استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد \ ما ذكره النائيني في وجه الاستحالة 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5549


ــ[234]ــ


استعمال اللفظ

في أكثر من معنى واحد

يقع الكلام فيه من جهتين :

الاُولى : في إمكان استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى واحد .

الثانية : على تقدير إمكانه وجوازه فهل هذا الاستعمال على خلاف الظهور العرفي أم لا ؟

أمّا الكلام في الجهة الاُولى : فقد اشتهر بين المتأخرين عدم إمكان هذا الاستعمال وأ نّه مستحيل عقلاً ، وقبل بيان ذلك وتحقيقه ليعلم أنّ محل النزاع هو فيما إذا استعمل لفظ واحد في معنيين مستقلين بحيث يكون الإطلاق الواحد في حكم الإطلاقين ، والاستعمال الواحد في حكم الاستعمالين ، ويكون كل واحد من المعنيين مراداً على حياله واستقلاله ، ومن هنا يظهر أنّ استعمال اللفظ الواحد في مجموع المعنيين بما هو كذلك خارج عن محل البحث ، لأ نّه في حكم الاستعمال الواحد في المعنى الواحد ، بل هو هو بعينه ، وإن كان مجازاً فانّ اللفظ لم يوضع بازائه ، كما أنّ استعماله في أحدهما لا بعينه خارج عن محل النزاع ، فمحل النزاع فيما إذا كان كل واحـد من المعـنيين مراداً من اللفظ على سبيل الاستقلال والانفراد كما عرفت .

وبعد ذلك نقول : قد استدلّ شيخنا الاُستاذ (قدس سره) (1) على استحالة استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد بما ملخصه : أنّ حقيقة الاستعمال ليست

ـــــــــــــــــــــ
(1) أجود التقريرات 1 : 76 .

ــ[235]ــ

إلاّ عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ وإلقائه إلى المخاطب خارجاً ، ومن هنا لا يرى المخـاطب إلاّ المعنى ، فانّه الملحوظ أوّلاً وبالذات ، واللفظ ملحوظ بتبعه وفان فيه ، وعليه فلازم استعمال اللفظ في المعنيين على نحو الاستقلال تعلق اللحاظ الاستقلالي بكل واحد منهما في آن واحد كما لو لم يستعمل اللفظ إلاّ فيه ، ومن الواضح أنّ النفس لاتستطيع على أن تجمع بين اللحاظين المستقلين في آن واحد، ولاريب في أنّ الاستعمال في أكثر من معنى واحد يستلزم ذلك ، والمستلزم للمحال محال لا محالة .

ويردّه : أنّ الأمر ليس كما ذكره (قدس سره) وذلك لأنّ النفس بما أ نّها جوهر بسيط ولها صفحة واسعة تقتدر على أن تجمع بين اللحاظين المستقلين في صفحتها في آن واحد ، ويدلنا على ذلك اُمور :

الأوّل : أنّ حمل شيء على شيء والحكم بثبوته له كقولنا : زيد قائم مثلاً ، يستدعي لحاظ كل من الموضوع والمحمول والنسبة في آن واحد وهو آن الحكم، وإلاّ لكان الحكم من النفس ممتنعاً ، ضرورة أنّ مع الغفلة لا يمكن الحكم بثبوت شيء لشيء . إذن لا مانع من الجمع بين اللحاظين المستقلين في آن واحد ، فانّ الحمل والحكم دائماً يستلزمان ذلك ، كيف فانّ المتكلم حين الحكم لا يخلو إمّا أن يكون غافلاً ، وإمّا أن يكون ملتفتاً إلى كل واحد من الموضوع والمحمول والنسبة ، ولا ثالث ، وحيث إنّ الأوّل غير معقول فتعيّن الثاني . وهذا معنى استلزام الحمل والحكم الجمع بين اللحاظين الاستقلاليين .

الثاني : قد يصدر من شخص واحد فعلان أو أزيد في آن واحد ، وذلك بأن يكون أحدهما بآلة والآخر بآلة اُخرى ، مثلاً الانسان يشتغل لسانه بالكلام ويحرّك يده في آن واحد ، ومن البيّن أنّ كلاً منهما فعل اختياري مسبوق بالإرادة واللحاظ ، وعليه فالإتيان بفعلين في آن واحد لا محالة يستلزم لحاظ كل واحد

ــ[236]ــ

منهما بلحاظ استقلالي في آن كذلك .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net