عدم وجوب التعلّم على الصبي - فسق تارك التعلّم 

الكتاب : مصابيح الاُصول - الجزء الأوّل من مباحث الألفاظ   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4036


ــ[364]ــ

تنبيهان :

التنبيه الأول : أنّ وجوب التعلّم الذي فرضناه ـ سواء كان بملاك دفع الضرر المحتمل أم فوت المصلحة الملزمة ـ إنّما يختصّ بالبالغين الذين أدركوا سنّ البلوغ فما زاد ، وأمّا الصبيان فلا يجب عليهم التعلّم ولو علموا بفوات الواجب ، أو إحرازُه منهم بعد البلوغ إن تركوا التعلّم قبل ذلك .

والوجه فيه : أنّ البالغ لو ترك التعلّم وفات الواجب منه فالعقاب ليس على فوت الواجب ، لعدم القدرة عليه في زمانه ، لاشتراطه بالقدرة ، بل على تفويت المصلحة الملزمة ، من أجل تفويت مقدّمته اختياراً . وهذا المعنى لا يتأتّى في الصبيان  ، لأنّ ترك المقدّمة الاختيارية في حقّهم قبل الوقت لا تستوجب عقاباً باعتبار أنّ اختيار الصبي كلا اختيار ، فهو وإن تركها بالاختيار إلاّ أنّ اختياره محكوم بالعدم ، من جهة رفع القلم عن الصبي . نعم يؤدّب الصبي ويمرّن على الصلاة والصيام لسبع أو تسع ، وهو أمر آخر .

فما ذكره شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(1) من لزوم التعلّم على الصبي مدّعياً أنّه لا يمكن التمسّك لرفع الوجوب عنه بحديث الرفع(2)، لأنّه لا يرفع الحكم العقلي والمفروض في المقام لزوم التعلّم عليه عقلا . ممنوع ، لأنّ حكم العقل بذلك إنّما هو فيما إذا لم يرد تعبّد شرعي على خلافه ، فحكمه تعليقي ، ولذا قلنا بعدم وجوبه على تقدير جريان استصحاب عدم الابتلاء فيما بعد . وحديث الرفع وما يشبهه من الأدلّة الشرعية وارد على حكم العقل ، ومزيل لموضوعه وجداناً ، إذ لا نحتمل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1 : 222 .

(2) الوسائل 1 : 45 / أبواب مقدّمة العبادات ب4 ح11 وغيره .

ــ[365]ــ

الضرر بعد ورود المؤمن الشرعي .

التنبيه الثاني : نقل شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(1) عن بعض الرسائل العملية للشيخ الأنصاري (قدّس سرّه)(2) أنّه حكم فيها بفسق تارك تعلّم مسائل الشكّ والسهو فيما يبتلى به عامّة المكلّفين . وقد تعجّب (قدّس سرّه) ونسب الاشتباه إلى من جمع فتاواه في الرسالة ، وعلّل ما ذكره بأحد اُمور ثلاثة :

الأمر الأول : أن يدعى وجوب التعلّم نفساً ، كما قاله المحقّق الأردبيلي (قدّس سرّه)(3) فيكون المخالف مستحقّاً للعقوبة .

ولكنّه خلاف مبناه (قدّس سرّه) حيث لم يلتزم بالوجوب النفسي ، وإنّما يلتزم بالوجوب الطريقي .

الأمر الثاني : أن يكون مستند الحكم هو التجرّي ، وأنّه قبيح ، يستحقّ فاعله الذمّ ، ويوجب الفسق وإن لم يستوجب العقاب.

ولكن هذا أبعد من الأول ، إذ لا وجه للحكم بفسق من عمل عملا لا يستحقّ العقوبة عليه .

الأمر الثالث : أن يكون المستند هو أنّ نفس مسائل السهو والشكّ لمّا كانت مورداً لابتلاء المكلّفين وجب عل كل أحد معرفتها ، ومخالفة الواجب تستدعي الحكم بفسق التارك .

ولكنّه أبعد الفروض ، وأشدّها غرابة ، لفرض كون الوجوب طريقياً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1 : 231 وما بعدها .

(2) صراط النجاة : 175 مسألة 682 .

(3) راجع مجمع الفائدة والبرهان 2 : 110 .

ــ[366]ــ

والصحيح أن يقال : إنّ التارك محكوم بالفسق ، نظراً إلى التجرّي ، فإنّ العدالة على القول بأنّها الملكة الداعية إلى اجتناب المحرّمات وفعل الواجبات لا تجتمع مع التجرّي والإتيان بما يعتقد كونه مبغوضاً ، فإنّه يكشف عن فقدان الملكة المزبورة ، ولا ينافي ذلك الحكم بعدم كونه معاقباً كما هو واضح . فكان كل من ترك تعلّم المسائل فقد تجرّى بعمله وصار فاسقاً . فما جاء به الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه) صحيح ومتين .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net