الجهة الثالثة : انحلال النهي بالنسبة إلى الأفراد العرضية والطولية 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثالث   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4498


الجهة الثالثة: قد تقدّم سابقاً أنّ الاطلاق الثابت بمقدّمات الحكمة في طرف النهي كما أ نّه يستدعي بمقتضى الفهم العرفي العموم بالاضافة إلى الأفراد العرضية، كذلك يستدعي العموم بالاضافة إلى الأفراد الطولية، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً، ضرورة أنّ إطلاق النهي في مقام الاثبات وعدم تقييد المنهي عنه بحصة خاصة دون اُخرى وبزمان معيّن دون آخر، كما أ نّه كاشف عن الاطلاق والعموم في مقام الثبوت والواقع بالاضافة إلى الأفراد العرضية، كذلك هو كاشف عنه فيه بالاضافة إلى الأفراد الطولية، لتبعية مقام الاثبات للثبوت، إلاّ أنّ العموم في متعلق الأمر يكون بدلياً كما عرفت، وقد يكون مجموعياً، كما أ نّه في طرف الحكم الوضعي يكون مجموعياً من جهة.
ومثال الأوّل: قوله تعالى: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(1) ومثال الثاني: قوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللهُ ا لْبَيْعَ)(2) و(تِجَارَةً عَن تَرَاض)(3) ونحوهما مما دلّ على حكم وضعي كالطهارة والنجاسة والملكية وغيرها، فانّ المستفاد عرفاً من إطلاق الآية الاُولى وإن كان هو العموم الاستغراقي بالاضافة إلى الأفراد العرضية والطولية من العقد، ضرورة أ نّه يثبت لكل فرد من أفراد العقد وجوب الوفاء
ـــــــــــــــــــــ
(1) المائدة 5: 1.
(2) البقرة 2: 275.
(3) النساء 4: 29.

ــ[355]ــ

على نحو الاستقلال، فلا يكون وجوب الوفاء بهذا الفرد من العقد مربوطاً بفرد آخر... وهكذا، وهذا واضح، ولكن المستفاد منه عرفاً بالاضافة إلى الوفاء الذي تعلق به الأمر هو العموم المجموعي، لا الاستغراقي، لوضوح أنّ الوجوب الثابت للوفاء بكل فرد من أفراد العقد في جميع الآنات والأزمنة وجوب واحد مستمر، وليس الثابت في كل آن وزمان وجوباً غير وجوب الوفاء الثابت له في زمان آخر.
وكذا المستفاد عرفاً من إطلاق الآية الثانية والثالثة وإن كان هو العموم الاستغراقي بالاضافة إلى الأفراد العرضية والطولية من البيع والتجارة، إلاّ أنّ الحلية الثابتة لكل فرد من أفراد البيع في جميع الآنات والأزمنة حلية واحدة مستمرة، وليس الثابت له في كل آن وزمان حلية غير الحلية الثابتة له في آن آخر وزمان ثان... وهكذا، ضرورة أنّ ثبوت الحلية له في كل آن وزمان لغو محض، وكذا الحال في الطهارة والنجاسة ونحوهما، فانّ الطهارة الثابتة لشيء في جميع الآنات والأزمنة طهارة واحدة مستمرة وليس الثابت له في كل آن طهارة واحدة، وهكذا الأمر في النجاسة وغيرها.
وهذا بخلاف الاطلاق في طرف النهي فانّ المتفاهم العرفي منه كما أ نّه ثبوت الحرمة لكل فرد من أفراد المنهي عنه، كذلك ثبوت الحرمة له في كل زمان من الأزمنة وآن من الآنات، كما تقدّم بشكل واضح.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net