فرع : إذا تيمم وصلّى باعتقاد عدم الماء أو الضرر ثمّ انكشف 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 3747


فـرع

 إذا اعتقد المكلف فقدان الماء أو كون استعماله ضرراً عليه فتيمم وصلّى ثمّ انكشف الخلاف، فهل يحكم بصحّة ما أتى به، وعدم وجوب الاعادة إذا كان


ــ[646]ــ

الانكشاف في أثناء الوقت، وعدم وجوب القضاء فيما إذا كان الانكشاف بعد الوقت؟ وجوه.

 نسب المحقق النائيني (قدس سره) الحكم بالصحّة وعدم وجوب الاعادة إلى المشهور، وذكر في تقريبه أنّ موضوع التيمم من لم يتمكن من استعمال الماء، ومن اعتقد فقدان الماء فهو غير متمكن من استعماله، فالموضوع محرز بالوجدان فصحّ تيممه. وكذا الحال في معتقد الضرر، فانّه من يعتقد عدم وجوب الوضوء غير متمكن من امتثاله ولو كان اعتقاده مخالفاً للواقع (1).

 أقول: أمّا ما ذكره في من اعتقد عدم وجود الماء فمتين جداً، فانّ التمكن لا يدور مدار الواقع، بل يدور مدار الاعتقاد، فانّ الانسان ربّما يموت عطشاً والماء في رحله، بل نقول إنّ الماء موجود دائماً لعدم كون الأرض خاليةً من الماء، غاية الأمر أ نّه لا يتمكن من استعماله.

 وأمّا من اعتقد الضرر مع عدم الضرر في الواقع فالحكم بعدم تمكّنه من استعمال الماء مبني على القول بحرمة الاضرار بالنفس، فانّ المعتقد بالمنع الشرعي عاجز عن الامتثال، إذ الممنوع الشرعي كالممتنع العقلي. وأمّا بناءً على ما ذكرناه من عدم حرمة الاضرار بالنفس، فالمكلف متمكن من استعمال الماء مع العلم بالضرر غاية الأمر أ نّه يعتقد ترخيص الشارع له بترك الوضوء والاكتفاء بالتيمم إرفاقاً وامتناناً، فإذا انكشف عدم الضرر ينكشف بطلان التيمم وعدم ترخيص الشارع فيه من أوّل الأمر. هذا هو مقتضى القاعدة مع قطع النظر عن الأخبار.

 ولكن وردت في المـقام روايات تدل على جواز التيمم بمجرد خوف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) منية الطالب 3: 411.

ــ[647]ــ

الضرر (1)، فإذا ثبت جواز التيمم مع الخوف المنطبق على مجرد الاحتمال العقلائي بمقتضى هذه الروايات ثبت جوازه مع اعتقاد الضرر قطعاً، فيحكم بصحّة التيمم من جهة كون الخوف تمام الموضوع بمقتضى الروايات، ولا يضره انكشاف عدم الضرر في الواقع. نعم، بعد الانكشاف ينقلب موضوع الخوف أمناً. هذا كلّه فيما إذا انكشف الخلاف بعد خروج الوقت.

 وأمّا إذا انكشف الخلاف في أثناء الوقت فالحكم بالصحّة وعدم وجوب الاعادة مبني على أنّ جواز التيمم منوط بعدم وجدان الماء وعدم التمكن من استعماله في جميع الوقت، أو بعدم التمكن منه حال الاتيان بالعمل ولا يعتبر عدم التمكن منه في جميع الوقت. وهذا هو منشأ الاختلاف في جواز البدار إلى العمل مع التيمم وعدمه.

 فإن قلنا بالثاني وأنّ عدم وجدان الماء حال الاتيان بالعمل كاف في جواز التيمم، وكذا كون الاستعمال ضرراً عليه حال الاتيان بالعمل كاف في جواز التيمم وإن وجد الماء في آخر الوقت ولم يكن استعماله ضرراً عليه، فلا إشكال في صحّة التيمم المذكور وعدم وجوب الاعادة، ولازمه جواز البدار إلى الاتيان بالعمل مع التيمم، كما أنّ الحكم في جواز التقيّة كذلك، ولا تتوقف صحّة العمل المطابق للتقيّة على عدم المندوحة إلى آخر الوقت.

 وإن قلنا بالأوّل فلا يجوز البدار إلى العمل مع التيمم في صورة العلم بزوال العذر إلى آخر الوقت، وهو واضح. نعم، لا مانع من التيمم في صورة العلم بعدم زوال العذر إلى آخر الوقت، وكذا لا مانع من التيمم في صورة الشك في زوال العذر من وجدان الماء أو عدم كون الاستعمال ضرراً عليه، لاستصحاب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 3: 388 / أبواب التيمم ب 25.

ــ[648]ــ

بقاء العذر، فإذا انكشف وجود الماء أو انكشف عدم كون الاستعمال ضرراً عليه في أثناء الوقت كان الحكم بصحّة التيمم الواقع بمقتضى الاستصحاب عند الشك مبنياً على القول بالاجزاء في الأمر الظاهري، وحيث إنّا ذكرنا في مسألة الاجزاء(1) أنّ الأمر الظاهري ـ كما في الاستصحاب الجاري عند الشك ـ والأمر التخيلي كما في صورة العلم بعدم وجود الماء وكان الماء في الواقع موجوداً، وكما في صورة العلم بالضرر مع عدم الضرر في الواقع، لا يقتضي الإجزاء، فبعد انكشاف الخلاف ينكشف بطلان التيمم وتجب عليه الاعادة.
 ـــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 2: 66.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net