الاحتياط في العبادات المستقلّة - الاحتياط في جزء العبادة 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4758


 المسألة الاُولى: فيما إذا لم يكن الاحتياط مستلزماً للتكرار، مع كون التكليف استقلالياً، وكان أصل الطلب معلوماً في الجملة، كما إذا شكّ في وجوب غسل الجمعة واستحبابه.

 والظاهر أ نّه لا مانع من الاحتياط فيه والاتيان بما يحتمل الوجوب بداعي الأمر المحرز وجوده على الاجمال، ولايكون هناك ما يوجب المنع عن الاحتياط إلاّ توهم اعتبار قصد الوجه والتمـييز، وهو مدفوع بالاطلاق إن كان لدليل العبادة إطلاق لفظي، وإلاّ فالمرجع هي البراءة. هذا على القول بأنّ اعتبار قصد القربة وما يرجع إليه من قصد الوجه والتمييز شرعي، ويمكن أخذه في متعلق الأمر، كما هو الصحيح على ما تقدّم بيانه في بحث التعبدي والتوصلي (1).

 وأمّا على القول بأنّ اعتباره عقلي لعدم إمكان أخذه في متعلق الأمر شرعاً،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 1: 519 وما بعدها، وكذا ص 535 وما بعدها.

ــ[88]ــ

كما اختاره صاحب الكفاية (قدس سره) (1) فمجرد عدم التنبيه من الشارع على اعتباره يكشف عن عدم اعتباره، إذ على تقدير اعتباره كان على الشارع التنبيه عليه ولو بعنوان الإخبار بالجملة الاسمية، لكونه ممّا يغفل عنه نوع المكلفين.

 واستدلّ القائل بالاعتبار بوجهين:

 الوجه الأوّل: الاجماع المدعى في كلمات المتكلمين.

 وفيه: أ نّه اجماع منقول لا يصحّ الاعتماد عليه. مضافاً إلى عدم كونه إجماعاً تعبدياً كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السلام) لاحتمال أن يكون الوجه في اعتباره عند المجمعين هو:

 الوجه الثاني: وهو أنّ حسن الأفعال وقبحها إنّما يكون بالعناوين القصدية، بمعنى أ نّه إن كان الفعل حسناً بعنوان خاص يعتبر في حسنه الاتيان به مع قصد هذا العـنوان، وإلاّ فلا يتصف بالحسن، فانّ ضرب اليتيم إنّما كان حسناً إذا قصد به التأديب، وإلاّ فلا يكون حسناً وإن ترتب عليه التأديب خارجاً. ففي المقام يحتمل أن يكون حسن الفعل منوطاً بعنوان خاص لا يعرفه المكلف ولا يميّزه، فلا بدّ من الاتيان به مع إشارة إجمالية إلى ذلك العنوان، بأن يأتي به بعنوان الوجوب أو الندب، فانّه عنوان إجمالي لكل ما له دخل في حسن الفعل، فلا بدّ من التمييز وقصد الوجه.

 وفيه أوّلاً: أنّ اعتبار قصد عنوان خاص غير محتمل، إذ الواجب بحكم العقل هو امتثال أمر المولى باتيان ما تعلّق به الأمر، وكل ما توهم دخله في المأمور به يدفع بالأصل اللفظي أو الأصل العملي، أو بعدم التنبيه على ما تقدّمت الاشارة إليه.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كفاية الاُصول: 72.

ــ[89]ــ

 وثانياً: أ نّه لا تنحصر الاشارة الاجمالية إلى ذلك العنوان الخاص بقصد الوجه، بل يمكن الاشارة إليه بقصد الأمر، فانّه محرز على الفرض وإن لم يعلم الخصوصية، فلا وجه لاعتبار الوجه والتمييز في المأمور به.

 المسألة الثانية: هي المسألة الاُولى مع كون التكليف المحتمل ضمنياً، كما إذا شكّ في أنّ السورة مثلاً جزء واجب للصلاة أو مستحب، ولا مانع من الاحتياط فيها، بأن يؤتى بها بداعي الأمر، وإن لم تعلم خصوصيته من الوجوب أو الاستحباب، بل الاحتياط في هذه المسألة أولى بالجـواز من الاحتياط في المسألة الاُولى، إذ ما توهم كونه مانعاً عن الاحتياط من اعتبار قصد الوجه على تقدير تماميته مختص بالواجبات الاستقلالية، ولا يجري في الواجبات الضمنية، إذ مدركه أمران على ما عرفت:

 أحدهما: الاجماع المنقول وهو غير متحقق في الواجبات الضمنية، لأنّ المشهور عدم اعتباره فيها.

 ثانيهما: احتمال دخل عنوان خاص في حسن المأمور به. وهذا أيضاً غير جار في الأجزاء، إذ ليس لكل جزء حسن مستقل ليحتمل دخل عنوان خاص فيه، فلا حاجة إلى قصد الوجه في كل جزء جزء، بل يكفي قصد الوجه في مجموع العمل.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net