دوران الأمر بين الاحتياط والعمل بالظن الانسدادي 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4760

 وأمّا إذا لم يتمكن منه ودار الأمر بين الاحتياط والعمل بالظن الانسدادي المعبّر عنه بالظن المطلق، فهل يجوز الاكتفاء بالامتثال الاجمالي أو يتعين عليه الامتثال التفصيلي الظنّي ؟

 ولا يخفى أنّ هذا البحث إنّما هو على تقدير عدم جواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال بالعلم التفصيلي، أو التمكن من الامتثال بالظن الخاص، فعلى هذا التقدير يقع الكلام في أنّ الظن المطلق كالظن الخاص في عدم جواز الاحتياط مع التمكن منه أو لا ؟

 وأمّا على تقدير الالتزام بجواز الاحـتياط مع التمكن من الامتثال بالعلم التفصيلي أو بالظن الخاص، فلا يبقى مجال للبحث عن جواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال بالظن المطلق، إذ الظن المطلق لا يكون أرقى من العلم الوجداني والظن الخاص يقيناً.

 إذا عرفت ذلك فنقول: ظاهر كلام الشيخ (1) (قدس سره) جواز الاحتياط

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فرائد الاُصول 1: 71 و 72.

ــ[96]ــ

والاكتفاء بالامتثال الاجمالي، حتّى أ نّه تعجب ممّن يعمل بالطرق والأمارات من باب الظن المطلق، ثمّ يذهب إلى تقديم الامتثال الظنّي على الاحتياط.

 والتحقيق في المقام: هو التفصيل بين الكشف والحكومة، إذ القول بالكشف مبني على بطلان الاحتياط وكونه غير مرضي عند الشارع، إمّا للاجماع أو لكونه منافياً لقصد الوجه المعتبر في العبادات، فانّه بعد الالتزام ببطلان الاحتياط وتمامية سائر المقدمات يستكشف أنّ الشارع قد جعل لنا حجّة في تعيين أحكامه، ثمّ العقل يعيّن تلك الحجّة بالسبر والتقسيم في الظن، لكونه أقرب إلى الواقع من الشك والوهم، وعليه فلا مجال للاحتياط مع التمكن من الامتثال بالظن المطلق، إذ قد اُخذ في مقدمات [ دليل حجّية ] الظن بطلان الاحتياط على الفرض، وإلاّ لا يستكشف كون الظن حجّة شرعية، لاحتمال اكتفاء الشارع بما يحكم به العقل من وجوب الاحتياط، مع العلم الاجمالي بالواجبات والمحرمات.

 هذا بخلاف القول بالحكومة، فانّه مبني على عدم وجوب الاحتياط، إمّا لعدم التمكن منه أو لاستلزامه الحرج، فانّه عليه لا يستكشف كون الظن حجّةً شرعيةً، بل العقل يحكم بتضييق دائرة الاحتياط في المظنونات دون الموهومات والمشكوكات. وعليه فلا مانع من الاحتياط والاكتفاء بالامتثال الاجمالي مع التمكّن من الامتثال بالظن المطلق.

 وبالجملة: الاختلاف في كون نتيجة الانسداد هو الكشف أو الحكومة إنّما ينشأ من الاختلاف في كيفية ترتيب المقدّمات، فان اُخذ في مقدّمات دليل الانسداد عدم جواز الاحتياط، كانت النتيجة بضميمة سائر المقدّمات هو الكشف، وعليه فلا مجال للامتثال الاجمالي مع فرض التمكن من الامتثال بالظن المطلق. وإن جعل من مقدّمات الانسداد عدم وجوب الاحتياط كانت

ــ[97]ــ

النتيجة هي الحكومة، وعليه فلا مانع من الاحتياط مع التمكن من الامتثال الظنّي بالظن المطلق.

 فتحصّل أنّ تعجب الشيخ (قدس سره) وقع في محلّه على الحكومة دون الكشف، هذا تمام كلامنا في بحث القطع.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net