التمسك بالعام في الشبهات المصداقية مع اتصال المخصص - مع انفصال المخصص 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الرابع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4080

وأمّا الثاني: وهو ما إذا كان المخصص المجمل المذكور منفصلاً فهو وإن لم يوجب إجمال العام حقيقةً حيث قد انعقد له الظهور في العموم ومن الطبيعي أنّ الشيء لا ينقلب عما هو عليه، إلاّ أ نّه يوجب إجماله حكماً، مثلاً لو قال المولى: أكرم كل عالم ثمّ قال: لا تكرم زيداً وفرضـنا أنّ زيداً دار أمره بين زيد بن عمرو وزيد بن خالد، فهذا المخصص المنفصل كغيره وإن لم يكن مانعاً عن ظهور العام في العمـوم لما عرفت، إلاّ أ نّه لا يمكن التمسك بأصالة العموم في المقام، لأنّ التمسك بها بالاضافة إلى كليهما لا يمكن، لأنّ العلم الاجمالي بخروج أحدهما عنه أوجب سقوطها عن الحجية والاعتبار فلا تكون كاشفةً عن الواقع بعد هذا العلم الاجمالي، وأمّا بالاضافة إلى أحدهما المعيّن دون الآخر ترجيح من دون مرجح، وأحدهما لا بعينه ليس فرداً ثالثاً على الفرض. فالنتيجة أنّ العام في المقام في حكم المجمل وإن لم يكن مجملاً حقيقةً.
وأمّا الكلام في البحث الثالث: وهو ما إذا كان الشك في التخصيص من ناحية الشبهة الموضوعية، فيقع في جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وعدم جوازه. الصحيح هو عدم جوازه مطلقاً، أي سواء أكان المخصص متصلاً أم كان منفصلاً.
أمّا في الأوّل: فلا شبهة في عدم جواز التمسك به في الشبهة المصداقية، ولا خلاف فيه بين الأصحاب، ولا فرق فيه بين أن يكون المخصص المتصل بأداة الاستثناء كقولنا: أكرم العلماء إلاّ الفسّاق منهم، أو بغيرها كالوصف أو نحوه كقولنا: أكرم كل عالم تقي وشككنا في أنّ زيداً العالم هل هو فاسق أو هو تقي أو ليس بتقي، ففي مثل ذلك لا يمكن التمسك بأصالة العموم لاحراز أ نّه ليس

ــ[335]ــ

بفاسق أو هو تقي.
والسبب في ذلك: هو أنّ القضية مطلقاً، أي سواء أكانت خارجية أم كانت حقيقية، وسواء أكانت خبرية أم كانت إنشائية، فهي إنّما تتكفل لبيان حكمها لموضوعه الموجود في الخارج حقيقيةً أو تقديراً من دون دلالة لها على أنّ هذا الفرد موضوع له أو ليس بموضوع له أصلاً، مثلاً قولنا: أكرم علماء البلد إلاّ الفسّاق منهم، قضية خارجية تدل على ثبوت الحكم للأفراد الموجودة في الخارج، فلو شككنا في أنّ زيداً العالم الذي هو من علماء البلد هل هو فاسق أوليس بفاسق فهذه القضية لا تدل على أ نّه ليس بفاسق فيجب إكرامه، ضرورة أنّ مفادها وجوب إكرام عالم البلد على تقدير عدم كونه فاسقاً، وأمّا أنّ هذا التقدير ثابت أوليس بثابت فهي لا تتعرض له لا إثباتاً ولا نفياً.
وأمّا في القضية الحقيقية كالقضيتين المتقدمتين ونحوهما فالأمر فيها أوضح من ذلك، فانّ الموضوع فيها بما أ نّه قد اُخذ في موضع الفرض والتقدير فلأجل ذلك ترجع في الحقيقة إلى قضية شرطية مقدّمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت الحكم له، ومن الطبيعي أنّ القضية الشرطية لا تنظر إلى وجود شرطها في الخارج وعدم وجوده أصلاً، بل هي ناظرة إلى إثبات التالي على تقدير وجود الشرط كقولنا: الخمر حرام، البول نجس، الحج واجب على المستطيع وما شاكل ذلك، فانّها قضايا حقيقية قد اُخذ موضوعها مفروض الوجود في الخارج، ومدلول هذه القضايا هو ثبوت الحكم لهذا الموضوع من دون نظر لها إلى وجوده وتحققه في الخارج وعدمه أصلاً، ومن هنا لو شككنا في أنّ المائع الفلاني خمر أو ليس بخمر لم يمكن التمسك باطلاق ما دلّ على حرمة شرب الخمر لاثبات أ نّه خمر، حيث إنّه خارج عن إطار مدلـوله فلا نظر له إليه لا إثباتاً ولا نفياً. فالنتيجة أنّ عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية

ــ[336]ــ

في موارد التخصيص بالمتصل بمكان من الوضوح، هذا.
مضافاً إلى أنّ العام المخصص بالمتصل لا ينعقد له ظهور في العموم وإنّما ينعقد له ظهور في الخاص فحسب كقولنا: أكرم العلماء إلاّ الفساق منهم، فانّه لا ينعقد له ظهور إلاّ في وجوب إكرام حصة خاصة من العلماء وهي التي لاتوجد فيها صفة الفسق، وعليه فاذا شككنا في عالم أ نّه فاسق أو ليس بفاسق فلا عموم له بالاضـافة إليه حتى نتكلم في جواز التمسك به بالنسبة إلى هذا المشكوك وعدم جوازه.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net