وهو في مقام البيان ، كقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ا لَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ )(1) فالمفهوم من كلمة الصيام عرفاً كف النفس عن الأكل والشرب ، وهو معناه اللغوي ، فالصيام بهذا المعنى كان ثابتاً في سائر الشرائع والأديان بقرينة قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ ا لاَْبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ ا لاَْسْوَدِ مِنَ ا لْفَجْرِ )(2) حيث لم يعتبر فيه سوى الكف عن الأكل والشرب عند تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود .

نعم ، إنّ ذلك يختلف كيفيةً باختلاف الشرائع، ولكن كل ذلك الاختلاف يرجع

ـــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 183 .
(2) البقرة 2 : 187 .

ــ[204]ــ

إلى الخارج عن ماهية الصيام ، بل قد يعتبر فيه كما في شرع الاسلام الكف عن عدّة اُمور اُخر أيضاً كالجماع والارتماس في الماء والكذب على الله تعالى وعلى رسوله (صلّى الله عليه وآله) وعلى الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وإن لم يكن الكف عنها معتبراً في بقية الشرائع والأديان . وعلى ذلك فلو شككنا في اعتبار شيء في هذه الماهيـة قيداً ، وعدم اعتباره كذلك ، فلا مانع من أن نرجع إلى إطلاق قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ) وبه يثبت عدم اعتباره ، فحال الآية المباركة حال قوله تعالى : (وَأَحَلَّ اللهُ ا لْبَيْعَ )(1) و (تِجَارةً عَن تَرَاض )(2) وما شـاكلهما ، فكما أ نّه لا مانع من التمسك باطلاقهما في باب المعاملات عند الشك في اعتبار شيء فيها ، فكذلك لا مانع من التمسك باطلاق هذه الآية المباركة في باب الصوم عند الشك في دخل شيء في صحّته شرعاً .

هذا مضافاً إلى ما في السنّة من الروايات المطلقة الواردة في مقام البيان منها قوله (عليه السلام) في التشهد «يتشهد» (3) فان مقتضى إطلاقه عدم اعتبار أمر زائد على نفس الشهادتين ، فلو شكّ في اعتبار التوالي بينهما فيدفع بالإطلاق ، وكذا غيره من نصوص الباب فلاحظ .

هذا كلّه على تقدير تسليم أن يكون الضابط في كون المسألة اُصولية ترتب ثمرة فعليـة عليها ، إلاّ أنّ الأمر ليس كذلك ، فانّ الضابط للمسألة الاُصولية إمكان وقوعها في طريق الاستنباط لا فعليته .

وملخص ما ذكرناه في الجواب عن هذا الإيراد أمران :

الأوّل : أنّ المطلق الوارد في مقام البيان من الكتاب والسنّة موجود ، وليس

ـــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 275 .
(2) النساء 4 : 29 .
(3) الوسائل 6 : 404 / أبواب التشهد ب 8 ح 1 .

ــ[205]ــ

الأمر كما ذكره القائل .

الثاني : لو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ المتكلم لم يكن في مقام البيان في شيء من مطلقات العبادات ، إلاّ أنّ إمكان ترتب هذه الثمرة يكفينا لكون المسألة اُصولية ، لما عرفت من أنّ الميزان فيها إمكان وقوعها في طريق استنباط حكم فرعي كلّي لا فعلية ذلك كما تقدّم .

نعم ، الذي يرد هنا ما ذكرناه سـابقاً من أنّ هذه الثمرة ليست ثمرة لهذه المسألة ولا تترتب عليها بلا واسـطة ، بل هي من ثمرات كبرى مسألة المطلق والمقيد ، وهي من صغريات تلك الكبرى ومن مبادئها ، من جهة أنّ البحث فيها في الحقيقة عن ثبوت الإطلاق وعدم ثبوته ، والبحث عن جواز التمسك به وعدم جوازه بحث عن المسألة الاُصولية ، دونه .

الثالث : أنّ الإطلاق والتقييد في العبادات إنّما يلاحظ بالإضافة إلى المأمور به ومتعلق الأمر ، لا بالقياس إلى المسمّى بما هو ، ضرورة أنّ الإطلاق أو التقييد في كلام الشارع أو غيره إنّما يكون بالقياس إلى مراده ، وأ نّه مطلق أو مقيد ، لا إلى ما هو أجنبي عنه ، وعلى ذلك فلا فرق بين القولين ، فكما أنّ الصحيحي لا يمكنه التمسك بالإطلاق ، فكذلك الأعمي .

أمّا الصحيحي : فلما عرفت من عدم إحرازه الصدق على الفاقد لما شكّ في اعتباره جزءاً أو شرطاً لاحتمال دخله في المسمّى .

وأمّا الأعمي : فلأجل أ نّه يعلم بثبوت تقييد المسمّى بالصحّة، وأ نّها مأخوذة في المأمور به ومتعلق الأمر، فانّ المأمور به حصّة خاصـة من المسمّى وهي الحصّة الصحيحة، ضرورة أنّ الشـارع لا يأمر بالحصّة الفاسدة ، ولا بما هو الجامع بينها وبين الصحيحة ، وعلى ذلك فلا يمكن التمسك بالإطلاق عند الشك في جـزئيه شيء أو شرطيته ، للشك حينئذ في صدق المأمور به على الفاقـد للشيء المشكوك فيه .

ــ[206]ــ

وعلى الجملة : فلا فرق بين أن تكون الصحّة مأخوذة في المسمّى ، وأن تكون مأخوذة في المأمور به ، فعلى كلا التقديرين لا يمكن التمسك بالاطـلاق ، غاية الأمر أنّ الشك في الصدق على الصحيحي من جهة أخذ الصحّة في المسمّى ، وعلى الأعمي من جهة العلم بتقييد المأمور به بالصحّة لا محالة .

فالنتيجة : هي عدم جواز الأخذ بالإطلاق على كلا القولين . إذن لا ثمرة في البين .

والجواب عنه : يظهر ممّا بيّناه سابقاً، فانّ الصحّة الفعلية التي هي منتزعة عن انطباق المأمور به على المأتي به خارجاً في موارد الامتثال والإجزاء ، غير مأخوذة في المأمور به قطعاً ، بل لا يعقل ذلك كما سبق، وإنّما النزاع في أخذ الصحّة بمعنى التمامية أعني به تمامية الشيء من حيث الأجزاء والقيود في المسمّى ، فالقائل بالصحيح يدعي وضع لفظ الصلاة مثلاً للصلاة التامة من حيث الأجزاء والشرائط ، والقائل بالأعم يدعي وضع اللفظ للأعم ، وعلى ذلك فلو شككنا في اعتبار شيء جزءاً أو قيداً في المأمور به كالسورة مثلاً ، فعلى القول بالوضع للصحيح كان صدق اللفظ بما له من المعنى على الفاقد لها غير معلوم ، لاحتمال دخلها فيه ، وإمكان أن يكون المجموع هو المسمّى بلفظ الصلاة ومعه لا يمكن التمسك بالإطلاق .

وعلى القول بالوضع للأعم، كان صدق اللفظ على الفاقد معلوماً ، وإنّما الشك في اعتبار أمر زائد عليه ، وفي مثله لا مانع من التمسك بالاطلاق لنفي اعتبار الشيء المشكوك فيه ، وبه نثبت أنّ المأمور به هو طبيعي الصلاة الجامع بين الفاقدة والواجدة للسورة ، ومن انطباق ذلك الطبيعي على المأتي به بلا سورة ننتزع الصحّة ، فالصحّة بمعنى التمامية تثبت بنفس التمسك بالإطلاق بضميمة ما علم من الأجزاء والشرائط تفصيلاً، والصحّة المنتزعة غير مأخوذة في المأمور به

ــ[207]ــ

فضلاً عن المسمى .

وعلى الجملة : فالمأمور به على كلا القولين وإن كان هو الصلاة الواجدة لجميع الأجزاء والشرائط، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً، إلاّ أنّ الاختلاف بينهما في نقطة اُخرى ، وهي أنّ صدق اللفظ على الفاقد لما يشك في اعتباره معـلوم على قول الأعمي، وإنّما الشـك في اعتبار أمر زائد عليه. وأما على الصحيحي فالصدق غير معلوم. وعلى أساس تلك النقطة يجوز التمسك بالاطلاق على القول بالأعم دون القول بالصحيح .

فقد أصبحت النتيجة أنّ هذه الشبهة مبتنية على أخذ الصحّة الفعلية في المأمور به ، ولكن قد تقدّم فساده .

ومن هنا قال شيخنا الاُستاذ (قدس سره) (1) إنّ هذه الشبهة ليست بذات أهمّية كما اهتمّ بها شيخنا العلاّمة الأنصاري (قدس سره) وأطال الكلام فيها واعتنى بالجواب عنها فوق ما تستحق ، والصحيح ما أفاده (قدس سره) .

وربّما قيل : بأنّ ثمرة النزاع تظهر في النذر ، وذلك كما لو نذر أن يعطي ديناراً للمصلي ركعتين، فبناءً على القول بالأعم يجزي الاعطاء للمصلي ركعتين ولو كانت صلاته فاسدة، وعلى القول بالصحيح لايجزي ذلك، بل يجب عليه الاعطاء للمصلي صلاة صحيحة ، ولا تبرأ ذمّته إلاّ بذلك .

لا يخفى أنّ أمثال هذه الثمرة غير قابلة للذكر والعنوان في المباحث الاُصولية ، لأ نّها ليست ثمرة للمسألة الاُصولية ، فانّ ثمرتها استنباط الحكم الكلي الفرعي ، وأمّا تطبيقه على موارده ومصاديقه فليس ثمرة للبحث الاُصولي ، بل لا تصلح هذه الثمرة ثمرة لأيّة مسألة علمية ولو كانت المسألة من المبادئ .

ـــــــــــــــــــــ
(1) أجود التقريرات 1 : 70 .

ــ[208]ــ

هذا مضافاً إلى أنّ وجوب الوفاء بالنذر تابع لقصد الناذر في الكيفية والكمّية، وأجنبي عن الوضع للصحيح أو الأعم ، فلو قصد الناذر من كلمة المصلي مَن أتى بالصلاة الصحيحة لم تبرأ ذمّته بالاعطاء لمن يصلي فاسدة ولو قلنا بوضع الألفـاظ للأعم ، ولو قصد منها الآتي بالصلاة ولو كانت فاسدة برأت ذمّته بذلك وإن قلنا بوضع الألفاظ للصحيح .

على أنّ الصحّة المتنازع دخلها في المسمّى غير الصحّة المعتبرة في مرحلة الامتثال ، فيمكن أن يكون المأتي به صحيحاً من جهة وجدانه تمام الأجزاء والشرائط ، وفاسداً من الجهات الاُخر ، وعليه تحصل براءة الذمّة بالاعطاء لمن يصلي فاسدة أيضاً .

ثمّ إنّا قد ذكرنا في الدورة السابقة ثمرة لهذه المسألة غير ما ذكره القوم ، وهي أنّ الحكم الوارد على عنوان الصلاة ومفهومها يختلف باختلاف القولين ، مثلاً قد ورد النهي عن صلاة الرجل وبحذائه امرأة تصلي ، فعلى القول بالصحيح لو علمنا بفساد صلاة المرأة لا تكون صلاة الرجل منهياً عنها لعدم صدق الصلاة على ما أتت المرأة به ، فلا يصدق حينئذ أ نّه صلّى وبحذائه امرأة تصلي ، وأمّا على القول بالأعم كانت منهياً عنها ، هذا .

ولكن قد تبيّن ممّا تقدّم أنّ هذه الثمرة أيضاً ليست بثمرة لبحث اُصولي ، بل لا تترتب على النزاع بين القـولين ، فانّك عرفت أنّ القول بالصحيح لا يلازم الصحّة في مقام الامتثال ، فانّ الصحّة هناك غير الصحّة المأخوذة في المسمّى على هذا القول ، كما مرّ .

فقد استبان من مجموع ما ذكرناه تحت عنوان الثمرة لحدّ الآن اُمور :

الأوّل : أنّ البحث عن هذه المسألة ليس بحثاً اُصولياً، بل بحث عن المبادئ،

ــ[209]ــ

وذكرها في هذا العلم لأجل أنّ لها فائدة جلية ، ومناسبة شديدة مع بعض المسائل الاُصولية .

الثاني : أنّ ما ذكروه من الثمرات لها وعمدتها الثمرة الاُولى والثانية ليس بثمرة للبحث عن هذه المسألة كما عرفت .

الثالث : أنّ جواز الرجوع إلى البراءة أو عدم جوازه ، غير مبني على القول بالوضع للصحيح أو الأعم، بل مبني على انحلال العلم الإجمالي وعدمه في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين .

الرابع : أنّ القول بالوضع للأعم يحقق موضوع جواز التمسك بالاطلاق أو العمـوم ، كما أنّ القول بالوضع للصحيح يحقق موضوع عدم جوازه . هذا تمام الكلام في المقام الأوّل .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net