الشك في الطريقية والسببية 

الكتاب : مصابيح الاُصول - الجزء الأوّل من مباحث الألفاظ   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 3937


ثمّ إنّه لو شككنا في أنّ اعتبار الأمارة القائمة على شيء على نحو يفيد الإجزاء عن الواقع ، أو أنّه على نحو آخر لا يفيد الإجزاء ، فهل الأصل العملي يقتضي الإجزاء ؟

فصّل صاحب الكفاية (قدّس سرّه)(2) بين الإعادة والقضاء ، فأوجب الأول

ـــــــــــــ
(2) كفاية الاُصول : 87 .

ــ[297]ــ

دون الثاني .

أمّا لزوم الإعادة لو انكشف الخلاف أثناء الوقت فلأجل أنّ الواقع المأمور به لو كان ـ مثلا ـ الصلاة مع طهارة مائية ، فالمكلّف الذي جاء بصلاة مع طهارة ترابية لأمر ظاهري لم يدرك الواقع قطعاً . كما أنّ إدراكه لمصلحة الواقع غير معلوم لاحتمال أن لا يكون اعتبار الأمارة على نحو السببية بالمعنيين الأوّلين ، وحيث انشغلت الذمّة بتكليف إلزامي فأصالة الاشتغال تقتضي الخروج عن العهدة ، ولا يحصل ذلك إلاّ بالإعادة .

ثمّ أشكل على نفسه (قدّس سرّه) بجريان استصحاب عدم فعلية التكليف في حقّ المكلّف بعد انكشاف الخلاف ، وأجاب عنه بأنّ ذلك لا يثبت تدارك مصلحة الواقع بما أتى به في الخارج ، فلا يترتّب عليه الحكم بعدم الإعادة .

وأمّا عدم لزوم القضاء لو انكشف الخلاف خارج الوقت ، فهو أنّ وجوب القضاء إنّما هو بأمر جديد ، وقوامه فوت الواقع ، فمتى ما تحقّق الموضوع ـ وهو فوت الواقع ـ وجب القضاء لا محالة . وفيما نحن فيه ليس الموضوع محرزاً لنا ، إذ من المحتمل أن يكون اعتبار الأمارة على نحو السببية ، ومعها لا فوت ليجب القضاء .

وغير خفي أنّ ما جاء به (قدّس سرّه) في وجه عدم القضاء متين جدّاً ، وأمّا من حيث الإعادة فالأمر مشكل ، بل الأصل هو البراءة دون الاشتغال ، وذلك لأنّ جريان أصالة الاشتغال يتوقّف على اليقين بثبوت حكم واقعي في الذمّة ، وما نحن فيه ليس كذلك ، فإنّه على تقدير أن يكون اعتبار الأمارة على نحو الطريقية أو السببية السلوكية فالحكم الواقعي ثابت في الذمّة .

أمّا على تقدير السببية بالمعنيين الأوّلين فالحكم الواقعي غير متيقّن الثبوت أصلا ، بل الواقع ما أدّى إليه نظر المجتهد ، ومعه لا يكون المكلّف قد أحرز انشغال

ــ[298]ــ

ذمّته على كل تقدير ، بل يتردّد في انشغالها على بعض التقادير ، وهو مورد للبراءة .

نعم يمكن تصوير العلم الإجمالي هنا بأن يقال : الواجب الواقعي هو الفعل الذي جيء به على طبق الأمارة السابقة ، أو الفعل الذي لم يؤت به على طبق الأمارة الثانية ، ومعه لابدّ من الاحتياط والإتيان بالفعل على طبق الأمارة الثانية .

ولكنّه مدفوع بأنّ هذا العلم الإجمالي حيث قد حدث بعد الإتيان بالعمل على طبق الأمارة الاُولى لا يكون منجّزاً ، لعدم معارضة الاُصول في أطرافه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net