انحصار ثوب المصلِّي في النّجس 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6128


ــ[355]ــ

   [ 280 ] مسألة 4 : إذا انحصر ثوبه في نجس فان لم يمكن نزعه حال الصلاة لبرد أو نحوه صلّى فيه (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما  دلّ على أن نسيان النجاسة موجب لبطلان الصلاة الواقعة في النجس إنما دلّ على بطلانها فيما إذا نسي نجاسة بدنه أو ثوبه الذي صلّى فيه ، وما صلّى فيه المكلف في مفروض المسألة ليس بمنسي النجاسة ـ  وهو يده أو ثوبه  ـ وإنما هو مجهول النجاسـة وما نسيت نجاسته هو السبب ولا اعتبار بنسيان نجاسته ، فما نسيت نجاسته لم تقع فيه الصلاة وما وقعت فيه الصلاة لم تنس نجاسته فصلاته صحيحة .

   نعم ، لو كان ملاقي الاناء النجس مثلاً عضواً من أعضاء الغسل أو الوضوء ، فتوضأ أو اغتسل قبل تطهير ذلك العضو المتنجس يحكم ببطلان الصلاة حينئذ ، ولكنه لا من جهة مانعية النجاسة المجهولة عن الصلاة بل من جهة بطلان وضوئه أو غسله ، بناء على اشتراط طهارة محل الغسل أو الوضوء في صحتهما على خلاف في ذلك يأتي في محلِّه(1) إلاّ أنه خارج عن مورد البحث والنزاع ، إذ الكلام إنما هو في مانعية نجاسة الثوب والبدن في الصلاة لا في بطلانها ببطلان الغسل أو الوضوء ، حيث إن بطلان الصلاة ببطلانهما مما لا إشكال فيه حتى مع الجهل بنجاسة منشأ نجاسة اليد أو غيرها من أعضائهما ، كما إذا لم يعلم بنجاسة الاناء أصلاً ولاقته يده فتوضأ وصلّى وعلم بنجاسته بعد الصلاة .

 (1) لأنه المقدار المتيقن من الأخبار الآمرة بالصلاة في الثوب المتنجس كما يأتي في المسألة الآتية ، فان إطلاقها وإن كان يشمل غير صورة الاضطرار إلى لبس المتنجس ونلتزم فيها أيضاً بالجواز ، إلاّ أن المقدار المتيقن منها صورة الاضطرار إلى لبسه . مضافاً إلى الضرورة والاجماع وغيرهما مما دلّ على أن الصلاة لا تسقط بحال ، وأن المكلف معذور فيما هو خارج عن قدرته والله سبحانه أولى بالعذر في مثله ، وأنه بلاء ابتلي به كما في روايات السلس والبطن(2) وهذا هو الوجه في وجوب الصلاة في الثوب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ذيل المسألة  [ 539 ]  (فصل في شرائط الوضوء . الثاني) .

(2) راجع حسنة منصور وموثقة سماعة المرويتين في الوسائل 1: 297 / أبواب نواقض الوضوء ب  19 ح 2 ، وص 266 ب7ح 9.

ــ[356]ــ


ولا يجب عليه الاعادة أو القضاء (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المتنجس عند الاضطرار ، وليس الوجه فيه عدم شمول أدلة مانعية النجس في الصلاة لصورة الاضطرار ، حيث إنها مطلقة تشمل صورة الاضطرار وغيرها في أنفسها .

   (1) أما القضاء فلا ينبغي الاشكال في عدم وجوبه في مفروض المسألة ، لأن موضوعه فوات الواجب في وقته ولم يتحقق الفوت في المسألة ، لأنه مأمور بالصلاة في الثوب المتنجس وقد أتى بها في وقتها مشتملة على أجزائها وشرائطها ، حيث إن المانعية قد سقطت في حال الاضطرار ، إذ الأمر بالصلاة في الثوب المتنجس ومانعية النجاسة عن الصلاة حتى في حال الاضطرار أمران لا يجتمعان ، وعليه فلم يفت عنه الواجب في ظرفه حتى يجب قضاؤه .

   وأمّا الاعادة في الوقت فالمعروف بينهم عدم وجوبها ، وعن الشيخ (قدس سره) في بعض كتبه وجوب الاعادة(1) ، ونقل عن ابن الجنيد أن من ليس معه إلاّ ثوب واحد نجس يصلي فيه ويعيد في الوقت إذا وجد غيره ، ولو أعاد إذا خرج الوقت كان أحب إليَّ (2) ، وعن المدارك (3) والرياض نسبة القول بوجوب الاعادة إلى جماعة (4) .

   وقد استدل لهم بموثقة عمّار الساباطي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «أنه سئل عن رجل ليس عليه إلاّ ثوب ولا تحل الصلاة فيه ، وليس يجد ماء يغسله كيف يصنع ؟ قال : يتيمّم ويصلِّي فاذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة» (5) وهي على طبق القاعدة لما قدمناه عند التكلّم على الإجزاء من أن الاتيان بالمأمور به الاضطراري إنما يجزئ إذا كان الاضطرار مستوعباً للوقت بتمامه ، وأما إذا كان الاضطرار في بعض الوقت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النهاية : 55 ، المبسوط 1 : 91 .

(2) نقله في الحدائق 5 : 350 عن المختصر .

(3) المدارك 2 : 362 .

(4) رياض المسائل 2 : 408 .

(5) الوسائل 3 : 485 / أبواب النجاسات ب 45 ح 8 .

ــ[357]ــ

دون بعضه فلا يتحقق معه الاضطرار إلى ترك الواجب ، حيث إنّ الأمر إنما يتعلق بالطبيعي الجامع بين أفراده العرضية والطولية ، ومع التمكّن من إيجاده في ضمن أيّ فرد مشتمل على شرائطه وأجزائه لا يتحقّق الاضطرار إلى ترك المأمور به ، فهو من الاضطرار إلى ترك فرد من أفراد الواجب لا إلى ترك المأمور به ، والفرق بينهما من الوضوح بمكان .

   نعم ، إذا اعتقد بقاء اضطراره أو استصحب بقاءه إلى آخر الوقت جاز له البدار ، إلاّ أنه لا يجزئ عن المأمور به الواقعي فيما إذا ارتفع عذره في أثناء وقت الواجب كما عرفت . فما تضمّنته الموثقة هو الذي تقتضيه القاعدة ، فسواء كانت هناك رواية أم لم تكن لا مناص من الالتزام بمضمونها ، فوجود الموثقة وعدمها سيان ، إلاّ أ نّا مع ذلك لا  نلتزم بوجوب الاعادة في المقام وذلك لحديث لا تعاد ، حيث دلّ على أن الطهارة الخبثية لا تعاد منها الصلاة ، وقد مرّ أن الحديث يشمل الناسي والجـاهل كليهما والمكلف في المقام حيث إنه جاهل باشتراط الطهارة الخبثية في صلاته فانه بادر إلى الصلاة في ثوبه المتنجس بالاستصحاب أو باعتقاد بقاء عذره إلى آخر الوقت فهو لا  يعلم باشتراط الطهارة في صلاته فلا تجب عليه إعادتها بالحديث . وأما الموثقة فهي أجنبية عما نحن فيه حيث إن موردها تيمم المكلف للصلاة بدلاً عن الجنابة أو الوضوء مع عدم اضطراره إليه واقعاً لفرض أنه وجد الماء قبل انقضاء وقت الصلاة ، وقد عرفت أن مقتضى القاعدة فيه بطلان الصلاة ووجوب الاعادة بعد ارتفاع الاضطرار ، ولا دليل على أن ما أتى به مجزئ عن المأمور به ، وحديث لا تعاد لا ينفي الاعادة من الاخلال بالطهارة من الحدث حيث إنها مما تعاد منه الصلاة ، وهذا بخلاف المقام لعدم الاخلال فيه إلاّ بالطهارة من الخبث وهي مما لا تعاد منه الصلاة . وعلى الجملة أن الفارق بين المقام وبين مورد الموثقة قيام الدليل على الإجزاء فيما نحن فيه ـ  وهو حديث لا تعاد  ـ بخلاف مورد الموثقة كما عرفت .

   بقي شيء : وهو أن الموثقة إنما وردت في من تيمم ولم يكن فاقداً للماء في تمام وقت الصلاة وإنما كان فاقداً له في بعضه ، وهذا هو الذي قلنا إن القاعدة تقضي فيه بوجوب الاعادة وبطلان الصلاة ، لأن المدار في صحة التيمم على الفقدان في تمام الوقت دون بعضه ، بل قلنا لا مسوّغ فيه للبدار إلاّ أن يستند إلى ترخيص ظاهري أو تخيلي وهما




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net