1 ـ الاضطرار إلى الحرام بغير اختيار المكلف \ حكم الفعل المضطر إليه 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الرابع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4520


[ الاضطرار لا بسوء الاختيار ]

أمّا الموضع الأوّل فالكلام فيه يقع في موردين:
الأوّل: في حكم الفعل المضطر إليه نفسه.
الثاني: في حكم العبادة الواقعة معه.
أمّا الأوّل: فلا إشكال في أنّ الاضطرار يوجب سقوط التكليف عن الفعل المضطر إليه ولا يعقل بقاؤه، ضرورة استحالة توجيه التكليف إلى المضطر، لأ نّه تكليف بما لا يطاق وهو محال عقلاً.
هذا، مضافاً إلى ما دلّت عليه عدّة من الروايات (1).
ـــــــــــــــــــــ
(1) قال الصدوق: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار قال: حدّثنا سعد بن عبدالله عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبدالله عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): رفع عن اُمّتي تسعة: =

ــ[34]ــ

.....................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= الخطأ والنسيان وما اُكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطرّوا إليه والحسد والطيرة والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة» (1).
ثمّ إنّ الموجود في نسخة الخصال(2): محمّد بن أحمد بن يحيى العطار وهو غلط، والصحيح هو أحمد بن محمّد بن يحيى العطار، لأ نّه من مشايخ الصدوق، وأمّا محمّد ابن أحمد بن يحيى العطار فلا وجود له أصلاً، هذا من ناحية. ومن ناحية اُخرى أ نّه وقع اختلاف يسير في هذه الرواية، بين ما في الوسائل وما في الخصال والتوحيد، فإنّ ما فيهما أعني الخصال والتوحيد مشتمل على جملة «ما اضطروا إليه» دون كلمة «السهو» وما في الوسائل عكس ذلك، يعني أ نّه مشتمل على كلمة «السهو» دون جملة «ما اضطروا إليه» ولعل منشأ هذا الاختلاف اختلاف النسخ أو جهة اُخرى، وكيف كان فلا يهمّنا ذلك بعد كون الرواية ضعيفة.
ومن هنا يظهر أنّ توصيف شيخنا العلاّمة الأنصاري (قدس سره)(3) هذه الرواية بالصحة بقوله: المروي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بسند صحيح في الخصال كما عن التوحيد في غير محلّه، ولعلّه (قدس سره) يرى صحّتها باعتبار أنّ أحمد بن
ـــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 15: 369 / أبواب جهاد النفس ب 56 ح 1، 7: 293 / أبواب قواطع الصلاة ب 37 ح 2، 8: 249 / أبواب الخلل في الصلاة ب 30 ح 2، ورواه في الخصال: 417 / 9 وفي التوحيد: 353 / 24. وهي ضعيفة بأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار لعدم ثبوت وثاقته.
(2) [ ولكنّ في الخصال الموجود عندنا: أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ].
(3) فرائد الاُصول 1: 361.

ــ[35]ــ

.....................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= محمّد بن يحيى العطار من مشايخ الصدوق، وهذا المقدار يكفي في توثيقه، أو باعتبار رواية الأجلاء عنه، ولكن من المعلوم أنّ مجرد كونه من مشايخه أو رواية الأجلاء عنه لا يكفي في توثيقه، بل لا يثبت به حسنه فضلاً عن وثاقته، لأن من مشايخه مَن كان معلوم الضعف، كما أنّ رواية الأجلاء عمن كان كذلك كثيرة، فإذن كيف يكون هذا قرينة على صحة الرجل.
2 ـ موثقة أحمد بن محمّد بن يحيى عن سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: إذا حلف الرجل تقيةً لم يضرّه إذا اُكره واضطرّ إليه، وقال: ليس شيء ممّا حرّم الله إلاّ وقد أحلّه لمن اضطرّ إليه»(1).
3 ـ موثقة سماعة عن أبي بصير قال: «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المريض هل تمسك له المرأة شيئاً فيسجد عليه؟ فقال: لا، إلاّ أن يكون مضطراً إليه وليس عنده غيرها، وليس شيء مما حرّم الله إلاّ وقد أحلّه لمن اضطر إليه»(2).
4 ـ أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره عن إسماعيل الجعفي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «سمعته يقول: وضع عن هذه الاُمّة ستّة خصال: الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه»(3).
يقع الكلام في سند هذه الرواية، والظاهر أنّ سندها صحيح، فان في سندها
ـــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 23: 228 / كتاب الأيمان ب 12 ح 18.
(2) الوسائل 5: 483 / أبواب القيام ب 1 ح 7.
(3) الوسائل 23: 237 / كتاب الأيمان ب 16 ح 3.

ــ[36]ــ

.....................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= إسماعيل الجعفي وهو إسماعيل بن جابر الجعفي، إذ إسماعيل الجعفي الذي ورد بهذا العنوان في الروايات كثيراً أمره مردد بين ابن جابر وابن عبدالرحمن، وليس هو رجلاً آخر غيرهما كما هو واضح، وإلاّ لتعرض له أرباب الرجال لا محالة.
نعم، ذكره الشيخ (قدس سره) في رجاله(1) في أصحاب الصادق والباقر (عليهما السلام) بعنوان الخثعمي (إسماعيل بن جابر الخثعمي) وفي أصحاب الكاظم (عليه السلام) بلا عنوان: إسماعيل بن جابر، ومن هنا وقع الاختلاف في تعدد الرجل وأنّ المسمى بإسماعيل بن جابر واحد أو متعدد، ولكنّ الظاهر بل لا شبهة في أ نّه واحد، ويدلنا على ذلك اُمور:
الأوّل: أ نّه لو كان رجلين لذكرهما الشيخ في كتابيه الرجال والفهرست، ولا سيما في الفهرست حيث إنّه معدّ لذكر أرباب الكتب والاُصول، مع أ نّه لم يذكر فيه إلاّ إسماعيل بن جابر بلا توصيف(2) ولذكرهما النجاشي أيضاً في رجاله مع أ نّه لم يذكر إلاّ إسماعيل بن جابر الجعفي(3)، ولا معنى لأن يذكر الشيخ أحدهما في كتابيه والنجاشي الآخر، مع أنّ بناء كل منهما على ذكر أرباب الكتب والاُصول. ومما يؤيد الاتحاد أنّ الراوي عنهما صفوان بن يحيى، وأ نّه يبعد عدم اطلاع الشيخ على الجعفي مع أ نّه صاحب أصل، بل وكيف يمكن ذلك مع اشتهار الجعفي بين الرواة ووروده في الروايات، كما أ نّه يبعد عدم اطلاع النجاشي والكشي على الخثعمي وكل ذلك يؤكد الاتحاد. =
ـــــــــــــــــــــ
(1) رجال الطوسي: 160 / 1789، 124 / 1246، 331 / 4934.
(2) الفهرست: 15 / 49.
(3) رجال النجاشي: 32 / 71.

ــ[37]ــ

.....................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= الثاني: أنّ جملة من أرباب الكتب نقلوا عن رجال الشيخ إسماعيل بن جابر الجعفي لا الخثعمي منهم العلاّمة في الخلاصة(1) والتفريشي في نقد الرجال(2) ومولى عناية الله في المجمع(3) وهذا النقل من هؤلاء الأكابر شاهد صدق على تحريف نسخة رجال الشيخ بتبديل الجعفي بالخثعمي.
الثالث: الموجود في روايات كتابي الشيخ أعني التهذيب والاستبصار ليس هو إسماعيل بن جابر الخثعمي، بل الموجود فيهما إمّا إسماعيل بن جابر بلا توصيف كما هو الغالب أو إسماعيل الجعفي وهذا كثير، فهذا قرينة على وقوع التحريف في رجاله وعدم وجود لإسماعيل بن جابر الخثعمي.
نعم بقي هنا شيء، وهو أنّ الجعفي كما أ نّه لقب لإسماعيل بن جابر كذلك هو لقب لإسماعيل بن عبدالرحمن، فإذن من أين يعلم أنّ المراد من الجعفي في هذه الرواية هو ابن جابر دون ابن عبدالرحمن.
والجواب عن ذلك أوّلاً: أنّ المراد من إسماعيل الجعفي في هذه الرواية لا محالة هو ابن جابر، وذلك لأنّ إسماعيل بن عبدالرحمن الجعفي مات في حياة أبي عبدالله (عليه السلام) على ما ذكره الشيخ في رجاله، فإذن الراوي عن إسماعيل الجعفي إذا أدرك زمان أبي عبدالله (عليه السلام) فهو طبعاً مردد بين ابن جابر وابن عبدالرحمن. وأمّا إذا لم يدرك زمانه (عليه السلام) فيتعين في ابن جابر، ضرورة أ نّه لا يمكن رواية =
ـــــــــــــــــــــ
(1) الخلاصة: 54.
(2) نقد الرجال 1: 212.
(3) مجمع الرجال 1 ـ 2: 207 ـ 208.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net